- كنت أذهب من الشامية إلى مدرسة ملا مرشد بالمرقاب مشياً على الأقدام وأعبر السور حاملاً المصحف واللوح الحجري
- ضللت الطريق وسط أمطار وغيوم لندن إلى مدرسة ديفيد وعندما سألت عجوزاً بالشارع اتضح أنها مدرّستي ولم أعرفها
- عندما قرأت خبر استقلال الكويت في «الديلي تلغراف» نسيت أغراضي في الشارع من شدة الفرحة فنبّهتني سيدة لها
- قمنا بأول إضراب لعمال النفط في فبراير عام 1962 وعملنا على إصدار أول قانون لحماية حقوق العمال سنة 1967
- أثناء دراستي في لندن عرضت عليَّ فتاة إنجليزية الزواج فرفضت قائلا «أنا بدوي أعيش في بيت شعر وعندي أغنام وإبل»
- بعد صدور الدستور تبلورت لدينا فكرة إنشاء نقابة «نفط الكويت» لسوء معاملة المسؤولين الإنجليز في الشركة لنا
ولد ضيفنا هذا الأسبوع عجنان قبلان العازمي في الشامية (السدرة والثليم) وعاش طفولته فيها وبعد ذلك انتقل الوالد إلى المقوع حتى يكون بالقرب من عمله إلا ان ظرفا ما تسبب في نقله إلى منطقة وارة، ثم توفي الوالد وترك الطفل الصغير ذا الاثني عشر عاما يلاطم أمواج الدنيا وهو المسؤول عن أسرته، لكن الله سبحانه وتعالي سخر له من يضمه ويعتني به فأخذه أحد أقاربه وذهب معه إلى رجل انجليزي حتى يعينه في أي وظيفة تناسب عمره. وبدأت حياة الطفل بمساعدة ذلك الرجل الأجنبي الذي اعتنى به وساعده على ان يحصل على عمل يناسبه وهكذا فتح له بابا يمكنه من مواجهة تحديات الحياة. اهتم بالدراسة في معهد المقوع الصناعي وخاصة اللغة الانجليزية وزاد تعلقه بها فاتجه للدراسة المسائية وزاد ثقافة وإدراكا ووعيا.
وفي عام 1959 بينما كان لايزال موظفا صغيرا في شركة نفط الكويت تم اختياره على يد ذلك الرجل الأجنبي ليسافر في بعثة دراسية إلى لندن حيث زاد حبه وشغفه باللغة الإنجليزية، وهناك عاش عند العائلات الانجليزية وتدرج في تعليمه حتى عاد عام 1961، عام استقلال الكويت، حاملا شهادتين في الطباعة والعمل الإداري. يحكي لنا عن مواقف طريفة مر بها في لندن منها ان فتاة إنجليزية طلبت الزواج منه، فترى ماذا كان رده عليها؟ وكيف ضل الطريق إلى المدرسة والعجوز التي سألها عند محطة الباص ومن كانت كما يسرد لنا مواقف وأحداثا من تاريخه النقابي الحافل كونه واحدا من الرواد الأوائل في العمل النقابي عمل طويلا على حصول العاملين في المجال النفطي على حقوقهم، ويوضح لنا كيف شارك في تأسيس أول نقابة للنفط وما الذي دعاه إلى تأسيس نادي الشباب الرياضي رغم أنه بعيد كل البعد عن الرياضة، وكذلك كيف أسهم مع رفيقه في الكفاح حسن فلاح العجمي في وضع قانون النقابات لسنة 1969.
كل هذا وغيره من المعلومات والأحداث والوقائع الشيقة والممتعة والمفيدة في آن نطلع عليه من خلال هذا اللقاء، فإلى التفاصيل:
في بداية اللقاء يتحدث ضيفنا عجنان قبلان العازمي عن مولده وطفولته فيقول: ولدت في الكويت بمنطقة الشامية وذلك عام 1940 عند الصيهد «ضاحية عبدالله السالم حاليا»، وعن عائلتي كان جدي يعيش في منطقة النقرة وكان عندهم مزارع فيها بذلك الوقت وكانوا يزرعون الخضراوات.
اما طفولتي فقد امضيتها في الشامية وبيوتها قديمة مبنية من غرف نسمي الواحدة منها «كبر» البيوت من طين وجوانب الغرف من الطين والسقف من البارية على شكل جملون واذكر ان الشامية لا توجد فيها مزارع.
