- صديق للوالد اقترح إرسالي مع إخوتي إلى لبنان لتلقي التعليم هناك وتعلم اللغات الأجنبية والوالد أعجبته الفكرة وسافرنا عام 1956
- كنت أحب الغناء منذ الصغر واستمر الغناء معي حتى جامعة موسكو فغنيت فيها صوت السهارى
- الوالد كان يحضر إلى البيت ماكينة السينما ويعلق «شرشف» أبيض على الحائط ونساء الفريج ضربن صورة عماد حمدي عندما ظهر على الشاشة بالأحذية والسبب أنه ترك فاتن وذهب مع شادية
- كان بيت جدي كبيراً فيه حديقة وغزلان وجدتي كانت تطبخ للعمال وكان عددنا خمسة عشر حفيداً
- جدي سلمان كان أول من أدخل صناعة البقصم إلى الكويت وكان يصنع الحلويات
- في بداية الستينيات اشترى والدي أثاثاً من البلاستيك وترك الأثاث الخشبي
- كنت أوفر من مصروفي اليومي وأشتري كتباً من مكتبة منطقة الشويخ السكنية وأقرأ
- عملت 5 سنوات رسامة في مجلة «العربي» ثم انتقلت لتلفزيون الكويت
- كنت أذهب إلى البحر وأدخل «الحظور» لأن بيت الوالد قريب من البحر فكنا مجموعة من البنات نصيد القباقب والأسماك الصغيرة
- أول مدرسة التحقت بها كانت «آمنة» وكان الوالد يسكن بالدسمة وكنت أحب اللغة العربية ثم انتقلت إلى مدرسة خولة بمنطقة الشويخ «ب»
- ضاعت عليَّ بعثة إلى أميركا وعام دراسي بسبب خطأ روتيني و«التربية» عوضتني بتعييني أمينة مكتبة
- درست الفنون الجميلة في القاهرة وانضممت لاتحاد الطلبة وهناك تعرفت على زوجي
- زوجي حصل على بعثة لدراسة الماجستير والدكتوراه في روسيا وبدأت هناك دراسة الكلية من جديد
- أنهيت دراستي البكالوريوس والماجستير بموسكو في 7 سنوات ثم عدت إلى الكويت عام 1984
- عندما وقع احتلال الكويت في عام 1990 قررت عدم الخروج من البلاد وبقيت مع أولادي.. وزوجي كان مع المقاومة وتعرض للأسر
- أقمت 61 معرضاً شخصياً في عدة دول والأغرب كان في أفغانستان حيث فجر انتحاري مجموعة جنود ألمان بعدما أبدوا سعادتهم بلوحاتي
أجرى الحوار: منصور الهاجري - كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
الفن واجهة الشعوب والمرآة التي تعكس معالم أي حضارة وسمات كل مجتمع.
ضيفتنا هذا الأسبوع فنانة من طراز فريد لها في ميدان الرسم والفنون صولات وجولات، تحكي لنا الفنانة ثريا البقصمي في لقاء مطول على مدار جزأين ذكريات جميلة عاشتها وحفرت في ذاكرتها التي تقول إنها تتميز بالقوة، شاهدة على التعليم ولا سيما تعليم الفتيات منذ مرحلة مبكرة، تحكي عن أسرتها ووالدها وجدها وجدتها وما تذكره من مواقف جميلة، هواياتها الفنية وحبها للغناء، السفر إلى لبنان بهدف التعليم والدراسة ثم العودة إلى الكويت، تكلمنا عن البعثة للقاهرة ثم العودة والزواج من زميل وبعدها السفر إلى موسكو مع الزوج محمد القديري وكيف حصلت هناك على الماجستير والدكتوراه.
