- عرَّف القاصي والداني بتاريخ الكويت وحضارتها وأنشأ المتاحف لاستقبال الزوار للتمتع بمشاهدة عراقة وسحر الكويت القديمة
- في متحف طارق يتبين بجلاء كيف يمكن للإنسان أن يطور نفسه وأدواته الحياتية من خلال اتصاله وتأثره بحضارات الأمم الأخرى
- يحوي متحفه النفيس تحفاً نادرة لا مثيل لها في العالم ولا تقدر بثمن
- يعتبر من أوائل من دعوا للحفاظ على بيوت الكويت الحجرية العريقة
رجل هادئ بطبعه رزين ومثقف.. عميق المعرفة والاهتمام بالشؤون الفنية والثقافية والأثرية منفتح على كل التيارات الثقافية المحلية والعالمية.
انه طارق السيد رجب، من أعلام الكويت، أصيل معطاء في حقول تربوية وفنية وانسانية عديدة، لذا فقد أحبه الأمراء والمتعلمون والمثقفون والفنانون والأدباء، حتى البسطاء من الناس والفقراء في كل بلد زاره وما أكثر البلاد التي زارها.
يسكن في الجابرية منذ سنوات طوال تزيد عن خمـــــــسة وعشرين عاما بجانب مدرسته العريقة الانجليزية الحديثة وبجوار متحفه الشهير متحف «طارق» وبجوار داره التراثية دار «السيد» ودار «جيهان» التي تقديرا لدور زوجته المخلصة الوفية التي شاركته رحلته الطويلة في درب العلم والفن وأم أولاده، الموجهة التربوية نور ود.زياد وم.نادر.
عمل السيد طارق في مقتبل عمره في جزيرة «فيلكا» منقبا عن آثارها، وهناك سحرته الحياة في هذه الجزيرة الكويتية التي تعتبر جزيرة شرقية من حيث احتفائها بالبساطة والتاريخ والفنون والحياة الشعبية، مما أثر في فكره وخياله وروحه، فقد تعرّف هناك على العديد من المعالم الأثرية واشتم رائحة التاريخ الزكية.
درس السيد طارق في عاصمة الضباب والاتيكيت لندن زمنا طويلا، وهناك تفتحت روحه على مزيد من ثراء الثقافة والفنون، حيث المعارض الفنية والمتاحف والمكتبات الزاخرة بالكتب التي تتحدث عن الغرب والشرق، وعن كل الحضارات وأولاها حضارتنا العربية والإسلامية، ليستحق عن جدارة واقتدار إدارة متاحف الكويت التابعة لوزارة الإعلام آنذاك.
ومنذ وقت مبكر من حياة أستاذنا الكبير طارق السيد رجب راح يهتم باقتناء كل ما هو قديم ومهم من الآثار والتراث والكتب الإسلامية النادرة.
وفي متحفه النفيس متحف «طارق» وفي دار «جيهان» في الجابرية يوجد ـ فيما يوجد ـ مصاحف القرآن الكريم النادرة، وكسوة الكعبة المشرفة وتحف نادرة لا مثيل لها في العالم، ويوجد الكثير من التحف والمقتنيات الفنية التي لا تقدر بثمن، حقا انه متحف تراثي فريد، فكل شيء فيه يدل على التراث الأصيل، أثاثه، جدرانه، أبوابه، حتى مدخله، فهو المبنى الأقدم في الجابرية، وهذا الديوان أو الصالون الفني مفتوح طوال النهار لاستقبال الزوار الذين يأتون من كل فج أفرادا وجماعات، ليلقوا الحـفاوة والكرم «الطارقي» الخالص.
إزاء ذلك ـ وغيره كثير ـ يستحق السيد طارق لقب سفير الكويت في الكويت، فالرجل من الشخصيات المهمة والأساسية والفاعلة في دعم الحركة الثقافية والفنية في البلاد، وهو من الأوائل ان لم يكن الأول ممن دعوا الى الحفاظ على بيوت الكويت الحجرية العريقة.
وهو الذي عرّف القاصي والداني بتاريخ الكويت وحضارة الكويت، وهو الذي أنشأ المتاحف والدور المفتوحة دوما لاستقبال الزوار من عرب وأجانب، للتمتع بمشاهدة عراقة وسحر الكويت القديمة وتراث العرب وتحف المسلمين، علاوة على رسوم وصور ومطبوعات العالمين العربي والإسلامي في العصور العريقةويقصد السيد طارق من وراء اقامة هذه المتاحف والدور التي تحاكي القصور التراثية العربية والاسلامية العريقة.. وتذكرنا بالمجد العربي والاسلامي الغابر.. يقصد اثراء الحياة الفنية والتفاعل بين الفنانين والمهندسين والكتاب.. والتواصل والتعارف بين الناس من خلال الندوات والمعارض وحفلات توقيع الكتب والصور والرسومات.. وكل ذلك مجانا دون مقابل، فالهدف ليس ماديا بل ثقافي روحي.
