- الخصائص الشخصية الواجب توافرها لدى العاملين في أجهزة العلاقات العامة
1 ـ النشاط: العلاقات العامة عمل مستمر وحيوي ومتعدد المجالات وجهد متواصل، ما يتطلب أن يتصف من يعمل بالعلاقات العامة بالقدرة على التحرك السريع ودون ملل وبذل أقصى الجهود لنجاح مهمته.
2 ـ حسن المظهر والمنطق والجاذبية: من مظاهر هذه الشخصية سماحة الوجه ورقة الحديث والكلام، وتناسب القوام وحسن الهندام وأن يكون قادرا على التعبير الكلامي بشكل مؤثر وأن يتميز بالشخصية الجذابة لينال إعجاب الآخرين.
3 ـ الشخصية المستقرة والمتزنة: لابد أن يتصف رجل العلاقات العامة بالشخصية المستقرة والمتزنة والهادئة لتحقيق التفاهم مع الأفراد والجماعات وكسب تأييدهم وخلق انطباع طيب عند الجماهير عن المؤسسة التي تمثلها العلاقات العامة.
4 ـ الشجاعة: لابد أن يكون رجل العلاقات العامة قوي الشخصية، متصفا بالشجاعة ليتمكن من عرض آرائه واقتراحاته بقوة، والدفاع عن وجهة نظره أمام الإدارة العامة، لأن ضعف مدير العلاقات العامة يعني تأخر علاج المشكلات الناتجة عن أخطاء الإدارة العليا، وبالتالي يزداد الأمر سوءا.
فرجل العلاقات العامة مسؤول عن إسداء النصح للمؤسسة، وإيضاح مواطن الخلل ومصادر الأزمات وأسبابها قبل وقوعها.
5 ـ الإقناع: ومن الميزات المهمة لرجل العلاقات العامة أن تكون له القدرة على التأثير في نفوس الناس، وإقناعهم بلباقة.
فهو ليس بالشرطي الذي يستعمل القوة، كما أنه ليس ساحرا أو محتالا يستغل الدعاية الكاذبة، وإنما هو خبير بالنفس البشرية، والجماعة الإنسانية ويعرف كيف يوجه ويرشد وكيف يقنع باللفظ والعبارة وقوة الشخصية فلا بد أن يكون قادرا على استمالة الغير للأفكار التي يعبر عنها، وإمكانية تحليله لوجهات النظر المعروضة قبل تقديم أفكاره.
6 ـ الذكاء: لابد أن يكون رجل العلاقات العامة ذكيا، ناضج الشخصية، أهلا للثقة.
فالذكاء عنصر مهم في تكوين شخصية رجل العلاقات العامة.
فهو يقوم بتمثيل المؤسسة وحل مشكلاتها الإنسانية وتوطيد علاقاتها الاجتماعية.
7 ـ التكيف: عامل أساسي في العلاقات العامة الطيبة، ومن الحقائق المتفق عليها أن الناس والجماعات والهيئات يعوزها أن تتكيف فيما بينها إذا أريد أن يكون لنا مجتمع متجانس.
فمن واجبات العلاقات العامة تحقيق التفاهم عن طريق الاتصال بالآخرين، لذا من الواجب أن يكون رجل العلاقات العامة مقبلا على التغيير، محبا للاندماج معهم، لكي يتعرف على طريقة تفكيرهم وأساليب التأثير فيهم. فالمؤسسة التي لا تتكيف اتجاهاتها وأعمالها مع الجمهور، سيرتب عليها الفشل هذا وأن التكيف يرتكز على نقل المعلومات والإقناع.
8 ـ الكياسة: إن المثل الأعلى لرجل العلاقات العامة هو الاتصاف بالكياسة ودقة السلوك فإذا لم تكن الكياسة طبعا فيه، فعلى الأقل أن يتطبع بها، فهي تتطلب سليقة وذاكرة واعية، لم تتح لكل إنسان، وعليه أن يتجنب التورط في أعمال قد تعتبر منافية للذوق السليم.
