-
الشـطــي: الاعتقـاد بـه كفر ومتى كان اللعـب بالديـن مـــن بـاب التسليـة؟!
-
الشـــويت: ضعــف العقـل فـي مـواجهــة مشاكلـه يوقعـه فــي الأوهــام
-
الشهـــاب: بعـض النســاء يلـهــثــن وراء التخاريف ويصدقن هـذه الخزعبلات
-
العدوانــي: الانسـيــاق وراء مروجي الخرافـات في وسائل الإعلام من أهم الأسباب
رغبة الإنسان في الاستكثار من الخير، وهتك المستور عما لا تراه العين، وتطلعه الى الغد.. كل هذا يجعله يرضى ولو بجزء بسيط مما يتراءى له أنه غيب، والرغبة في الاطلاع على الغيب.
والمرأة دائما يغريها الفضول ومعرفة ما خفي عنها خاصة إذا كان مرتبطا بحياتها المستقبلية، ونجد الكثيرات ممن اتخذنها هواية لتضييع الوقت وهن من ربات البيوت والمثقفات وطالبات الجامعة. حول هذا الموضوع كان هذا التحقيق للتعرف على أسرار الفنجان يؤكد. د.بسام الشطي أن قراءة الفنجان نوع من التنجيم ويعد مدخلا إلى الوثنية في العقيدة، وقد حذر الاسلام منه وتعددت احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم».
كفر
ولكن هناك البعض يفعل ذلك من باب التسلية وتقضية الوقت فيجيب د.الشطي متسائلا: متى كان اللعب بالدين من باب التسلية؟ ان هذا كفر. فالحكم الشرعي في اتيان أهل العرافة والكهانة حرام، فالاسلام منذ يومه الأول حارب الخرافة والكهانة والشعوذة. واكد الشطي ان الانسان اذا فقد العقيدة السليمة الصافية تعلق بأوهام، وإذا لم يجد العلماء الذين هم على وعي كامل بدينهم ارتمى في أحضان الجهلة من الوعاظ غير المؤهلين والدجالين والمشعوذين ليبحث عن الراحة كما يتخيل خاصة لمن فقد الأمل والطمأنينة واشتد خوفه على مستقبله، مما ساعد على تكاثر هؤلاء المرضى والمصابين في أنفسهم وعقولهم وأرواحهم ممن فقدوا الإيمان نتيجة للمادة الطاغية والانانية المفرطة والتفكك الاسري والاجتماعي والبعد عن الدين (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) الأنعام: 59.
وقال تعالى: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) وقوله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) أي أن الله تعالى قد يطلع رسله على بعض المغيبات لتكون من علامات النبوة ومع ذلك فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن علم الغيب لا يعلمه الا الله.
القلق النفسي
وعن الاسباب النفسية التي تدفع البعض لقراءة الفنجان يقول د.صالح الشويت، نجد ان الفنجان هو اهتمام نسائي ونسبة الرجال بسيطة جدا ممن يهتمون به، وعن سبب اهتمام النساء بهذا النوع من التبصير الوقت المتوافر للنساء غير العاملات والبحث عن طرق لهدر هذا الوقت والبحث عن اساليب التسلية ويعود ذلك لطبيعة حياة المرأة في مجتمعاتنا التقليدية التي تؤثر في نمط تفكيرها وشكل الثقافة الانثوية وتجعلهن أكثر عاطفية وتأثرا بالاخطار اللاعقلانية. فتبحث المرأة عن مصادر لدعم الشعور بالامن النفسي فتلجأ لهذا الأسلوب.
وأشار د.الشويت الى ان انتشار مهنة العرافة خاصة قراءة الفنجان والكف وضرب الودع تعود لمعرفة الانسان بها من قديم الازل ولها مدلول تاريخي حيث كان هناك شخص يدعى خرافة يختفي لفترة عن الناس ثم يطل عليهم وعندما يسألونه عن سر غيابه يحكي لهم حكايات من المجهول وكان الناس يسمعون حكاياته للتسلية وللدعاية وللسخرية، ومات الرجل ليصبح كل ما يتعارض مع حياتنا ومفاهيمنا يعرف على أنه خرافات نسبة إلى خرافة.
ويرى د.الشويت ان خطورة هذه المعتقدات تكمن في الارتماء في احضانها مما تعوق تقدم البشرية، فهناك بعض الناس تفسر كل سلوكياتها على الخرافة والحظ وقراءة الفنجان والكف.
واوضح ان هناك امورا يجب عدم البحث فيها مثل الله، الخلود، الموت، والحياة وغيرها من المسلمات بينما هناك اشياء يجب على الانسان البحث في اسبابها مثل طلاق احدى السيدات فلابد من البحث عن الاسباب التي أدت إلى طلاقها وهنا العلم يبحث عن 80% فقط من الاسباب والباقي يجهله فيرجعه لارادة الله تعالى ويعرف بذلك في صورة امثال شعبية تؤكد عجز العقل البشري عن تفسير ما يحدث في حياته، ويرجع د.الشويت اسباب الظاهرة الى انعكاس حالة القلق والتعرض لضغوط كثيرة وضعف العقل البشري في تفسير اسباب مشاكله ومواجهتها فيهرب من مشاكله الى البحث في الاوهام واستشعار الخطر الذي يتوقعه.
