- الكندري: يرتبط بالقيود التي تفرضها العائلة على هذا الزواج والأعراف الاجتماعية السائدة
- العاقول: غلاء المهور والشروط التعجيزية من أهل الفتاة تضطر الشاب للجوء للخارج
- المعيوف: سلبيات هذا الزواج أكثر من إيجابياته والأولوية لبنات المسلمين
- السويلم: زواج الشاب الكويتي من نفس البيئة من أهم أسباب استقرار الزواج
يقول المثل الكويتي «حلاة الثوب رقعته منه فيه» مما يدل على مزايا الزواج من المجتمع الواحد، حيث تتقارب العادات والتقاليد واللهجة وغيرها من الأمور المهمة لنجاح الزواج.
ولكن هناك سؤالاً يحتاج إلى إجابة وحل: ما مدى انتشار ظاهرة زواج الكويتي من غير الكويتية؟ وما الأسباب الكامنة وراء الزواج من الأجنبية؟ وما رأي الشرع وعلم النفس والاجتماع والإعلام؟ هذا ما سنعرفه من خلال هذا التحقيق:
القيود العائلية
استاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت د.يعقوب الكندري يقول: مرت على دول الخليج العربي والكويتي خاصة عمليات تغيير اجتماعي ثقافي سريعة وكبيرة مما أثر على البناء الاجتماعي وعناصره الثقافية، وكان من الطبيعي أن يتعرض النظام الزواجي لهذه التغييرات فأصبح هناك قبول اجتماعي لهذه النوعية من الزواج.
ويضيف د.الكندري: هناك معايير وأعراف اجتماعية سائدة في المجتمعات العربية بشكل عام، ومجتمعات الجزيرة العربية بشكل خاص تتعلق بقبول هذه الزيجات.
وبالنسبة لزواج المواطن الكويتي من غير الكويتية قال: ذلك يرتبط بالقيود التي تفرضها العائلة على هذا الزواج، إذ إنه يكون مرتبطا بالأسرة أكثر من ارتباطه بالشخص المقبل على الزواج، فالمعايير تحددها العائلة والزواج يكون تقليديا إلا أن هذه القيود تخف من حدتها بشكل كبير إذا ما أقبل الفرد على الزواج بأخرى ثانية أو ثالثة أبعاد مستقبلية.
ابعاد مستقبلية
ويرى استاذ علم النفس د.مصبح العاقول ان الزواج من اجنبية له ابعاد مستقبلية ويقول: يتجه عدد كبير من الشباب الى الزواج من غير عربية، ليس لان العربيات او الخليجيات لا يرقن لهم، انما نتيجة البطالة والفقر. فهم يسافرون لجلب زوجات ارخص لا تكلفهم الكثير، من مهر وشبكة وحفلة زواج وتأثيث وغيرها من امور لا يستطع الشاب توفيرها، خصوصا مع تزايد طلبات بنات اليوم. اذ كانت حفلات الزواج تتم في الغالب في المنازل او الخيام القريبة من المنزل وبأسعار رمزية، وحاليا تقام في فنادق وصالات فخمة مجهزة بأسعار خيالية تتحدى قدرات الشباب.
واضاف: يفكر الشاب بهذه الطريقة، دون ان يدرس ابعادها المستقبلية. فهناك اعراف وعادات وتقاليد يجب مراعاتها - بحسب اهل الاختصاص - كذلك العقيدة، فإن عقيدة الزوجة ستورثها الابناء، فهي من تقوم بتربية الابناء وليس الاب، نظرا لانشغاله الدائم وبقائه خارج البيت لفترات طويلة، الى جانب اللغة غير النقية التي سيكتسبها الطفل. ما يدل على وجود صعوبات جمة ستواجه الطفل، خصوصا عند دخوله المدرسة، حيث يتأثر مستواه التحصيلي في الغالب، فالطفل في النهاية ضحية ظروف مجتمعية تعرض لها الأب، وعلى المجتمع ان يتقاسم همومها.
مهور خيالية!