9 ـ الاستقامة والصدق: ينبغي لكل من يعمل في العلاقات العامة أن يكون قادرا على عرض الحقائق عرضا سليما على الجمهور، لكي يظفر بتأييده ويكسب ثقته وأن يتحلى بالسمعة الطيبة والأخلاق الفاضلة، وأن هذه الصفات هي من الصفات الاجتماعية التي يؤكد عليها المجتمع والدين، وأنها تدل على خلفية وتاريخ العائلة والمجتمع.
10 ـ الموضوعية: وهي القدرة على النظر بتجرد عن الذات إلى المشكلات المعروضة والتوصيات المطروحة وأسلوب العمل، وتجنب التمييز العنصري أو الشعوبي أو الديني أو الاجتماعي وما إلى ذلك من الاتجاهات التي تفسد سلوك الفرد ولهذا فإن الموضوعية تعني التجرد من الآراء والأفكار والاتجاهات والمعتقدات.
11 ـ الإحساس العام: أن يتميز رجل العلاقات العامة بالقدرة على الشعور بمدى توافقه مع الغير أو العكس، وأن يعرف متى يتكلم ومتى ينصت، ومتى يدافع أو يهاجم، ومتى ينتظر ظروفا أفضل للدفاع أو الهجوم، مع أن الحرص ضروري حتى لا يؤدي بزلة لسان إلى مشكلات يصعب حلها.
12 ـ الخيال الخصب: العلاقات العامة وظيفة خلاقة تعتمد على الابتكار في مواجهة المشكلات الجديدة، والتغلب على الآراء المعارضة في إضعافها، لكسب فئات جديدة من الجماهير، كما لابد أن يتميز بالخلق والإبداع والمبادرة.
المنتدى العلمي
هذه الرسائل مغلوطة ومنقولة على كل هاتف نقال! أهرام مصر وصرح هامان..
لا جدال في أن النقال اليوم قد أصبح وسيلة من أسرع الوسائل لنقل الرسائل غثها وسمينها، وفي مقدمة الرسائل المغلوطة ما يتطوع بتأليفه مجهولون أو معلومون وسرعان ما يتناقله متلقون أحسنوا النية فيسارعون في النشر طالما أن الرسالة مذيلة بتسبيح وتهليل وتكبير! وعلى الرغم من كثرة ما تمكنت من التنبيه إليه بنفسي في الإذاعة والتلفزيون من أخطار نشر ما لا نعلم عنه شيئا، فإن المد لا يزال متدفقا ولا تبدو في الأفق أي إشارة إلى انحساره.
من تلك الرسائل ما وردني من أصدقاء ضمن حزمة اسمها «الموسوعة المصورة للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة» لعبد الدائم الكحيل، وهي نفسها متوافرة على موقعه «أسرار الإعجاز العلمي في القرآن والسنة».
ها هي الرسالة كما نشرت:
«باحثون فرنسيون وأميركيون يؤكدون أن الأحجار الضخمة التي استخدمها الفراعنة لبناء الأهرامات هي مجرد «طين» تم تسخينه بدرجة حرارة عالية.
هذا ما تحدث عنه القرآن بدقة تامة في قوله تعالى على لسان فرعون عندما قال: {فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين} القصص 38.
ويؤكد هذه الحقيقة كبار العلماء في أميركا وفرنسا. وقد تم عرض صور المجهر الالكتروني لعينات من حجارة الأهرامات وجاءت الإثباتات العلمية على أن بناء الصروح العالية كانت تعتمد على الطين، تماما كما جاء في كتاب الله تعالى، وهذا السر أخفاه الفراعنة ولكن الله حدثنا عنه لتكون آية تشهد على صدق هذا الكتاب العظيم!».