فالسيد طارق يؤمن بأن الثقافة مشاربها متعددة ومنها الثقافة البصرية لامتاع العين وتغذيتها بالجمال، لان للجمال سحرا ودهشة لا تقاوم وهذا بالتالي له تأثير ايجابي رائع على سلوك الانسان وتصرفاته، وفي تعامل الناس مع بعضهم البعض بذوق واناقة ورقة بغض النظر عن الاعتبارات الدينية أو العرقية.
فالحضارة اي حضارة لم تقم دون تأثر وتأثير بالحضارات الاخرى، او بمعزل عنها، ونظرة تأمل في ركن الملابس التراثية القديمة او ركن الاسلحة القديمة.. في متحف «طارق» تبين بجلاء كيف يمكن للانسان ان يطور نفسه وادواته الحياتية من خلال اتصاله وتأثره بحضارات الامم الاخرى وايمانه بقدراته.. تماما كما تبين مقتنيات العرب والمسلمين من المصاحف حجم المعاناة والمكابدة التي كان يتجشمها علماؤهم وكتابهم وخطاطوهم.. من اجل اظهار كتاب الاسلام في ابهى صورة واعظم شكل ليتسق شكله مع مضمونه السماوي، فيستقر في العقل والقلب والوجدان السامي!
والتراث الجميل لا يتجلى في متحف طارق او في دار «السيد» أو دار «جيهان» وحسب، لكنه يتجلى ايضا في منزل السيد «طارق» الملاصق تماما لمتحفه في الجابرية، ففي هذا المنزل الرحب يمكن شم رائحة العراقة والمجد التليد والاصالة العربية وتاريخ الحضارات القديمة المندثر!
ومنزل السيد «طارق» شرقي السمات والطراز، اذ نشاهد الاقواس الحجرية الجميلة في مدخله، وارضيات وحوائط من الفسيفساء المرصع في جوانبه، ناهيك عن بوابات خشبية تنقلك من عالم الى عالم آخر يجمع كل ما هو قديم محلي وعالمي اصيل يؤرخ ويرصد لجوانب عديدة من تاريخ الانسان المثابر على مر العصور.
وفي حديقة المنزل تترامى بقايا حجارة واعدة وآثار قديمة واشجار باسقة، تشكل مع المتحف والمنزل لوحة معمارية رائعة ومحببة لعين الناظر من الخارج ومن الداخل اسوة بكل دور السيد طارق العامرة، ففي الداخل واينما مررت توجد التحف والرسومات والصور التراثية والايقونات الدينية المؤثرة ولا غرور، فالرجل صديق رائع لكل شيء جميل وساحر في الحياة.
وبالاضافة الى كونه فنانا عاشقا للفنون والتراث والآثار وبيوت الكويت القديمة.. فهو مربّ فاضل فالتاريخ التعليمي الكويتي الحديث يسجل انه اول من انشأ مدرسة اجنبية في الكويت وتحديدا في عام 1969 ميلادية اي قبل اربعين عاما بالتمام والكمال، ويكفي للتدليل على هذه المغامرة التربوية الرائعة وقوة عزيمة السيد طارق وايمانه بالمستقبل الزاهر للكويت انه رضي بأن يكون عدد مدرسيها عند بدء التدريس فيها، اكثر من عدد طلابها، فقد كان عدد مدرسيها حوالي اثنى عشر مدرسا بينما كان عدد طلابها لا يتجاوز الطلاب الستة، ولعدة سنوات من دون ان يتسرب اليأس الى نفسه القوية حتى غدت هذه المدرسة كبرى المدارس الاجنبــــية في الكويــــــت الآن بكل ما تعني كلمة كبرى من معان عظيمة.
وعلى مدار سنوات الانجليزية الحديثة الكائنة في الجابرية تخرج فيها الكثير من الشخصيات التي تتبوأ الآن اعلى المناصب في البلاد، والملكة «رانيا» زوجة عبدالله الثاني عاهل المملكة الاردنية الهاشمية احدى هذه الشخصيات البارزة، شفى الله استاذنا الفاضل طارق السيد رجب، ودعواتكم له بالشفاء.