«في السفر سبع فوائد» ضيفنا هذا الأسبوع أغلب الظن أنه نال الفوائد السبع لكثرة ما لقيه ومر به في سفره وترحاله عبر البحر ومنذ الصغر. ولد العم سليمان فهد البلوشي في أكبر فريج بالحي القبلي وكان بيت جده ووالده مقابل ساحل البحر، فتعلم فنون التعامل مع البحر منذ طفولته حيث نشأ في كنف والده الذي كان نوخذة يشار إليه بالبنان ثم امتلك سفينة شراعية خاصة به كانت المدرسة البحرية التي تخرج فيها. أولع بخوض غمار البحر فأخذه والده معه في سن الثانية عشرة بعد أن كان التحق بمدرسة محمد صالح العدساني والمدرسة الأحمدية، وحفظ القرآن في مدرسة ملا مرشد ذات الشهرة الواسعة. يحدثنا ضيفنا في هذا اللقاء عن مراحل حياته المختلفة والذكريات التي لاتزال عالقة بذهنه صورا جميلة من الماضي، ركوبه للسفن الشراعية للمرة الأولى عام 1942 وما حدث في هذه الرحلة من هبوب رياح شديدة وتمزق للشراع وماذا كان رد فعله وكيف عاقبه والده، ذهابه إلى البصرة مع البحارة لحمل التمور ونقلها إلى كراتشي وكيف انبهر بجمال هذه المدينة وما فيها، تدرجه في العمل بالسفن حتى أصبح «سكوني»، وحادثة أول انتحار في تاريخ الكويت البحري وقائعها وسببها. كما يتطرق كذلك إلى محطات عمله بعد البحر والسفن الشراعية، وكيف عمل في شركتي نفط الكويت وحمال باشا والبلدية ووزارة التربية التي صار فيما بعد مسؤولا عن قطاع كبير فيها. كل هذا وغيره من المعلومات والحكايات الشيقة والممتعة نقرؤها في اللقاء التالي مع العم سليمان البلوشي فإلى التفاصيل:
في بداية حديثه يقول ضيفنا سليمان فهد عبدالرحمن البلوشي: ولدت في الكويت بفريج سعود الواقع مقابل ساحل البحر بالحي القبلي بالقرب من بيت الوكيل ونصعد الى بيوتنا من سلم الوكيل لأن فريج سعود من جهة البحر مرتفع وبيت الوالد وجدي يتكون من حوش الديوانية والجزء الثاني بيت الحرم واذكر كان من جيراننا بيت محمد سليمان العتيبي وعلى اليمين بيت اشتراه سالم الصانع وبيت سعد ناصر المقهوي. وناصر المقهوي عين مديرا على شركة التموين أثناء الحرب العالمية الثانية ومن يمين بيت الصانع عبدالله بورحمة ولصيق به بيت العيدان وبيت القامجي وعبدالله اليحيى وابنه علي وبيت سراب وفيه تجمع للكنادرة، ومن خلفه بيت علي اليحيى وبيت كلمند وبيت الخضر ونهابه وبيت سعد الخضر ومن جهة القبلة بيت السالم، وفريج سعود يتميز بوجود عدد كبير من النواخذة، مثل عائلة المباركي وابن سلامة ومحمد بوشيبة والوالد نوخذة وعيسى النشمي وأبناء درباس العمر، كانوا نواخذة وملاكا للسفن الشراعية، هذا ما كان يتميز به فريج سعود والسبب في ذلك ان البحر يقابل ذلك الفريج، والنقعة كانت للعبدالجليل وبعد ذلك صارت نقعة سعود وتمت توسعتها والعبدالجليل كانوا يملكون سفينة من نوع الكوتية وتصنع في الهند وتكون الميناء في العاصمة من 3 نقع العبدالجليل ونقعة سعود ونقعة الشيوخ فتمت التوسعة وصار الميناء لرسو السفن الصغيرة والتشاشيل مفردها تشالة وهي سفينة نقل من البواخر الراسية في البحر وتنقل البضائع الى الميناء، وحمال باشي بشركة النقل البحري والمسؤول عن الميناء عبدالرحمن الصرعاوي.
وعن حياته وعمله في البحر يقول: بدأت حياتي البحرية منذ الطفولة لأن بيت الوالد على ساحل البحر بفريج سعود وهو من أكبر الأحياء في الحي القبلي، كنت اذهب للسباحة والحداق علمني الوالد السباحة بيوم واحد كان رحمه الله يحملني على يديه «وأطابش» برجلي ومما اذكر ينزلني عن يديه وأكاد ان أغرق حتى تعلمت السباحة ومن الخوف اسبح حتى أصل الى الوالد، ومن أصدقائي الذين اذهب معهم الى البحر عبدالله الصانع وعبدالعزيز ومحمد العتيبي وحسن حاجيه وخالد الخضر وسلطان وعلي سعد وحسن رحمة كنا مجموعة وسلطان المانع ونسبح ونذهب للحداق نستعمل الخيط والميدار والسعدوة «السنّارة» ونصل الى سور البحري وكنت مع أصدقائي نركب على سطح بوم الماء واذا وصل خلف سور النقعة نرمي أنفسنا في البحر ونرجع سباحة خاصة إذا كان البحر في قمة «السجي» المد ونصيد السمك المجوة والمزيزي وإذا وضعنا السم في البحر نصيد الميد والقبقب ونشوي ونأكل.