من الطبيعي وهذا هو منهجي ألا أقيم وزناً لرسائل من هذا النوع! ليس فقط بسبب ركاكة أسلوبها، ولكن في الأساس لأنها تخلو من أدنى إشارة إلى أي دليل على ما يؤكده «باحثون فرنسيون وأميركيون»! بل إنها لا تتكرم حتى بذكر أسماء «كبار العلماء في أميركا وفرنسا»! ولا تتعطف بعرض «صور المجهر الالكتروني» للعينات ولا نتائج بحوث الباحثين، ولا متى، ولا أين تم ذلك تحديدا. وهذا كله ليس من لغة البحث العلمي في شيء ومن هنا يداخلني الشك دون استئذان في محتواها.
لم أكن لأضيع الوقت في التعليق عليها لولا أن انتشارها يستفزني، خاصة حين يطلب مني عدد من الأصدقاء التعليق عليها ما يوجب علي ذلك.
وما يستفزني هنا حقا ليس «خطأ» الرأي، ولكنها «ثقة» الجهل في عصر أصبح «العلم» فيه متاحا لمن يعرف أين وكيف يبحث عنه بنقرة على لوحة أزرار!
بعض المعلومات عن التاريخ المصري
بدأ تدوين التاريخ المصري منذ 7515 عاما حين بدأ التدوين بحضارة البداري، وهي تجمع قبائلي من الصحراء الغربية استقر في الصعيد على ضفاف النيل وأسس الزراعة، واستمر حتى نهاية عصور الفراعنة التي امتدت حتى 2347 عاما مضت. بعدها جاء الغزو الآشوري وأعقبه الفارسي ثم غزا الإسكندر المقدوني (الملقب بالأكبر) مصر وضمها إلى مملكته في عام 332 قبل الميلاد، قبل أن يحكمها البطالسة في عام 305 قبل الميلاد. وحتى هذه الفترات تاريخها مدون أيضا حتى فتح العرب لمصر ودخول أهلها في الإسلام عام 642 للميلاد.
هو تاريخ يمكن لأي باحث الاطلاع عليه ولا يحتمل التأويل ولا إبداء الآراء لأنه مدون بفضل اهتمام البحاثة الذين أسسوا علم المصريات Egyptology من الفرنسيين منذ حملة نابليون على مصر في عام 1798 ثم لحق بهم الأوروبيون ثم الأميركيون فيما بعد.
الزعم بأن الهرم الأكبر هو صرح فرعون موسى عليه السلام
ظل الهرم الأكبر، قبر الفرعون خوفو، أعلى بناء فوق الكرة الأرضية لمدة تزيد على 3800 سنة. وعلى الرغم من ذلك فلم يكن الهرم في أي وقت من الأوقات برجا للمراقبة أو «صرحا» للاطلاع على الآلهة في السموات لسبب بسيط وواضح لكل ذي عينين اليوم.
فعندما تشاهد الهرم الأكبر في موقعه أو في صورة له سنجد بقايا الكسوة الكاملة للهرم التي تم صقلها بدرجة نقاوة مذهلة من سفحه إلى قمته بشكلها المخروطي ما لا يسمح بالطبع لأحد بالصعود عليها لزلاقتها التامة! فالبناء ليس مدرجا لتيسير الصعود. هذا على عكس هرم الأزتيك، في St. Cecilia Acatitlan في المكسيك الحالية، الذي بني مدرجا كمعبد. هذا بالإضافة إلى أنه وعلى الرغم من أن معظم الكسوة قد سقط عن الهرم عبر العصور بفعل الزلازل وغير ذلك، فما زالت بقاياها تحيط بأعلى الهرم إلى اليوم شاهدة على الشكل الأصلي للبناء.
مم بنيت الأهرامات؟
من محاجر الحجر الجيري في الجيزة؟
الحجر الجيري Limestone هو نوع من الحجر الصلد الذي تشكل على مدى ملايين السنين من أصل عضوي حين كان الماء يغمر شمال أفريقيا ومصر خلال العصر الجيولوجي المعروف Cenozoic منذ حوالي 66 مليون عام. والحجر الجيري مكون من بللورات كاربونات الكالسيوم التي تعطيه قوة المكونات البحرية الصلبة كالمرجان الذي لا يذوب في الماء إلا على مدى آلاف الملايين من السنين!
