سورة عظيمة من اسمها تحمل البشارات لصفات المؤمنين الذين استحقوا بها الفلاح في الدنيا والآخرة، وهي سورة مكية، فيها آيات جامعة لخصال الخير وأسباب الفوز بالفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة تبدأ السورة بجملة فعلية تفيد التحقيق والثبات على تلك الأعمال أمر واقع والفلاح أرقى كلمة في اللغة العربية افتتح بها الله تعالى هذه الصفات للترغيب في التحلي بها اذ ذكر الفلاح بها اولا قبل ان يذكرها ليرغب الانسان في التمسك بها حتى ينال ذلك الجزاء المقدم ألا وهو الفلاح.
فأفادت الاستغراق لهؤلاء المؤمنين الذين قرنوا العقيدة بالعمل فكان سلوكهم نبراسا وعنوانا لايمانهم.
ثمن الفردوس
يخبرنا الله عز وجل في هذه السورة عن ثمن الفردوس وهو ستة أوصاف للمؤمنين الذين آمنوا ايمانا كاملا يقينا وقلبا عملا وفعلا، سكن الايمان في قلوبهم فظهر على حركاتهم وأفعالهم، اولها: الصلاة الخاشعة (الذين هم في صلاتهم خاشعون) والخشوع في الصلاة لا يحصل الا لمن فرغ قلبه لها وهو الخوف من الله عز وجل وهو أمر قلبي تظهر اثاره على أعمال الجوارح، فيحرص على اقامة الصلاة بشروطها واركانها وواجباتها ويحرص على ان يكون حاضر القلب والذهن بين يدي ربه.
الإعراض عن الباطل
(والذين هم عن اللغو معرضون) فيها ثلاثة اقوال في اللغو: الشرك وهو رأس الباطل والثاني: المعاصي والثالث: ترك كل ما فيه فائدة من القول او الفعل فهو لغو فأهل الايمان مهتمون بما يعنيهم وتاركون لما لا يعنيهم منشغلون بالغاية التي خلقوا لها.
تطهير النفس
الصفة الثالثة هي تزكية النفس والمال فإخراج الزكاة مطهرة وأجر وزيادة «ما نقص مال عبد من صدقة» والصدقة تسمى «أوساخ الناس» يجب ان يطهر بها الانسان نفسه وزكاة النفس من الشرك والدنس.
حفظ الفروج عن الحرام
والصفة الرابعة: حفظ الفروج عن الحرام اشارة الى ان هؤلاء تمسكوا بالعفة التامة وامساكهم عن كل ما لم يأذن به الله، (فمن ابتغى وراء ذلك) تحذير من الله للمؤمنين الا ينساقوا وراء الشهـوات دون حسـاب ومن جــاوز فقد بـالغ في العــدوان.
الوفاء بالعهود
والصفة الخامسة: أداء الأمانة والوفاء بالعهود (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) اذا اؤتمنوا لم يخونوا واذا وعدوا اوفوا، والأمانة يدخل فيها كل امانة أوجبها الله على الانسان وهي جميع الأمانات التي هي حق لله والتي هي حق للعباد.
المحافظة على الصلاة
الصفة السادسة: المحافظة على الصلاة (والذين هم على صلواتهم يحافظون) والمحافظة على الصلاة تعني المداومة على اقامتها في وقتها بشروطها واركانها فمدحهم الله بالخشوع في الصلاة وبالمحافظة عليها.
بشارات عظيمة
بعد ان عدد الله الصفات الحميدة جاءت البشارة والجزاء الطيب (فاولئك هم الوارثون) ذكر الله استحقاقهم للفردوس والفردوس اوسط الجنة واعلاها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فاذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فانه اوسط الجنة واعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن» عمل قليل وجائزة عظيمة ورحمة الله واسعة.