صارت المهور خيالية، وكأنها تواكب ارتفاع اسعار كل شيء وكلما ارتفعت في الخارج ارتفع مهر العروس وهنا نلاحظ البعض يتزوجون من الخارج بسبب رخص المهر وعدم حرص الزوجة على بهارج الزواج المبالغ فيها. غير ان تداعيات الزواج من اجنبية كثيرة جدا، وتعود سلبا على الابناء من حيث اللغة والعادات والتقاليد وغيرها، خصوصا متى كانت الأم من ديانة اخرى، فهنا المصيبة تكبر، وأنا شخصيا لا اؤيد الزواج من اجنبية، فهناك فتيات قانعات كثر في الخليج او الوطن العربي، ويجب ان نبحث عن الزوجة الصالحة اولا وليس عن المظاهر.
يطلبون الجمال وحسب!
وتابع: وتعود اسباب زواج الشباب من اجنبية الى اربعة اسباب، من وجهة نظري: ان الاعم والاغلب من شبابنا يبحث عن الجمال، وحديثي عن الجمال هنا هو جمال الشكل والقوام، لا جمال الروح والاخلاق ظانين ان من تمتلك الجمال هي من ستسعدهم عند النظر الى جمالها، والبعض يعتقد ان كلفة الزواج من اجنبية اقل من الزواج من خليجية او من الوطن العربي، التي تضع الشروط عند الزواج وبعده، كما ان بعض بناتنا من الجامعيات لا يرغبن في الارتباط بموظف بسيط حامل للشهادة الثانوية وربما الاعدادية، ايضا يتأثر شبابنا ببعض المسلسلات المدبلجة التي تعكس حياة هؤلاء الاجانب.
وزاد: وأنصح كل مغرورة بشهادتها الجامعية وجمالها او كل شاب بشهادته ومركزه، ان يتقي الله فكل شيء زائل الا وجهه، فلا يبقى سوى العمل الصالح والدين فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه». وهذه وصايا رسولنا صلى الله عليه وسلم .. فهو لم يوصنا بالجمال ولا الحسب والنسب والحقيقة ان القليل من الزيجات التي اقيمت على اساس الجمال او الشهادة نجحت.
واستطرد: لقد تعايشنا مع أبناء كانت أمهاتهم أجنبيات وتزوجوا وأنجبوا وتداخلوا مع المجتمع بشكل سلس لكن بشكل عام أنا لا اعتبر الزواج من فتاة عربية هو المقصود به الأجنبية، ما أقصده هو ان تكون من الدول الآسيوية والأوروبية وغيرها من الدول التي لا تتحدث العربية.
وقال: الفتاة العربية ربما تكون ابنة خالة أو من الأقارب والأهل ونحن نشجع ونحرص على ان يتزوج الشاب الخليجي بفتاة خليجية أو عربية، لكن هناك موانع تعيق الشباب مثل غلاء المهور وعلى الحكومة ان تتدخل في هذا الموضوع بشكل مباشر، وتضع حلولا لتيسير الزواج على الخليجيين والوطن العربي من كلا الطرفين، كأن تحدد مبلغ المهر.
حلول
اما بالنسبة لدور أعضاء مجلس الأمة فأرى وجوب طرح هذا الموضوع، بشرط وجود اجتماعيين وشيوخ دين، للاستفادة منهم في وضع الحلول المناسبة.
واما عن دور الجمعيات فهو استهداف الأهل قبل الشاب المقبل على الزواج عن طريق عمل دورات ومحاضرات تثقيفية لتوعية الأهل، تهدف الى اقناع الأهل بمستوى الشاب المادي، وتبيان ان الأهم في اختيار الزوج لابنتهم الدين والخلق.
وزاد: نرى ان الأهل هم السبب الرئيسي لتوجه الشباب للزواج من الخارج، فغلاء المهور والشروط التعجيزية التي يضعها أهل الفتاة هو ما يضطر الشاب للجوء الى الخارج وهناك أنواع مختلفة ومقاييس لاختيار الزوجة، فكما ان هناك تجارب لزيجات فاشلة من زوجات أجنبيات، هناك أيضا زيجات ناجحة كثيرا ويكون فيها الأطفال على مستوى عال من الثقافة والوعي غير ان الأساس في اختيار الزوجة على أساس خلفيتها الثقافية وأخلاقها والبيئة التي نشأت فيها، فلا ضير من ان يتزوج الشاب من أجنبية تعرف عليها عن طريق الجامعة أو محيط الأسرة، بشرط ألا يكون لديها تطلع مادي، بل تريده لذاته.
