«رحلة العلم والعمل وشهادات أهل المهنة».. تحت هذا العنوان صدر للزميل الصحافي حسن المسعودي كتاب توثيقي جمع بين دفتيه المشوار المهني للرئيس الفخري لجمعية المهندسين ورئيس الاتحاد العالمي للمنظمات الهندسية م.عادل الخرافي.
وفي مقدمة الكتاب يعدد المؤلف السمات المكونة لشخصية م.عادل الخرافي من حيث كونه متآلفا مع الجميع على اختلاف انتماءاتهم ومراكزهم، وقد نجح إلى حد بعيد في جعل جمعية المهندسين نموذجا مصغرا للمجتمع الكويتي الذي تتعايش وتندمج في محيطه الطوائف جميعها، أما على الجانب العملي فيذكر المؤلف أنه شديد الإخلاص لمهنته، يعيش هاجس التطوير في أي موقع يشغله، ولا يغادر منصبا قبل أن يحدث انقلابا في فلسفته حتى يكون الأداء من خلاله منتجا، وإذا اطمأن إلى سلامة إنجازه غادره بهدوء إما طائعا أو مكرها، وفي الحالتين يظل متأهبا يترقب فرصة جديدة ليضع نفسه في تصرف الوطن، وذلك ما يجعله شعلة متوقدة على الدوام، وحيثما تواجد يكون متسلحا بطرحه المهني، حتى قال عنه أحدهم ذات مرة بأنه «جمعية مهندسين متحركة».
ويختم المسعودي مقدمته بالقول إن تلك السمات ساعدته كثيرا على أن يحظى باحترام المحيطين به، وأصبح تبعا لهذا كمن يحيا وسط مدينة من الأصدقاء والمحبين والمخلصين.
وقع الكتاب في 5 فصول، جاء الفصل الأول تحت عنوان «متفائل رغم الألم» استعرض من خلاله المؤلف بعض المواقف التي هيأت م.عادل الخرافي لأن يتبوأ المنصب الدولي الذي توج فيه مسيرته المهنية، ثم يعطي لمحة موجزة للبيئة التي عاش فيها وكيف أنه كان منذ صباه محبا للعمل المهني وبارعا فيه، وأنه مولع بالمشاريع التطوعية التي يعتبرها سلوكا حضاريا ترتقي بها المجتمعات وتتقدم من خلالها الأمم، بالإضافة إلى أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بكل معاني الخير والعمل الصالح، وهو لهذا لا يتوقف عن العمل مهما بلغ به الجهد وقد قال ذات مرة: «إنني مؤمن تماما بأن الحركة حياة والسكون موت»، أما تلك المشاريع ذات القيمة الإنسانية والمعنى الأخلاقي النبيل فقد كانت لها مساحة واسعة من اهتمامه خلال مرحلة الشباب وعلى امتداد المرحلة التعليمية في الثانوية والجامعة، يشهد بذلك الأصدقاء في منطقة الشامية الذين كانوا شركاء معه في الطموح وفي الإنجاز.. ثم لا ينسى المؤلف الإشارة إلى ماكان يبديه م.عادل الخرافي من ضيق شديد إزاء الاستغراق المفرط في العمل السياسي بالشكل الذي خلق حالة من التراجع في شتى المجالات.. وتعطلت نتيجة لذلك مشاريع تنموية كثيرة.
أما الفصل الثاني من الكتاب فجاء تحت عنوان «البلدية.. تجربة السنوات الست» وفيه لخص المؤلف المسيرة العملية للمهندس للخرافي منذ اختياره عضوا في اللجنة المكلفة باختصاصات المجلس البلدي ليكون ممثل جمعية المهندسين فيها ثم تعيينه بعد ذلك عضوا في المجلس من ضمن الستة الذين اختارتهم الحكومة.
