- العبدالجادر: أصوات نشاز ترتفع وتشتكي ظلم النساء وليس له وجود إلا في مخيلة المتفرنجين
- الماص: ما جاءت الشريعة الإسلامية إلا لتحمي حقوق الإنسان وتنشر العدل والسلام في الأرض
- الشنقيطي: حقوق المواطنة لغير المسلمين في الدول الإسلامية مثل المسلمين سواء بسواء مع وجوب الالتزام بقوانين البلد وأعرافه
كرم الإسلام الإنسان وجعله خليفة في الأرض وساوى بين الناس فلم يفرق بينهم إلا بالتقوى حتى يتحقق العدل وتحفظ كرامة كل فرد في المجتمع الإسلامي حتى ولو كان غير مسلم، ومن أبرز الأمثلة على ذلك موقف الخليفة عمر بن الخطاب وإنصافه لقبطي مصري ذهب اليه طالبا عدله من ابن والي مصر عمرو بن العاص.
حول حقوق الإنسان في الإسلام وحقوق المواطنة لغير المسلمين في الدول الإسلامية تعرفنا على هذه الآراء:
وثيقة الإسلام أسبق
يقول د.بدر الماص: ينتشر ويذاع بين فترة وأخرى ان الاسلام لا يعترف بحقوق الإنسان والحريات، كما وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويرجع السبب في هذا المفهوم الى انه توجد للحريات في الإسلام ضوابط تختلف عما توجد في القوانين البشرية شرقا او غربا، وهذه الحقائق ان وثيقة الاسلام اسبق في وقت لم تكن الإنسانية تدري ما الكتاب وما الإيمان، عرف المسلمون كل ذلك ومنها الحقوق وأننا وبين القوم عدة قرون في السبق الى هذه الحقوق تمتد ان ظهر الاسلام في القرن السابع الميلادي كان ميلاد رسالة الإسلام ومعها وثيقة حقوق الإنسان بل حرمات الإنسان كما ان وثيقة الاسلام اعمق من ناحية انها تؤصل حقوق الإنسان وتبلغ بها درجة الحرمات وهي تمر بدرجات فالحقوق مسلمة، ومن بعدها تدعمها الواجبات، ومن بعد الواجبات تحميها الحدود ومن بعد الحدود ترتفع الى الحرمات.
أوثق وأشمل وأبقى
وأضاف د.الماص ان وثيقة الإسلام اوثق لأنها ليست صادرة عن فرد أو جماعة او حزب او دولة او هيئة لكنها صادرة من جهة اعلى وأسمى وأعظم وهي الله جلّ جلاله، ومن ثم فهي تستمد سموها من سمو المصدر كما تستمد قوتها من قوة المصدر.
وهي أشمل وإن شملت وثائق البشر بعض الحقوق فإن في وثيقة الإسلام شمولا لم تبلغه وثيقة اخرى نجده من خلال تضمنها للحقوق الفردية وتضمنها للحقوق الجماعية ومن تنسيقها بين هذه الحقوق.
أبقى
ولفت الى ان وثائق البشر قابلة للتعديل لأنها من صنع بشر مهما جرى تحصينها بالنصوص التي فرضوها على الدساتير فهي من خلال الأغلبية الخاصة بالثلثين غالبا تلغى أو تتغير، كما أنه لم يحمها من الإلغاء والتبديل عن طريق ما سمي بالثورات ونحن نعرف أن رسالة الإسلام خالدة لا تبديل لكلمات الله (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
وأكد د.الماص ان حقوق الإنسان في الاسلام لم تحضر في وثيقة خاصة إلا ان الإسلام اعطاها مساحة واسعة وكبيرة في القرآن والسنة حتى لا نكاد نحصيها، حيث كفل الإسلام عدم الظلم وأمر بحفظ الحياة، والقرآن كرّم الإسلام، كما أن القرآن كرم الإنسان في نحو عشرين آية وأما عن المساواة في الخلقة وعن الخلائق فقد اورد القرآن نحو مائة وخمسين آية، كما ورد عن الحرية وعدم الإكراه نحو اربعين آية، مع العلم ان لفظ الحق ومشتقاته ورد في القرآن نحو 250 مرة.
كما حفت السنة المطهرة بالعديد من التوجيهات التي حثت على حقوق الإنسان وليس ادل على ذلك من ذلك النص النبوي الذي سطر هذه الحقوق بقوله: صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع «أيها الناس أتدرون في أي شهر أنتم، وفي أي يوم أنتم وفي أي بلد أنتم؟ في يوم حرام وشهر حرام وبلد حرام، فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه، اسمعوا مني تعيشوا ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا انه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض الا ان الشيطان قد ايس ان يعبده المصلون ولكن بالتحريش بينكم فاتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان من كان عنده امانة فليؤدها الى من ائتمنه عليها وبسط يده فقال: ألا هل بلغت ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب فإن رب مبلغ أوعى من سامع» يقول صلى الله عليه وسلم «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا» ويقول صلى الله عليه وسلم : «كل المؤمن على المؤمن حرام دمه وماله وعرضه» وأكد ان الشريعة ما جاءت إلا لتحمي حقوق الإنسان وتنشر العدل والسلام في الارض.
