- البلالي: العلاج الإيماني نجح في شفاء الكثير من المدمنين وتعديل سلوكهم
- المعيوف: الإيمان سلاح قوي للتغلب على الإدمان
- السويلم: إلغاء العقل لا يُذهب التكليف الشرعي والإدمان ضعف نفسي والإنسان السوي يكره أن يكون ضعيفاً
رحلة الادمان رحلة شاقة طريقها محفوف بالأشواك والمتاعب الصحية والنفسية والاجتماعية، فمن يقع في براثن شبح الإدمان يصعب عليه الخروج منها الا بسلاح قوي كالإيمان بالله وإدراك أهمية الصلاة والقرآن، فليس هناك أفضل من الرجوع الى الله في مواجهة أحلك الأزمات.
يرى الداعية يوسف السويلم ان الله سبحانه وتعالى حينما خلق الإنسان وعلمه البيان أعطاه درة لا تقدر بثمن وهي درة العقل الذي يميز الأشياء، ويعرف الحق من الباطل، والحسن من السيئ، وهذه الجوهرة هي مناط التكليف في الشرع، لأن جميع التكاليف الشرعية مطلوبة من الإنسان اذا كان عاقلا، اما اذا اخذ الله ما وهب سقط ما وجب، فإن الإنسان اذا أزال عقله ما وجب عليه أي حكم شرعي، فالعقل هو الدرة الثمينة، وما دامت كذلك كان لازما من الشارع الحكيم عز وجل ومن الإنسان أيضا المحافظة عليه، لذا حرم الاسلام كل ما يؤثر على العقل أو حتى التفكير في هذه الأشياء الخبيثة التي تلوث العقل لأن جميع هذه المحرمات تؤدي لهلاك الإنسان، كما سلك الإسلام مسلكا طيبا في النهي عن الأشياء التي تضر الإنسان المسلم لأنه مطالب بالتوجه الى الله بين الحين والحين، بل تكون علاقته متصلة دائما بالله وأقرب مثال على ذلك الصلاة، لذلك يقول الله تعالى (يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) لأن الإنسان الذي يذهب عقله بيديه لا يعلم ما يقول ربما يسب ويلعن بكلام لا يعرف معناه، ولذلك سلك الله مسلكا جميلا في هذا الأمر ـ أي الخمر ـ كان متأصلا في نفوس أهل الشرك ومتأصلا في نفوس من أسلموا، لذلك سلك مسلك التدريج في مسألة الخمر، لذلك نهى بداية عن شرب الخمر قبل الصلاة، والإنسان يصلي لله في اليوم والليلة خمس مرات أي تم النهي عن الخمر خمس مرات يوميا ثم نزل بعد ذلك قوله تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) ـ البقرة.
وعجبا للإنسان المسلم الذي يهدر هذه الدرة الثمينة بنفسه، فحينما يتناول هذه المحرمات ينقل نفسه من خانة الإنسان الى خانة الحيوان، لأنه يكون مثله تماما لا يعقل ولا يعي ولا يعرف ما يقوله، فكأنه قد ألغي، ولا نعتقد ان من ألغى عقله سقط عنه التكليف كما يشاع، لكن نقول انه ما دام الإنسان قد تعدى بسكر فهو آثم بهذا التعدي وآثم لتركه ما فرضه الله من فرائض كصلاة وصيام وغيرها.
ويضيف السويلم: هناك بعض الأشياء الحديثة التي يدمنها البعض ويعتقد انها ليست محرمة لعدم ورود نص صريح فيها، وهذا كلام غير صحيح فالنبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ولا ينطق في الأحكام الدينية الا بوحي من ربه يقول: «ما أسكر كثيره فقليله حرام»، وقال صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام»، أي ان كل ما والعلة الى ذهاب العقل حرام والصلة في التحريم هنا كما قال الفقهاء هي الاسكار وليس أي سائل بعينه، فمتى وجد الاسكار ولو كان في اللبن فهو حرام.
فمثلا أكل التمر حلال والعنب كذلك، اما اذا استخرج منهما خمر فهذا حرام، رغم انهما من طيبات الرزق، وهناك من يقول انه يشرب ولا يشعر بالسكر أو ذهاب العقل وهذا نقول له انه ليس من المخاطبين شرعا لأن يسير في غير طريق الله، اما الشرع فيقول حكمه في الإنسان الطبيعي المخلوق على فطرته وطبيعته التي خلقها الله عز وجل، اما المدمن الذي من فرط إدمانه ما عاد يتأثر بهذه المخدرات فهذا ليس معنيا لأنه منغمس في شهواته.
وخلاصة القول في ذلك ان الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم بعقله وتفكيره، اما من يتعدى على هذا العقل ويذهبه فهذا يقع تحت طائلة الطرد والبغض والبعد عن الله عز وجل، ونذكر ان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أقام الحد على شاربي الخمر بالنعال والجريد، ويقول: ليس لي عندي إلا هذا.
ولذلك نرجو من الله ان يوفق شبابنا بالسير على الطريق المستقيم واتباع هدي نبيه الكريم. ولفت الى ان الإسلام لم يترك صغيرة ولا كبيرة في أمور حياتنا الا وتناولها بالشرح والتفصيل، فمن كان دستوره القرآن العظيم والسنة النبوية الشريفة فاز بالدنيا والآخرة.
