من إعداد: ليلى الشافعي
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة، فما الحج المبرور؟ هذا ما يلخصه لنا رئيس رابطة علماء الشريعة لدول مجلس التعاون الخليجي والعميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الاسلامية د.عجيل النشمي.
يقول د.النشمي: قال د.مصطفى الزرقا، رحمه الله، استاذ الشريعة بجامعات سورية في رده على سؤال مماثل: الحج فريضة من فرائض الدين، وقاعدة من قواعد الاسلام، والاساس في اداء هذه الفرائض هو الاخلاص، حتى تكون مقبولة عند الله تبارك وتعالى، مرضية لديه، جديرة بثوابها الجزيل العميم، والحج المبرور معناه الحج المقبول الذي يقابله الله سبحانه بالبر وهو الثواب، انما يكون الحج كذلك اذا لم يخالطه شيء من المآثم.
الإخلاص
ولكي يكون الحج مبرورا، أقول: يجب ان يخلص الانسان حجه لوجه ربه، لأن الله تعالى حينما فرض الحج على الناس في كتابه اشار الى ان هذه الفريضة له دون سواه، فقال (ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ـ آل عمران: 97).
طاعة الله
ولذلك، على من يريد ان يجعل حجه مبرورا ان يخرج اليه بنية الطاعة الى الله تعالى والتقرب منه، لا بنية امر آخر من امور الدنيا او شهوة من شهوات النفس، وهذا هو الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ما من خارج يخرج من بيته الا ببابه رايتان، راية بيد ملك وراية بيد شيطان، فإن خرج لما يحب الله عز وجل اتبعه الملك برايته، فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع الى بيته، وان خرج لما يسخط الله اتبعه الشيطان برايته، فلم يزل تحت راية الشيطان.
التوبة والاستغفار
واضاف: ولكي يكون الحج مبرورا ينبغي للحاج ان يتوجه الى ربه صادقا مخلصا بالدعاء والرجاء والتوبة والاستغفار، فيردد مثل هذا الدعاء: اللهم انت الصاحب في السفر، والخليفة في الاهل، اللهم اني اعوذ بك من سوء الرفقة في السفر، والكآبة في المنقلب، اللهم اطو لنا الارض، وهون علينا السفر.
الدعاء
وعليه ان يكثر من امثال هذه الدعوات في مختلف الاماكن والمناسبات، لأن الدعاء الطاهر الصادق المخلص هو العبادة كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المال الحلال
واسترسل د.النشمي قائلا: ولكي يكون الحج مبرورا يجب على القائم به ان يحج من مال حلال طيب ليس بحرام ولا خبيث، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ان الله طيب لا يقبل الا طيبا.
ويقول صلى الله عليه وسلم: اذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز (الركاب) فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك (اي اجاب الله حجك اجابة بعد اجابة)، زادك حلال، وراحتك (مركبك) حلال، وحجك مبرور غير مأزور، واذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مأجور.
مكارم الأخلاق
واكد ان من مقتضيات الحج المبرور ألا يفرط صاحبه في واجب من واجباته، وألا يهمل آدابه وسننه، وان يكثر فيه من الطاعة والتعبد والانفاق، وان يكون مثلا طيبا لمكارم الاخلاق، وان يطعم فيه الطعام قدر استطاعته، وان يتحدث بلين الكلام، وان يتحمل ما قد يقع من غيره من هفوات، وان يعفو ويصفح، وان يعود من الحج زاهدا في شهوات الدنيا، راغبا في طاعات الآخرة، عاقدا النية على دوام الانابة والاستقامة، فالله جل جلاله يقول (الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الالباب ـ البقرة: 197)، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه»، والله اعلم.