- كل منا يجد شيئاً يخصه في «الله بالخير» .. الليبرالي يجد له مكاناً والإسلامي حاضر فيها من دون لبس.. والقومي لا يغيب أصلاً
- في ليلة الصالح قدّم عدد من رجالات الإعلام والصحافة والسياسة رسالة عرفان وتقدير للراحل الكبير
صدر حديثا عن مؤسسة «عالم المستقبل للخدمات الإعلامية» بالكويت كتاب بعنوان «محمد مساعد الصالح شهادات وسيرة حياة» للأستاذ أنور الياسين، حيث يتابع ويرصد ويوثق تجربة تاريخية لأحد أهم القامات الإعلامية والفكرية بالكويت في كتاب يقع في نحو 540 صفة من القطع المتوسطة، في طبعة فاخرة ومزودة بالصور عن تجربة «أبوطلال الإعلامية الطويلة».
يضم الكتاب بين دفتيه كلمات مفعمة بالصدق والود والمحبة تجاه الراحل الكبير محمد مساعد الصالح سطرتها أقلام كل من رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد تفوح منها نبرة الحب والإخلاص.
كما يحتوي الكتاب أيضا على مجموعة صور تاريخية لشيخ الكتّاب في الكويت وأحد أعمدة الصحافة الكويتية والعربية المعاصرة.
موضوع الكتاب
قسّم أنور الياسين كتابه إلى أقسام رئيسية هي: الوداع الأخير، وليلة محمد مساعد الصالح، ومقالات وآراء «في وداع الراحل»، «حوارات ومقابلات»، أجريت معه أثناء حياته، و«محمد مساعد الصالح وجه واحد وأعمار مختلفة» وفيه عرض بالصور لمراحل حياته المختلفة، و«محمد مساعد الصالح من قديم بوطلال» من خلال مجموعة صور وتعليقات عليها في مناسبات مختلفة، و«محمد مساعد الصالح صور عائلية» هو وحرمه حصة المطوع وابنته الكبرى بلقيس وحفيده الأول عبدالله عيسى، و«محمد مساعد الصالح اصدارات الله بالخير»، و«محمد مساعد الصالح: الجوائز والتكريم»، و«محمد مساعد الصالح لقاءات ونشاطات» وهو أيضا بالصور.
يقول مؤلف الكتاب في تقديم الكتاب: «المناداة (أي لمحمد مساعد الصالح رحمه الله) بـ «الأستاذ» لقب استحقه بالممارسة والكتابة، فقد كان أستاذا في المحاماة وفي الصحافة، ترك إرثا من القيم والسلوكيات من الصعب ان يمحى او يموت، ربما أجيز لنفسي ان اقول انني كنت ظلا لـ «الأستاذ» فقد رافقته طوال سنوات عديدة ورأيت فيه ذلك الانسان المفعم بالطيبة والتواضع والفكر الناقد.
ويضيف الياسين عن الراحل انه: أخلص للمهنة وللقلم اخلاصه لعمله في المحاماة، حيث لم تكن كلماته تغيب عن قرائه الا لسبب قهري، ولم يكن يتخلف عن مكتبه الا لمرض او سفر.
ويصف الياسين أستاذه الراحل بقوله: «كاتب فيه صفات الناقد الساخر، وفيه سمات المعارض البنّاء والمصلح والمحب للكويت وأهلها وصوته هادئ يعكس أفكاره اللاذعة التي تصل الى مسامع الناس لكي يتداولوا فيها».
وأشار الكتاب الى ان الراحل محمد مساعد الصالح أثبت انه يرى ما لا يراه الآخرون، لذلك يحق له ما لا يحق لغيره، يؤمن ان الابتسامة أصدق أنباء من السيف، صال صريحا وجال بليغا في كل حدب وصوب من شؤون الوطن والأمة وشجونهما، كان صدرا رحبا عندما ضاقت صدور الآخرين، فانتقد من دون ان يحقد، ولامس القضايا لمسا مهذبا، فكان يقترب منها بلطف ويقاربها بعمق، ظله خفيف أينما حل، وحضوره طاغ أينما حضر.