ويضيف: أيضا ونحن صغار وشباب كنت مع الأصدقاء نلعب الهول في الشارع البحري، من المستشفى الاميركاني الى دسمان شارع واحد مستقيم والعماير موجودة على ساحل البحر، نلعب الهول والتيل والصفروق. كما اذكر عمارة الخشتي وعمارة درباس العمر بالسابق نسمي الاسمنت «صاروي».
الدراسة والتعليم
بعد ذلك يتطرق البلوشي الى مرحلة التعليم فيقول: بدأت التعليم عند ملا عثمان العثمان وكانت مدرسته بالقرب من سوق الحدادة مقابل السوق الداخلي وتعلمت بداية الحروف والقرآن الكريم، ثم أنتقل الى سكة بن دعيج. والتحقت بالمدرسة الأحمدية وفي الصيف عطلة المدارس الوالد ما كان يتركني بالشارع ولكن يلحقني بمدرسة محمد صالح العدساني أو مدرسة الشيخ أحمد الخميس الخلف في الحي القبلي في بخار الصفر، تعلمت قراءة القرآن الكريم والقراءة والكتابة ولكن ختمت القرآن الكريم في مدرسة ملا مرشد في المرقاب وكنت اذهب مشيا كل يوم. كان جدي رحمه الله يشرب القهوة صباح كل يوم عند ابن حامد في المرقاب فيأخذني معه واذا وصلت مدرسة ملا مرشد ادخلني وذهب عند صديقه في ديوانية الشايع مشيا على الأقدام.
كان عبدالله بن حامد يبيع الامداد ومفردها مَدّة تستخدم للجلوس مثل السجادة حاليا ومحله عند مسجد بن بحر ومبنىي من الطين وأمامه توجد كماريات يجلس تحتها الباعة ويعرضون بضائعهم. وأيضا مبارك بورسلي وعبدالله بن حامد وسليمان الخريف ويبيعون التمر والحصر ودوان للنساء ويبيعون «برشونة» وتعني مجموعة من الأدوات والأغراض مثل الخيوط والإبر، وعندما تنتهي الدراسة ارجع الى البيت، الحقيقة انني قد استفدت كثيرا في مدرسة ملا مرشد تعلمت الخط وحفظت القرآن وتعلمت الكتابة والحساب وخاصة حساب الغوص، وكان ملا مرشد يقول: من يكتب جملة الخط دون خطأ يخرج من المدرسة قبل زملائه.
وكنت انقش الكلمات، ومما اذكر من زملاء الدراسة الشيخ ناصر صباح الناصر واحمد المزعل وعبدالرزاق النفيسي وعثمان الحنيف وعبدالعزيز سعود الصباح وفهد الجابر الصباح كنا شبابا متقاربين في العمر ومجموعة كبيرة ختمت القرآن ولكن الوالدة لم تعمل زفة ختم القرآن، كانت دراستي عند ملا مرشد بالقطوعة، تعلم واكمل دراستك والوالد يدفع، والبعض كان يدفع اسبوعيا يقال «خميسية»، والوالد كان يدفع الأجرة مقدما ونعطي الملا النوافل عيش وهريس.
ويضيف: الأحمدية كانت ثاني مدرسة تم افتتاحها في الكويت عام 1921 فكنت طالبا فيها مع أبناء الفريج وكانت قريبة جدا من بيت الوالد انزل من درج الوكيل يسارا الى المدرسة مقابل بيت العبدالجليل كان بناء المدرسة الأحمدية القديم من عروق الطين وهدمت ونقل الطلبة الى العماير في منتصف الثلاثينيات وتم تجديد بناء المدرسة وفي تلك السنة تم افتتاح مستوصف د.يحيى الحديدي في ديوان معرفي، وبالنسبة للطلبة كل صف نقلوه الى العماير واستخدموا بعض البيوت حتى انتهى بناء المدرسة الأحمدية الجديد وذلك عام 1939 وفي تلك السنة اعطونا إبرا ضد الجدري الذي انتشر عندنا في الكويت وكنت اذهب الى سوق الصفافير واحضر الماء الذي يتجمع في حفرة لعلاج الجدري.