شفاء للصدور
يرى الداعية حسين المعيوف ان الإيمان لا يأتي فجأة، ولكنه ثمرة جهد وتربية عظيمة، كما ان الإيمان تدريب على مجموعة من العادات الإيمانية التي تحدث بالفرائض، فإذا التزم الإنسان بفرائض الله فإنه تتولد في نفسه خشية الله نتيجة تعوده على الوقوف بين يدي الله، وحين يعلم ان الله يغضب عليه لتصرف معين، فإنه يحاول ان يكف عنه ليرضي الله عز وجل، وكثيرا ما تعرضت لبعض المدخنين وحينما استيقظت في نفوسهم حالة الإيمان العميقة استطاعوا ان يأخذوا قرارا يحكمون به على أنفسهم ويفارقون الدخان الى الأبد، وفي الحقيقة ان الادمان ضعف نفسي، والإنسان السوي يكره ان يكون ضعيفا فإذا ألحت عليه حالة الادمان فإنه يثور على نفسه ويريد ان يسترد كرامته في مواجهة الشيطان.
ولابد ان تتغلب الإرادة الصادقة على إلحاح الشيطان ووسوسته فهذا هو انتصار الإيمان على الادمان، ولا شك في ان الايمان سلاح قوي للتغلب على الادمان لكن لابد ان يستخدم هذا السلاح دون تدريج أي بقرار حاسم عنيف بالاقلاع عن الادمان، وحينئذ سوف ينجح المدمن في احترام نفسه وحينئذ يزداد قربا من الله ويزداد إيمانه عمقا.
النظرية الإيمانية
وحول منهج جمعية بشائر الخير في علاج المدمنين وتجربتها الناجحة عن طريق العلاج الإيماني، قال رئيس الجمعية الداعية عبدالحميد البلالي: تتبنى الجمعية النظرة الإيمانية التي ترتكز على مبدأ استبدال القيم والمفاهيم الخاطئة لدى المدمن بالقيم والأخلاق الفاضلة وإحياء الوازع الديني في نفسه وحثه على التوبة الصادقة، وفتح باب الأمل والرجاء بعفو الله وعدم اليأس والقنوط مهما تعثر وزلت قدماه في عالم التيه والضياع وتشجيعه على اتخاذ أهم قرار في حياته وهو الاقلاع عن المخدرات وسائر المسكرات والالتزام بالصراط القويم.
وأكد البلالي ان النظرية الإيمانية اثبتت نجاحا وتفوقا على سائر النظريات المادية في إعادة تأهيل المدمنين نفسيا وصحيا واجتماعيا، ووصلت نسبة اقلاع المدمنين عن المخدرات وفق هذه النظرية في بعض الأحيان، بفضل الله، الى 80%، بينما لا تتجاوز هذه النسبة في أعرق المصحات العالمية 13%، وفي المقابل تصل الى 95%، بينما لا تتجاوز هذه النسبة بين التائبين من الادمان الذين ترعاهم بشائر الخير 25%، وأدى هذا النجاح الى انتشار الفكرة عربيا ودوليا، حيث أنشئت لجان مماثلة لمكافحة المخدرات ووفق النظرية الإيمانية في بعض الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية «حفر الباطن»، والبحرين، وسورية وفروع في دول أوروبا وآسيا مثل سويسرا وإيطاليا والهند وفرنسا.
أسباب اختيارها
وعن أسباب اختيار النظرية الإيمانية، قال الداعية البلالي: تم اختيار النظرية الإيمانية لأنها أجريت من قبل عندما نزل هذا القرآن الكريم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لإيماننا كمسلمين بأن هذا القرآن الكريم الكتاب الخالد فيه شفاء لكل أمراضنا الاجتماعية والنفسية، حيث يقول تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا)، وتتم خطوات العلاج الايماني عن طريق العلاج الطبي والنفسي وترك رفقاء السوء ومصاحبة الأخيار والابتعاد عن بيئة الادمان، والقيام بالفرائض الدينية وتقوية الجوانب الإيمانية وشغل الفراغ، ومراجعة الطبيب والتفكر في الخسائر من الموت والسعادة والآخرة والتحذير من المخدر البديل والمحاسبة.
وعن الوسائل الموجهة للمدمنين، أوضح البلالي انه عن طريق عمل الندوات والمحاضرات وورش العمل ووحدات لتقوية الإيمان وتغيير السلوك الانحرافي وتقوية الإرادة واتخاذ القرار والسيطرة على النفس وتعلم بعض الهوايات والحرف، وأيضا عمل ديوانية اسبوعية ويوم للمسابقات الثقافية والألعاب الترفيهية وتنظيم رحلات الحج والعمرة ورحلات لصيد الأسماك ورحلات البر وعمل زيارات اسبوعية للمدمنين في المستشفى النفسي وفي السجون مع توزيع أشرطة ثقافية دينية والعمل على سد الديون المتراكمة عن المدمنين التائبين عن طريق أهل الخير وبيت الزكاة.