- الماص: تساهم في ترطيب الأجواء وتنقية العلاقات ولا تقيّم بقيمتها المادية وإنما بقيمتها المعنوية
- بوحمرا: رغب الإسلام في إعطائها لما في ذلك من تأليف القلوب وتوثيق عرى المحبة والتواصل بين الناس
- الشويت: تترك أثراً نفسياً عميقاً وتبعث على الارتياح حتى لو كان المتلقي واسع الثراء فالغني يحب الهدية كالفقير
الهدية لها فعل السحر في قلوب الناس فهي تزيد الودّ لمن بينك وبينه ودّ، وتزيل الضغينة بين النفوس، كما انها وسيلة تعبير جيدة عن تقديرك واعتزازك لمن تهديه.
والهدية تُدخل الفرحة والبهجة الى النفس، وما اجمل ان يشارك المرء الآخرين هذه الفرحة ويكون سببا في ادخالها عليهم، خاصة في المناسبات الطيبة كالأعياد وغيرها.
رمز المحبة
في البداية يتساءل د.بدر الماص: لماذا لا نخصص في كل سنة جزءا ولو بسيطا من مصروفنا للهدايا ونقدمها الى الوالدين أو أزواجنا أو أولادنا أو أصدقائنا وأقربائنا؟ ولا ننسى في هذا المقام ان نهدي مَن بيننا وبينهم عداوة أو شحناء، فعسى ان تزيل الهدية العداوة والشحناء وتكسب القلوب، ولئن تخسر دينارا فتربح به قلبا خير لك من ان تربح دينارا و تخسر قلبا، فإن تجاره القلوب خير بكثير من تجارة المال.
وأضاف: فالهدية هي تعبير عن الوفاء والاخلاص والاحسان للصديق، كما انها المفتاح لفتح علاقات جديدة أو صداقات متينة، كما انها الحل الأمثل والأجدى للقضاء على الأحقاد والضغائن والعداوات.
قيمة كبيرة
وأشار د.الماص الى ان الهدية لا تقيّم بقيمتها المادية، إنما بقيمتها المعنوية بما ترمز اليه من محبة ونقاء وحسن سريرة، وبما تساهم فيه من ترطيب الأجواء وتنقية العلاقات.
فالهدية على صغر حجمها وزهادة قيمتها تفعل ما لا يستطيع غيرها فعله في كسب ودّ الناس وجلب حبهم، وقد جاء في الاثر «تهادوا تحابوا» وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها ما هو خير منها، وكان صلى الله عليه وسلم اذا أُتي بطعام يسأل عنه: أهدية أم صدقة؟ فإن قيل صدقة، قال لأصحابه: كلوا ولا يأكل، وان قيل هدية ضرب بيده صلى الله عليه وسلم فأكل معهم.
كما ان الرسول صلى الله عليه وسلم ألقى بردته على الشاعر كعب بن زهير كهدية رمزية منه له بعد ان مدح الرسول صلى الله عليه وسلم في قصيدته المشهورة:
فما كان من كعب الا ان أسلم ودخل في دين الله وصار شاعر الإسلام بعد ان كان يهجو المسلمين، وعن عائشة رضي الله عنها أن الناس كانوا ينحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بها ان يبتغوا بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة الا يردوا الهدية، فكان صلى الله عليه وسلم لا يرد طيبا ابدا، وكلما كان الجار أقرب كان اولى بالهدية من غيره.
ولذا روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله ان لي جارين، فإلى أيهما اهدي قال: الى اقربهما منك بابا، وزاد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحث اصحابه على تقديم هدايا الطعام، حتى انه كان يقول لاصحابه اذا طبخ ان يكثر المرق ليعطي منه جيرانه، ومن ذلك يروي الامام مسلم عن ابي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يحقرن احدكم شيئا من المعروف وان لم يجد فليلق اخاه بوجه طليق، وان اشتريت لحما او طبخت قدرا فأكثر من مرقته واغرف لجارك».