أي انه في تلك السنة تم هدم وبناء المدرسة الأحمدية وانتشر مرض الجدري وافتتح مستوصف يحيى الحديدي وكان يسمى المستوصف السوري، وفي تلك السنة كنت طالبا في المدرسة الأحمدية وكان المرحوم محمد صالح العدساني مدرسا فيها وهو الذي كان يصاحبنا في المشي من المدرسة الى المكان الجديد، وكان شديدا على الطلبة وكانت هناك طاعة عمياء للمدرس وكنا نلبس دشاديش ولا نعرف البنطلونات والناظر ملا راشد السيف ومن المدرسين محمد الشايجي وعبدالمحسن البحر ومدرس الرياضة ابراهيم المواش وتقي، وبعد ذلك بعض المدرسين الفلسطينيين ومنهم عبداللطيف الصالح وربحي العارف وزوجته صارت ناظرة في روضة المهلب وكنت متفوقا في المدرسة وكنت منافسا للطالب رضا مهدي، وترتيبي الأول أو الثاني في الفصل، وهو بالخط متفوق والاستاذ محمد الشايجي مدرس الخط وجميل في الكتابة الرقعة والفارسي والنسخ.
السفر بالسفن الشراعية
وعن اصطحاب الوالد له في سفر بالسفن الشراعية وأثر ذلك على دراسته يقول سليمان البلوشي: الوالد كان يأخذني من المدرسة واذهب معه للسفر بالسفن الشراعية لأن الوالد كان نوخذة سفر فكانت دراستي متقطعة بالمدرسة، وأول سفرة أخرجني من المدرسة عام 1942، وركبت معه تباب وابن النوخذة وكان يعلمني أصول البحر وكنت أجيد القراءة والكتابة وأول ليلة مرت علي في السفينة خرجنا من طونيه بدقل القلمي وعندما عبرنا بين فيلكا وسجان اذكر ان معنا اثنين من الفيلكاويين، ومن فيلكا اشترينا سمكا مملحا زبيدي وجراجير واثناء السفر واذكر حسن والثاني محمد بن هندي عبرنا الى البصرة وعند البنقلة لكي نخرج للدخول الى شط العرب (وبنقلة مبنى للجمرك العراقي) وحملنا التمور وبعد ذلك التحميل خرجنا من شط العرب والخوف صاحبني عندما خرجنا من مسقط الى كراتشي ضربنا هواء شديد وانشق الشراع العود، وفتحة الشراع أخافتني فقلت آه يا أمي الغالية فالوالد ضربني كفا على الوجه وأخفيت نفسي تحت الكشتيل ورفعوا الجيب حتى خف الهواء ورفعنا السقديرة ونزلنا الجيب والشرع التي تستخدم على السفينة هي: أ – الشراع العود، ب – الشراع السقديرة، ج – التركيت والجيب والقلمي.
الشراع العود وهو أكبر شراع على الدقل العود التركيت من البوش قاصر ومن صوب الآخر قاصر واما الجيب مثلث واذا هب الهواء الشديد يبقى الجيب فقط.. وطوال الليل ناداني الوالد وقال شوف انتبه هنا مكان رجال ما فيه بكى أو أمي.
ومما اذكر قبل ان اذهب الى السفينة للسفر الوالدة رحمها الله أعطتني «الزهاب» وهو يتكون من الدرابيل والمصفط والحلوي والرهش من عند عبدالله الحلواجي ووضعها في طاسة، وصلنا مدينة كراتشي وشاهدت تلك المدينة الكبيرة ونحن بالسفينة مياه البحر الزرقاء وفي الليل الكهرباء تضيء المدينة وفي صباح اليوم الثاني دخلنا خور كراتشي وهو غير واسع.. والسفينة النوخذة يأخذ احتياط عندما يدخل الخور ينزل باوره من صدر السفينة وباوره من آخر السفينة لكيلا تدور السفينة حول نفسها وتصطدم بالسفن الأخرى، نزل الوالد وسلم الأوراق للمسؤولين وكان عندنا ذهب مخفي في اماكن سرية والذين يعرفون مكان الذهب فقط القلاف والمجدمي وبحار من المقربين للنوخذة والبحارة الآخرين لا يعرفون مكان الذهب، وبصفة عامة فإن البحر يعلم الصبر وفيه الرجولة والأمانة وفيه الأمان.. وفي أول سفرة قال الوالد «هذه مدينة كراتشي روح السوق وتشوف الفواكه والخضراوات، «انتبه لا تكون مثل عنز البدو تأكل وتدري عن نفسك».
في ذلك الوقت في الكويت ما عندنا موز فقط بعض المسافرين الى الهند يحضرون معهم القليل من الموز بالبواخر مثل الباخرة «دامرا» و«دواركا».
نزلت الى السوق مع الوالد استأجر شقة مع النوخذة احمد اليعقوب ومحمد بورحمه ومنصور الخرافي ومساعد العجيل ونعرفه بالخرافي وأخيه براك كانوا نواخذة والشقة كبيرة وعندهم طباخ وهو الذي يجهز الأكل.