العمل في مجلة العربي ثم الانتقال إلى تلفزيون الكويت من محطات العمل التي تتحدث عنها الفنانة ثريا البقصمي في سياق الحديث الشائق الممتع، كما تتطرق إلى فترة الاحتلال وذكرياتها الأليمة واشتراك زوجها في المقاومة وأسره، وكيف سارت الأمور بعد التحرير، كل هذه التفاصيل وغيرها نتعرف عليها من خلال سطور الجزء الأول من اللقاء:
تبدأ الاديبة والفنانة التشكيلية ثريا حسن سلمان البقصمي كلامها عن ذكريات الماضي وايامه الجميلة بالتعرض لبدايتها وايامها الاولى في الحياة ومولدها، حيث تقول: فنانة تشكيلية وكاتبة، ولدت في المستشفى الامريكاني، وكنت توأما مع اختي فريدة، وهي فنانة تشكيلية، والوالدة لا تعلم انها كانت حاملا بتوأم لعدم وجود اجهزة للكشف على السيدة الحامل مثلما هو موجود حاليا، كانت صحتي ضعيفة وكانوا يتوقعون انني لن اعيش، ود.اسكندر الذي كان يشرف على ولادتي ومدير المستشفى الامريكاني قال للوالد والوالدة هذه الطفلة لن تعيش اذا ما تريدونها اعطوني اياها، فردت الوالدة: انا لست قطوة اوزع اولادي.
المهم انني امضيت اربعين يوما من دون اسم، الوالدة كانت ترغب في أسماء الملكات.
اختي فريدة على اسم احدى ملكات مصر. وفي تلك الفترة، شاه ايران الاسبق تزوج الملكة ثريا، فالوالدة اطلقت الاسم علي.
من حسن حظي انني اتذكر كل شيء صادفته وعشت فيه منذ ان كان عمري اربع سنوات، اذكر بيت الوالد في الشرق وفي منطقة الصوابر وبيت جدي في دسمان، وبجانب السينما الشرقية وبيت الشويخ (ب)، اذكر كل شيء، طابوق وارضية البيوت وابوابها وشبابيكها، وفي كل مبنى الوالد والوالدة يتركون بعض الاغراض وينتقلون الى البيت الآخر.
في بداية الستينيات اشترى الوالد اثاثا من البلاستيك وترك الاثاث الخشبي، اذكر بيت الوالد في الصوابر وكان من البيوت الجميلة، والسبب ان جدي لامي اسطى احمد البنا هو الذي اشرف على بناء البيت، اما جدي لأبي سلمان فهو اول من أدخل صناعة البقصم الى الكويت، وكان يصنع الحلويات، واسطى احمد كان متعلما، وقد اشتغل في اماكن كثيرة، ومما اذكر ان امام البيت السدين وكانت الغرف واسعة، وكان للوالدة اثر كبير علي ككاتبة لأنها متعلمة ومن عائلة متعلمة، ووالدها مهندس معماري، تقول انها منذ سن مبكرة بدأت تحصل على جوائز في كتابة القصص.
بداية القصة
تتحدث البقصمي عن قصة حياتها وكيف بدأت، فتقول: تاريخ حياتي بدأ بالصوابر، وكان لوالدي صديق اسمه حيدر بن نخي وزوجته لبنانية، قال للوالد: اقترح عليك ان ترسل اولادك الاربعة الى لبنان، وهناك تدخلهم احدى المدارس ويرجعون لك متعلمين لغتين فرنسية وانجليزية، الوالد عجبته الفكرة والوالد تاجر ارسلني مع اختي فريدة وعدنان وسلمان وذلك في العام 1956، وفي مطار النزهة وعلى طائرة الخطوط عبر البلاد العربية، سافرنا مع الوالد وفي لبنان الوالد رحمه الله ادخلنا مدرسة الشويفات، حيث الطبيعة الجميلة والزهور والورود، والمدرسة تدار من قبل اجانب، وفيها العقاب والثواب، والضرب موجود على جميع الطلبة، وفقدنا حنان الام وعطفها، وكانت المدرسة مختلطة (ابتدائي ومتوسط وثانوي بنين وبنات).
أنقذتنا حرب عام 1958 في لبنان، ورجعنا الى الكويت بطائرة الهلال الاحمر، وامضينا ثلاثة ايام في المطار، رجعنا لغتنا واجنبية، خسرت ثلاث سنوات من عمري، واذكر رسمت اول لوحة كانت لجدي والد امي، جدي لابي اصله تركي من منطقة قزوين.