في الإسلام
وتلتقط مديرة ادارة التنمية الاسرية بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية سعاد بوحمرا طرف الحديث، مبينة انه قد جاء ذكر الهدية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريعة، وذلك لما لها من اثر في النفوس واستحباب قبولها ولو القليل منها والمكافأة عليها، حيث ندب الدين الاسلامي الى الهدية وحث عليها باعتبارها عنصرا لتشييد المحبة والمودة بين القلوب، قال تعالى: «واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها او ردوها»، وقد اجمعت الامة على جواز اخذ الهدية ورغب الاسلام في اعطائها لما في ذلك من تأليف القلوب وتوثيق مدى المحبة والتواصل بين الناس وتنمية العلاقات بينهم وتقريب بعضهم لبعض، وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على قبول الهدية ولا يحتقر المسلم الهدية مهما صغرت، وقد اكتسب الناس في تبادل الهدايا نوع من التقليد والعادات والاعراف بحيث أصبحت وكأنها جزء حيوي من حياتنا الاجتماعية.
وزادت: والهدية لا تقيم بقيمتها المادية وانما بقيمتها المعنوية وبما ترمز اليه من محبة وصفاء نفوس وحسن سريرة فالشريعة الاسلامية تطلب كل ما يقرب الى قلوب الناس ويغرس فيهم المحبة ويؤكد فيها روابط الافراد الاجتماعية.
أشكال متنوعة
وعن اشكال الهدايا ذكرت بوحمرا منها هدية العيد (العيدية) فهي شكل من اشكال الهدايا التي تمنح للاطفال من اجل ادخال الفرح والسرور لأنفسهم ومن اجل احداث نوع من البهجة بالعيد، وقد تكون هذه الهدايا في شكل شكل نقود تعطى للاطفال عند زيارتهم لبيوت الاقارب والاصهار والجيران، وهناك الهدية للمودة والمحبة، وهدايا زيارة المريض وهدايا الزواج وغيرها من الهدايا التي تؤلف بين القلوب.
بلقيس
وأشارت بوحمرا الى القصص في القرآن في حديثه ان بلقيس ملكة سبأ قد ارسلت بهديتها الى سليمان فقبل الهدية وسطر القرآن ذلك حين قال: (واني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون).
وأكدت على الرغم من كون الهدية شيئا ماديا فإنها تكون سببا في الوصول الى قيمة روحية عظيمة ألا وهي الحب في الله فضلا عن انها تذهب الكراهية الحقد لما لها من اثر طيب في توطيد اواصر المحبة وتنمية مشاعر الحب والود.
كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم «تهادوا تحابوا» مما للهدية من اثر كبير على الشخص المهدى له، فهي خطاب للنفس وخطاب للقلب.
متعة نفسية
ويبين الاخصائي النفسي د.صالح الشويت قيمة الهدية فيقول الهدية عرفت منذ نشأة العلاقات الانسانية فهي اسلوب انساني يكسب الابناء عادة المشاركة والعطاء ويخلق جوا له القدرة على حل كثير من المشاكل والمتاعب، والاهداء يزيد الوصال ويكسب المهدى اليه متعة نفسية لكي يسعد المهدى اليه والهدية ليست في ثمنها المادي انما هي في قدرتها التعبيرية على المشاعر والانسانية لان الانسان دائما محتاج الى الدعم النفسي المستمر وخصوصا من اقرب الناس اليه في صور مختلفة تشيع البهجة وتضفي روح من التعبير لما تحمله النفس من مشاعر طيبة ولو الآباء عودوا اولادهم على تبادل الهدايا المادية الملموسة وغير الملموسة بمعنى التعامل العاطفي المبني على الود والمحبة. والاسرة لديها المقدرة على ذلك لما لها من اظهار هذه المشاعر في التأثير على الابناء.
من الضروريات
وأكد د.الشويت ان الهدية من الاشياء التي لا غنى عنها وتختلف باختلاف المناسبات وايضا باختلاف الشخص المقدمة له، وقد تكون الهدية معنوية او مادية، كما تختلف اهمية الهدية وضرورتها فهي احيانا تكون مظهرا اجتماعيا قد يكون في بعض الحالات كهدايا الخطبة والزواج وغيرهما وهذه الهدايا تحرك المشاعر وترتقي بصاحبها درجات من الحب والاخوة.
انها كالبلسم الشافي يوضع على الجرح المفتوح فيلتئم سريعا، انها تترك اثرا نفسيا عميقا في النفس وتبعث على الارتياح حتى لو كان المتلقي واسع الثراء فالغني يحب الهدية كالفقير.