- الكتاب تناول تاريـخ الحضارات وما اشتهرت به من فنون تطبيقية مختلفة
زينب أبوسيدو
في كتابها «فنون الحضارات.. عراقة ـ أصالة ـ حداثة»، القت المؤلفة د.نورية السالم الضوء على جميع الفنون الاسلامية بكل اشكالها ومراحل تطورها، منذ الفن البدائي الى فنون الحداثة، واهتمت المؤلفة بتطوير استخدام الادوات الفنية.
كمــا تناولـت تاريـخ الحضارات وما اشتهرت به كل حضارة من فنون تطبيقية مختلفة، وبدأت بتطور الفنون منذ العصر الحجري الذي رأت ان حياة الانسان مرت خلاله بمرحلتين: المرحلة الاولى هي مرحلة جمع الطعام، خلال العصرين الحجري القديم والمتوسط، ظل الانسان متجولا وراء الصيد باحثا عن غذائه وحماية نفسه من الاخطار من حوله، والمرحلة الثانية وهي مرحلة انتاج الطعام عندما اكتشف الانسان الزراعة واستقر اكثر وذلك خلال العصر الحجري الحديث.
فنون العصر الحجري القديم
لجأ الانسان الاول الى الرسم على جدران الكهوف كبداية استخدم الرسوم لاغراض السحر وطرد الارواح الشريرة وغالبا ما كانت الرسوم البشرية على جدران الكهوف تأخذ شكل انسان متنكر في هيئة حيوان ليستمد منه القوة ضد الارواح الشريرة.
رسوم الصيد
ان غالبية الرسوم على الجدران مثلت رحلات الصيد، وقد اخترق عدد كبير من السهام اجسام الحيوانات، كما عبر الانسان الاول عن حياته اليومية، ومن امثلة ذلك طقوس الرقص اوالصيد او القتال، او بعض الموضوعات المتعلقة بارتباط الانسان بالزراعة.
ولم يهتم نحات ما قبل التاريخ بالوجوه، بل اهتم بمميزات الجسم كالصدر والافخاذ عند تمثيل الاشخاص.
وصل عصر «الباليوليتي» الى اوروبا في حوالي العام 25000 قبل الميلاد قادما من جنوب آسيا وشمال افريقيا، حيث عثر على آثار فنية متفرقة، وقد تقدم النحت في العهد «المجداليني» واهتموا ايضا بنحت الحيوانات، كما بدأت الفنون البدائية مع وجود الانسان منذ العصور الحجرية، وقد ظهرت آثار الانسان الفنية في اقاليم مختلفة من العالم.
كما افردت فصلا خاصا في كتابها للفن عند المصريين القدماء، واوضحت ان التفكير الديني توصل بـ «المصريين الى عقيدة البعث اي العودة الى الحياة ذات يوم مرة اخرى بعد الموت».
لقد كانت العقيدة الدينية ذات اثر ملموس في كل الاطوار التي مر بها الفن، فعقيدة البعث كانت محورا رئيسيا دار الفن في فلكها، واهتم المصري القديم بالقبور كما اهتم بالاجساد والتحنيط لحفظ الاجساد من الفناء لضمان عودة الروح اليها بعد البعث، كما اهتم بوضع كل ما يحتاج اليه الميت بعد البعث من طعام وشراب وادوات وتماثيل.
تطور المقابر
واعتبرت د.نورية تطور المقابر بداية لمراحل تطور الفن المصري القديم، ثم بدأت المقابر تأخذ هيئة «لحود»، تحفر في الارض، ثم صارت مقابر تبنى على مقربة من الاكواخ ثم وضعت الجثث مرتدية اثمن الملابس واجمل الحلي في تابوت لحماية الميت من تساقط الرمل والحصى على جثته، ثم تطور الى بناء للدفن من الحجارة او الطوب اللبن، ثم تطور الى طرز معمارية مختلفة منها المصاطب والاهرام وكهوف في الصخر.
كما افردت فصلا من الفنون في العصر الاغريقي وتوقفت عند المسرح الاغريقي، موضحة ان الثقافة الهيلنسيتية ازدهرت في جميع المجالات، واخذت الثقافة والآداب مكانة عند الشعب، واعتبر المسرح الاغريقي اقدم المسارح التي عرفها الوجود، فهو الاساس للفنون المسرحية التي عرفت فيما بعد، وكانت نشأته متعلقة بالعقائد الدينية وتكريما للآلهة. كان المسرح الاغريقي عبارة عن شكل نصف دائري، وهو عبارة عن مدرجات تتسع لآلاف المشاهدين، وبه منصة لوقوف الاوركسترا والممثلون وتقدم العروض بالنهار فقط.