ويضيف: كل منا يجد شيئا يخصه في «الله بالخير» المواطن حاضر في كل كلمة من كلمات مقاله فالليبرالي يجد له مكانا، والإسلامي حاضر فيها من دون لبس، والقومي لا يغيب أصلا الا في زحمة القضايا المحلية، وحرص ـ رحمه الله ـ في غمرة انشغالنا بمصائب بعض مسؤولينا وعبث بعض نوابنا وقلة مسؤولية بعض وزرائنا، على شد انتباهنا الى ما يحيط بنا في الخليج ودنيا العرب وبلاد المسلمين وعالم المظلومين ليقول لنا ان هناك ما يستحق الاهتمام، وان هناك ما يتطلب المتابعة، وان هناك أولويات في الخارج لا تقل أهمية عن أولويات الداخل، بالنسبة الى حاضرنا ومستقبلنا ومصيرنا.
وفي القسم الذي جاء تحت عنوان «الوداع الأخير» يرصد الكتاب ردود الأفعال بعد الإعلان عن وفاة الراحل محمد مساعد الصالح، منها اطلاق الملتقى الاعلامي العربي اسم الصالح على جائزة العمود الصحافي، وذلك تكريما وإحساسا بالفضل تجاه الكاتب الكبير الذي ترك برحيله فراغا كبيرا على الساحة الأدبية، كما انه أنشأ نبراسا صحافيا تهتدي به أجيال من الصحافيين.
وفي ذات السياق، أشار الكتاب الى دور الراحل صاحب القلم عن الحق والعدل، كما وصفته جمعية المحامين الكويتية باعتباره المحامي رقم «1»، حيث أثرى العمل القانوني والإعلامي في الكويت بأعماله المتميزة، فهو يحمل رقم «1» في جدول القيد بجدول المحامين وكان أحد المؤسسين الذين قيدوا عام 1960 لينال بذلك شرف ان يكون من مؤسسي مهنة المحاماة والصحافة في الكويت.
ويؤكد الكتاب ان الراحل أرسى مدرسة التنوير والنزاهة واحترام الرأي والرأي الآخر، فهو الكاتب الذي اذا اختلفت معه تجده لينا وحريصا على ان يبادل وجهات النظر والاختلاف بأريحية وهدوء شديدين، لذلك فإن غيابه خسارة كبيرة، فهو ممثل لمدرسة صحافية، تعتمد الفكرة المكثفة تماشيا مع روح العصر، فضلا عن كونه يمثل الاتجاه الليبرالي القائم على الانفتاح واحترام الرأي الآخر، ومحاورته وفق قواعد أدب الحوار الذي نفتقده الآن، حيث تسود حاليا ثقافة الضجيج والبذاءة، وهو أيضا أحد رجال القانون المعدودين المشهود لهم بالنزاهة.
وفي قسم تحت عنوان «ليلة محمد مساعد الصالح» استعرض الكتاب التجمع الإعلامي والثقافي الذي أقامه «الصالون الإعلامي» بنفس العنوان لاستذكار مآثر الراحل، والذي شارك فيها عدد من رجالات الإعلام والصحافة والسياسة.
في هذه الليلة مشى المحبون على قلوبهم، ليتجمعوا في حضرة معشوقهم الكاتب الكبير المرحوم محمد مساعد الصالح، الذي سطع حضوره رغم غيابه، في ليلة استثنائية، جمعت المحبين ورفقاء الدرب وزملاء المهنة ليقدموا رسالة عرفان وتقدير للراحل الكبير.
وحفل الكتاب بعشرات المقالات التي تعدد مناقب ومواقف الراحل محمد مساعد الصالح كتبها رفقاء الدرب ومن عاصروه وشاركوه الدفاع عن حرية الرأي وإرساء مبادئ الحوار، الرأي والرأي الآخر، ليرصدوا محطات الحياة السياسية والفكرية الكويتية من خلال سيرة ومواقف الراحل.