كان الوالد ينتقل من مكان لآخر ايام الربيع والشتاء وعشت في الصبيحية حيث آبار الماء والمزارع، وكان عمي رحمه الله لديه مزرعة في المنقف قام فيها بالزراعة لفترة طويلة وعندما بلغ الثمانين عام 1951 ترك الزراعة، في هذه البيئة عشت حياة الطفولة ومرحلة الشباب، حياة البر حلوة وجميلة في بيوت الشعر، وأذكر من الشباب هايض الجلاوي وكان يسكن الشامية ومطلق الشليمي وكان الاثنان عضوين في مجلس الامة بعد ذلك وعدد آخر من شباب الشامية ولأنها صيهد (مكان مرتفع) كان العوازم من سكان الشامية، السدرة والثليم مساكننا ويحدنا من الشمال الغربي بوابة الجهراء وبوابة الشامية من الشمال بتلك الحدود كنا نعيش خلف سور الكويت، وفي ذلك الوقت كانت الحياة حلوة مع صعوبتها المعيشية وجميع الكويتيين كافحوا في حياتهم وعاشوا بكرامة وبعد ظهور النفط تغيرت الحياة والمعيشة واليوم نحن بخير ونعمة واذكر ان المرحوم الشيخ عبدالله السالم امير الكويت الاسبق قال لاحدهم «اريد لاهل الكويت كل خير لقد عملوا وتحملوا المصاعب والله يوفقهم».
وقد شاهدت خر الحماد وهي مجموعة آبار ماء وكذلك مقبرة صغيرة على شارع الرياض حاليا ولا يوجد عليها سور ودفنت فيها زوجة الوالد واختي وعمتاي الاثنتان دفنتا فيها وكذلك عمي دفن فيها واذكر كنا نستخدم النقرة وينقل على ظهر البعارين وماء شط العرب ينقل على ظهر الحمير.
الدراسة والتعليم
بعد ذلك يتحول للحديث عن مرحلة الدراسة وذكرياته عنها فيقول: بدأت حياتي الدراسية في مدرسة ملا مرشد في منطقة المرقاب ومن الشامية الى المرقاب مشيا على الاقدام نعبر بوابة السور ومعي هايض الجلاوي ولافي الهرير ومجموعة من اولاد الهبيدة ومجموعة من ابناء العوازم وكان بعض الاولاد يقفون لنا بالطريق ويضربوننا بالحجر ونتشاجر معهم.
كنت احمل بيدي المصحف الشريف واللوح الحجري، وبداية التدريس القرآن الكريم ولكن لم امكث طويلا والسبب ان الوالد اشتغل في شركة نفط الكويت وذلك عام 1947، ويبقى اسبوع هناك ويحضر عندنا يومي الخميس والجمعة ومساء ذلك اليوم يعود للعمل، وكان ذلك صعبا عليه فنقل سكننا الى قرية المقوع التي تأسست بعد ظهور النفط بجانب بيت مرشد بن طوالة، وبعدما سكن الوالد المقوع تركني عند عماتي في الشامية وواصلت تعليمي عند ملا مرشد لكن حصلت لي مشكلة بسبب اني ضربت فنقلت الى المقوع. كان والدي رحمه الله حريصا جدا على ان يعلمني وهناك وجد رجلا عمانيا يسكن المقوع ويعمل حارسا فعلمني القرآن والقراءة لكن لم استمر، لان الوالد حصلت له مشكلة مع رجل هندي اثناء عمله في الشركة اسمه نارين لانه كان يسب البدو فحدثت مشادة بين الوالد والهندي الذي لجأ الى الانجليزي يطلب منه الحماية.
وعندها قامت الادارة بنقل الوالد من العمل الى منطقة «وارة» فانتقلت العائلة الى هناك، والتحقت بالدراسة عند ملا مرزوق وكنا نجتمع نحن مجموعة من الشباب في نقرة العجمان وندرس هناك وامير تلك المنطقة المرحوم محمد الطاحوس كنت اطمح لان اتعلم وأصل لمرتبة متقدمة بالاضافة لتشجيع الوالد وحثه على العلم حتى وفاته رحمه الله.
بعد وفاة الوالد
ويكمل ضيفنا حديثه عن تلك المرحلة الصعبة من حياته قائلا: لم يكن لنا معيل بعد وفاة الوالد رحمه الله وتغيرت حياتنا وبعد اربع وعشرين ساعة من وفاة الوالد حضر عندنا ابن عمة الوالد عند المغرب وقال «انت رجل وامك واخواتك من يعيلهم؟ وانت الرجل والمسؤول عنهم ولقد تحدثت مع المسؤول عن الوالد في الشركة وقال: هل عنده ولد؟ فقلت له: عنده ولد صغير في السن، فقال: استطيع ان اساعده بأن يلتحق في مدرسة المقوع ويكمل تعليمه» شجعني بكلامه وقابلت والدتي وشرحت لها الكلام لكنها رفضت، قائلة: نحن انقطعنا من والدك ولا نريد ان ننقطع منك وانت طفل، كان خالي يشتغل في المقوع فانتقلنا عنده وقلت له اريد ان اشتغل بالشركة فرفض الا اني كنت مصرا وكان لي موعد مع ابن عمة الوالد وان التقي معه في سكنه في وارة فحاولت الوالدة ان تمنعني الا اني اصررت على ان اشتغل وأعيل عائلتي، يوم الجمعة الظهر ركبت سيارة مع اختي الى وارة والاجرة نصف روبية والسيارة لوري.