بعد ذلك أنزل البحارة التمور وفي كراتشي العربانة يجرها الجمل وحملنا من ميناء كراتشي العيش واذكر ان محمد المرزوق هو تاجر التمور، وهو شخصية محترمة وله مكانة خاصة عند النواخذة، المهم بعدما حملنا العيش توجهنا الى الكويت في تلك السنة ذهبنا الى الهند «مطراسين» يعني سفرتين وهذا يسمى السفر الهرفي، لأن السفرة الأولى النواخذة يحملون التمر غير الجيدة ويسمى الزهدي أو الساير والعمران واللحلاوي.
والدي يعتبر من نواخذة السفر الرهرفي... وبعدما نزلنا العيش في الكويت في طوينة ونقل بواسطة التشالات بعد ذلك أدخلنا السفينة الى النقعة... والدي رحمه الله كان في سفينة ملك الفلاح الخرافي «فتح الباري» وبعد ذلك صار نوخذة في سفينة ملك الصقر وبعد ذلك صار نوخذة عند احمد الخرافي وبعد ذلك نوخذة في سفينة ملك فلاح الخرافي مرة ثانية.
واذكر اول مجدمي محمد بن سالم وهو العود واما المجدمي الصغير فمن اصل عماني والطباخ من اهل دبي اسمه احمد وهذه هي السفرة الاولى.
السفرة الثانية
بعد ذلك يحكي البلوشي تفاصيل رحلته الثانية في البحر قائلا: في السفرة الثانية ايضا اخذني الوالد معه وسافرنا الى بومباي حملنا تمورا ونزلناها للتاجر الكويتي وحملنا «نخي» ونقلناه الى نولكي احد موانئ الهند، وسافرنا الى كلكوتا وهناك مكثنا مدة طويلة وحملنا حطبا وفي كلكوتا لا يوجد بندر لان البحر مكشوف والموج مستمر وتحمل الاخشاب من المنظرة الى ما قبل الماء.
وبالنسبة للسكن في كلكوتا يقول: سكنا عند المرحوم يوسف الصقر في مكان مخصص للنواخذة ويوجد في كلكوتا مكانان مشهوران واحد ليوسف الصقر والثاني لتاجر هندي اسمه كنجي احمد جميع النواخذة يتواجدون عند الاثنين ايضا نواخذة عمان ونواخذة بر فارس، وفي ذلك الزمن اهل قطر والبحرين ما كان عندهم سفن شراعية كثيرة واغلبية السفن للكويتيين وأهل مدينة صور بسلطنة عمان، هذه السنة الاولى والثانية التي سافرت مع الوالد وكان عمري اثنتي عشرة سنة، وفي اول سنة سافرت فيها امضينا شهر رمضان ونحن في البحر وعيدنا ونحن في البحر وعندما وصلنا كراتشي شاهدت العاب العيد القلابية والدوارف وام الحصن ومحمد المرزوق اعطاني عيدية خمسة عشر روبية وكذلك صديقي نفس المبلغ اول يوم صرفت روبية واحدة اكلنا في المطعم برياني بأربع آنات.
في كراتشي توجد قهوة للكويتيين لصاحبها يوسف السيف وفيها النواخذة ومكتب المرزوق بجانبها وركبت العربانة ام حصان وشوارعها مبلطة ايام الحرب العظمى والكويتيون استفادوا من الهند بسبب النقل البحري من مدينة لاخرى لان الجيش البريطاني اخذ جميع السفن الهندية للمجهود الحربي فاعتمد الهنود في النقل على السفن الكويتية وكذلك السفن العمانية، وفي تلك السنة ركزوا على العيش ومنه بلم كراتشي وعيش عنبر وعيش الزيرة، والينيار للاخشاب والتوابل، الكويتيون كانوا يتواجدون في ديوان الصقر، وكلمة حق في تجار الكويت انهم لم يقصروا عن النواخذة والبحارة الكويتيين واعطوا ولم يبخلوا وفتحوا ديوانياتهم للجميع واذكر المرحوم يوسف الصقر وله شخصيته ومكانته الخاصة في نفوس الكويتيين، والسفر بالسفن الشراعية فيه نظام، والنوخذة والمجادمة والسكونية والبحارة كل واحد منهم يتلقى الاوامر للعمل، مثلا اذا النوخذة ما عنده حمولة يقول للبحارة اليوم لكم اجازة، والبحارة يقيمون السمرات والحفلات الغنائية بالسفينة والوالد لم يكن يحب الطرب والغناء واذكر بعض النواخذة كانوا يحبون الغناء ومحمد بورحمة كان نوخذة في بوم الصقر واقام حفلة سمر.