وقد أضيفت إلى الحجر الجيري داخل الهرم الأكبر أحجار من الغرانيت المنقولة من محاجره في أسوان والمكونة جيولوجيا من مواد معدنية من سيليكات الألومنيوم والكوارتز غير القابلة للتحلل على مدى ملايين السنين أيضا!
أما الطمي المأخوذ من رواسب الأنهار فهو مكون من مجموعة متنوعة من المواد منها جسيمات الطمي والصلصال الدقيق وجسيمات الرمال والحصى الأكبر قليلا.
وعندما يوقد عليها ثم يتم تجفيفها من الماء والهواء بعدها تتصلب كالفخار على نحو ما نشاهد في منازل الطين في أرياف دول كثيرة وحتى في المسجد الكبير في جينيه Djenné في مالي.
غير أنها لا تتمتع بأي قدرة على الارتفاع كبناء إلى نحو 146 مترا كالهرم الأكبر، أو الديمومة، مقارنة بالأحجار الجيرية، لقوة تأثير الماء وتفاعلات كيميائية أخرى على بنيتها بمضي الزمن.
أما عنصر الزمن بين عصرين فله أهمية فارقة عظمى في موضوعنا هذا!
لقد بنى الفرعون خوفو (من الأسرة الفرعونية الرابعة) الهرم الأكبر في الجيزة منذ 4577 سنة، بينما هلك فرعون موسى عليه السلام (من الأسرة الفرعونية التاسعة عشرة) منذ 3220 سنة، أي أن الفارق بين غرق الفرعون ميرنبتاح وبناء الهرم هو 1357 سنة!
وبسبب هذه المعلومة التاريخية المسجلة يستحيل الربط بينهما بأي شكل على الإطلاق!
يتبع...
ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟!
الحمد لله العليم الخبير، الخالق البارئ المصور، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين.
تأملنا سيرة بني آدم في الأبحاث العلمية الحديثة، فوجدنا أن مائة أو عشرات الآلاف من السنين هو العمر التقديري لتواجد هذا الكائن العجيب على الأرض، كائن خلقه الله، ونفخ فيه الروح، وجعله خليفة في الأرض، علمه الأسماء كلها، وأسجد له الملائكة، ومهما فكرنا وقدرنا فإن حقيقة كون «الأرض لآدم مستقرا ومتاعا إلى حين» هي الحقيقة التي لا نزاع فيها، مستقر محدود، وأجل معدود، {قل هو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون}- الملك: 24).
أنفاس بني آدم محسوبة، لا ينبغي التهاون في استثمارها في الخير، وعمارة الأرض بالنسل الطيب، والذرية الصالحة التي تحمل مشعل الإعمار والاصلاح جيلا بعد جيل. الإنسان الخليفة يخلف بعضه بعضا، هذا فهم الملائكة من خطاب رب العزة لهم: {إني جاعل في الأرض خليفة} وانه سيكون هناك زيادة عددية وإعمار للأرض، ولهذا قالوا: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}، فسفك الدماء يوحي بداهة بأنه سيوجد في الأرض أكثر من فرد واحد، من جنس بشري يتصف بالموت وخلافة الخلف للسلف والأبناء للآباء. والقرآن يؤكد هذه الحقيقة، ويدعو إلى زرع الخير والنبات الطيب في الأرض، فالله تعالى الذي خلق الناس زوجين اثنين، وجعل الأرض لهم مستقرا، هو الأعلم بطبيعتهم وبما يصلح لهم كما قال سبحانه: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}- الملك 14).
