شرف عظيم
بعد أن ذكر لنا الله تعالى قصة إبراهيم عليه السلام مع أبيه عرج على قصة موسى عليه السلام كليم الله من أولي العزم ومن أصحاب المكانة العليا، امتن الله تعالى عليه بالرسالة والنبوة، كلمه الله تعالى، ناداه وقربه وناجاه (وناديناه من جانب الطور الأيمن) أي الجبل (الأيمن) أي من جانبه الأيمن من موسى حين ذهب.
(وقربناه نجيا) من أعظم المنن حيث أدناه الله حتى كلمه وحتى سمع موسى عليه السلام صريف الأقلام وهذا شرف عظيم أن كلمه الله تعالى بدون وحي، فهو كلام الله أسمعه نبيه موسى.
الوفاء بالوعد من صفات المؤمن
قال الله تعالى مثنيا على عقب إبراهيم عليه السلام (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا) امتدح الله تعالى إسماعيل عليه السلام بالصفة الأبرز «إنه كان صادق الوعد» فصدق الوعد من الصفات الحميدة كما ان خلفه من الصفات الذميمة. قال صلى الله عليه وسلم:«آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان» ولما كانت هذه صفات المنافقين كان التلبس بضدها من صفات المؤمنين ولهذا أثنى الله على عبده ورسوله اسماعيل بصدق الوعد وكان كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق الوعد أيضا لا يعد أحدا شيئا إلا وفّى له به.
فضل إسماعيل عليه السلام
استشف العلماء فضل نبي الله إسماعيل على نبي الله اسحاق فإنه قد نبئ وأرسل إليه فوصف إسماعيل بالنبوة والرسالة ووصف اسحاق بالنبوة فقط ولم يوصف بالرسالة.
أعظم الصفات
(وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا) من ثناء ربه عليه حيث كان يأمر أهله بالمعروف وينهاهم عن المنكر تلك الصفة التي امتدح بها إسماعيل عليه السلام. وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وايقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء».
كثير الصدق
(واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا) أثنى الله تعالى على نبي الله إدريس وهو جد نوح عليه السلام وأن الله رفعه مكانا عليــا، وقد مر به رسـول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج وهو في السماء الرابعة، وكان إدريس عليه السلام كثير الصدق وقد رفعه الله مكانا عليا.
حال السعداء
انتقل من دائرة الأشخاص إلى الجنس بالكامل جنس الأنبياء فقال تعالى:
(أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا).
يقول تعالى: هؤلاء النبيون بعض من السلسلة الكبرى من الأنبياء والصالحين إذا تتلى على هؤلاء الذين أنعم الله عليهم من النبيين أدلة الله وحججه، خروا لله سجدا تذللا وخضوعا لأمره وانقيادا (وبكيا) وصفهم الله بأنهم يسجدون لله حمدا وشكرا لما فيه نعمة عظيمة ويبكون على تقصيرهم وتتحرك قلوبهم لهذه العظمة.
لما ذكر الله تعالى حال السعداء وهم الأنبياء ومن تبعهم من القائمين بحدود الله وأوامره المؤدين لفرائض الله ذكر حال الاشقياء (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا).
هؤلاء الذين أضاعوا الصلاة وهي عماد الدين وقوامه وخير أعمال العباد وأقبلوا على شهوات الدنيا وملاذها ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها فهؤلاء سيلقون غيا، أي خسرانا يوم القيامة، وقيل (غيا) واد في جهنم.
هؤلاء الذين اتبعوا الشهوات كانوا لغيرها أضيع، لذلك ذكر الله عز وجل أساس الدين يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين العبد والشرك ترك الصلاة»، فترك الطاعة واتباع الشهوة مصيبة هؤلاء القوم.