والنوخذة احمد اليعقوب كان نوخذة في المجون ملك المرزوق، معظم النواخذة الذين امتلكوا سفنا فيما بعد كانوا في الاصل نواخذة عند الصقر، مدرسة الصقر البحرية التي تخرج فيها النواخذة.
المدرسة الثانية
وعن البحر يقول سليمان البلوشي: اقول ان البحر والسفر المدرسة الثانية في حياتي واثر ذلك بنفسي عندما عملت موظفا، فالبحارة جميعهم يد واحدة ومتعاونون وحتى المريض النوخذة يخصص له احد البحارة للاشراف عليه.
والبحر فيه قصص جميلة وحلوة وفيها عبر وكل سفرة يتعلم الرجل شيئا ما من البحر، صرت بحارا مع الوالد ولي سهم مثل البحارة الآخرين ومن اول سفرة مع الوالد كنت اسمع اوامره التي يطلقها على البحارة فكنت متحركا ومسرعا، من هذه الطلبات والاوامر تعلمت كيف اصعد الى آخر الدقل ولاول مرة عملت مع الوالد بحارا وذلك عام 1947، اخذت دوري بين البحارة الكبار والشطار، وبدأ السكوني احمد الحداد يعلمني كيفية مسك وادارة دفة السفينة «السكان» واحمد شهباز ايضا كان يعلمني احيانا بالليل وايضا في النهار حتى تعلمت على مسك السكان وتعلمت على قراءة الديرة، وصرت سكونيا رسميا مع الوالد بعدما اشترى سفينة الحاج يوسف الصقر وكان يومئذ النوخذة فيها محمد بن سلامة وذلك بعد عودته من الهند وكان سعرها خمسة عشر ألف روبية فعينني الوالد سكونيا في ذلك اليوم «السفينة».
واقعة مأساوية
يحكي لنا العم سليمان البلوشي عن حادثة مأساوية شهدها البحر فيقول: من الوقائع التي لا تنسى انتحار احد النواخذة حيث رمى بنفسه في البحر بعد ان ربط «زيلة» برجله وذلك بعد ان نام البحارة وكان سبب ذلك انه تأثر حين سبقه احد النواخذة ووصل قبله الى الهند، والزيلة هي علبة من الصفيح ربط بها حبل وربطها برجله فعندما رمى نفسه في البحر امتلأت بالماء وسحبت الرجل الى قاع البحر فغطس وتفقده البحارة فلم يجدوه، هذه قصة انتحار احد نواخذة السفر الشراعي وهو اول انتحار في تاريخ الكويت البحري وكان نزوله من مؤخرة السفينة نسميه «التفر» حيث استيقظ الطباخ ولم يجد النوخذة فنادى على البحارة ليخبرهم بالامر.
النوخذة حسين بلال
وعن ركوبه البحر مع نواخذة آخرين غير والده يقول البلوشي: ركبت بحارا مع النوخذة حسين بلال قبل ان يشتري الوالد سفينة شراعية ملك له ولمدة سنة واحدة وذلك بعد خلاف معه وكان شديدا في تعامله.
حسين بلال الصقر كان رجلا قويا وهو رجل جاد في عمله، وكان يقيم السمرات في السفينة، وكان حمد خليفة مطرب السفينة، واذكر انه كان يغني بعض أغاني أم كلثوم القديمة.
حسين بلال ونعم الرجل، تعلمت منه المزيد من الصبر والنخوة، السفينة التي اشتراها الوالد يوسف الصقر سفينة جديدة وركب فيها حسين بلال كنوخذة في «الوشار» وكانت صناعتها في مدينة النيبار واسمها «تيسير» ومن نواخذتها أحمد الأحمد، والنوخذة حسين بلال احضر السفينة «تيسير» من النيبار والمجدمي الكبير محمد بن سالم والمجدمي جمعة بن جمعة والنهامة العميري ونهام آخر من البحرين مع النوخذة حسين بلال البحار ينسى التعب، وبصفة عامة الشراع الجديد أفضل من الشراع القديم والبوم حمولته 2500 مَن، وقد سافرت في البوم الوشار من البصرة بعدما حملنا التمور متجهين الى بومباي وبعدما نزلنا اتجهنا الى كلكوتا ، البحر ما فيه أمان فجأة يتغير والنوخذة ذو الخبرة يشعر بالخطر المفاجئ، بعض السفن تستعمل الشراع الشمندي، وموقعه آخر السفينة بعد القلمي ونستعمل شراع الماشوة والفكرة أخذت من السفن الهندية.