من خلال هذا العلم الإلهي الحكيم، ينظر القرآن الكريم إلى الرجل والمرأة نظرة عميقة ومستقرة، بتعبير لطيف رفيق، يصور العلاقة بينهما تصويرا فريدا، كأنه نابع من أعماق القلب وأغوار الحس: {لتسكنوا إليها}، {وجعل بينكم مودة ورحمة}، {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا}، وهذا الوصف الرباني الحكيم يؤسس لقواعد بناء الأسرة السليمة، ويعتبرها: آية عظمى ومنظومة ربانية معجزة: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها}- الروم: 21)، طاهرة الأصل، نقية المنبع، جبلت على الفطرة، لأن الأسرة الآدمية منشؤها الجنة، قال تعالى: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}- البقرة: 35).
أساس استخلاف بني آدم في الأرض، وتجسيد للتكريم الإنساني، قال تعالى: { ولقدكرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}- الاسراء: 70).
الأسرة في الإسلام ثوابتها وقيمها قطعية تخدم مصلحتها واستقرارها مع استمراريتها. كينونة مترابطة، تنسجم مع ناموس ونظام الزوجية في الخلق والكون، قال تعالى: {فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}- الشورى: 11)، فسبحان الذي خلق بعلم، وسبحان الذي قدر كل شيء فأحسن تقديره.
د. بلعيد خرماش
مدير الشؤون التعليمية
المنتدى الدعوي
كيف تكون حياة أهل القرآن؟
{الحمدلله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا}، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين محمد بن عبدالله وعلى آله وأزواجه الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
لقد أكرم الله تعالى هذه الأمة بالقرآن ليكون لهم هداية ورحمة ونورا، وقد وصفه الله تعالى بأنه روح تحيا به القلوب: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا}- الشورى: 52)، وهو الذي يهدي لطريق الحق ويحمل البشارات العظيمة: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما} الإسراء: 9- 10)، كما حث الله تعالى عباده الصالحين على تلاوة القرآن قال الله تعالى: {إن الذين يتلون كتاب الله تعالى وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور- سورة فاطر: 29- 30)، وقد دلنا رب العزة إلى طرق الخيرات والتنافس في الطاعات ومن أعظمها الإقبال على القرآن الكريم تلاوة وحفظا وتدبرا وعملا، وانطلاقا من هذه الرسالة السامية نبين كيف يجعل المسلم والمسلمة هذا القرآن الكريم رسالة في حياتنا:
أن يعمل المسلم جاهدا لتعلم القرآن العزيز وتعليمه وحفظه لينال شرف مكانة أهل القرآن ن عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خيركم أو أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه» رواه الترمذي.
أن يحرص الحرص الشديد على قراءة حزبه اليومي من القرآن الكريم ليظفر بالأجر العظيم والثواب الجزيل، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف» رواه الترمذي. ومن السنة أن يختم القرآن في كل شهر مرة، وإن استطاع ففي كل أسبوع مرة، بل إن استطاع ففي كل ثلاث ليال مرة.
أن يخصص جزءا من وقته في يومه لحفظ الآيات الكريمة من الأجزاء القرآنية، ليرفع منزلته في سلم جنات النعيم السلعة الغالية، عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها» رواه الترمذي.
أن يعيش مع آيات الله تعالى في صلاته وقيام الليل ليذوق حلاوة مناجاة الله تعالى ويسعد بلذة تلاوة كتاب الله أطراف النهار وزلفا من الليل، قال الله تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}- سورة ق: 37)، وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: «لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم»، وقال الحسن البصري في نصيحة غالية: «يا ابن آدم، والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به ليطولن في الدنيا حزنك، ويشتدن في الدنيا خوفك، وليكثرن في الدنيا بكاؤك».
فشمر ولذ بالله واحفظ كتابه
ففيه الهدى حقا وللخير جامع
هو الذخر للملهوف والكنز والرجا
ومنه بلا شك تنال المنافع
به يهتدي من تاه في معمعة الهوى
به يتسلى من دهته الفجائع
أن يردد قارئ القرآن الآيات التي يعقلها أكثر من مرة حتى تتساقط دموعه، ويتغير سلوكه، ويزيد خوفه من الله تعالى، وتقوم أخلاقه، فقد قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة بآية يرددها حتى أصبح وهي:{إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}- سورة المائدة: 118)، وقال القاسم رأيت سعيد بن جبير- رحمه الله تعالى- قام ليلة يصلي يقرأ: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}- سورة البقرة: 281) رددها بضعا وعشرين مرة.
