خالد جاسم العبدالله
إن العقيدة الاسلامية سند للأرواح تعتمد عليها في شدائد الحياة بما تضفيه من الإيمان الوثيق بقضاء الله وقدره وان اللطيف الخبير يدير الكون على سنة العلم والحكمة.
فيأوي المسلمون الى ظل ظليل من الطمأنينة والسكينة بعد القيام بإحكام الاسباب، والعقيدة ميزان الآداب والعادات ترجع اليه في قياس الاخلاق والاعمال، وهي قانون يقيم حياة الناس الاجتماعية على اسس ثابتة تنهض بهم، وتعين العلاقات الاجتماعية على المحبة والتعاون والوفاء بالعهد واحتمال الاذى.
فالقانون الذي بينك وبين الناس هو الخلق الحسن، فإن حسنت اخلاق المرء سلم من الناس وسلموا منه وإن ساءت اخلاقه ساءت طريقته ومقته الناس.
فالقرآن الكريم ما نزل الا قانونا للتعامل بين اهله، بل بين المسلمين والناس اجمعين، فلا تنظر الى صلاتك وعباداتك ان لم تؤد بك الى الخلق الحسن.
فالأخلاق والفضائل اثر مباشر لتقوى الله وهي آية على مراقبة الله تعالى في قلب العبد.
وقال صلى الله عليه وسلم: «اضمنوا لي ستا من أنفسكم اضمن لكم الجنة، اصدقوا اذا حدثتم، وأوفوا اذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا ابصاركم، وكفوا ايديكم».
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو ان تلقى اخاك بوجه طليق».
فالمسلمون لا يعيبهم شيء ولا يقعد بهم عن بلوغ الكمال ورضوان الله إلا تنكيهم للقيم وتركهم للخلق الحسن.
فترى فاشيا بينهم الكذب والخداع والرياء والمراء والسخرية والاستعلاء على خلق الله والخلف بالوعد ونكث العهود وسوء الجوار والمعاملة حتى بين الرجل واهله.
أبهذا جاء القرآن؟ أعلى هذا كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ انما اعزهم الله بالخلق ولا شيء غير الخلق الحسن والتقوى.
فاستمرار موافقة الناس للأخلاق المقبوحة تحولت من الإلف وعدم المبالاة الى جزء من الحياة العامة، ومن هنا رأينا الاستهانة بقيمة الكلمة، وقلة الاكتراث بإتقان العمل، واضاعة الامانات والمسؤوليات.
وكما اننا لا نستطيع بناء صرح شاهق دون اعمدة فلا يمكن بناء انسان كبير دون اخلاق وتصرفات مأمونة وجملة من الخصال تورث الثقة.
ولقد كان المسلمون الاوائل نماذج اخلاقية تمثل فيها الشرف والصدق والطهر ولذلك تصدروا القافلة البشرية عن جدارة، ولا عجب فقد كانوا صناعة حسنة للإنسان الكامل الذي وصفه ربه بقوله: (وإنك لعلى خلق عظيم).
فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وجملة الاطهار شجرة الايمان والصحبة المباركة التي اهتزت وربت وأنبتت من كل شيء بهيج.
فالخلق يبني الفرد وينظم العلاقات في المجتمع على اسس ثابتة لينتقل من دنيا الغاب التي تقوم على العدوان والظلم والقسوة والخوف والفوضى الى المجتمع الانساني الذي ترتقي الى قمة العز والكرامة الانسانية، ولقد بارك الله حسن الخلق: ولا غرو ان يكون للخلق الزكي جزاؤه الأوفى في الآخرة في اكرم جوار وأعلى مكان.