ويضيف: من ملاك السفن الشراعية عائلة القطامي ومنهم عيسى القطامي وبدر القطامي وعبدالوهاب القطامي.. وأذكر في احدى السنوات ان النوخذة عبدالوهاب القطامي صار سنيار مع الوالد وكنت مع الوالد وفي تلك السنة التي ذهبنا الى عدن ومنها الى زنجبار نقلنا الى عدن تمرا ومنها نقلنا ملحا الى زنجبار ومنها حملنا جندلا وحبالا وبهارات وشايا ولم نأخذ معنا ربانا، وقد تقابلنا مع النوخذة بدر القطامي وكان معه والده كتاجر وسكنا في زنجبار مع بعض في الشقة نفسها وأيضا معنا محمود بن نخي وفي الشقة الثانية نواخذة من أهل صور بسلطنة عمان اسم النوخذة راشد بن شيلة، وكان سنيار معنا من عدن الى زنجبار وكان في السنبوك واذكر أهل كنكون وكنح وعسلوة وخاري وعندهم عدة الفن البحري، واجمل صور عن السفن عند الكويتيين، وأهل عمان أحسن من أهل الكويت في صناعة السفن ومدة الصناعة أطول مدة، ولا يستخدمون الفتايل بين اللوحين في السفينة أما هنا في الكويت فنستخدم الفتايل بين الألواح الخشبية، وصناعتهم تعتمد على اللوح فوق اللوح دون فراغ وخاصة أهل صور، المهم وصلنا زنجبار وتقابلنا مع التاجر مع عائلة الروضان.. حملنا الجندل من الخور وحملنا أيضا الشاي والخور فيه قارص وبق كثير، وزنجبار فيها فواكه كثيرة.
قال لي أحد البحارة ان الهمبة (المانجو) أكبر من البطيخة لم أصدقه. سمعني الوالد وناداني يا سليماني انت رحت زنجبار قلت لا فقال لماذا تكذب الرجل بكلامه واسمع اذا رحت ولم تجد ما قال لك قل له اين الهمبة الكبيرة لكن الآن تحمّل واسمع كلام الرجال. وصلنا زنجبار وشاهدت الرجال الذين يبيعون فقال يا سليمان شوف هذه، فقلت هذه يفاي فقال هذه مانجة والواحدة كرة صغيرة، وبعد العودة الى السفينة الوالد قال لي «شفت؟ ما تقول عن شيء ما شفته»، شبعت من الفواكه الهمبة والبناي وفواكه عجيبة غريبة في افريقيا عندهم اليجي حبة كبيرة. اذا دخلنا المزارع مسموح ان تأكل ما تشتهي ولكن ممنوع ان تأخذ شيئا.
أول عمل
يحدثنا العم سليمان البلوشي عن عمله خارج البحر فيقول: قبل العمل في البحر عندما اصبح عمري عشرين سنة اشتغلت في شركة نفط الكويت وكان مقر العمل في منطقة الشويخ وكان المسؤول عن العمل السيد بيولر وهو مسؤول الكراج وكان يرسلني الى السوق واشتري له «الايدام» السمك والربيان والخضار وكان يسكن في بيوت الشويخ، وتوجد بيوت على امتداد الساحل القبلي واذكر منها مبنى للكرنتيله وسوق آخر للانجليز وبيت رئيس الشركة قبل ان ينتقل للاحمدي وبيت النائب له وبيوت على شكل شبرات كبيرة، والسيد بيولر يسكن في احد تلك البيوت، واحيانا اساعد الطباخ واخذ معي اخي وكنت احيانا انط فوق سور الكويت واواصل مشيا الى بيت بيولر.
ما بعد السفن الشراعية
اما عن عمله بعد ان ترك البحر والسفن الشراعية فيقول العم سليمان البلوشي: بعدما تركت البحر اشتغلت في شركة حمال باشا (شركة التحميل والتنزيل) وكان عبدالرحمن الصرعاوي مسؤولا عن النقل فيها ويساعده شقيقه احمد الصرعاوي وكان يزود العمال والنواخذة بالاكل. بداية عملي معهم كنت اجلس مع العمال.. اذا المسؤول نادى بصوته مطلوب خمسة اكون اول واحد ولكن لان الموجودين اكبر مني سنا لا يتم اختياري وتكرر ذلك عدة مرات، وفي اليوم الرابع لم يتم اختياري فبكيت ومشيت والدموع في عيني واصطدمت بالصرعاوي فقال «ما تشوف» فقلت له «كلما تنادون ما يتم اختياري» فقال: انت ولد منو، فقلت ولد فهد البلوشي فقال: ابوك يعين المزورية وانت تريد تعيين؟ فقال ابوك مطلق امك؟ فقلت: لا، ولكن ابحث عن شغل، فقال: اجلس هنا في المكتب واذا اردنا اي نوخذة انت تذهب تناديه ولك روبية في اليوم، استمررت في العمل وشافني «شقردلي» بمعنى شاهر في العمل.
