هيثم السويط
في تاريخ 10/10/1920 انطلق الفارس مرشد بن طوالة الشمري مخترقا الحصار الذي ضرب على القصر الأحمر في طريقه الى مدينة الكويت طلبا للنجدة، ومن ذلك التاريخ يبدأ كتاب «مرشد بن طوالة الشمري» الذي أصدره حفيده حامد محمد بن طوالة في طبعة فاخرة ويضم الكتاب بين دفتيه تأصيلا تاريخيا لأشهر معركة في تاريخ البلاد.
وضم الكتاب الذي جاء في 143 صفحة من القطع المتوسط معلومات تاريخية تنشر للمرة الأولى عن معركة الجهراء وعن المرحوم مرشد بن طوالة.
وكتب نبذة الكتاب الزميل عبدالسلام مقبول الذي تصدى ايضا لرسم غلافه الذي جمع بين البورتريه ولحظة انطلاقة مرشد بن طوالة الى مدينة الكويت، وفي نبذة الكتاب يكتب الزميل مقبول عن مرشد بن طوالة: «كنت أشاهده، رحمه الله، أيام طفولة، وهو شخص لا يشبه الا مرشد بن طوالة نفسه»، ويمضي: «كنت أعاتب أولاده وأحفاده بألا يبخسوا حق هذا الرجل الكبير ويتركوا أمره وتاريخه للمجتهدين الآخرين».
وقد تبنى رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية د.عبدالله يوسف الغنيم طباعة هذا الكتاب وتشجيع مؤلفه ليظهر الى النور وينضم الى مجموعة الكتب التي تؤرخ لمراحل مهمة من تاريخ البلد.
18 عاماً من المعايشة
وفي مقدمته للكتاب قال المؤلف حامد الشمري ان تأليف هذا الكتاب عن بطل كويتي من الابطال المعدودين ربما جاء متأخرا سنوات عديدة رغم اهميته الكبيرة للاجيال المتتابعة من ابناء الوطن، وان ظلت الفكرة في اعداده تراودني دائما وتلح علي الحاحا كبيرا، الى ان عقدت العزم على اعداد الكتاب عن هذا البطل الكويتي العظيم وتسجيل ما قام به حبا لوطنه الكويت واستهانة بالتضحية في سبيله.
واضاف: لقد عايشت جدّي البطل مرشد الشمري نحو 18 عاما كنت فيها اكثر المقربين اليه، وكنت ملازما له في ذهابه ومجيئه، فقد كان في هذه المرحلة من عمره يعتمد علي في كثير من الامور، وكنت اقود سيارته وارافقه الى كل مكان يذهب اليه، ويقودني حديث الذكريات الخاصة عنه الى الاشارة الى انه رحمه الله كان يسكن في منطقة المقوع، وكان اميرا لها، وله اربعة اولاد، والدي محمد واعمامي عبدالله وعلي ويوسف يعيشون معه هم وزوجاتهم واولادهم في هذا البيت وكنت انا احد هؤلاء الاحفاد. وقال المؤلف: كان جدّي رحمه الله يتصف بصفات عظيمة غير صفة الشجاعة والاستعداد للتضحية من اجل الوطن، في طليعتها التمسك بالدين والحرص على التحلي بأخلاقه الحميدة من صدق وامانة وقناعة وحسن التعامل مع الناس واعطاء كل ذي حق حقه، وكان رحمه الله يقف في وسط بيتنا الكبير عند اذان الفجر وينادي بأعلى صوته اهل البيت ليقوموا للصلاة وليتعوذوا من ابليس، وكان ينادينا بالاسم حتى نجيبه، الاولاد والاحفاد، وهو يردد «لا إله إلا الله اصبحنا واصبح الملك لله».
