- الشطي: الحفاظ على مكنون العلاقة الزوجية ضمان لاستمرارها
- المطوع: الرجل أكثر قدرة على حفظ السر ولا يتطرق إلى حياته العائلية
الخلافات الزوجية في كل بيت.. لكن هل يجوز ان تصل الخلافات الى حد افشاء الأسرار الزوجية وكل ما يدور بين الزوجين؟ هل النساء لا يعرفن كتمان الأسرار؟ وهل افشاء ما يدور بينهما خيانة للأمانة؟ هذا ما سنعرفه في هذا التحقيق، فإلى التفاصيل:
د.بسام الشطي يؤكد ان الشرع والدين جعلا عقد الزواج من أعظم العقود واخطرها، وقد اطلق عليه في القرآن الكريم اسم الميثاق الغليظ (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) ومعنى الغليظ: الشديد والقوي، وما ذلك الا لما يترتب عليه من حقوق وواجبات وإباحة وعلاقات وسلوك وتصورات.
وزاد: بين الزوجين لا توجد حدود فاصلة ولا أسرار مخبأة، ولا جوانب خفية ولا أمور غامضة، وبين الزوجين حياة واحدة وفراش واحد، وأمن وخوف واحد، وحلو ومر واحد، ومن بينهما يخرج الاب والام والآخ والاخت والقريب والصاحب، ويبقيان وحدهما قريبين متلاصقين تندمج النفوس وتمتزج الأرواح وتتوحد المشاعر وتتكون صورة واحدة مشتركة للحياة والمستقبل.
وقال: ولذلك فمن اخطر ما يهدد الحياة الزوجية وأشد ما يعرضها للانهيار قيام احد الزوجين بافشاء أسرار الآخر، وكشف جوانب حياته الخفية للآخرين والعدوان على خصوصيته، وهتك ستره.
خيانة وغدر
واكد ان افشاء احد الزوجين أسرار الآخر في المعاشرة الجنسية او في الطباع الخفية أو الأمور المالية او في الآراء الاجتماعية خيانة، وأي خيانة، وغدر كبير، وطبع من اسوأ الطباع، لانه يدمر الحياة الزوجية ويفسدها، بل ويدمر الثقة المتبادلة بين أقرب شريكين وأعز حبيبين، وقد جاء في الحديث الشريف ما يستقبح إفشاء سر الزوج أو الزوجة خاصة في العلاقات الجنسية والمعاشرة الزوجية، روى مسلم عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان اعظم الأمانة عند الله يوم القيامة: الرجل يفضي الى امرأته وتفضي اليه ثم ينشر سرها».
وضرب د.الشطي مثالا لاعرابية حكيمة حين نصحت ابنتها وهي امامة بنت الحارث حين قالت لها ليلة زفافها الى الحارث بن عمرو ملك كنده: ان المرأة والرجل خلق احدهما للآخر، وغنى المرأة وجاهها لا يعني استغناءها عن الرجل فهي بحاجة اليه دوما وبزواجها منه يصبح عليها مليكا، ومن ضمن ما قالته: «كوني له أمة يكن لك عبدا واحفظي له خصالا عشرا يكن لك زخرا».
وعن كتمان السر أوصتها قائلة: «فلا تعصي له أمرا ولا تفشي له سرا، فانك ان خالفت أمره أوغرت صدره، وان افشيت سره لم تأمني غدره».
فقد قال صلى الله عليه وسلم: «وما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا له من زوجة صالحة، ان امرها اطاعته، وان نظر اليها سرته، وان اقسم عليها أبرته وان غاب عنها حفظته في نفسها وماله».
واضاف، ان في قوله تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) يصبح كل من الزوجين مسؤولا وبالتالي لا يصح لاي منهما ان ينشر اسرار صاحبه خارج نطاق الزوجية، فالحياة الزوجية شعارها المودة والرحمة وثمارها السعادة في الدنيا والآخرة لقوله تعالى: (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، فالزوجة هي التي تحفظ سر بيتها وزوجها وأسرتها، وهذه من الأمور المقدسة.
أسرار مقدسة
ويقول استاد علم النفس د.مروان المطوع: لابد ان تكون الزوجة كتومة بطبعها حتى يمكنها الاحتفاظ باسرارها، والزوجة التي تتكلم دائما عن نفسها تجد نفسها في محنة، فلا هي تستطيع البوح باسرارها لرجل لا يعرف كيف يصون هذه الأسرار، ولا هي تستطيع ان تكتم شيئا في داخلها او تعيش دون توتر، حيث ان البوح بالسر يؤدي الى التخفيف من عبء كتمانه، ويسهم في حل المشكلة حيث المستمع يدلي برأيه ويبذل النصح والمشورة ما يوضح المجال اكثر امام صاحب السر.
وأشار د.المطوع الى ان الرجل اكثر قدرة على حفظ السر خاصة لو كان السر أدلت به زوجته حيث انه لا يتطرق الى حياته العائلية في مناقاشته ومع اصدقائه، وهو يعتبر ان زوجته محرمة على الغير، وبالتالي يحرم كل ما ينتمي اليها بما فيه اسرارها ومشكلاتها، كما ان الرجل بطبعه لا يميل الى الثرثرة، والشخص الذي يخفي اسرار نفسه هو انسان واضح وقوي الشخصية، لذلك لن يقوم بالثرثرة وافشاء اسراره مهما يمكن، فالمسألة هنا مسألة أمانة واخلاقيات، ويؤكد د.المطوع ان كتمان السر مسؤولية ليست سهلة لان ناتج هذه العملية هو الحفاظ على بيت الزوجية من الهدم، غير ان من الاسرار ما قد يغزو بيت الزوجية عبر احد طرفيه فيضطر هذا الطرف الى تحمل أثقاله وحده، لذلك يجب على كلا الطرفين ان يحافظ على سمعة الاخر لانها تعني مستقبل الأبناء والمجتمع بأسره.