ويمضي المؤلف في هذا الفصل معددا الإنجازات التي حققها م.عادل الخرافي على الصعيدين الشخصي والعملي، ومن ضمنها ورش العمل الفنية التي استحدثها وأسهمت بشكل واضح في تطوير الأداء المهني في الكثير من إدارات وأقسام البلدية، يقول المؤلف في هذا الفصل: في العام 2003 دخل م.عادل الخرافي البلدية ممثلا لجمعية المهندسين الكويتية، ليصبح واحدا من الشخصيات الفاعلة فيها إلى جانب ممثلي الجمعيات المهنية الأخرى والجهات ذات الارتباط المباشر وغير المباشر بالمؤسسة البلدية، كان ذلك على اثر انتهاء المدة القانونية للمجلس البلدي، حين قررت الحكومة أن تتريث في فتح باب الترشيح لمجلس بلدي جديد ريثما تنتهي من تعديل قانون البلدية 15/72، وصياغة قانون بديل عنه، ولأن المسألة قد تستغرق وقتا ليس بالقصير فقد عمدت إلى تكرار تجربة اللجنة المكلفة باختصاصات المجلس التي نشأت أول مرة في العام 1986، وبعد تشكيل اللجنة برئاسة مدير عام البلدية السابق م.عبدالرحمن الدعيج وعضوية عدد من رجال الاقتصاد والقانون والهندســـــة، عقدت عشرات الاجتماعات وأصـــــدرت الكثير من التوصيات، ورأى م.عادل الخرافي أن الفرصة مواتية لأن يثبت جدارة الجمعية التي يمثلها وقدرتها على إحداث نقلة متميزة في العمل البلدي، وعلى مــــــدى عامين متواصلين هما عمر اللجنة، قدم عصـــارة فكره الهندسي، مستفيدا من تجربة عملية وعلمية امتــــــدت لسنوات في هذا المجال. وبعد الانتـــخابات البلدية عين عضوا في المجلس البلدي ليعود مرة أخرى ويكمل ما انتهى إليه في اللجنة المكــــــلفة، لكن الأمر بدا مختلفا هذه المرة عنه في المرة الـــــــسابقة، إذ الأداء في قاعة المجلس لا يقارن به في اللجنة المشــــكلة بجميع أعضائها من قبل الحكومة، خصـــــــوصا مع ما كان يضمه المجلس الجديد من أعضاء بعضهم يتحرك وفق ما تريده القــــــــواعد الانتخابية وبعضــــــهم تبعا لمصالحه الشــــخصية، وكان لزاما علـــــيه حيـــــــنئذ أن يضاعف الجهد من أجل أن يصل إلى النتيجة التي يريد وهي الإصلاح والتطوير بوجود قانون خرج إلى النور حديثا وتحت ظروف معينة.
شهادات
أما الفصل الثالث فقد حمل شهادات وأقوال عدد من الشخصيات الهندسية والنيابية والوزارية ممن زاملوا م.عادل الخرافي في البلدية أو في جمعية المهندسين.. ومنها شهادة الوزير السابق عبدالله المحيلبي الذي قال إنه لاحظ على م.عادل الخرافي مثابرته المستمرة وسعيه المتواصل إلى تحقيق المكاسب التي يراها مستحقة للمهندس الكويتي.
ويضيف المحيلبي في شهادته: «إن الكثير من تلك المكاسب تحققت عندما تولى أبومساعد رئاسة مجلس إدارة الجمعية وقد أعطى للمهنيين والفنيين الدور البارز والوضع الطبيعي ليمارسوا مهامهم بشكل أفضل وليكونوا بعد ذلك مساهمين في صنع القرار»، منتهيا إلى أن م.عادل الجارالله الخرافي يعد واحدا من الشخصيات المميزة باعتباره رجلا عمليا بالدرجة الأولى إلى جانب أنه يحمل من الجوانب الأخلاقية والإنسانية الشيء الكثير وأهمها مبدأ الإيثار، وهي من أبرز الصفات التي لمسها فيه.
أما م.هنادي الوهيب فترى أن علاقة المهندس الكويتي بمجتمعه اختلفت كثيرا بفضل النقلة النوعية التي تحققت لها فأصبح المهندس تبعا لذلك متفاعلا مع القضايا العامة بل أصبح أيضا حاضرا في ساحة صنع القرار، وهذا مما يحسب للمهندس عادل الذي أخذ على عاتقه مهمة الدفع بالجمعية في هذا الاتجاه منذ اللحظة التي تولى فيها رئاسة مجلس الإدارة فيها.
وتضيف م.الوهيب قائلة: لقد تعزز وجود الجمعية على نحو واضح وتكرس دورها من ناحية التأثر والتأثير في مجريات الأحداث الواقعة على الساحة المحلية سواء في المجال السياسي أو في المجال الاقتصادي أو في غيرهما من المجالات، وهو ما سعى إليه م.عادل الخرافي باعتبار الجمعية واحدة من مؤسسات المجتمع المدني التي يجب أن تكون حاضرة في المشاركة وفي الطرح وفي إبداء الرأي.بدوره يقول النائب م.ناجي العبدالهادي: «تجمعني بالصديق العزيز عادل الخرافي علاقة احترام متبادل طوال المرحلة التي سبقت انضمامي إلى جمعية المهندسين، ثم جاءت مهنة الهندسة لتكون القاسم المشترك بيننا، الأمر الذي توثقت معه تلك العلاقة وترسخت بشكل أكبر، وقد أعجبني فيه كثيرا طموحه المتوقد، ذلك الطموح الذي لا يتوقف عند حد معين، فكلما تقدم خطوة استنفر جهوده واستثمرها لينتقل إلى الخطوة اللاحقة، إذ كان يعيش هاجس التحدي باستمرار، وهذا ما ساعده كثيرا على أن يقهر العقبات التي اعترضت طريقه ويتجاوزها بسهولة.