وقال لي عبدالرحمن الصرعاوي: يا سليمان مطراش الذهاب الى البواخر يحسبونه بروبية ونصف واذا نمت بالقرب من الباخرة ولم يصلك الدور يحسبون لك روبيتين ونصف واذا ارتفعت الشمس ولم يصلك الدور تزيد روبية ونصف التي سوف تحسب اليوم الثاني، وقال: يا احمد خذ معك سليمان مع اربعة من البحرية وهم يساعدونه وحتى اثبت لهم وصار حظي اول يوم على الباخرة المحملة اسمنت واول شبكة فيها 50 كيس اسمنت ونشيل، ونصف الاسمنت شافني قوي وقال لعبدالرحمن هذا معدل وزن وعبدالرحمن الصرعاوي عيني مع التشالات التي تقف بالخيران.. لان الباخرة ترسو بحر فكنت اذهب معهم وبدأنا ننقل من الباخرة الى الخور ويوجد باخرة ونخزن المواد الغذائية في الباخرة وكل خمسة عشر يوما نعود الى البيت وكنت اشارك في صيد السمك والاكل جاهز للجميع والنوم فقط فترة الانتقال الى المركب وبعدها تركت «حمال باشا».
بلدية الكويت والمعارف
بعد ان ترك شركة التحميل والتنزيل توجه للعمل في البلدية التي مكث فيها طويلا لينقل للعمل في وزارة المعارف وعن ذلك يقول:
عينت في البلدية مع استاد البناء واشتغلت واول عمل في ساحة الصفاة وبعد فترة تركت العمل والتحقت بالمعارف (التربية حاليا) وقال المسؤول لا يوجد عندما عمل حاليا فقدمت على الاشغال وعلى الاوقاف وبعد يومين ابراهيم النبهان ارسل يطلب مني الحضور واليوم الثاني قابلته كان طلحة المسباح يشتغل في التربية، وسليمان العدساني كان مديرا للمالية وقال: من يعرفك اذا اردنا حضورك؟ فقلت له: طلحة المسباح، وارسل في طلبه وبعد يومين استدعاني.. وقال تشتغل مستخدما فقلت نعم وبعد سنة طلبنا الزيادة ولم تتم الموافقة وقدمت استقالتي والتحقت بشركة الصحراء وباشرت العمل ونصنع الديكور وكان المهندس فلسطينيا وتزعمت مجموعة الكويتيين، وبعد ذلك اشتغلت في بناء مستشفى العظام والمعلمون من العراقيين وبعد ذلك رجعت الى وزارة التربية واحمد العيسى جمع الكويتيين وطلحة المسباح اخذني عنده كاتبا وهو رئيس المستخدمين ونقل الى رئيس المشتريات وعينت بدلا منه رئيس المستخدمين.
وتدرجت في العمل حتى عام 1959 حيث بدأ التنظيم وعينت مع خالد المسلم وهو مدير مالية المعارف (التربية) ومدير المعارف عبدالعزيز حسين وسعد العيسى والمعاون المالي عبدالله الرفاعي والمخازن مسؤولها سيد عبدالوهاب سيد عيسى والمشتريات المسؤول سالم المضف، وعندما تم انشاء ادارة الذاتية اتبعونا معهم وعين الرئيس عبدالخالق النوري واختلفت معه وطلبت نقلي وعينت في مكتب احمد العيسى وقال «حاليا اجلس عندي» ورخصني من اول يوم وثاني يوم واليوم الثالث قلت له: انا رجل احب العمل، وقال تروح موظف المهم ان اعمل واتصل على عبدالرحمن عبدالملك مسؤول التأثيث والاسكان والتقيت معه وعين طالب عبدالاله في مكاني ونقلت الى ادارة التأثيث وعينت معه موظفا وبعد سنة عينت نائب رئيس قسم والرئيس عيسى السلطان.
بعد ذلك عينت رئيس قسم ثم انتقلت إلى التعقيب ومنها إلى الكراج، وكان عبدالله الخريف بإجازة مع النائب فاستلمت كراج التربية لمدة شهرين وغيرت في المكان واشتغلت لمدة فترتين ورجعت إلى وظيفتي.. واستمررت بالعمل في التربية وبعد ذلك نقلت إلى النقليات وبقيت حتى التقاعد رئيسا ثم مراقبا ومديرا للنقليات.
نهاية المطاف
وعن تنقله في الكثير من الأعمال يقول العم سليمان البلوشي: مررت بكثير من الأعمال منذ الطفولة من البحر إلى الميناء والوزارات والبناء والحمد لله اليوم بخير ونعمة والاولاد والبنات متعلمون ويعملون بأفضل الوظائف.
الحياة حلوة لمن يعمل بإخلاص وجد ويخاف الله ويتقي ربه.. رجالات التربية والنعم فيهم جميع من اشتغلت معهم الوزير جاسم المرزوق ود.يعقوب الغنيم وسعود الطلب، واما السابقون لهؤلاء فهم رجال مخلصون وعملوا لمصلحة هذا الوطن وادوا الامانة لمن جاء بعدهم.