أن يطلع قارئ القرآن على معاني آيات الذكر الحكيم ويتدبر معانيها، ويتأمل خطابها البالغ، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يتجاوزهن حتى يعرف معانيهم»، ونقل عن بعض السلف إنه قال: إذا سمعت المثل في القرآن فلم أفهمه بكيت على نفسي، لأن الله تعالى يقول: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}- سورة العنكبوت: 43).
أن يحمل المتأمل لكتاب الله تعالى أخلاق القرآن وآدابه وتعاليمه في قلبه، فكان السلف الأمة إذا مر أحدهم بآية من ذكر النار ارتعدت فرائصه كأن زفير جهنم بين أذنيه، فهؤلاء هم أهل القرآن وخاصته.
الاستجابة السريعة لكلام الله تعالى وتعاليمه، فلما نزل قول الله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون}- سورة البقرة: 245)، قال أبو الدحداح رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم: أيطلب ربنا من القرض، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: نعم، قال أبو الدحداح رضي الله عنه: إني أقرضت ربي حائطي، وله حائط فيه ستمائة نخلة، استجابة سريعة في تحويل خطاب القرآن إلى سلوك حي وعمل صالح لتعمير صفحات حسناته يوم القيامة.
أن يتدارس المؤمن القرآن مع أصحاب العلم والمعرفة، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن مع جبريل عليه السلام ويتأمل مواعظه، ويسرح فكره في معانيه وكنوزه، وكان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه «يقرأ على أصحابه السورة ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار».
تنظيم الاحتفال لتناول وجبة الغداء والعشاء إذا حفظت جزءا من القرآن ليكون دافعا للاستمرار في حفظ كتاب الله تعالى وتشجيع الآخرين للاجتماع على خير انجاز في حياة المسلم، كما ذكر ابن حزم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مكث في قراءة سورة البقرة سبع سنوات، فلما انتهى ذبح ونحر للصحابة.
أن يحرص المسلم (والمسلمة) على الاستفادة من الاوقات، وأن يبدأ الجد والمثابرة، ويرتب برنامجه لقراءة جزء من القرآن بعد الصلوات الخمسة سواء في المسجد أو في البيت لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله إلى الجنة» رواه الطبراني وصححه الألباني، وأن يحذر من مصاحبة البطالين فارغي العقول والأوقات، وقد أوصى بعض السلف أصحابه فقال: «إذا خرجتم من عندي فتفرقوا لعل أحدكم يقرأ القرآن في طريقه، ومتى تجمعتم تحدثتم».
وينبغي على كل من استرعاه رعيه أن يحثهم على قراءة القرآن ويشجعهم على حفظه ويرصد الجوائز القيمة والعطايا المجزية ليفوز بالأجر العظيم وليكون له مثل أجورهم، فالدال على الخير كفاعله، ولتكن البيوت مثل بيوت سلف هذه الأمة لا تسمع فيها إلا أصوات القرآن والذكر، ولنسهم جميعا بوضع التاج على رؤوس والدينا يوم القيامة، عن معاذ بن أنس الجهني قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قال سبحان الله العظيم نبت له غرس في الجنة، ومن قرأ القرآن فأكمله وعمل بما فيه ألبس والديه يوم القيامة تاجا هو أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيه، فما ظنكم بالذي عمل به» رواه أحمد بسند حسن لغيره، هكذا ينبغي أن تكون رسالة القرآن في نفوسنا وأهلنا وأولادنا حتى تلين قلوبنا، وتستقيم أمورنا، وتصلح أحوالنا، وتستعيد الأمة مكانتها ومجدها بين الأمم، قال الله تعالى: {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب}- سورة الزمر: 17).