بعض الهوايات
وعن الهوايات التي بدأت معها منذ الصغر، تقول البقصمي: اذكر انني كنت احب الغناء منذ الصغر واستمر الغناء معي حتى جامعة موسكو، فغنيت فيها صوت السهارى، كذلك احب عبدالحليم حافظ واحفظ له اغاني واجيد ادائها، كذلك شاركت في التمثيل، وعبدالحليم مثلي الاعلى، ولكن لا احب غناء ام كلثوم وكنت احب مشاهدة الافلام السينمائية ومشاهدتها، وذلك قبل الذهاب الى لبنان، الوالد كان يحضر الى البيت ماكينة السينما، واذكر ان هكان يعلق «شرشف» ابيض على الحائط ونجلس على الارض، الوالدة كانت تدعو نساء الفريج لمشاهدة السينما، وافلام عماد حمدي وشادية، اذكر ان المشاهدات ضربن صورة عماد حمدي عندما ظهر على الشاشة بالاحذية والسبب انه ترك فاتن وذهب مع شادية! كانوا يظنون ان عماد حمدي لا يمثل الا مع فاتن، واذكر انني حضرت فيلما في سينما الشرقية وكان الفيلم «كاوبوي» والبطل جون وين.
وشاهدت ان المتفرجين ضربوا الشاشة بالزجاجات.
أذكر ان بعض التجار كانوا يعرضون افلاما عربية، كان بيت جدي كبيرا فيه حديقة وغزلان، ووجدتي كانت تطبخ للعمال لأن جدي كان هو المهندس والمقاول بنفس الوقت، فكان يقدم الاكل للعمال والطبخ يوميا، كنت احب الأكل الذي تطبخه جدتي عيش وكباب وكان عددنا خمسة عشر حفيدا والاكل كثير.
واذكر أن جدتي كانت تطبخ وتشوي الكباب ونحن الأطفال نأكل فضربتني على يدي.
جدتي كانت تقول لنا لا تأكلوا الجبن من دون خبز الذي يأكل جبنا خاليا من دون خبز وينام «الصباح يصير حمار» هذا الكلام الذي تقوله لكي تمنعنا من اكل الجبن، اكلت جبنا ونمت وبعدما استيقظت من النوم وجدت نفسي كما انا فقلت لنفسي ان جدتي تريد ان تمنعنا من الاكل فتخوفنا، كنت اذهب إلى البحر وادخل الحظور «مصائد الأسماك» لان بيت الوالد قريب من البحر فكنا مجموعة من البنات ونصيد القباقب والاسماك الصغيرة، كنا نخرج من بيت جدي أبناء وبنات الخال والعمة والأعمام، كلنا الاطفال نجتمع في بيت الجد.
الدراسة والتعليم
عن مشوارها في مضمار التعليم تقول ضيفتنا: اول مدرسة التحقت بها مدرسة آمنة وكان الوالد يسكن بالدسمة، وكنت احب اللغة العربية ومن ثم انتقلت الى مدرسة خولة في منطقة الشويخ «ب» وكنت اوفر من مصروفي اليومي واشتري كتبا من مكتبة منطقة الشويخ السكنية واقرأ، وتعرفت على مدرسة للغة العربية وقالت يا ثريا من الضروري ان تدرسي اللغة العربية وكان هذا تشجيعا منها ومن ثم انتقلت الى المرحلة الثانوية والتحقت بثانوية قرطبة الموجودة في الشامية، واذكر ان فوزية خرما كانت ناظرة مدرسة خولة.
عندما كنت في لبنان للدراسة كنت اتمنى ان اكون فنانة ارسم وألون، كانت الناظرة قاسية جدا على الطالبات وكنت عندما اكلف بكتابة او نسخ اي موضوع اول الكتابة النص بالكامل وبالتدريج ابدأ انقص من الموضوع حتى اكمل عدد مرات الكتابة بهذه الطريقة تعلمت الاقتصاد.
