احدثت نتيجة الاستفتاء الذي قامت به سويسرا على حظر بناء المساجد ردود فعل رافضة ومستنكرة لهذا الامر، كما رفضت واستنكرت إلصاق صفة الارهاب بالاسلام وهو دين السلام ودين المعايشة مع الآخر، حول هذا القرار نتعرف على تلك الآراء.
يتساءل رئيس جمعية مقومات حقوق الانسان د.عادل الدمخي: لماذا نُطالب بوصفنا عربا ومسلمين باحترام الديموقراطية الغربية في الوقت الذي لا يبالي الغرب ولا يكترث بخصوصيتنا في اتباع احكام الشريعة الاسلامية مع علمهم بالكثير عن تلك الاحكام؟ وحذر الدمخي من ان ما تخشاه سويسرا اليوم قد يتحقق على اراضيها بسبب هذا الحظر غدا.
وطالب كل المنظمات الدولية والاقليمية بالضغط على الحكومة السويسرية لاعادة النظر في هذا القرار تعزيزا للحرية الدينية التي اكد عليها الدستور السويسري وكل مواثيق حقوق الانسان ذات الصلة، وقال ان نتيجة هذا الاستفتاء نزعت ورقة التوت التي سترت لسنوات طويلة عورة الدولة الاكثر حيادية وحرية في العالم.
واضاف: ان قرار الحظر يتعارض مع مادة أصيلة في دستور الاسطورة السويسرية والتي تنص على ان حرية الاعتقاد والفلسفة مكفولة، فكل واحد له الحرية في اعتناق الاديان والعقائد، وان يمارسها، سواء كان وحيدا ام داخل جماعة، وللجميع الحق في الانضمام لأي جماعة دينية وان يتبع التعاليم الدينية، ولا يجوز اكراه احد على الانضمام لجماعة دينية او ممارسة شعيرة دينية او اتباع تعاليم دينية بعينها، مؤكدا ان هذا الحظر غير المسبوق سيكرس مشاعر الكراهية ضد المسلمين في كل انحاء اوروبا.
صورة الإسلام
وطالب د.الدمخي الدول الاسلامية باتخاذ مواقف شجاعة تجاه هذه الانتهاكات الخطيرة لمشاعر ومقدسات المسلمين داخل سويسرا وخارجها، مطالبا منظمة المؤتمر الاسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي بالتحرك العملي وعدم الاكتفاء باصدار التصريحات والبيانات البراقة، فحقوق المسلمين التي تنتهك في شتى جنبات الارض تحتاج في هذه المرحلة للعمل لا الكلام، مشددا على ضرورة التعاون بين الحكومات الاسلامية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الانسان من اجل الدفاع عن حقوق الانسان والحفاظ عليها من الانتهاكات.
هجمة شرسة
قال رئيس قسم العقيدة والدعوة بكلية الشريعة في جامعة الكويت د.بسام الشطي انه يجب احترام الديانات الاخرى واتاحة الفرصة للمسلمين لاقامة شعائرهم الدينية، لاسيما ان سويسرا هي من تدافع عن اقرار حقوق الانسان والتعددية الدينية، مشيرا الى ان القانون الدولي يطالب باحترام ديانات الاقليات، وطالب د.الشطي بأن يكون هناك تحرك ديبلوماسي من خلال سفراء الدول الاسلامية والعربية في سويسرا، وان تتحرك منظمة المؤتمر الاسلامي لمواجهة هذا الامر، وقال: ان على المسلمين في تلك البلدان ان يتحركوا تحركا جديا من خلال تقديم شكاوى في المحاكم السويسرية بهذا الخصوص، واشار الى ان هذا الامر اظهر تحرك اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني ضد الاسلام والمسلمين بعد ان انتشر المد الاسلامي هناك، لافتا الى انه على المسلمين في سويسرا اعادة النظر في نظامهم الدعوي وتعاملهم مع قضاياهم من خلال توحيد جهودهم وصفوفهم لمواجهة هذه الهجمة الشرسة عليهم.
ليست ركناً في الدين
ويشير مدير العلاقات العامة والاعلام باللجنة الاستشارية لتطبيق الشريعة الاسلامية د.عصام الفليج الى ان قرار حظر بناء المآذن في مساجد سويسرا يمثل استكمالا لتراجع الديموقراطية الغربية التي بدأتها فرنسا وغيرها من الدول التي منعت الحجاب في المدارس والوظائف الحكومية.
مشيرا الى ان هذا القرار لم يمثل تأثيرا سلبيا كبيرا لدى المسلمين لان المآذن ليست ركنا في الدين حيث توجد آلاف المساجد في مختلف دول العالم من غير مئذنة او منارة، وكان ظهورها في العهد الاموي، اما الاثارة هنا هي التحول الغريب في المجتمع السويسري الذي لا يملك جيشا لرفضه مبدأ الحرب، ولم ينضم الى الاتحاد الاوروبي لرفضه مبدأ تكتل القوى ضد الضعيف، ولم ينضم كغيره من الاحلاف والمنظمات الفئوية لثبات الدستور السويسري على مبادئ العدالة والانسانية.