قالوا عنه
يعرض الكتاب بعد ذلك لمجموعة أقوال لكبار رجالات الكويت القياديين والمفكرين، وانطباعاتهم عن مسيرة الراحل مساعد الصالح وفي مقدمة هؤلاء رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي: «الكاتب الكبير محمد مساعد الصالح واحد من الشخصيات التي يصعب علينا نسيانها»، وكذلك سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد: «.. كان أبوطلال ـ أسكنه الله فسيح جناته ـ معلما قديرا في بلاط الصحافة الكويتية حيث ساهم في صنع وجدان الكثير من أبنائه الصحافيين الذين انتشروا في جميع ميادين ومجالات الإعلام، وكان في كل المواقف قيمة كبيرة بقامة عالية».
ولعل من مميزات هذا الكتاب أنه في «الوداع الأخير» استعرض بشكل واسع وشامل ما ذكرته الصحف الكويتية والعربية والأجنبية عن محمد مساعد الصالح ومسيرته الصحافية وآراء الكتاب والصحافيين على اختلاف انتماءاتهم وأعمارهم في «الراحل» محمد مساعد الصالح.
أبو طلال في سطور
ولد محمد مساعد الصالح (أبو طلال) في العام 1935 بوسط مدينة الكويت (يكبره ثلاثة اخوة وثلاث أخوات) متزوج من السيدة حصة محمد المطوع (1967) وله من الأبناء بلقيس ـ طلال ـ طارق ـ مي ـ شيخة وجاءت نشأته وسط أسرة كويتية عادية تشبه في سماتها الاجتماعية والاقتصادية جميع الأسر الكويتية البسيطة في ذاك الزمان الأب ينشغل بلقمة العيش وتأمينها للأسرة عبر مهنة كانت هي الأكثر شيوعا بين أبناء هذا الجيل وهي المهنة التي ارتبطت بالبحر ما بين صيد وغوص وترحال على المراكب التجارية مما كان يستدعي غياب الآباء عن بيوتهم لمدد طويلة، لكن المرأة الكويتية سواء أكانت الأم أم البنات كانت هي الامينة الوفية على رعاية الاسرة والابناء وتدبير احتياجات البيت وكذلك السهر على تعليم ومذاكرة الابناء طوال فترة غياب الأب وسعيه لتأمين لقمة العيش لهم.
تلقى تعليمه الأولي والمرحلة الثانوية في المدرسة المباركية وقد دخل المدرسة المباركية عندما كان عمره ست سنوات ولم يكن يسمح لمن هم في سنه بالدخول الى المدرسة ولكن عائلته الكريمة تحدثت مع مدرس الفصل حينها سيد عمر العاصم الذي طلب موافقة مدير المعارف آنذاك المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي والذي كان جده من جهة والدته فتم استثناؤه وتم قبوله في صف من هم في السابعة وقد ظل في المدرسة حتى أنهى الصف الرابع الثانوي.
بعد انتهائه من التعليم الثانوي وفي العام 1950/1951 قرر الذهاب إلى مصر لاستكمال دراسته ولم يكن النظام التعليمي في مصر في ذلك الوقت يقبل بشهادة الثانوية العامة الكويتية لذا اضطر بوطلال الى التقدم لاجتياز امتحان الصف الرابع الثانوي ثم درس الحقوق بجامعة القاهرة.
وصوله الى مصر للدراسة توافق مع بدايات ثورة يوليو في عام 1952 وما كان لهذه الثورة من تأثير كبير على مصر خاصة وعلى المنطقة العربية بصفة عامة وخاصة تلك الشعارات التي رافقت الثورة ووجود هذه الشعارات المحفزة وطنيا على صفحات الجرائد وما رافقها من انعكاس لانتصار الشعب على الاستعمار والخلاص من المستعمر الاجنبي وما لاقاه ذلك في نفوس المثقفين والثوريين العرب وخاصة جيل الشباب وخصوصا هؤلاء الشباب الجامعيين المليئين بالحماس وبحب الاوطان وكان من نتائج ذلك أن كتب في مجلة الاتحاد التي تصدر عن الاتحاد الوطني لطلبة الكويت: «غدا سينتصر الشعب الكويتي وسنتحول الى مدارس يتعلم فيها ابناء الشعب تاريخه»، وتخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1958.
