وضع الخبير الاسري د.محمد رشيد العويد روشتة للسعادة الزوجية في وصفة من عشر نصائح سماها «المبادئ العشرة في حسن العشرة» ثم زادها تفصيلا فجعلها في ثلاثين وصفة ثم جعلها في خمسين ذهبية، وفي حواره لـ «الإيمان» اختصر هذه الوصفات الى خمس ذهبيات وتحدث عن سبب المشاكل الزوجية وطرق حلها واثر الكلمة الطيبة بين الزوجين وغيرها مما يهم كل زوج وزوجة.. والى نص الحوار:
ما الاسباب التي تؤدي الى المشاكل الزوجية في بداية الزواج؟
اغلب المشاكل التي تعصف بالحياة الزوجية ناجمة عن التصورات الخيالية عن الحياة الزوجية، اذ ان البعض يحلم بأن المستقبل سيكون جنة وارفة الظلال، ولكن بعد ان يلج دنياه الجديدة اذا به يبحث عن تلك الجنة فلا يعثر عليها بنفس التصور في خضم المسؤوليات الملقاة على عاتقه فيلقي باللوم على زوجه محملا اياه مسؤولية ذلك ويبدأ بذلك النزاع المرير الذي يفقد الحياة الزوجية طعمها ومعناها.
الاخفاق في الزواج
ما مدى تغلغل تلك الظاهرة في مجتمعاتنا الاسرية وكيف يمكن التعامل معها وتجنبها؟
بناء التصورات الحالمة قبل الزواج امر منتشر في العالم كله، وهو احد العوامل المهمة في زعزعة استقرار الحياة الزوجية بعد ذلك، حتى صار علماء الاجتماع ودارسو الحياة الزوجية يحذرون منه بعد ان ادركوا عبر البحث والدراسة انه سبب رئيسي في اسباب ارتفاع نسب الطلاق.
وقد اجريت احدى الدراسات في جامعة اميركية اكدت ان العشق قبل الزواج يؤدي في الاغلب الى اخفاق هذا الزواج، ويقول: د.صول غوردون احد معدي الدراسة: يأتي الزواج ليهدم تصوراتك المسبقة كلها بعد ان تكتشف ان هناك عوالم اخرى لابد ان تنتبه الى وجودها، ليس عوالم البشر فقط، بل عوالم المفاهيم والقيم والعادات التي لم تكن لتنتبه الى وجودها قبل الزواج فالخاطبان يتصوران ان الحياة الزوجية كلها سعادة ومباهج وكلمات شاعرية فهما يعيشان في ابراج عاجية لا يريان من خلالها الحياة على حقيقتها لأن العاطفة تصر على ألا ترى الاشياء بألوانها وبأحجامها الحقيقية.
إحباطات
وكيف يتجنب الزوجان هذه الاحباطات؟
ينبغي على اهل الشاب واهل الفتاة ان يشرحوا لهما كيف ان الحياة الزوجية اعباء ومسؤوليات ايضا، وان للطرف الآخر حقوقا يجب ان يؤديها له، وان الخلافات الزوجية امر طبيعي ومتوقع وحدوثها لا يعني انه لم يحسن الاختيار او ان الزواج اخفق، ولتجنبها كذلك يحسن ان ينتظم الخطيبان في دورات تؤهلما للحياة الزوجية وتشرح لهما طبيعتها ووسائل نجاحها.
روشتة علاجية
تتعرض الحياة الزوجية الى الاضطرابات فهل يمكنكم وصف روشتة للسعادة الزوجية؟
هذه الوصفة جعلتها في 10 نصائح سميتها «المبادئ العشرة في حسن العشرة» ثم زدتها تفصيلا فجعلتها في ثلاثين سميتها «الثلاثين الذهبية في السعادة الزوجية» ثم جعلتها في خمسين ذهبية، ولكن اختصرت الخمسين الى خمس ذهبيات وهي الكلمة الطيبة التي يسمعها الزوج لزوجته والزوجة لزوجها، فهي تفعل الكثير في النفس وان يرى كل زوج ان احسانه الى صاحبه سبب في دخوله الجنة، وان يفهم الرجل طبيعة المرأة وانها تختلف عن طبيعة الرجل، اما الذهبيتان الرابعة والخامسة فهما ان يحذر الزوجان تدخل الآخرين في حياتهما الخاصة وان يعلما ان هناك شياطين الانس يسعون الى افساد علاقتهما الزوجية والذهبية الاخيرة هي الصلة بين الزوجين ليست بين اي شخصين آخرين ومن ثم فليس لأحدهما ان يجد غضاضة في موافقة الآخر واحتماله والصبر عليه.
مشكلة الطلاق
كيف يبعد الزوجان شبح الطلاق عن بيتهما؟
اوجزها في عدة نصائح ألا ينبشا الماضي والا يترددا في الاعتذار وعلى الزوج ان يزيد حلمه في ايام حيض زوجته ويكفي ان نعلم ان الاحصاءات العالمية تذكر ان 90% من حالات الطلاق تقع في هذه الايام القليلة، والا تبخلا بإطلاق كلمات الشكر والامتنان والثناء والرضا وغيرها من الكلمات الطيبة التي تفعل مع الزوجين فعل السحر، كما أن عليها اغلاق النقاش وانهاء الجدال اذا شعرا ان خلافهما سيتطور الى نزاع، كما أن عليهما المحافظة على الدعاء بقولهما: اللهم اصلحني لها (له) واصلحها (اصلحه) لي واصلح ما بيننا، وان يعملا على ألا يتجاوز الخلاف اسوار البيت.