وزاد: وفي يوم من الايام قال لي «سوف نذهب الى الشيخ عبدالله السالم الصباح» أمير البلاد في ذلك الوقت، ودخلت معه عند امير الكويت الشيخ عبدالله السالم (رحمه الله) في قصر السيف، فرحب به الشيخ واجلسه بجواره، وسأله: من هذا الولد الذي معك؟
قال جدي مرشد: انه دريولي، انه حفيدي وصديقي.
وحدث ان اوصلته مرة الى رئاسة الاركان عند الشيخ صالح المحمد الجراح الصباح، ودخلت معه، فسأله الشيخ صالح السؤال نفسه وكانت اجابته نفسها، فقال له الشيخ صالح: اذن فسوف يدخل في الجيش الكويتي الآن وسيأخذ رتبة ضابط، فأجابه جدي: يا طويل العمر انه دريولي ومرافقي الخاص لان كل اولادي مشغولون بوظائفهم ولا يوجد من اعتمد عليه غير حفيدي حامد هذا.
وقد توقفت عن التعليم من اجل مصاحبة جدي مرشد بن طوالة في الذهاب والمجيء.
واكمل حامد الشمري قائلا: كنت احضر مجالسه وكان رحمه الله يسأل دائما عن المعارك التي خاضها فيحكى عن هذه المعارك، وكان يمتدح دائما الشيخ سالم المبارك والشيخ احمد الجابر الصباح رحمهما الله.
وفي الختام يؤكد ان الكتاب يتضمن متسعا لذكر المزيد من التفصيلات عن حياة هذا البطل التي نأمل ان يتأسى بها ابناء الكويت جيلا بعد جيل في حبهم للكويت والتضحية من اجلها..
معركة الجهراء.. وروايات متعددة
ولعـــل أهم ما جـــــاء في الكتــــاب انه اتبع الأســلوب العـــلمي في عرض جميع الروايــــات المتوافرة، ولــذا جمــــع المؤلف معركة الجـــهراء بروايـــة الشيخ عبدالعزيز الرشيـــــــد، وروايـــــة د.احمد مصطفى أبوحاكمة عن ذات المعركة في كتــــابه «تاريخ الكويت الحديـــث»، كما لم يهمل المـــؤلف عرض روايــــات الكتـــب التاريخيـــة الحديثــــة ومنها كتــــاب سعد الشعران «ملاحم كويتية» وكتــــاب «معركة الجـــهراء.. ما قبلها وما بعــــدها» للمـــؤلف بدر خالد البدر، وكتاب أستاذ التــــاريخ الحديث بجامعة الكويت بدر الدين عباس، «معركة الجهراء.. دراسة وثائقية».
أول فدائي
وانطلق المؤلف حامد بن طوالة في كتابه اعتمادا على موسوعة حمد السعيدان والتي جاء فيها تعريف المرحوم مرشد بن طوالة الشمري كأول فدائي في الكويت.
محمد الفايز.. والشمري
أجمل ما حرص المؤلف على ضمه في هذا الكتاب هو قصيدة مطولة لشاعر الكويت المعروف محمد الفايز من بين ديوانه مذكرات بحار وتحديدا المذكرة السادسة اذ يقول المرحوم الفايز:
للقصر حيث رجالنا الأبطال، يا وهج الرمال
الشمري تحت الجواد
والقصر تحت الفجر يبرق مثل فجر من رمال
أقوى من الإعصار يا وطن الرجال
شواهد نادرة
وتضمن الكتاب عدة معلومات موثقة نقلا عن مقابلات تلفزيونية مع مجموعة من رجالات الكويت المعروفين والذين رحلوا عن دنيانا حيث تحدثوا خلالها عن معركة الجهراء، كما احتوى الكتاب على مجموعة من القصائد المتميزة، وفي نهايته ملحق للصور التي برع المؤلف في اختيارها، حيث تضع القارئ امام القصر الاحمر من جميع وجهاته وردهاته.
ولاشك ان هذا الكتاب جدير بأن تحرص على اقتنائه وقراءته والاستفادة مما فيه من كنوز عن بلدنا الحبيب.