بدأ محمد مساعد الصالح الكتابة الصحافية في مجلة البعثة عام 1954 التي كانت تصدر من القاهرة وتبعها في عدد من المجالات التي صدرت في الخمسينيات مثل الاتحاد ـ الفجر ـ الابحاث ـ الشعب.
ترأس بو طلال في الكويت تحرير عدد من المطبوعات والصحف منها مجلة الهدف عام 1961 وهي اول مجلة اسبوعية تحصل على امتياز في مرحلة ما بعد الاستقلال حتى ديسمبر 1979.
كما ترأس تحرير صحيفة الوطن من العام 1974 الى العام 1979 واخيرا رئيسا لمجلس الادارة من عام 1967 الى العام 1990.
انتقل بو طلال إلى الكتابة الصحافية في جريدة القبس بتاريخ 17/5/1992 وتحت نفس اسم الزاوية «الله بالخير».
كتب بول طلال في العديد من الصحف والمجلات منها الوطن ـ صوت الكويت (1990 ـ 1992) ـ القبس ـ البعثة ـ الهداف والطليعة وهو صاحب زاويتين هما «من عره وبره» و«الله بالخير».
مارس مهنة المحاماة، منذ عودته من القاهرة عــــام 1958 وســــاهم في تــــأسيس جمعية المحامين، كما شغل منصب أمين سر جمعية المحامين عدة مرات.
كما ساهم في تأسيس جمعية الصحافيين الكويتية واتحاد الصحافيين العرب وشغل منصب أمين سر جمعية الصحافيين الكويتية عدة مرات.
واصبح عضو رابطة نادي الاستقلال الثقافي والاجتماعي وقد اصدر عددا من الكتب جمع فيها مقالاته بعنوان «الله بالخير».
حصل في العام 2007 على جائزة «نادي دبي للصحافة» كأفضل كاتب عمود صحافي عربي في المطبوعات اليومية والاسبوعية العربية في دورتها لعام 2006 ومن خلال المنتدى الإعلامي العربي الذي عقد في دبي.
في 31 يناير من عام 2007، وبمناسبة مرور 33 عاما على إصدار العدد الأول من صحيفة الوطن كصحيفة يومية أقامت دار الوطن حفلا كبيرا وقام الشيخ خليفة الصباح رئيس التحرير بتكريم بو طلال على الجهود الكبيرة التي بذلها منذ انشاء جريدة الوطن وكانت كلمة الافتتاح لصاحب أول افتتاحية لـ «الوطن».
الكتاب
-
اسم الكتاب: محمد مساعد الصالح شهادات وسيرة حياة
-
تأليف: أنور الياسين
-
الناشر: شركة عالم المستقبل للخدمات الاعلامية
-
الطبعة الأولى فبراير 2011
صور وذكريات
-
يحتوي الكتاب على مجموعة تاريخية من الصور التي تحمل مسيرة الراحل محليا وعربيا ودوليا.
مقالات وآراء
تضمن الكتاب جزءا كبيرا لمقالات وآراء الكتاب الصحافيين وكبار المفكرين الكويتيين والعرب في شخص ومسيرة الراحل محمد مساعد الصالح. وتجمع كل هذه الكتابات على أن الراحل محمد مساعد الصالح كان يتمتع بمكانة رفيعة ومنزلة عالية في قلوب ونفوس محبيه وزملائه من مختلف الفئات والنقابات حتى ان إحدى الكاتبات من هؤلاء قالت فيه ما نصه: «رحمك الله أبا طلال» ففي خضم تراجعنا الثقافي وغلونا السطحي فعلا «نفتقد البدر».