ضعف الوازع الديني
استاذ علم الاجتماع د.علي جاسم الشهاب يؤكد ان هناك دوافع كثيرة للمرأة التي تعتقد في قراءة الكف او الفنجان ويرجع ذلك إلى ضعف الوازع الديني لديها لتذهب لمعرفة المستقبل الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فإن كان الجانب الديني لديها قويا ما كانت لتذهب او لتفعل ذلك، وربما ذلك راجع الى المتغيرات الكثيرة في عصرنا الحاضر بأن يريد الشخص ان يحصل على اشياء ويقتنص اي فرصة ممكنة ليعرف المستقبل بصورة سريعة فيطمح الى ان يتعرف على مستقبله وماذا سيحدث له في الغد ليستعد له، وماذا سيلاقي وهذا شيء نفسي مخالف للحالة الاجتماعية المفروضة خاصة النساء، وكانوا في السابق يسمونه الفأل، وللأسف الآن نجد المرأة تلهث وراء تلك التخاريف، ولقد رأيت في فترة الصيف نشرات توزع فيها اسماء قارئات الفنجان، والكف في مناطق التجمعات الخليجية في لندن، ورأيت سيدات في الشارع هناك يحاولن معرفة ما في الكف والطالع.
الرغبة في الزواج
واضاف د.الشهاب، ان بعض النساء اللاتي لم يتزوجن أو من هي تزوجت وخائفة أن يحب زوجها اخرى يلجأن لهذا الاسلوب وتذهب لمن ترى لها الفنجان، وبتخمين من قارئة الفنجان بمعرفة حال المرأة فتقول اشياء تصدف أن تكون صحيحة وتكون قارئة الكف تعلم أن التي أمامها غير متزوجة فتقول لها ستتزوجين قريبا وكلها تخمينات عامة، وعندما يحدث وتتزوج تقول ان ما قالته المرأة لي صحيح، ولكنها اشياء ممكن ان تحدث، أو تقول لها سيزوركم قريب من بعيد، ويحدث، وايضا هذا شيء طبيعي ولكن الحالة النفسية للمرأة وأملها في التعلق بأي شيء مع قلة الوازع الديني لديها يجعلانها تصدق مثل هذه الخزعبلات.
واشار د.الشهاب الى ان هناك العديد من المكاتب الاجتماعية تعالج مشاكل المرأة في الكويت منها مكتب الانماء الاجتماعي في الديوان الاميري وهو أحد المراكز المهتمة بذلك.
وطالب بنشر الوعي الاجتماعي وبدلا من ان تلجأ المرأة الى قراءة الكف والفنجان لتبحث عن حل، أرى أن تذهب لاختصاصي نفسي أو اجتماعي ليحل لها المشكلة، وعند خوف المرأة من أن يتركها زوجها تلجأ إلى قارئة الفنجان لمعرفة ما سيحدث في حين أن المفروض ان تبحث عن الحل من نفسها وفيها، وقد يكون العيب من الزوجة نفسها فلابد من عرضها على اختصاصي لكي يتعرف على السلبيات والايجابيات، فقد يكون هناك تقصير من الزوجة نفسها، وتكون هي السبب الرئيسي بدلا من الذهاب لقارئة الفنجان، والكف، فالمفروض معرفة الواقع ومعرفة الحلول ومعرفة السلبيات.
مفاهيم خاطئة
ويقول الباحث الاسلامي سامي العدواني، النصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تحذر من التنبؤ وتحرم الذهاب الى المشعوذين كما تحرم التطير والتشاؤم طلبا لمعرفة امور المستقبل وما كان من عادات الجاهلية من ضرب الاقداح، فالإسلام حرم التنبؤ بالكف والفنجان والحظ والابراج بأحاديث عدة لان الاسلام احترم العقل ونبذ الخرافة وحاربها.
ويوضح العدوان ان من اهم اسباب تلك الظاهرة هو الاعلام المروج لهذه الخرافات مع وجود الهزائم النفسية لدى البعض وقلة الوازع الديني لديهم والانسياق وراء مروجي الخرافات.
وحذر العدواني من الذين يزعمون علمهم بالغيب على الفضائيات ويتلبسون بلباس الدين في تفسير الاحلام والرؤى اضافة إلى ادعاء قراءة الكف والفنجان، والحل يكمن في النظرة الإيمانية للحياة والرضا بالقضاء والقدر، مؤكدا ان صاحب الايمان الراسخ يعلم ان المستقبل بيد الله عز وجل فهو الذي يمنح الطمأنينة والراحة والعزم على العمل والارتياح. وشدد على عدم جواز سعي الانسان وراء مزاعم معرفة الغيبيات لان ذلك حجة علينا وليست لنا كما انه من انواع الشرك الذي يخرج عن دائرة الاسلام.