أهمية التكافؤ
وعن رأي الدعاة في هذه القضية يوضح الداعية حسين المعيوف الأسباب والحلول فيقول: إن الشارع الحكيم أجاز ان يتزوج المسلم من كتابية شريطة ان تكون محصنة، كما ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج من مارية القبطية، وبعض الصحابة تزوجوا من أجنبيات ان صح التعبير، ومنهم عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وحذيفة بن اليمـان رضي الله عنهم أجمعين، ولكن من يرى الآثار السلبية في زماننا من هذا الزواج يعجب، وأستطيع ان أذكر بعض هذه السلبيات على سبيل الاختصــار، ومنهـا مـا يقـع على المرأة من استخدامها احيانا كوسيلة اقتصادية، وكذلك معاناتها مع المجتمع الجديد الذي تنتقل اليه وانها تفقد حماية أهلها، وتفقد أبناءها أحيانا اذا حصل الطلاق، وقد تؤدي بعض الحالات الى خطف الأبناء، وأحيانا تحرم من الميراث اذا كان أهل الزوج رافضين لهذا الزواج، وغير ذلك من السلبيات الكثيرة التي تقع على هذه المرأة الأجنبية في مجتمعنا الحاضر.
سلبيات
واما السلبيات التي تقع على الرجل فمنها تناقض الثقافتين وفقدان تربية الأبناء وخسارة نصف ماله اذا طلق بموجب نص بعض القوانين الأجنبية، كما انه قد مر علينا بعض حالات لخيانة الزوجة لزوجها، حيث تبين ان هذه الأجنبية ترى ان من حقها معاشرة رجل آخر غير زوجها اذا لم تكن مستقرة مع زوجها جنسيا، وكذلك الاختلاط والتبرج واختلاف العادات والتقاليد ما يؤدي الى الانفصال مستقبلا.واما السلبيات على الأطفال، فمنها ضياع الهوية وأحيانا ضياع اللغة وضعف الالتزام الديني، وقد يحرم الطفل أحد والديه عند الانفصال، اما أكبر اثر على المجتمع فبقاء بنات المسلمين من غير زواج، ولهذا وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقفا حازما من تصرف حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عندما تزوج من أجنبية وطلب منه الانفصال.وحتى نكون منصفين لابد ان نقول ان لهذا الزواج ايجابيات كذلك، ومنها الانفتاح على المجتمعات ولو وقع شاب في حب فتاة فيكون الزواج هو الحل حتى لا يرتكب المحرم، وكذلك اكتساب الأطفال للغات الأخرى فيما لو أحسن الوالدان تربيتهم، ودخول أحد الزوجين في الإسلام، وإظهار محاسن الإسلام بالتعامل مع الآخر، ولا ننسى ان محمدا الفاتح كانت والدته أجنبية «مسيحية»، فيكون الزواج ناجحا فيما لو اتفق الزوجان من البداية على مسيرتهما في الحياة.
وأقول في الختام انه لكي ينجح الزواج من أجنبية، لا بد من مراعاة تلك السلبيات ودراستها والحرص على تفاديها والاستفادة من الإيجابيات التي ذكرناها، ولكنني أرى الأولوية لبنات المسلمين فهن أحق من تلك الأجنبية، والله تعالى أعلم.
أهمية التكافؤ
الداعية يوسف السويلم يؤكد أن المرأة الكويتية هي امرأة كسائر النساء خلقها الله في بيئة فرضت عليها طبائع وعادات وتقاليد خاصة، فهي بنت البيئة والمجتمع، والمحيط الاجتماعي والثقافي، فلا يمكن أن تقارن بين جيل الجدات والأمهات وجيل الإنترنت والانفتاح الاجتماعي الذي هبت عليه رياح التغيير وأحدثت فيه انقلابا في القيم والموازين.