ويضيف: لقد تصدى لكل تلك العقبات بعزم وحزم وقاومها وتغلب عليها، انطلاقا من إيمانه بمبادئه وثقته في نفسه.. أبومساعد ليس صنيعة أحد بل هو صنيعة نفسه، وفي أثناء انشغاله بإنجاز مشروعه الإنساني كان يعمل في الوقت ذاته على حصر طموحاته وتهيئة قدراته لتحقيق تلك الطموحات الواحد تلو الآخر.. لا يتوقف عند مرحلة معينة بل يتعداها فورا إلى المرحلة اللاحقة.. وهكذا، محققا لذاته ولجمعية المهندسين نقلة نوعية في مجال فرض الوجود.
بدوره قال رئيس المجلس البلدي السابق عبدالرحمن الحميدان ان م.عادل الخرافي متعطش باستمرار للإنجاز وتحريك المياه الراكدة، وهو يعشق الحركة ويكره السكون، يحب المتحول من الأشياء ولا يطيق الثابت المتجمد.. ويضيف: هذا ما لمسته فيه ذلك الحين، وشاءت الصدف بعد ذلك أن أكون معه معينا من قبل الحكومة في اللجنة المكلفة باختصاصات المجلس البلدي التي تشكلت على إثر تأجيل الإعلان عن موعد انتخابات المجلس إلى أن تتم صياغة قانون جديد للبلدية، ثم شاءت الصدف مرة أخرى أن نكون معا في المجلس البلدي، في تلك الأثناء ترسخت أكثر معرفتي بالمهندس عادل بحكم العمل المشترك (والعامل المشترك أيضا) بيننا وبفعل الاجتماعات المتواصلة وشبه اليومية، وقد فوجئت بحجم النشاط الذي يختزنه «أبومساعد»، فهو لا يهدأ ولا يتوقف حتى خلال فترات الراحة وفي أيام العطل، فتراه يجتمع مع نفسه إذا لم يكن هناك اجتماع رسمي أو مع طاقم مكتبه إذا لم يفلح النصاب القانوني في عقد اجتماع للجنة المكلفة أو للمجلس البلدي من بعدها أو لأي من لجانه المختلفة.
النائب السابق دعيج الجري قال في شهادته «إن م.عادل الخرافي تمكن بفضل جهوده وبمؤازرة من زملائه من أن يحقق لجمعية المهندسين حضورا لافتا وتواجدا ملحوظا في الميدان العام، وأصبح لها دور مؤثر في مجريات الأحداث، وحققت بفضل تلك الجهود النجاح يتبعه النجاح في المؤتمرات والمنتديات الخارجية سواء على المستوى العربي أو على المستوى الإقليمي أو حتى على المستوى العالمي، وما نجاحه في الارتقاء إلى منصب رئاسة الاتحاد الدولي للمنظمات الهندسية إلا دليل ساطع على ذلك، متفوقا على منافسيه الذين يمثلون دولا عريقة في مجال مهنة الهندسة». ويصف عضو المجلس البلدي محمد المفرج م.عادل الخرافي بقوله: «يحب العمل المنظم، مثابر ونشط ومجتهد».. ويقول: هذا ما عرفته عن قرب في الزميل م.عادل الجارالله الخرافي من خلال عملنا معا في المجلس البلدي 2005 لأربع سنوات، وهي صفات محببة وذات نتائج إيجابية على مستوى العمل بشكل عام.
ويمضي المفرج في شهادته: رغم أنني اختلفت معه في بعض المسائل إلا أن هذا الاختلاف لم يخرج عن إطاره العملي وظل محصورا في الأمور المعروضة على المجلس البلدي أو على بعض لجانه.. كان أحد الأعضاء النشطين، وطالما وقف مدافعا عن مهنة الهندسة، مطالبا بأن يأخذ الرأي الفني حقه ودوره في المشاريع والمعاملات المعروضة.
الأسئلة والاقتراحات
ويخصص المؤلف الفصل الرابع من الكتاب لعدد من الاقتراحات والأسئلة التي قدمها م.عادل الخرافي خلال السنوات الأربع التي أمضاها عضوا في المجلس البلدي بالصيغة نفسها التي عرضت فيها على رئيس وأعضاء المجلس، في حين جاء الفصل الخامس خاصا بالصور التي التقطت للمهندس الخرافي في مراحل ومناسبات مختلفة.
الكتاب في 244 صفحة
جاء الكتاب في 244 صفحة متناولا أبرز المحطات الحياتية والعملية للخرافي منذ ما قبل توليه رئاسة جمعية المهندسين مرورا بعضويته في المجلس البلدي وانتهاء عند رئاسته للاتحاد العالمي.