أعدت سنة في خولة بمعنى خمس سنوات في الابتدائي، كنت احب الغناء والتمثيل واستمر الغناء معي حتى الجامعة «انتقلت الى متوسطة قرطبة في منطقة الشامية» واكملت تعليمي فيها وبدت الهوايات عندي وكنت انميها وعندنا مدرسة اسمها حمدية وهي التي شجعتني على الرسم، واثناء الفرص بين الحصص امضي الوقت بالمرسم وشاركت في معرض المدرسة وكان اكثر من نصف اللوحات من رسوماتي وكنت اشتري الادوات مما يعطيني الوالد وتشاركني اختي فريدة بنفس التوجه والرسومات واذكر ان بيت الوالد في الشويخ فيه خمسون بابا اكملت تعليمي في مدرسة قرطبة وكذلك الثانوية كنت فيها لأنها مدرسة مشتركة متوسط وثانوي ما كانت متفوقة وكان عندي مشكلة مع الرياضيات وكان عندي النشاط الصباحي في الاذاعة وكنت مسؤولة عن مجلة الحائط وعندما تأسست جمعية الفنون التشكيلية انضممت إليها كعضوة ومعي اختي فريدة واعطونا عضوية مؤازرة واذكر انني شاركت في مظاهرات بالمدرسة وخرجنا الى الشارع، اثناء دراستي كنت اكره التربية البدنية والخياطة واحب الموسيقى.
بعثة دراسية
تحكي البقصمي قصتها مع البعثة الدراسية والموقف الغريب الذي تعرضت له قائلة: تخرجت في ثانوية قرطبة للبنات الناظرة اعطتني الشهادة والدرجات وقالت روحي التربية وقابلي الموجه في الوزارة وهو يحدد لك البعثة الدراسية، والموجه كان المرحوم أمير عبدالرضا وقال لي سنرسلك الى اميركا، اخذ مني الشهادة ووضعها بداخل درج المكتب وسافر وبعد العودة من السفر ذهبت الى الموجه وقال فقدت حاليا البعثة الدراسية لأنك لم تقدمي اوراقك وضاع علي عام دراسي، وزارة التربية ارادت ان تعوضني عن الخطأ فعينوني موظفة أمينة مخزن في روضة المنصور فكنت ارسم على حوائط الروضة وعملت شهرين والتحقت بجامعة الكويت تخصص لغة عربية وباشرت الدراسة بالجامعة ولكن كنت حزينة لأني اشعر بالفن وهو حياتي فكيف اتخصص لغة عربية، كنت افكر بالفنانين بيكاسو وسلفادور دالي وكنت اشاهد لوحاتهما وكنت متأثرة ببيكاسو وفنانين اخرين مثل جواد سليم الفنان العراقي.
السنة الثانية حصلت على بعثة دراسية الى القاهرة للدراسة بكلية الفنون الجميلة بالزمالك، وسافرت والتحقت بالكلية لكن صدمت بعدد الطلبة الكثيف والمدرسون غير متواجدين دائما في غياب، والمكان كأنه سوق اكثر من جامعة علمية، وصعب ان الطالب يتعلم، وحصل لي اكثر من حادثة وانا طالبة، واذكر ان الورق الذي يوزع على الطلبة كان اكثر من سيئ، وعندما نرسم عليه يتمزق، مع العلم اني احضرت معي من الكويت جميع الخامات، اذكر ان الطلبة قاموا بمظاهرات في الكلية، وتوقفت الدراسة لمدة شهر، والطلبة حملوا لافتات كتب عليها «مش عايزين ورق بتلفوا فيه لحمة».
وبداية دراستي كان يتم اغلاق السكن مبكرا بسبب الحوادث ما بعد عام 1973، اعتمدت على نفسي وكنت اسكن في بيت دمشق، واذكر ان حصل زلزال خفيف بالقاهرة وخفنا جدا.
كان الجو اجتماعيا، واذكر زميلتي غنيمة العجيل ونفيسة الغصين مهندسة ديكور، وبعض الطالبات تخصصن في الطب والهندسة، الشيء الجميل ان كل شيء كان متوافرا للطالبات في السكن، والراتب كان متوسطا، وفي القاهرة انضممت لاتحاد الطلبة.
