- المسلمون مطالبون بالدعوة والتبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو بآية
- الإسلام هو الاعتدال والوسطية في كل شيء بخلاف التشدد والتطرف والغلو
- ظواهر سلوكية شاذة مستجدة على مجتمعنا تحتاج إلى ردع وتطويق إلى جانب الوعظ والإرشاد والقوانين الصارمة
- شدد العلماء على وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف لأن بها تستقيم أمور الأمة ويعم الأمن والاستقرار
- على الداعية أن يكون عالماً بالدعوة بكل جوانبها لأن فاقد الشيء لا يعطيه
- من يشكك في إنجازات اللجنة إما أن يكون جاهلاً بها وهذه مصيبة وإما أن يكون عالماً بإنجازاتها ولكن لأسباب شخصية يحاول طمسها
أجرت الحوار: ليلى الشافعي
أكد التربوي والداعية فيصل العبدالجادر ان الدعوة الى الله شرف عظيم وامر جليل، وحدد شروط الداعية التي يجب ان يتسلح بها من اخلاق وعلم وثقافة وعطاء، مشيرا الى ان الشباب المصاحبين الملتزمين اكثر ايمانا، ولفت الى ان التدرج في تطبيق الشريعة افضل، مشيرا الى ان اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق الشريعة تعد معلما حضاريا وشرعيا في الكويت، وتأسف لخلط الافكار التي خلقت فوضى فكرية، مؤكدا ان الاسلام دين الاعتدال والوسطية، وان الارهاب ليس من الدين، وتطرق الى عدة قضايا تهم المجتمع.
والى تفاصيل الحوار:
على من تقع مسؤولية تصحيح الافكار المغلوطة لدى الشباب حول مفهوم الحاكمية وطاعة اولي الامر؟
٭ المجتمع الكويتي وجميع مؤسساته المدنية والحكومية وجميع مؤسساتها التربوية والثقافية والاجتماعية هم المسؤولون عن تصحيح تلك الافكار التي خلقت فوضى فكرية عند قلة من شبابنا حول مفهوم الحاكمية وطاعة اولي الامر منا، وهناك مسؤولية اخرى ملقاة على تلك المؤسسات، ويجب ان يضطلعوا بها الآن، وهي تصحيح عقيدة بعض الشباب الكويتي المسلم ممن سقطوا ضحايا سياسة الانفتاح غير المنضبط على حضارات الامم الاخرى غير المسلمة، فأخذوا قشورها من سلوك مخالف للعقيدة الاسلامية وتركوا لبها، وهو تقدمهم في مجال العلوم والتكنولوجيا ووسائل الاتصال، وارجو من الله ان يوفق تلك المؤسسات في توجيه سلوك شبابنا بما يحبه ويرضيه، وشدد العلماء على وجوب طاعة ولي الامر في المعروف لأن بهذه الطاعة تستقيم امور الامة ويعم الامن والاستقرار، فطاعة ولي الامر واجبة بالكتاب والسنة واجماع الامة، قال تعالى (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره، وان لا ننازع الامر اهله، وان نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.
دين الاعتدال
ما موقف الاسلام من العنف والتطرف؟
٭ كل شيء لم يقره الله ورسوله فهو باطل، والاسلام هو دين الاعتدال والوسطية، فمن سلك مسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مسلم معتدل في اسلامه لا يفرط في دينه ولا يفرط في تطبيقه بفهم غير صحيح له، فعندما قام الخوارج بفهم الاسلام حسبما ارادوا ان يفهموه اصبحوا دعاة عنف وقتل، اصبحوا متطرفين في معتقدهم وسلوكهم، وفي عصرنا الحالي توجد جماعات شبيهة بالخوارج، ظهر بعضهم فترة من الزمن ثم اختفوا كما ظهروا، وستظهر جماعات اخرى متطرفة تميل الى العنف في مسلكها مع سائر الناس يفتون بغير علم ويفهمون الاسلام بغير وعي وفقه، ومعروف ان الاسلام هو الاعتدال والوسطية في كل شيء بخلاف التشدد والتطرف والغلو الذي يبرأ منه الاسلام ولا يمت له بصلة، فالاسلام دين السماحة يقبل الآخر ويتعايش معه ولا ينبذه.
والاسلام له موقف ثابت وصارم في نبذ كل ما يرتبط بلغة العنف من مفاهيم متنوعة كالارهاب والتطرف، قال تعالى (وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)، وهذه الوسطية هي التي تؤهل هذه الامة لتقوم بالشهادة على الناس فتقيم بينهم العدل والقسط.