وتساءل السويلم: هل يعقل أن يختار الشاب خليلة أم حليلة؟ هل يختار ذات الصون والعفاف والخلق الرفيع أم المتبخترة الكاسية العارية،الميلة المائلة، ممن يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن هل يختار الشاب فتاة تفرض عليه أعباء وديونا ومطالب لا تنتهي من مهر لا يطاق وأعباء تنقض الظهر وتكبله بالديون والالتزامات.
وأضاف: لا شك أن البيئة العربية الأصيلة لاسيما في الجزيرة العربية أخرجت لنا جيلا من النساء اللاتي يضرب بهن المثل في الصون والعفاف والحنو على الأولاد وتدبير المنزل على أحسن ما يكون.
وضرب السويلم أمثلة عديدة على ذلك فقال: هؤلاء أمهاتنا تزوجن في سن صغيرة وترعرعن في بيت يجتمع فيها الجد والجدة والأبناء مع زوجاتهم في غرف متلاصقة في البيت الكبير، تتوزع بين النساء الأعباء في حياة رصينة خالية من الحسد والتباغض حتى ولو تعددت فيه الزوجات، حياة فطرية بسيطة ليس فيها تعقيد ومظاهر جوفاء تكلفهم ما لا يطيقون من النفقة ثم انفتحت على الناس أبواب الدنيا وفاضت عليهم الخيرات، فبدل الكثير من الناس نعمة الله كفرا واستقلوا في بيوتهم وانقطعوا عن آبائهم وأجدادهم من صلة رحم وعطف وتراحم، وصار لكل منهم حياته الخاصة، وحصل انفصام بين الأجيال وتواصلها حتى كان ذرية هؤلاء ممن تأثروا في الحياة الغربية، فلا مدرسة المنزل استفادوا منها، ولا ورثوا عن آبائهم وأمهاتهم هذه القيم والمبادئ ولذلك لا يجد الشباب في واقعهم الاجتماعي إلا هذه النماذج الهزيلة التي لا تصلح بيتا وتربي جيلا.
الصالحات
ولكن أكد أن هناك نماذج أخرى جيدة، فقال: نعم إن هذا لا يعني عدم وجود نماذج فريدة من البنات الصالحات المصلحات ذوات الخلق ممن تربين في حضن دافئ مؤمن صالح.
المعدن الطيب
وبين أن عزوف الشباب عن الزواج من الفتاة الكويتية نتيجة حتمية لذلك ولكن الطيور على أشكالها تقلع فلا يختار الشخص المسلم الملتزم إلا من تعينه على دينه ودنياه واخراه، ولا تقع عين الشاب إلا على المظاهر والأشكال مع غفلته عن الجوهر والمعدن الطيب فيبحث عن خضراء الدمن المرأة الحسناء، وهذه الأمور لا تبقى ولا تدوم فيكثر الطلاق بسبب زواج المصلحة والمنفعة والمظهر الخلاب وشدد على ضرورة أن يكون زواج الشاب الكويتي من نفس البيئة، لأنه من أهم أسباب الاستقرار الزوجي والسكن النفسي هو التوافق بين الزوجين في السن والدين والأخلاق والبيئة، وأكد أن التكافؤ بين الزوجين شرط لنجاح الحياة الزوجية سواء في البيئة الاجتماعية أو المستوى الاقتصادي وغيرهما.
وأشار إلى أن اختلاف البيئة والأمزجة داع الى الاضطرابات والاختلاف، لاسيما ان الزواج ليس ارتباطا فرديا وانما اجتماعي وأسري كبير يجمع بين أسرتين وعائلتين ليعمق الصلات والأواصر بين أفراد المجتمع.
دعوة
ودعا السويلم الشباب الكويتي إلى الزواج من بنات بيئتهم الصالحات من ذوات الدين والإيمان وأن يتأنوا ويتريثوا في الاختيار حتى يظفر بذات الدين وإلا تربت يداك وأصابك الذل والأذى.