بدأت عضوة وكنت نشيطة جدا مع الزملاء، ومسكت مجلة الندوة الطلابية، وعينت رئيسة تحرير للمجلة وحبي للصحافة من الداخل، وكنت في السابق قوية الملاحظة واكتب عن كل شيء ألاحظه، وكنت سعيدة جدا وأكتب اسمي مع كل مقال، لكن منعوني فقط مرة واحدة ان اكتب اسمي، وفي تلك الفترة بدأت الانتخابات الطلابية ونجحت وصرت عضوة في الهيئة الادارية، واصبحت مشاركة في الاحتفالات، واحيانا عريف حفل، والطلبة يشاركون، واذكر ان بعض الطالبات الكويتيات اللاتي كن موجودات في القاهرة في تلك الفترة كل واحدة بعد عودتها الى الكويت تزوجت زميلا لها وكانت قصص حب جميلة.
واذكر بالقرب من الرابطة مصورا كان يقوم بتصوير حفلاتنا واليوم الثاني نشتري صور بعضنا البعض، وفي اتحاد الطلبة تعرفت على زوجي محمد القديري، وكان يشرف على الانتخابات في الرابطة.
وبعد التعارف معه والحب الذي ربط بيننا تقدم لعائلتي وخطبني وتمت الموافقة وتزوجنا والحمد لله حياتنا سلسة والله رزقنا بالذرية الصالحة، والحمد لله، واصدرت كتابا اسمه «زمن المزمار الاحمر» اول رواية صدرت لي وهي عن الحياة الطلابية في موسكو.
المهم تزوجنا ونحن نعيش حياتنا و50% من الطلبة والطالبات تزوجوا هناك الجو الاجتماعي كان جميلا، كان الملحق الثقافي رجلا طيبا ويشرف على الطلبة وهناك قيود صارمة علينا، كنا نعمل حفلات واشارك فيها، وقدمت قصائد شعرية مع الطالبات، وبداية كتابة الشعر عندما كنت طالبة في الكويت ومن دون قافية، وجدت نفسي بالنصوص الشعرية، وجمعت اشعاري في ديوانين، مكثت بالقاهرة ثلاث سنوات، في الجامعة استفدت منها كانسانة.
بعثة دراسية في موسكو
كانت لضيفتنا حكاية اشبه بالمغامرة في موسكو، تقول عنها: بعدما تزوجت زوجي محمد القديري، اخبرني انه حصل على بعثة دراسية في موسكو دراسات عليا ماجستير ودكتوراه، وقلت له ألحقك اينما تذهب، وسافرت معه الى موسكو لكن الصدمة ان الروس لم يعترفوا بشهادات القاهرة، قالوا عليك ان تبدأي من جديد.
وافقت وبدأت الالتحاق بالكلية والدراسة، لكن سنة اولى لغة روسية، موسكو تجربة مغايرة وعجيبة، كنا نعيش في سكن داخلي مع زوجي الذي كان ايضا يتعلم اللغة الروسية، والسكن للطلبة الذين يدرسون اللغة والدراسة والسكن في سكن الطلبة كلية الفنون، كان عدد الطلبة الذين تقدموا للدراسة في الكلية خمسة عشر طالبا قُبل اثنان منهم ثريا البقصمي وطالب سوري فقط، سبب الرفض عدم وجود امكانيات فنية، قالوا لنا ان السكن لنا كزوجين مرفوض مع بعض، محمد يسكن في سكن الجامعة وانا اسكن في سكن الطلبة، لكني رفضت هذا الاقتراح، وقلت تركت بلادي وضيعت ثلاث سنوات في القاهرة لا أرفض اقتراحهم وبكيت فتمت الموافقة.
الجو بارد وقارس جدا 40 درجة تحت الصفر والراتب الشهري اربعين دينارا من السفارة الكويتية في موسكو ومن الحكومة الروسية تسعين روبلا.