ظهور الفلاسفة
ونظرا لظهور الفلاسفة امثال ارسطو وافلاطون وغيرهم فقد اثر ذلك على نظرتهم بطريقتهم الفلسفية إلى الدين، وتميزت الدراما الاغريقية باعتمادها على الاساطير الدينية وارتباطها بفن المحاكاة والزمن الروائي، الذي يظهر فيه عظمة الآلهة امام الانسان ضمن اطار يتيح الشعور بالراحة النفسية وتطهيرها، ونذكر من اشهر كتابهم اسخيلوس وسوفوكليس ويوربيدس. اما شعراء التراجيديا في المسرح الاغريقي فنجد الشاعر سوفوكليس ومن اعماله «اوديب ملكا»، والشاعر يوربيدس ومن اعماله «ميديا» ويعد ثسبس اول ممثل فقد كان يمثل ما يكتب، ولهذا كان شاعرا وممثلا. وتوقفت د.نورية السالم في كتابها عن الحضارة الاسلامية وفنونها وخصوصا فن الزخارف الذي تطور تطورا كبيرا في ظل الحضارة الاسلامية، موضحة ان كلمة الزخرفة تعتبر لفظا شاملا لأنواع التزيين والتحسين، وسميت كل زينة زخرفا، وما يدخل تحت الزخرف من النقوش والخطوط والتصاوير والتمويه بالذهب من خبرات وممارسات اعمال الفنان المسلم في الدولة الاسلامية على مر العصور التي ازدهر بها الا انها فن قائم بذاته يمكن ان تندرج تحته العناصر الزخرفية المتعددة.
الفنون الإسلامية
وبينت خصائص الفنون الاسلامية موضحة ان مفهوم الزخارف الاسلامية يجمع خصائص التجريد والوزن في نفس الوقت وان معنى الطبيعة الموسيقية ومعنى الهندسة العقلية يؤلفان دوما عناصر هذا الفن المتميز، ونظرا الى تحريم تجسيد الارواح من منطلق ديني، فقد لجأ الفنان المسلم الى تحويل التجسيد البشري الى مساحات مزخرفة، واطلق عليه مصطلح «الارابيسك»، وعليه كانت خصائص الفنون الزخرفية الاسلامية كالتالي:
٭ تجريد الطبيعة: لقد تناول الفنان الورقة والشجرة والزهرة، باسلوب التجريد ونقلها من شكلها الطبيعي الى رمز واخذت اخراجا جديدا.
التكوينات الزخرفية النباتية
لعبت الزخارف النباتية دورا مهما في تشكيل الأعمال الفنية الإسلامية، فلقد كان عالم النبات مصدر إلهام للفنان المسلم، وكان تعبير هذا الفنان عنه يتراوح بين التجريد المطلق والتكوين المتحرر من كل أثر طبيعي، وبين التزام أشكال الطبيعة التزاما يكون قريبا نسبيا او بعيدا، حسب العصور والأقاليم، فلقد مزج الفنان استخدام النباتات والتعريفات في عمل الزخارف، وتعتبر الزخارف النباتية واحدة من العناصر الزخرفية التي أبدع فيها الفنان المسلم، فابتكر أشكالا نباتية مجردة يتجاوز مفهوم المحاكاة للمظاهر الطبيعية. وعلى الرغم من هذه الأساليب والاتجاهات، فهناك شخصية متميزة، وإطار عام ينفرد به الطابع العام لهذه التكوينات الزخرفية النباتية الإسلامية والزخارف النباتية خاصة من اكثر العناصر الزخرفية انتشارا على الأعمال الفنية، لاسيما الدينية منها وقد ساعد على انتشار هذا النوع من الزخارف، ما اتسم به الفنان منذ بداية العصر الإسلامي من ابتعاد عن رسم او حفر الاشكال الآدمية والحيوانية في الاعمال الفنية المرتبطة بالشعائر الدينية. كما كان للزخارف النباتية دورها الذي اتجهت فيه نحو التجريد، فأخذت في الابتعاد عن الطبيعة متحورة عن أصولها، ولعل اهم ما يؤيد ذلك تلك الزخارف المسماة بالأرابيسك.