دعا عمر بن الخطاب سعيد بن عامر رضي الله عنهما، فقال له: يا سعيد إنا مولوك على أهل حمص.
فقال سعيد: يا عمر نشدتك الله ألا تفتنني.
تغير وجه عمر رضي الله عنه، وقال غاضبا: ويحكم وضعتم هذا الأمر في عنقي ثم تخليتم عني!! والله لا أدعك، ثم ولاه على حمص.
اقترب عمر من سعيد قبل سفره وخفت اليه: ألا نفرض لك رزقا؟!
قال: وما أفعل به يا أمير المؤمنين؟! فان عطائي من بيت المال يزيد على حاجتي، ثم مضى الى حمص.
لم يمض وقت طويل حتى وفد على أمير المؤمنين بعض من يثق بهم من أهل حمص فقال لهم: اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أسد حاجتهم.
فرفعوا كتابا، فاذا فيه: فلان وفلان، وسعيد بن عامر.
قال عمر رضي الله عنه: ومن سعيد بن عامر؟! لم يظن انه هو!!
قالوا: أميرنا.
قال: أميركم فقير؟!
قالوا: نعم.. والله انه لتمر عليه الأيام الطوال ولا يوقد في بيته نار.
فبكى عمر رضي الله عنه حتى بللت دموعه لحيته، ثم عمد الى ألف دينار فجعلها في صرة، وقال: اقرأوا عليه السلام مني وقولوا له: بعث اليك أمير المؤمنين بهذا المال لتستعين به على قضاء حاجاتك.
جاء الوفد لسعيد بالصرة، فنظر اليها، فاذا هي دنانير، فاخذ يبعدها عنه بيده، وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.
هبت زوجته مذعورة قائلة: ما شأنك يا سعيد؟ أمات أمير المؤمنين؟!
قال: بل أعظم من ذلك!!
قالت: أأصيب المسلمون في واقعة؟!
قال: بل اعظم من ذلك.
قالت: وما أعظم من ذلك؟!
قال: دخلت علي الدنيا لتفسد آخرتي، وحلت الفتنة في بيتي.
قالت: تخلص منها.. وهي لا تعلم شأن الدنانير.
قال: أوتعينيني على ذلك؟
قالت: نعم.
فتناول الدنانير من الصرة، وأخذ يوزعها على فقراء المسلمين فرحم الله سعيد بن عامر وأهله.