الروس كانوا كريمين وكانوا يقصدون كسب الطلبة، وايضا التعليم كان مجانا والملابس والكتب كلها على نفقة الحكومة الروسية، وايضا الرعاية الطبية ووجبات الأكل ندفع شيئا رمزيا، ولدت ابنتي في موسكو، فأخذوها مني واشرفوا على تربيتها لمدة سنة، وبعد ذلك تسلمتها منهم، كل شيء متوافر للدارسين من الغرباء ولازم نعتقد ان ما يقومون به وما يقدمونه للطالب هو أحسن نظام سياسي في العالم، جميع الطلبة الذين تعلموا في روسيا في السبعينيات لم يعتقدوا في النظام الاشتراكي، كانت عقدتي الجو واحببت ان اعيش مع زوجي، كان الطلبة جديين والمدرس كان رجلا جادا في عمله يقف بجانب الطالب ويشرح له ويعلمه تعليما دقيقا، ضاعت ثلاث سنوات في القاهرة من عمري، وبدأت من جديد في كلية الفنون في موسكو، وكان معي طلبة من الروس وآخرون من دول اجنبية تعلمت منهم، وفي عام 1976 ولدت ابنتي فأخذوها مني إلى بيت الأطفال.
زوجي أنهى دراسته في الماجستير وعين في الخارجية وعين ديبلوماسيا ومكان عمله كنشاسا.
انهيت دراستي البكالوريوس والماجستير سبع سنوات وعدت إلى الكويت.
بعد التخرج
عن نشاطها وعملها بعد التخرج والعودة من موسكو تقول البقصمي:
بعد التخرج والعودة إلى الكويت عام 1984 عينت في مجلة العربي بعمل «رسامة» ولمدة خمس سنوات وللاسف لم احصل على التقدير كنت اعمل داخل مكتب فيه عشرة رجال ما عندي مكتب شخصي كفنانة وراتبي ضعيف جدا كنت محبطة بعد خمس سنوات قدمت استقالتي والتحقت بتلفزيون الكويت وعملي لا شيء واشتغلت في قسم الديكور واشتغلت بالإذاعة وكان عمل ممتع جدا، كنت معدة لبرنامج «فن فنتاستك»، الفن روعة وكان خمسة وعشرين حلقة اسبوعيا والمكافأة بسيطة ثلاثة دنانير للحلقة الواحدة هذا كان بالثمانينيات كان عملا ممتعا في الاذاعة وانتقلت الى الصحافة مع الاذاعة وكتبت عن قصر الشيخ خزعل أمير المحمرة وأنا أول صحافية كتبت عنه.
وكان جدي لأمي اسطى أحمد هو الذي عمل رسومات وزخرفة لسقف غرفة خزعل، وصورت القصر وكان معي مصور اسمه سليمان حيدر وذلك عام 1985 الوالدة عاشت في قصر خزعل لمدة طويلة.
والدتي نصرة أحمد البنا وجدتي صديقة الشيخ خزعل وكانت والدتي تلعب مع الاطفال الذين كانوا بنفس عمرها ومن القصص التي كانت الوالدة ترويها قصة السدرة وكتبتها ونشرتها في كتاب.
كانت الوالدة تقول لنا القصص وكنت أدونها وعن حمام الموجود بالسرداب وذكرت لنا ان القصر يضم تقريبا مائة غرفة.
قمت بزيارة لذلك القصر وعندما عملت الاستطلاع عن قصر خزعل ونشر في مجلة العربي وحاز إعجاب المسؤولين والقراء وذلك عام 1985 وبعد ذلك عملت استطلاعا، عن متحف طارق سيد رجب وعن الاسواق بالخليج العربي وذلك عام 1986 في سلطنة عمان كان الكويتي يحتاج لفيزا ولكن لان جوازي ديبلوماسي سمحوا لي بالدخول بدون فيزا وعملت استطلاعا ونشر في مجلة الاسواق العربية، زاد النشاط وعملي اهتموا به ورسمت للاطفال وفي نفس الوقت كنت اعمل بجريدة الوطن.
محررة نصف دوام، وكتبت في الصفحة الثقافية وكنت أغطي احداثا ومعارض، وكنت صريحة جدا والفنانون زعلوا مني وأقالوني من جمعية الفنون التشكيلية وذلك لأنني انتقدت اعمالهم.
