إن حرية الرأي والتعبير تشمل أنواعا عدة أهمها: حرية عرض الآراء، حرية نشر الآراء، حرية التماس الآراء والأفكار، حرية تلقي الآراء والأفكار من مصادرها، حرية نقل الآراء والأفكار، حرية اختيار وسيلة التعبير، حرية تداول الآراء، حق النقد البناء، حق الحفاظ على الآراء الخاصة وحرية الدفاع عن الرأي وحرية الحصول على المعلومات وحق الحوار الخاص والعام عبر وسائل البيان.
وهذه الحقوق كلها في إطار من الضوابط الحاكمة ووفق وسائل تعبير عدة. وأنواع الوسائل تختلف وفق الزمان والمكان والأعراف، ولكل زمن وسائله.
ويجدر القول هاهنا إن وسائل إبداء الرأي أو التعبير عن الرأي اجتهادية بلا ريب ـ عندي ـ إذ لا يقبل القول إن وسائل الدعوة توقيفية لا تخرج عما انتهجه النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ الدعوة، وإلا لأدى هذا الفهم إلى الحجر على الدعاة والدعوة من الاستفادة من مستجدات الوسائل العلمية أو وسائل الاتصال الحديثة الرهيبة بالغة التأثير، وفي ذلك تفويت لمصالح شرعية ضرورية وحاجية وتحسينية لا تحصى عدا، كما لا ريب في الوقت ذاته في أن وسائل الدعوة النبوية هي أساس الوسائل وقد شرعت كلها معقولة المعنى يقاس عليها، ويتوسع في نظائرها، ويضاف عليها ما يحقق مقاصدها وغاياتها؛ إذ ليس المقصود من الوسائل ذاتها وإنما اعتبارها فيما تحققه من مقاصد شرعية معتبرة، وكما تكون الوسيلة ضرورية وحاجية وتحسينية تكون كذلك واجبة ومندوبة ومباحة فيمكن اعتبار الوسائل النبوية أجناسا قريبة أو بعيدة لوسائل الدعوة المعاصرة.