فلله الشكر والمنة والشكر موصول لاولئك الرجال.
يا كويت
زودنا العم سليمان البلوشي بهذه القصيدة للشاعر صالح النصر الله وهي بعنوان «يا كويت»:
يا كويت بالمرة علي لا تعتبين
لاني بولدك اللي من الأول اتخبرين
من يوم فضلت علينا البعيدين
عيالك تركتينا وحنا لك المودين
ناس أرغدوا وأثروا وهم مستريحين
يوم السفر والغوص وابيوتك الطين
تعطيك عني العلم وتخبرك زين
بين السفر والغوص راحت لنا سنين
نقطع غبيب تدهر كالبراكين
نصارع أمواج البحر مستميتين
كله لعيونك بس نبغيك ترضين
يوم صفا جووك وزرعك غدا زين
احنا غدينا من جناك أمحرومين
ماينفعك يا كويت بالعسر واللين
هم عزوتك وهم غناك عن الدين
ولا الغريب لو جاد وياك هالحين
يبدي البشاشة ويظهر العطف واللين
هو ينطرك يبغيك يوم تطيحين
نقل الذهب إلى الهند
عن نقل الذهب وبراعة الكويتيين في اخفائه يقول العم سليمان البلوشي: الكويتيون برعوا بطرق عجيبة وصعبة في اخفاء الذهب في أجزاء من السفينة واذكر قديما كانوا يشترون خلاخيل من الذهب التي توضع للبنت واذكر ذات مرة وضعوا الذهب في القوطي واخفوه في السريدان وهو مكان مخصص للطبخ في مقدمة السفينة.
وبعد الوصول بحثوا عن القوطي فلم يجدوه، نسي الوالد مكان القوطي ولمدة اربع سنوات الوالد كان رايح الى الهند، الطباخ قال للوالد اريد ان اجدد السريدان وبدأ يفكك السريدان من قطع الحديد القديم.
اول ما دفع الحديد القديم ظهر قوطي الذهب الذي نسيه الوالد وفرح وصرخ الطباخ الرجل الامين وسلم القوطي والذي فيه للوالد بعد اربع سنوات.
النوخذة فهد البلوشي
يتكلم ضيفنا عن والده فيقول: كان الوالد نوخذة في سفن السفر الشراعي وهو من كبار النواخذة في زمنه وكان يأخذني معه ويعلمني ولكن لم أكمل معه حتى النهاية لكي اصبح نوخذة ولكن وصلت حتى سكوني. كان والدي نوخذة في سفن الصقر ومنها البوم «تيسير» وكذلك الوالد اشترى له سفينة ملكا له وصار هو النوخذة فيها وصرت معه سكوني مع اثنين من السكونية. كما كان نوخذة في سفينة فلاح الخرافي وآخر سفرة للوالد كانت عام 1951 وكان معنا سنيار النوخذة حمود العيسى في سفينتهم البدري والنوخذة نجم العبدالله في سفينة براك العجيل وقد انكسر في دمنة في الهند وكانت مستعمرة برتغالية تتبع (قوه)، خرجنا من الهند ثلاث سفن سنيار متبعين حمود العيسى وعلي القصار وانكسرت سفينة الوالد الذي كان يشاهد بالدربيل وقال لي اركب بالماشوه وشوف ماذا حصل للسفن وخبرني وشاهدت السفينة مكسورة من التفر (الخلف)، الوالد قال لي إذا لم ترجعوا فسوف نلحق بكم. تبعنا الوالد بالماشوه الصغيرة الخاصة بالنوخذة نجم مساء والسفينتان واقفتان. ومكثنا عندهم حتى الفجر واخذ الوالد منهم الذهب والمبالغ النقدية التي معهم. والبحارة سافروا إلى قوه. هذه القصة حدثت عام 1951 والوالد اشترى له لنج وعين فيه نوخذة من أهل دبي وكان معه سكوني بعد ذلك مرض الوالد وتوفي عام 1959، وقد عمل الوالد بكل اخلاص في السفن الشراعية عاش وتوفي ولم يشك منه اي بحار او جار. كان والدي مدرستي الأولى، وتعليمي بدأ عند المطاوعة والمدرسة الاحمدية ومن ثم المدرسة التي صقلتني وعلمتني الجد والاخلاص والمثابرة.
سوق الصفافير
يتذكر العم سليمان البلوشي سوق الصفافير فيقول: كان ذلك السوق بالقرب من سوق الصناديق ويؤدي الى سوق سكة الصوف وكنت امشي من بيتنا بفريج سعود الى سوق الصفافير وآخذ ماء الصفريات بعد تنظيفها ويجمع في حفرة صغيرة وذلك الماء يستخدم علاجا لمرضى الجدري الذي كان موجودا في الكويت عام 1939.