- ظاهرة قديمة وليست وليدة الساعة تصدى لها النبي صلى الله عليه وسلم وأبطلها
- باب إلى التطرف الذي يقود إلى العنف والسعي إلى إلزام المخالف رأيه بقوة
- الغلو والتطرف هما مقدمة للإرهاب فيبدأ بالتشدد على نفسه فأسرته ثم ينتقل إلى مجتمعه
- الغلو أعلى مراتب الإفراط المفضي إلى الخروج من الدين
- عدم وجود العلم الكافي وعدم فهم الدين الفهم الصحيح من أسباب الغلو
- من أخطر أنواع الغلو الغلو في الاعتقاد
- الخوارج طائفة عندها غلو في الدين يكفرون أهل المعاصي ويسيرون في غير الاتجاه المستقيم
- يستبيحون الدماء بشكل بشع ومرعب ووحشي كما نرى اليوم أمثالهم
حوار: ليلى الشافعي
حذر النبي ژ من التشدد والغلو في الدين وما ينشأ عنه من قلة الفقه في الدين والتعسير وترك التيسير ومطالبة الناس بما لا يطيقون، وهما من ابرز سمات الخوارج، حول مظاهر الغلو والخروج عن الاعتدال في الدين يحدثنا أمين سر لجنة الوسطية في وزارة الأوقاف الداعية د.عبدالله الشريكة:
ما تعريف الغلو؟
٭الغلو في اللغة هو مجاوزة الحد، وفي الشرع مجاوزة وتعدي ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم الى الأشد والأكثر في الأقوال والأفعال، كما انه زيادة على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وعدم القناعة بهديه لسبب او لآخر، والغلو أعلى مراتب الافراط المفضي الى الخروج من الدين، ويقصد بالغلو تجاوز الحد والحق في الشريعة.
حقيقته
في اي شيء يكون الغلو؟ وما اخطره؟
٭ قد يكون الغلو في العبادات والمعاملات والعادات، ومن اخطر انواع الغلو الغلو في الاعتقاد، وقد يكون الغلو جزئيا وهو ما كان في جانب من جوانب العبادة مثل الطهارة والصلاة والصيام ونحوها، وقد يكون كليا وهو ما كان في جملة الدين عقيدة وعبادة ومعاملة.
أسبابه
وما اسباب لجوء بعض المسلمين الى الغلو في الدين؟
٭ عدم وجود العلم الكافي وعدم القدرة على فهم الدين الفهم الصحيح، وايضا اخذ العلم من الكتب وترك العلماء والمشايخ المتمكنين وعدم الرجوع للعلماء او الرغبة في التقرب الى الله تعالى بزيادة عما كان يقوم به النبي صلى الله عليه وسلم.
التشدد
وما مظاهر الغلو؟
٭ عدم الاخذ بالرخص الشرعية حتى لو ادى الامر الى ضرر له، وجعل الاصل في الاشياء التحريم، والقاعدة الشرعية تقول «الاصل في الاشياء الإباحة الا ما جاء النص بخلافه»، كما ان من مظاهره تكفير اي عاص، كما انهم يأخذون بأحاديث الوعيد وترك احاديث التبشير.
الخوارج
وهل يعتبر الخوارج خارجين عن الاسلام؟
٭ الخوارج طائفة عندها غلو في الدين يكفرون اهل المعاصي والذنوب وهم طائفة مجتهدة في الصلاة والقراءة ولكن عندها غلو وتكفير لغيرهم، وهم مسلمون، ولكن ساروا في غير الاتجاه المستقيم، ونقول ان الخوارج هم قوم أهل غلو عندهم دين وعبادة شديدة جدا ويزهدون في الدنيا ولكن عندهم غلو وعندهم تكفير للمسلم وعندهم استباحة للدماء بشكل بشع ومرعب ووحشي جدا كما نرى اليوم كثيرا من امثال هؤلاء.
التحذير منهم
وما موقف الإسلام من الخوارج؟
٭ الاسلام حذرنا من ظاهرة خطيرة تصدى لها النبي صلى الله عليه وسلم ووعد بأنها أمر جلل عظيم جدا له آثاره القبيحة على الافراد والمجتمعات وعلى الأمة، وهو سوء فهم الدين سواء فهم الآيات القرآنية او سوء فهم الاحاديث النبوية وسوء فهم التعاليم الاسلامية، فنجد الانسان يفهم الدين او الاحاديث بفهم خطأ مخالف لهدي الاسلام، ومثال ذلك تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الخوارج، وقال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم «حدثاء الاسنان» اي صغار السن، «سفهاء الاحلام» اي سفهاء العقل، للدعوة بلا علم ولا فقه، فقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم انهم صغار الاسنان سفهاء العقول وقد خرجوا ببدعهم عن الدين الحق وعن الصراط المستقيم، كما يخرج السهم من قوسه او من الصيد الذي اطلق عليه فلا يعلق لشدة رميه من شيء من اثر الصيد، فكانوا من اشد الناس بغيا على الامة وتكفيرا لها واستباحة لدمائها، وكان من فتنتهم انهم يكفرون اصحاب المعاصي، وكانوا ينطلقون كما قال ابن عمر الى آيات نزلت في الكافرين، فجعلوها في عصاة الموحدين فيكفرونهم بها ويشتغلون بقتالهم عن قتال من يستحقون القتال من اعداء الدين، فيقتلون اهل الاسلام ويدعون احاديث، ولكن يفسرونها بشكل خاص، ومن سوء الفهم للدين ظاهرة الغلو والتشدد في الدين الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم ان الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه، اي ان الدين لا يؤخذ بالمغالبة، فمن شاد الدين غلبه وقطعه وفيه النهي عن التشدد في الدين بأن يحمل الانسان نفسه من العبادة ما لا يتحمله الا بكلفة شديدة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم محذرا «إياكم والغلو فإنما اهلك الذين من قبلكم»، وهل يهلك الغلو الناس في الدنيا ام في الآخرة؟ نقول يهلكهم في الدنيا والآخرة والعياذ بالله، يقول الله تعالى (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم)، فالغلو في الدين مذموم.