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، وسائقنا ودليلنا إلى جناتك جنات النعيم، واشرح به صدورنا ليكون رسالة للعالمين.
النصائح الذهبية لحفظ القرآن الكريم للكبار
يحتاج الإنسان في هذه الدنيا إلى كسب الحسنات ليدخل بها الجنة يوم الحساب، فالدنيا دار عمل والآخرة دار مقر، ومن هذه الطرق قراءة وحفظ القرآن الكريم لكسب الكثير من الحسنات، وذلك كما وعد الله تعالى أن بكل حرف من القرآن الكريم يكسب المسلم عشر حسنات، ويضاعف الله لمن يشاء.
وتختلف قدرات الحفظ عند الناس، وتتفاوت بين كبار السن ومن هم في ريعان الشباب، فالكبار ونظرا لكثرة مشاغلهم، وتعدد مسؤولياتهم لا يمتلكون ذات القدرة التي يمتلكها الشباب، وبما أن العلاقة بالقرآن الكريم علاقة تعبدية خاصة، فإن الرغبة في حفظه لا تقتصر على الشباب دون كبار السن، فثمة طريقة في خطوات ومراحل لحفظ القرآن الكريم عند الكبار ممن تتوفر لديهم الإرادة والعزم على الحفظ بقوة الإيمان.
وقد يستصعب البعض حفظ آيات القرآن الكريم ولا سيما من كبار السن إلا أن الإخلاص في النية أولا، ثم اتباع الخطوات التالية كفيل بإذن الله بتسهيل حفظ القرآن الكريم:
التكرار: وذلك بتكرار الآيات المطلوب حفظها بعد استيعاب معناها بشكل مجمل.
المدارسة الذاتية والجماعية، حيث يقوم بتسميع ما تم حفظه لنفسه غيبا، ويقوم بعد ذلك بتسميعه لشخص آخر يشاركه ذات الاهتمام، لأن التسميع لمن لا تتوفر لديه خطة الحفظ مدعاة للملل والفتور.
البدء بما يسهل حفظه، كقصار الآيات والسور، لأن البدء بقصار الآيات والسور يعزز من الرغبة والهمة لمتابعة الحفظ.
قيام الليل بما يحفظ، فقيام الليل يساعد في تثبيت المحفوظ، وذلك لتعهده الحفظ بالمراجعة والإتقان قبل الشروع في القيام، ليتجنب الخطأ به في الصلاة.
الاستماع الدائم للقرآن الكريم كلما سنحت الفرصة، وهذا يفيد في تثبيت ما تم حفظه، والأفضل الاستماع للحفظ أثناء استراحته وجلوسه، فإنه يعين على الحفظ والتثبيت.
التغني بالقرآن الكريم كلما كانت نفسيته مهيأة لذلك، ويساعد ذلك في تثبيت ما تم حفظه من القرآن الكريم.
اختيار الأوقات المناسبة للحفظ، كأوقات السحر، وأوقات القيام، وما قبل الغروب.
تنظيم الوقت واستثماره جيدا، وهذا خير معين في حفظ القرآن الكريم، حيث يشعر أن كل دقيقة يجب أن ينجز فيها شيئا من الحفظ.
تخيل النص الذي يحفظه وتصور أحداثه، وهذا مفيد في اتجاهين في عملية الحفظ والتثبيت معا.
ينصح أيضا بتوحيد المصحف المختار للحفظ، بأن يكون مصحفا واحدا طيلة فترة الحفظ، لما له من حسن ارتباط وتعلق بالخيال، والصور الذهنية في الحفظ.
كما ينصح أن يكون المصحف مناسبا جدا للقراءة من ناحية حجم الخط وخلفية الكتابة، لأن ذلك مريح للنظر ومشجع على الاستمرار دون ملل.
نسعد باستقبال اقتراحاتكم ومساهماتكم على البريد الالكتروني: [email protected]