- الكـــــوس: المواريث من الثوابت الإسلامـيـة التـي لا يجـوز الاجتهاد فيهـا أو تعديلهـا
- الحجي: القـرآن الكريم لـم يفضّـل الذكر على الأنثى بل التفضيل مبنياً على قواعد قرآنية
- الطبطـبائــي: لا امتيـاز للـرجــل علـى المـرأة في الميراث بـل هي أخـف عبئاً منـه
تعددت الاتهامات والشبهات في الآونة الأخيرة حول نظام المواريث الإسلامي، وانطلقت دعوات صريحة تطالب بالمساواة بين الرجال والنساء في الميراث، فهل يمكن ذلك؟ ولماذا يأخذ الرجل ضعف نصيب المرأة من الميراث، وهي حالة كونها بنتا ومعها أبناء ذكور، أو اختا ومعها أخوة ذكور؟ فهل ظلم الإسلام المرأة في الميراث كما يدعي البعض؟
حول حكمة الشرع في أن ينال الذكر مثل حظ الأنثيين يقول العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.محمد الطبطبائي: لقد قابل الإسلام هذا الأمر بما يعادله في حق الرجل، فقد ألزم الشرع الرجل بالإنفاق على المرأة في كل طور من أطوار حياتها، فالبنت في مسؤولية أبيها أو أخيها أو من يقوم مقامها، والزوجة نفقتها على زوجها ولا نفقة عليها وقد قرر الله تعالى ذلك بقوله: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) النساء:24.
وفي بعض الحالات قد يفوق ميراث المرأة ميراث الرجل بحسب القرابة، فليس الأمر دائما أن يكون ميراثها نصف ميراث الرجل، وبالتالي ان الرجل عليه أعباء مالية ليست على المرأة مطلقا، منها ان يدفع المهر وهو مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده وهو مكلف ايضا بجانب النفقة على الأهل بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقته، حيث يقوم بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءا منه أو امتدادا له أو عاصبا من عصبته.
وأشار الى اننا إذا ما قارنا بين أعباء كل من الزوجين تظهر الموازنة بأن المرأة أسعد حظا وأخف عبئا من الرجل إذن فلا امتياز للرجل إذ هو مطالب بكل شيء والمرأة غير مطالبة بشيء.
وزاد، فالإسلام يلزم الرجل بالإنفاق على المرأة زوجة، وكذلك يلزمه بالإنفاق على البنت والأم والأخت عند حاجتهن ولا يلزم الزوجة بالإنفاق على نفسها أو أسرتها ولو كانت غنية، فجميع ما تملكه من أموال لها وحدها وهي غير مكلفة أو ملزمة بالإنفاق على أحد إلا في حدود ضيقة جدا، والرجل وحده مكلف وملزم بالإنفاق على بيته وتتسع دائرة إنفاقه على أقاربه بشرط يساره وحاجتهم الى المساعدة.
لا تفضيل بين الذكر والأنثى
ويؤكد الخبير بالموسوعة الفقهية د.أحمد الحجي انه ليس قاعدة عامة في توزيع الإرث مبدأ تفضيل الذكور على الإناث من الورثة، ولكن نظام الإرث يسوي بين الذكر والإناث من الورثة أحيانا، ويفاضل بينهما أحيانا أخرى، فيكون للذكر أكثر ما للأنثى، أو للأنثى أكثر ما للذكر، وربما حجب الذكر وورث الأنثى، أو ورث الذكر وحجب الأنثى، وذلك كله بناء على قواعد ومبادئ ومصالح وضعها القرآن لذلك، ولكل ذلك أمثلة في القرآن الكريم وذكر د.الحجي الآيات الدالة على ذلك في قوله تعالى: (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد)، حيث سوى القرآن هنا بين الأم والأب في الإرث، ومنه قوله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس) حيث سوى هنا ايضا بين الأخ والأخت.
وفي قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) جعل للابن ضعف ما للبنت، ومنه قوله تعالى في ميراث البنات لا ابن معهن (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف) ومن هنا نستطيع ان نتبين ان القرآن الكريم لم يفضل الذكر على الأنثى في الإرث بشكل مطلق ولكنه فضل الذكر أحيانا، وفضل الأنثى أحيانا، وسوى بينهما في الإرث أحيانا.
الميراث فريضة
ويؤكد الداعية أحمد الكوس ان الأصل في الميراث هو قول الله سبحانه وتعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا).
وقال الكوس: إن الله تعالى قد شرع المواريث وحدد نصيب كل وارث في كتابه الأزلي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالميراث فريضة من الله كما قال تعالى، وهذا تأكيد للعدالة والمساواة الإلهية.
وأكد أن قضية المواريث من الثوابت الإسلامية التي لا يجوز الاجتهاد فيها أو تعديلها في أمر قرره الله تعالى ورسوله، فالشريعة الإسلامية شريعة كل العصور، وان الحكمة التي تقرر إعطاء الرجل ضعف المرأة على أساسها باقية حتى تقوم الساعة.
لا يجوز التحايل
وحول حرمان الإناث من الميراث أكد الداعية الكوس انه لا يجوز
لأحد من الناس أن يحرم المرأة من ميراثها لأن الله تعالى أوجب لها الميراث في قوله (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له اخوة فلأمه السدس)، وقال في آخر السورة (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم).
فالواجب على جميع المسلمين العمل بشرع الله في المواريث وغيرها والحذر مما يخالف ذلك والإنكار على من أنكر شرع الله أو تحايل في مخالفته في حرمان النساء من الميراث أو غير ذلك مما يخالف الشرع المطهر وهؤلاء الذين يحرمون النساء من الميراث أو يتحايلون في ذلك مع كونهم خالفوا الشرع المطهر وخالفوا إجماع علماء المسلمين قد تأسوا بأعمال الجاهلين من الكفار في حرمان المرأة من الميراث.
أما ما يجب اجرائه في حالة حرمان المرأة من الميراث فقال الكوس هو رفع ذلك إلى ولاة الأمر حتى يعاقب من يقوم بذلك بما يستحق عن طريق المحاكم والقانون.