الزوجة النكدية
كيف يتعامل الزوج مع المرأة النكدية؟
الزوجة النكدية بلاء لابد من الصبر عليه لمن اراد ان يكسب اجرا عظيما من الله تعالى، واحب ان انقل ما اورده القرطبي رحمه الله في تفسيره «الجامع لاحكام القرآن» عن الشيخ ابي محمد بن ابي زيد الذي كان من العلم والدين في المنزلة والمعرفة، وكانت له زوجة سيئة العشرة، وكانت تقصر في حقوقه وتؤذيه بلسانها، فيقال له في امرها هذا ويعذل بالصبر عليها فكان يقول: انا رجل قد اكمل الله علي النعمة في صحة بدني ومعرفتي وما ملكت يميني فلعلها عقوبة على ذنبي فأخاف ان فارقتها ان تنزل بي عقوبة اشد منها، ويعلق القرطبي على هذا فيقول: قال علماؤنا في هذا دليل على كراهه الطلاق مع الاباحة وعليه فإن اول ما انصح به الازواج في التعامل مع الزوجة النكدية هو الصبر عليها ويعين على هذا الصبر استحضار الزوج ما له من اجر على احتماله لها وان الدنيا ماضية قصيرة وان رعايتها اولادها تغفر لها وان مثيلاتها من النساء كثيرات.
ومما يخفف من معاناة الزوج المبتلى بهذه الزوجة الابتعاد عن مجادلتها ومناقشتها حين تبدأ ممارسة نكدها على زوجها وذلك باشغال نفسه بذكر الله، ولا بأس من الانسحاب من امامها ولو اضطر الى الخروج من البيت وليس في هذا ضعف ويعينه على هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم «يغلبن الكرام».
مسؤولية الزوج
هناك بعض الازواج يقضون معظم وقتهم مع اصدقائه خارج المنزل مما يضر الزوجة والاولاد، فما تعليقكم؟
ينبغي على الرجل ان يعلم ان قوامته على زوجته تسقط اذا لم يحقق لها امرين اساسيين، الانفاق عليها وعلى اولادها وحمايتها وتوفير الامن لها، يقول القرطبي في تفسيره «الجامع لاحكام القرآن» في قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء)، اي يقومون بالنفقة عليهن والدفاع عنهن ثم يقول فهم العلماء من قوله تعالى (وبما انفقوا من اموالهم) انه متى عجز «يعني الزوج» عن نفقتها لم يكن قواما عليها، واذا لم يكن قواما عليها كان لها فسخ العقد لزوال المقصود الذي شرع لاجله النكاح وفيه دلالة واضحة من هذا الوجه على ثبوت فسخ النكاح عند الاعسار بالنفقة والكسوة، ويشرح الرازي القوامة فيقول: القوام اسم لمن يكون مبالغا في القيام بالامر، يقال: هذا قيم المرأة وقوامها للذي يقوم بأمرها ويهتم بحفظها وهذا وغيره كثير ويؤكد القيمة العظيمة لما تقوم به المرأة في بيتها ومن ثم يجعل الزوج مقدرا لها ولا يبخس عملها.
تحقير عمل المرأة
هناك من يستخف بعمل المرأة وعدم تقدير مهامها الزوجية ادنى تقدير، فما تعليقكم؟
الانسان عدو ما يجهل، وكثير من الازواج يجهلون قيمة ما تقوم بزوجاتهن من عمل، فاذا نجحنا في تبصيرهم بهذه القيمة العظيمة لعمل المرأة في بيتها فإننا ننجح في جعلهم مقدرين لها شاكرين ما تقوم به، ولهذا اقول لهؤلاء الازواج ان تتأملوا ما جاء في تقرير للامم المتحدة: لو ان نساء العالم تلقين اجورا نظير القيام بالاعمال المنزلية لبلغ ذلك نصف الدخل القومي لكل بلد، ولو قامت الزوجات بالاضراب عن القيام بالاعمال المنزلية لعمت الفوضى العالم، سيسير الاطفال حفاة عراة في الشوارع دون رعاية ويرقد الرضع في اسرتهم جياعا تحت وطأة البرد ولن يكون هناك طعام للاكل ولا ماء للشرب، وجاء ايضا: ما تقوم به الام في تربية للابناء وما تمنحهم اياه من عطف وحب وحنان لا يمكن ان يقوم به اكثر الرجال وهو عمل عظيم يساوي الكثير وان السكن المادي والنفسي الذي توفره المرأة لزوجها شأنه كبير وعظيم وتشرح اهميته ودوره كلمة قالها شقيق البلخي لامرأته: «لو ان اهل بلخ كلهم كانوا معي وكنت انت ضدي ما استطعت ان اقيم امر ديني»، وعليه فإن هروب الرجل من مسؤولياته المادية والمعنوية يسقط قوامته على زوجته لأنه يحرمها الامن المادي والامن النفسي والذي تحتاجها المرأة لتقوم بواجباتها وبأداء رسالتها.