مطالبات
وحول مطالبة البعض بتبني بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على انها أكثر عصرية مما جاء في الإسلام، أكد الداعية والتربوي فيصل العبدالجادر أن حقوق الإنسان قد كفلها الله تعالى منذ الأزل وكل قارئ لكتاب الله عز وجل بتدبر ومساير لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد ذلك واضحا جليا، فكل جانب من جوانب حياة الإنسان قد تم التطرق اليه، مسلما كان أو غير مسلم، ولقد أخذ السلف الصالح بكل صغيرة وكبيرة وردت في الشريعة الإسلامية وتخص حقوق الإنسان فكان العدل للجميع، وبعد أن جعل بعض المسلمين اسما ينتمون إليه بالهوية فقط في عصرنا الحالي وينتمون فكرا وسلوكا لغيره من الأديان، بدءا بالطعن فيه وبتمجيد حقوق صيغت من قبل البشر فتوافق مع فكرهم البشري الذي لا يخلو من النقص والانحراف.
إلا ان من يطالب بتبني بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من بني جلدتنا إنما هم يركزون وللأسف الشديد على المرأة التي كفل لها الإسلام حقوقها أفضل بكثير مما سطر في ذلك الإعلان.
المرأة المسلمة
ودعاة الإسلام يجاهدون من أجل حماية المرأة المسلمة من تدليس أدعياء حقوق هذه المرأة ومن أوهام الأصوات النشاز التي ترتفع وتشتكي ظلما واقعا على النساء ليس له وجود إلا في مخيلة المتفرنجين وأكبر دليل على مجانبتهم الصواب أنهم يتصورون تحررها سفورا واختلاطا وخروجا على إرادة الآباء وأولياء الأمور، لقد تجاهل دعاة تبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حقوق الإنسان في الإسلام، والأثر الذي تركته تعاليم الإسلام في معاملة الرجال للنساء وانساقوا وراء أوصاف شائعة في المجتمع الغربي الذي نسي معاني التكافل وأرهق المرأة بالعمل، إنهم بدعواهم تلك يريدون ان تتحول المرأة عن واجبها كأم ومربية تصنع الأجيال الى مجرد منفذة حزبية تزيد من الفوضى العلمانية التي تئن منها الدول العربية والإسلامية وحتى غير الإسلامية في كل مكان، فالإسلام صالح لكل زمان ومكان، وللناس أجمعين وتعاليمه تكفل حقوق البشر كل البشر، وعن رأي غير ذلك من المسلمين ادعوه الى مراجعة انتمائه الى إسلامه ليكتشف اين الخلل فيعالجه قبل فوات الأوان، وسلوك بعض المسلمين الجاهلين بتعاليم إسلامهم حيال نسائهم بهمجية وظلم وانقاص في حقها وقدرها الذي كفله لها الله عز وجل لا يعد دليلا على عدم عصرية أو مسايرة الإسلام للعصر الذي نعيشه فالعلة في البشر وليست في تعاليم رب البشر والله أعلم.
غير المسلمين
ويضيف الداعية عبدالرحمن الشنقيطي موضحا حقوق المواطنة لغير المسلمين في الدولة الإسلامية: يدرك المتأمل في نصوص الشريعة ومبادئها العامة تضافرها على كفالة ورعاية حقوق غير المسلمين ـ المواطنين والمقيمين ـ في كنف الدولة الإسلامية، وحريتهم في العدول عما هم عليه الى دين الإسلام بمحض الاختيار لا بالجبر والإكراه، قال الله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي).
روى ابن كثير في تفسيره بسنده الى ابن عباس قال: «نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له: الحصيني كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلا مسلما فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا استكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله فيه ذلك».
فما دام غير المسلم مواطنا ملتزما بأحكام الدولة الإسلامية، منضبطا بآدابها وأعرافها العامة السائدة، فليس لأحد أن ينتقص من حقوقه التي يستحقها بمقتضى مواطنته، ولا أن يسعى بالقوة والإكراه للتأثير على قناعته الدينية.
وقد نصت على ذلك وثيقة المدينة في العهد النبوي، حيث جاء فيها: «وان من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم، وان يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم وملتهم وأنفسهم إلا من ظلم وآثم..».
وعلى وفق هذا العهد النبوي لأهل المدينة سار الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عهده لأهل القدس، فقد ورد فيه: «هذا ما أعطى عبدالله عمر أمير المؤمنين أهل ايليا من الأمان، أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، إنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود».
عقد المواطنة
وأكد أن العلاقة بين عقد المواطنة وبين الدين ـ كما ينص العلامة عبدالله بن بيه ـ يمكن أن تتصور في دوائر، منها ما هو مطلوب شرعا ومرغوب طبعا، كحق الحياة والعدالة والمساواة والحريات وحماية الممتلكات، ومنع السجن التعسفي، والتعذيب، وحق الضمان الاجتماعي للفقراء والمسنين والمرضى، والتعاون بين أفراد المجتمع للصالح العام، وما يترتب عليه من واجبات كدفع الضرائب والدفاع عن الوطن ضد العدوان، والامتثال للقوانين، وفاء بعقد المواطنة.
فالمواطن غير المسلم مثل المسلم في حقه على الدولة الإسلامية، وهو مثله ـ سواء بسواء ـ في وجوب التزامه بقوانين البلد وأعراف المجتمع المسلم الظاهرة.
وعلى المسلم أن يرغب مواطني بلده ـ غير المسلمين ـ في دينه، بحسن المعاملة، وجميل التلطف والمجاملة، وان يشاركه أفراحه وأحزانه، رجاء إسلامه.
وقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم يهوديا كان يخدمه، وعرض عليه الإسلام فأسلم.
وهذا كله بالضوابط والأحكام المنصوصة في كتب الفقهاء، وليس هو من الموالاة المنهي عنها في شيء إن ضحت النوايا وسلمت المقاصد.