ظواهر سلبية
ما رؤيتك لعلاج مشاكل الشباب في عصر أفلتت فيه القيم وزادت مساحة المغريات؟
٭ ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فخطباء المساجد لا يتركون فرصة الا وتحدثوا فيها عن ظواهر سلوكية غير مرغوب فيها في المجتمع الكويتي المسلم، فيعظون المصلين وينبهونهم الى الخطر الذي ينتظر هذا البلد والدمار الذي سيلحق بالفرد، مستشهدين بذلك من قصص وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ولكن تبقى الموعظة كلاما غير ملزم عند المصلين، فحالما ينتهي الوعظ تعود الحالة او الجانب المظلم عند البعض الى البروز على شكل سلوك غريب على مجتمع مسلم، ولكن اذا اخذ اولو الامر منا وقادتنا على ايدي العابثين بقيمنا الاسلامية اخذا قويا ومؤلما فسيكون هناك ردع وتطويق للظواهر السلوكية المستجدة على مجتمعنا المسلم، فخير علاج لتلك الظواهر السلوكية الى جانب الوعظ والارشاد القوانين الصارمة والمطبقة على الصغير والكبير والمواطن والمقيم، والرجال والنساء والمسلم وغير المسلم، ولا تأخذ المنقذين في الله لومة لائم، وبالتالي نستطيع ان نقول ان هناك علاجا ناجعا بدأ يسري في المجتمع الكويتي لمشاكل الشباب المسلم.
شتات فكري
هل تعيش الأمة الإسلامية أزمة فكر؟ وهل أصبح الفكر الاسلامي لم يعد قادرا على تلبية متطلبات العصر؟
٭ لأن المسلمين يعيشون في شتات فكري فلا وجود اصلا لمفهوم الامة الاسلامية وبناء على ذلك فالمسلمون وليس أمة الاسلام يعيشون بالفعل بما يسمى بأزمة فكر، ولقد اتضحت تلك الأزمة الفكرية وضوحا لا لبس فيه في كثير من المصائب والنكبات والانتكاسات التي حلت بهم على مر السنين منذ سقوط الخلافة الاسلامية على ايدي يهود الدونمة وابرز صورة لتلك الازمة ما دار في عقول المسلمين من آراء في كارثة غزو العراق للكويت والتي جعلت المعتدي على حق والمعتدى عليه على باطل ونسوا أو تناسوا قول الله تعالى (فان بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) فبعض خطباء المساجد وبعض الناشطين من خارج الجزيرة العربية وبعض مفكريهم من ذوي الثقافات الاسلامية العالمية، او هكذا كنا نعتقد ساندوا طاغية العراق، وكان بغيه واضحا وضوح الشمس في كبد السماء الصافية، الا انهم آثروا عمى البصيرة على وضوحها في عقولهم وقلوبهم، لقد وضح لنا ان بعض المسلمين والمفكرين منهم قد خلطوا عواطفهم التي سيطرت عليها اهواء النفوس وازاحوا عقولهم من رؤوسهم فكان نتيجة ذلك فكرا ممزوجا بهوى النفوس، فذهبت وولت مصداقيتهم في فكرهم الاسلامي فهم فعلا يعيشون في ازمة فكرية.
مفاهيم خاطئة
كثيرا ما فهم البعض من الشباب ان الإسلام يعني الابتعاد عن الحياة للانصراف الى العبادات فقط فما حقيقة هذه المفاهيم؟
٭ لا اوافق على هذا الرأي فهناك قلة من الشباب الذين فهموا الاسلام كما ذكرتم ومع ذلك لم يبتعدوا عن الحياة حتى يعطوا وقتهم كله للعبادات فقط ولم ينزووا ويعتزلوا المجتمع الذي هم فيه، فبحسب ما اعلم ان الشباب الذين صاحبوا الشباب الملتزم لم يطلب منهم الانزواء والانعزال بل كانوا يؤمنون بالمبدأ الاسلامي الذي يقول: «خالط الناس واصبر على اذاهم»، والا فكيف يستطيع هؤلاء الشباب الدعوة الى الله عز وجل.
اللجنة الاستشارية
كيف تنظر لانجازات اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق احكام الشريعة الاسلامية؟ وماذا تقول فيمن يشكك في جدوى عملها؟
٭ اللجنة الاستشارية العليا لها رجالها الذين هم اكثر الماما مني بانجازاتها، وجدوى عملها ومن خلال علمي المتواضع باللجنة استطيع ان اقول ان اللجنة قد انجزت الكثير من المشاريع التي تم تقديمها لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد، وكل اللجان التربوية والاجتماعية والاقتصادية، وغيرها من اللجان التي انجزت الكثير، كما قدمت الكثير من الدراسات والبحوث والمشاريع والقوانين.
ومن يشكك في انجازات اللجنة، فهو اما ان يكون جاهلا بها، وهذه مصيبة، او يكون عالما بانجازاتها ومطلعا عليها، ولكن ولاسباب شخصية يحاول طمس انجازات اللجنة، بل ويشكك في جدوى وجودها، وهذا دائما ديدن الذين يتمسكون بأفكار لا تمت للاسلام بصلة، هؤلاء الذين يحاربون العمل الخيري، ويحاربون منع الاختلاط في الحرم الجامعي، ويحاربون تطبيق احكام العقوبات الشرعية.
فاللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق احكام الشريعة الاسلامية، والتي تعمل بصمت تعد معلما حضاريا وشرعيا في الكويت، ونتمنى انشاء لجان مشابهة لها في كثير من الدول الاسلامية الاخرى.
التدرج
هناك من يطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية في الكويت فورا، وهناك من يرى ضرورة تهيئة الاجواء، والتدرج في التطبيق، فأي الفريقين تؤيد ولماذا؟
٭ أميــــل نحو التـدرج في تطبيق احكام الشريعة الاسلامية في الكويت، لان المجتمع الكويتي، ما بعد استخراج النفط، قد انفتح على حضارات العالم الخارجي انفتاحا، دون غربلة لقيمها وميولها وتوجهاتها، فكان انفتاحه غير منضبط، وذلك ادى الى ظهور ظواهر سلوكية كثيرة غير مرغوب فيها شرعا، وكذلك الامر مجتمعيا، ما ادى الى خلل في المدى الذي تحفظ به الارواح من الاذى، وحفظ هوية المجتمع من التميع، وحفظ الاعراض من العبث، وحفظ الاموال من الهدر، وحفظ العقول من المضرات، واصلاح ذلك الخلل يحتاج منا الى التدرج في تطبيق شرع الله عز وجل، والا كانت ردة لا تحمد عقباها.
ورثة الأنبياء
كيف يمكن للدول الإسلامية أن تقوم بإعداد العلماء والدعاة على الوجه الأكمل؟
٭ الدعوة إلى الله عز وجل أمر جلل وعظيم وشرف كبير لمن يقوم بها فهي دعوة إلى دين الله واتباع هداه وتحكيم منهجه في الأرض سبحانه وتعالى بالعبادة والاستعانة والطاعة والبراءة من كل الطواغيت التي تطاع من دون الله وإحقاق ما أحق الله وإبطال ما أبطل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالإنسان المسلم يجب أن يكون مدركا لنقل الأمانة والمهمة التي يريد أن تلقى على عاتقه وأن الدعوة إلى الله هي الدعوة إلى الإسلام خالصا متكاملا غير مشوب ولا مجزأ، فلابد أن يتسلح الداعية بالإيمان والأخلاق والعلم والثقافة بالإضافة إلى العطاء ومن لم يكن عنده علم ولا ثقافة كيف يعطي غيره وفاقد الشيء لا يعطيه ومن لم يملك النصاب كيف يزكي؟ قال تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) وقد ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على الحق واختار منهم من يصلح للدعوة وبعثهم إلى عدد من الشعوب يدعونهم إلى الله تعالى.
صفات
وما الصفات الواجبة في الدعاة؟
٭ الإيمان العميق للداعية هو القاعدة التي يقوم عليها كيانه كله والعلم الدقيق الوافر يوضح من خلاله ويبين للناس سمو مبادئه ويرد الشبهات التي تثار أمامه، كما لا بد أن يكون الداعية عالما بالدعوة بكل جوانبها وأن يتخذها الدعاة زادا لهم فيعيشون مع القرآن والسنة تدبرا وحفظا ووسائل العلوم الإسلامية كعلوم القرآن والسنة والفقه والعقيدة ليتمكنوا من توصيل الدعوة للناس، ويجب على الدعاة أن يعلموا وسائل تبليغ الدعوة ويتعلموا التخاطب بعد اعدادها وتنظيمها وأن يتحلى الداعية بالخلق والصدق والأمانة والابتسامة.
شروط الدعوة
هل الدعوة مسؤولية كل من يعتلي المنابر فقط؟ وما الشروط الواجب توافرها لمن يتصدى لمهام الدعوة؟
٭ الدعـــوة إلى الله بصورة عامة مسؤولية المسلمين كلهم فهم مطالبون بالتبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو آيـــة من كتاب الله عز وجل إلا أنه ومن الأفضــل أن يتصف الداعية بصفات تؤهله ليكون كذلك فالداعية يجـــب أن يكون على قدر واسع بالثقافة الإسلامية وحافظــا لكتـــاب الله أو بعضه، كما عليه أن يكون عنده إلمام بأحاديث خير البشر وخاتم النبيين والمرسلين ومطلعا على سير الخلفاء الراشدين والتابعين وتابعي التابعين بإحسان، كما على الداعية إلى الله عز وجل أن يكون ذا لســــان صحيــــح غير ذي عوج فـــي اللغة العربية، وان يكون ملما بآراء الفقهاء في مسائل مختلف عليها أو متفق عليها ومعرفة أسباب ذلك، كما أن على الداعية أن يستخدم أسلوب اللطف واللين في مخاطبة المدعوين للإسلام وإلا اصبح منفرا للإسلام.
شاهد على العصر
حلقــات تعرض فيها «الإيمــان» شخصيات شــاهدة على الأحــداث الدينيـة والاجتماعيـة والسياسية الجارية.