وقبلت الموضوع بصدر رحب وهذه حرية رأي. تفوقت وظهر اسمي بالصحافة الكويتية بجانب الفنون، وكذلك المعارض الشخصية التي أقيمها، حيث أقمت «القديري غاليري» مع زوجي وعملت معارض استفدت منه ماديا قليل،ا القصد ان أنشر الفن وليس الربح.
وشاركت مع مجموعة اسمها أصدقاء الفن التشكيلي مع فنانين من دول مجلس التعاون، اقمنا عشرين معرضا شخصيا بجميع دول العالم.
كان عددنا عشرين فنانا.. وصلنا إلى أميركا وأميركا اللاتينية، وبعد الاحتلال الصدامي توقفنا عن إقامة المعارض.
عام 1990 قررت عدم الخروج من الكويت وبقيت مع أولادي وزوجي.
وكان زوجي مع المقاومة وأشياء كثيرة يقوم بها، التجربة التي عشتها بعد ذلك ظهرت في كتب وفي لوحات، والكتب حصلت على جوائز وترجمت إلى لغات عديدة، وكانت شاهدا حقيقيا على ما صار للكويت من قبل الاحتلال الصدامي كل ما رأيته وثقته في لوحاتي، وقبل التحرير بثلاثة أيام العراقيون أخذوا زوجي محمد أسيرا إلى البصرة وكان من أول الذين اطلقوا سراحهم.
«شموع السراديب»
اثر الاحتلال الصدامي على ثريا البقصمي كما فعل مع جموع الكويتيين بل والمقيمين على أرض الكويت.
عما حدث بعد هذه المرحلة الحالكة تقول البقصمي: بعد التحرير وبعدما اطلق سراح زوجي كتبت كل شيء عن الاحتلال في كتاب اسمه شموع السراديب وترجم إلى اللغة التشيكوسلوڤاكية وبعد ذلك كتبت كتابا اسمه مذاكرات فطومة وحصلت على جائزة الدولة.
وحصلت على جائزة من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لأفضل كتاب، وبعد ذلك كتاب رحيل النوافذ عن الاحتلال العراقي لدولة الكويت ولايزال في نفسي الكثير من القصص وبعد التحرير وبعد عودة زوجي من الأسر سافرت إلى قبرص عند أولادي وخلال ثلاثة ايام كنت اتحدث للكويتيين عن الاحتلال العراقي وعن الرعب والشرخ الكبير في نفس الكويتيين، هذا لا ينسى ولو بعد مليون سنة قادمة.
الكويتيون يذكرون الاحتلال الصدامي على دولتهم والدمار الذي خلفه الاحتلال البربري.
بعد التحرير والاستقرار بدأت أقيم معارض في دول مثل الصين وإريتريا وأفغانستان، أقمت 61 معرضا شخصيا، هذا طوال مسيرتي الفنية، هذا العدد لم يحصل عليه أي فنان واكثر من ثلاثمائة معرض فني جماعي داخل الكويت وخارجها.. وأكثر المعارض غرابة كان في أفغانستان وفي فيتنام والهند والدول الأوروبية والعربية والافريقية، معرض افغانستان لا استطيع ان انساه لانه من عمل معهد غوتا الالماني ويوم الافتتاح جنود ألمان شباب حضروا المعرض وقالوا انهم سعداء أن شاهدوا المعرض في أفغانستان هذا شيء جميل وغدا سنرجع إلى بلدنا وركبوا الباص ودخل عليهم انتحاري بسيارته وقتلهم جميعا، الحدث كان فظيعا، وفي افغانستان اسست ورشة دربت فيها فنانين أفغان.
ايضا انا عضوة في جمعية الفن الخاص والتي تهتم بفن المعاقين، وأعطي دورات للمعاقين وعندي الاستعداد التام لخدمة الآخرين وهذا جزء من رسالتي.
هذا العام صدر لي كتاب بعنوان خواتم النسيان وآخر في كفي زرقاء وقصص قصيرة عددها ست.