وحول كيفية التعامل مع هذا الموقف اكد د.الفليج ان التعامل مع هذا الموقف وغيره من مواقف الاعتداء على الاسلام يكون بحكمة وضبط للنفس سواء على مستوى الشعوب او المراكز الاسلامية والسياسية والاقتصادية او على الحكومات ومن ذلك ان تقوم جامعة الازهر بتقديم منح دراسية للمسلمين الغربيين ليستطيعوا المشاركة في قيادة العمل الاسلامي في دولهم وفق ثقافة غربية وفكر اسلامي، كما يجب ان يحول العمل الاعلامي لقضايا المسلمين عموما والقضية الفلسطينية خصوصا من الاعلام المحلي والعربي الى الاعلام الغربي الذي قد يمتلك معظمه او يوجهه على الاقل اليهود، وهذا باب كبير ومفتوح يحتاج من يدخله برفق وعقل، اما الدين فلا خوف عليه فله رب يحميه، وما نحن الا أدوات نسخرها للدين او الدنيا او المال او غيره ولله غالب على أمره.
عز المسلمين
ويؤكد الداعية نبيل العوضي ان منع المآذن في سويسرا يعتبر نوعا من اهانة المسلمين سواء الذين يعيشون فيها او في غيرها، فهذه الدولة تعلم ان مساجد المسلمين في هذا الزمن تميزها هذه المآذن بعد ان منعت من رفع صوت الاذان منها، وهي بهذا القرار لابد ان تتوقع ردة فعل مناسبة من جميع المسلمين في العالم الا اذا كان المسلمون لا تؤثر الجراح بهم ولا يهمهم امر دينهم.
لا للتخريب
وقال الداعية العوضي انا لا ادعو الى احراق علم السويسريين او الاعتداء على سفاراتهم او السب والشتم فهذا لن يؤثر في شعوب اوروبا التي بدأت تشتاق لحروبها الصليبية ضد الاسلام والمسلمين ولكني ادعو لعقد مؤتمرات لتنظيم عمل حقيقي ضد الكراهية المتنامية ضد المسلمين في اوروبا، فقوانين منع الحجاب ومنع توظيف المحجبات في بعض الأماكن وأجهزة الإعلام المسخرة لتأجيج الشعوب ضد المسلمين وتجفيف منابع المشاريع الإسلامية وغيرها من الدلائل التي استفحلت في الشعوب الأوروبية وحكوماتها، نريد وقفة جماعية من الدول الإسلامية وإن كان حكام المسلمين اكثرهم لن يبالي بما يصيب الاسلام والمسلمين، فإن علماء المسلمين الصادقين هم ولاة الأمر لهذه الامة وإذا اجتمعوا على كلمة واحدة، فإن الشعوب ستكون وراءهم وليوقفوا بداية «مسرحية» حوار الأديان فإن فصولها باتت سامجة وليفكروا جديا في الخطوات العلمية لإرجاع المسلمين إلى عزهم.
وأكد أن العلماء هم ورثة الانبياء والامة تنتظر منهم الكثير، فإذا اجتمعوا على كلمة واحدة فالأمة معهم يجب قبل اجتماعهم أن تجهز لهم الدراسات الحديثة الدقيقة عن مظاهر العداء المتنامي في الغرب ضد المسلمين ودراسات عن أسباب هذا العداء ومدى تأثير أجهزة الإعلام فيه.
«الإيسيسكو» تدعو إلى سحب الأرصدة من بنوك سويسرا
دعا مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «ايسيسكو» د.عبدالعزيز التويجري دول العالم الإسلامي إلى مقاطعة سويسرا تجاريا وسياحيا، كما دعا التويجري في بيان صحافي إلى سحب الأرصدة المالية من المصارف السويسرية ردا على نتائج الاستفتاء الذي قضى بحظر بناء المآذن هناك. وأكد أن هذا الحظر يتعارض كليا مع القانون الدولي، ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع الاتفاقية الدولية للتنوع الثقافي، ومع المبادرة الدولية لتحالف الحضارات، واعتبر التويجري ان هذا المنع يتعارض أيضا مع جهد المجتمع الدولي في مجال تعزيز الحوار بين الاديان والثقافات والتعايش السلمي بين الشعوب، وشدد على أن العالم الإسلامي مدعو إلى التحرك الإيجابي للرد على الاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في سويسرا بالأسلوب المتحضر الملتزم بالقوانين الدولية والذي يتمثل في المقاطعة المالية والتجارية والسياحية.