محمد طاهر المدني
مدير جامعة الفلاح - أعظم كره ـ الهند
فقيد الأمة الإسلامية الشيخ نادر النوري ـ رحمه الله ـ كان رائدا بارزا من رواد العمل الخيري في الكويت، وآثار أعماله الدعوية والخيرية وثمارها توجد في شتى بقاع الأرض، وكان يصول ويجول قرابة أربعين عاما ينشر الدعوة الإسلامية، وخاصة بين أوساط الشباب، ويتفقد الأعمال الخيرية في الدول المختلفة من الهند الى أستراليا من مدارس وكليات ومعاهد ومساجد ودور أيتام ومراكز مهنية ومخيمات تربوية وغيرها من الأعمال المتنوعة.
وكان رجلا متواضعا دائم الابتسامة، هينا، لينا، ذا خلق كريم، وله دور بارز في تأسيس ودعم الجمعيات الخيرية داخل الكويت وخارجها، وكان يهتم بالشباب اهتماما خاصا نظرا لدورهم الملموس في المجتمع، وقد ربى جيلا واعيا من الشباب من خلال كلماته وتوجيهاته ومؤلفاته ومشاركاته في المخيمات الشبابية، وكانت علاقاته بالحركات الإسلامية وطيدة وقوية، فكان يجتمع مع قياداتها ويشارك في مؤتمراتها ويعيش همومها وتجاربها ويعمل في التنسيق بينها، كان همه نشر الدعوة الاسلامية وتوسعة العمل الخيري ودعم الجمعيات الخيرية والمدارس الاسلامية ونشر التعليم في ابناء المسلمين وبناتهم، وقضى حياة مملوءة بالجد والنشاط والحيوية رغم مرضه في آخر حياته، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
علاقته بجامعة الفلاح
جامعة الفلاح صرح علمي كبير في شمال الهند، وهي تسعى جاهدة في سبيل تعليم ابناء المسلمين وتربيتهم وإعداد الدعاة الى الله على بصيرة، وتمتاز بالجمع بين العلوم الاسلامية الاصيلة والعلوم العصرية النافعة، وبالاهتمام بتعليم البنات ايضا نظرا لدورهن في اعداد الجيل الناشئ، ومن ميزاتها نبذ الخلافات الجزئية والعمل على توحيد كلمة المسلمين واعداد الدعاة الى الله الذين تجيش صدورهم بلوعة اعلاء كلمة الله واحياء دينه، وخدمات الجامعة ملموسة خلال اكثر من 50 عاما في مجالات التعليم والتربية والدعوة والاصلاح واعداد البحوث العلمية.
وكانت علاقات الفقيد بالجامعة قديمة وقوية، فكان يقوم بجانبها ويدعم مشاريعها، وقد قام بزيارة الجامعة العام 2005 بمناسبة الندوة العلمية حول موضوع «الدعوة الاسلامية والمدارس الدينية» مع صحبة كريمة مع الآخرين الشيخ عبدالحميد جاسم البلالي رئيس جمعية بشائر الخير وم.مصطفى محمد الطحان الأمين العام لاتحاد المنظمات الطلابية، وكانت هذه الندوة في الفترة من 25 الى 27 فبراير 2005، وكانت جلسة العمل الاولى تحت رئاسته، وقد ألقى فيها كل من الشيخ عبدالحميد جاسم البلالي وم.مصطفى الطحان وسلمان الندوي كلماتهم، وقام الفقيد بإلقاء كلمته الرئاسية التي اوضح فيها اهمية الدعوة الاسلامية وضرورة الاهتمام بها، وذكر دور المدارس الاسلامية في هذا الصدد من إعداد الدعاة والبحوث العلمية وتربية الشباب، وذكر ان الهند ارض خصبة لنشر الدعوة الاسلامية ينبغي استغلال الفرص المتاحة بالحكمة والموعظة الحسنة، كما ركز على تأثير الخلق الكريم وتقديم خدمات انسانية في هذا المجال.
وبهذه المناسبة، قام الشيخ نادر النوري بوضع حجر الاساس لمركز الدعوة بالجامعة، ثم بعد ذلك ساهم بدعمه السخي في بناء المركز حتى تم، وقام بافتتاحه الشيخ عبدالحميد البلالي بعد سنتين في العام 2007، ومنذ ذلك الوقت يشتغل المركز في اقامة مخيمات لتدريب الدعاة وتعليم المسلمين الجدد وبرامج مختلفة للتعريف بالاسلام لدى غير المسلمين، ولهذا المركز مساهمة كبيرة لجمعية الشيخ عبدالله النوري الخيرية في الجامعة.
وبهذه المناسبة، قام الشيخ النوري بزيارة كلية البنات بالجامعة التي يدرس فيها حوالي 3 آلاف طالبة من محليات ووافدات من مختلف ولايات الهند والنيبال، وألقى كلمة مؤثرة في جمع كبير من الطالبات والمعلمات، ذكر فيها دور النساء في المجتمع الاسلامي وتاريخهن في الدعوة والاصلاح والتعليم والتربية، خاصة في اعداد الجيل، واشاد باهتمام الجامعة بهذا الجانب المهم.
وكنت اقابله في زياراتي للكويت في مكتبه بالجمعية وفي الوزارة واحيانا في بيته، ودائما أجده يقابلني بابتسامته وحفاوته وحنانه وشفقته وتواضعه الجم، وكان يسأل عن احوال المسلمين والعمل الدعوي والخيري، وعن القضايا التي تهم المسلمين، وكان ـ رحمه الله ـ يهتم بأمر المسلمين اهتماما بالغا، وكان يعمل على توحيد كلمة المسلمين، فالعلماء المنتمون الى المدارس الفكرية المتنوعة الذين يزورون الكويت من الهند كان يجتمع بهم ويعقد لهم جلسات خاصة، يتحدث معهم ويسمع منهم، وكان يركز على الوحدة والائتلاف بعيدا عن الخلافات الجزئية، وكان محترما لدى الجميع على الرغم من اختلاف انتماءاتهم.
وبفقده، فقدت الامة الاسلامية علما من اعلام الدعوة والتربية والعمل الخيري، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه وأقاربه الصبر والسلوان، فهو ولي ذلك والقادر عليه.