تاريخ الغلو
متى ظهر الغلو في الاسلام؟
٭ الغلو ظاهرة قديمة ليست وليدة الساعة ولدت ايام النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بعض الناس متشددا على نفسه ويحرم ويمتنع عن المبيحات وبعضهم كان يغلو في التعامل مع الآخرين ويكفرون من لم يكفره الله تعالى ويبدعون ما لم يبدعه الله تعالى ولم يبدعه الرسول صلى الله عليه وسلم.
بداية الظهور
وظهر الغلو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعدة اشكال وتصدى لها النبي صلى الله عليه وسلم وابطلها حين جاء اعرابي جاهل واعترض على قسمة النبي صلى الله عليه وسلم للغنائم وقدم رأيه على رأي النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم اصبح سمة الخوارج الاعتراض على العلماء، واخبر النبي صلى الله عليه وسلم بانه سيكون له ذرية يحملون فكر الغلو وانهم ليس عندهم من حقيقة الاسلام شيء على الرغم من كثرة صلاتهم وصيامهم، وايضا الثلاثة الذين استقلوا عبادة النبي صلى الله عليه وسلم اي رأوها قليلة، لأنه كان ينام ويفطر ويتزوج النساء وذلك حينما أتى ثلاثة نفر بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته، فلما اخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ وقد غفر الله له من ذنبه ما تقدم وما تأخر، قال احدهم: اما انا فإني اصلي الليل ابدا ولا انام، والثاني قال: اما انا فأصوم الدهر ولا افطر، وقال الآخر: اما انا فأعتزل النساء ولا اتزوج ابدا (يظن ان الزواج يعطله عن العبادة)، فهل هذا بنوايا طيبة ام طالحة بنوايا صالحة يريدون زيادة في العبادة، ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خطب في الناس وقال: ما بال اقوام يقولون كذا وكذا، والله أني اتقاكم الى الله، ولكني اصلي وانام واصوم وافطر واتزوج النساء، فهذه سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني، فقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من كل من خالف السنة حتى نحا منحنا التشدد على النفس حتى لو كانت نيته صالحة، وهذه الحادثة تبين لنا خطورة التشدد في الدين وهذا مخالف للشريعة ومخالف للهدي الاسلامي.
وايضا عند سجود معاذ رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم أنكر النبي فعل معاذ وعلمه ان السجود لا يكون الا لله عز وجل.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم «لقد تركتكم على البيضاء او على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي الا هالك»، قال العلماء الزيغ عن الملة البيضاء انما يكون بالغلو او التساهل وكلاهما مذموم، وان كان ذنب الغلو كثرت منه الشريعة في كتاب الله تعالى وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فهناك كثير ممن يحرم نفسه من امور اباحها الله تعالى له ولم يعلم هذا وامثاله ان الله تعالى يحب من عباده ان يؤتوا هذه الرخصة وان يترخصوا فيما رخص لهم، ففي صحيح مسلم في حديث جابر رضي الله عنه يقول النبي صلى الله عليه وسلم «ان الله يحب ان تؤتى رخصه كما يحب ألا تؤتى معصيته»، كما ان الله تعالى يحب ان نجتنب المعاصي، كما يحب ان تؤتى رخصه، فما بالنا بالامور المباحة اذا كانت وفق الضوابط الشرعية؟ فلا اسراف ولا تفريط، فالتشدد في الدين مذموم والغلو في الدين مذموم، ولا نجد حديثا واحدا يحث او يشجع او يحسن الغلو في الدين، نسأل الله ان نكون من المعتدلين من المستقيمين على هديه.
العلاج
ما سبل العلاج المطلوبة؟
٭ تحصين المجتمع من الافرازات التي يمكن ان توجد بسبب المتطرفين الذين يعتمدون على نظرة ضيقة للحياة وينطلقون فيها الى تخطئة كل رأي مخالف لهم باسم الدين، ويدينون كل فكر مخالف لفكرهم باسم الدين الذي ينتهى بهم الى تكفير الناس بل والنيل من اعراض العلماء، فالغلو في الدين باب الى التطرف الذي يقود الى العنف والسعي الى الزام المخالف رأيه بالقوة.
النية
وما الحكم اذا كان هؤلاء المغالون من اصحاب النية الحسنة؟
٭ للاسف، فقد تقرر عند فقهائنا ان النية الحسنة لا تحسّن العمل السيئ.