نزلت في وارة وذهبت الى هايف الرشيدي فآل الرشيدي كانوا جيراننا في وارة وسألني عن سبب حضوري فشرحت له موضوعي وسألت عن مناور الزهام وبعد المغرب تناولت العشاء عندهم ثم ذهبت مع الرجل الى بيت ابن عمة والدي فلم نجده ورجعت ونمت عندهم.
كان ذلك في الشهر الحادي عشر والبرد شديد ونحن في وارة نمت بجانب والدته التي احتضنتني مع ولدها حرصا منها وحنانا علي، جدة صديقي سعد، رحم الله تلك المرأة ولا أنساها استيقظت في الصباح من النوم وخرجت مع ابنها الى ذلك الرجل الذي أخذني بدوره الى مسؤول الوالد وسأل: كم عمرك؟ فقلت له: اثنتا عشرة سنة.
وكان ينظر الي وقال الرجل الانجليزي اذهب انت وانا أتكفل به وركبت مع ذلك الانجليزي بسيارته الوانيت باتجاه الصبيحية الى البر وكنت خائفا ولكن ذلك الانجليزي نزل وذهب الى العمال ورجع مرة ثانية وركب السيارة وكنت فرحا ورجعنا من الطريق نفسه، ومررنا على منطقة اسمها (جهاد) تابعة لوارة فسألني كنتم تسكنون في هذه المنطقة فقلت نعم وكان ذلك الانجليزي يتحدث اللغة العربية.
واصلنا حتى مدينة الاحمدي والساعة التاسعة صباحا واثبات شخصيتي هو هوية الوالد، توجهنا الى المقوع بعد الساعة الثانية ظهرا وذهبنا الى احد المسؤولين وسألني: عائلتك تسكن هنا في المقوع؟ وأخذني الى مدرسة المقوع الصناعية واستقبلني رجل انجليزي مسؤول وكان يتقن اللغة العربية اسمه مستر هيد.
وقال لي الانجليزي ان والدك قد توفي واعتبرني والدك وكان ذلك الانجليزي قد شغلني في المعهد للدراسة وبدأت في المعهد وكل اسبوعين أتسلم 50 روبية وبعد ذلك عرض علي عرضا بقوله: «ما رأيك نعطيك راتبا شهريا كطالب وأنت تدرس في الحكومة في وزارة التربية؟» ووافقت، وبعد ذلك أخبرني بأن دائرة المعارف رفضت قبولي ولا أدري ما هو السبب.
فصار يشرف علي شخصيا في الدراسة، وصرت في احد الفصول أتعلم اللغة الانجليزية والرياضيات وكانت دراستي الأساسية اللغة الانجليزية وبعد ذلك التحقت بدائرة الأحمدي أتعلم في الليل وأتدرب في المعهد حتى الساعة الرابعة باسم متدرب وقال انت عمرك اثنتا عشرة سنة ولا نستطيع ان ندربك على الصناعة وبعد سنتين ندربك لأنك قصير.
بالليل أدرس لغة انجليزية في الأحمدي في مدارس ليلية تابعة للشركة كنت أشتغل وادرس وكان هذا عام 1952.
عندما أكملت السادسة عشرة التحقت بدورة وتلك أول دورة في اللغة الانجليزية مع مجموعة وأذكر منهم: محمد عباس وفالح بن زهران وعبدالهادي كنا سبعة والدورة لمدة سنة واللغة متقدمة، وقالوا لنا اذا أكملتم الدورة بنجاح فسنرفعكم من كادر العمال الى كادر الموظفين، وصلت الليل بالنهار وفي يوم 25/8/1958 عينت موظفا في الشركة وكان ترتيبي الثاني بالنجاح.
موظف في شركة النفط
عينت موظفا على كادر الموظفين (جونيور ستاف) وبنفس المدرسة الصناعية مسؤول الشؤون الإدارية وكان معي موظفون هنود، كان ذلك الرجل الانجليزي يتابعني وبعد التعيين بسنة بدأت الدورات العليا في الشركة وكان دائما ترتيبي الأول ورشحت لبعثة دراسية الى لندن، أذكر محمد بهبهاني وهاشم الغربللي وهما اللذان شجعاني على أن أذهب الى لندن وذلك عام 1959، وكان وراء الموضوع الرجل الانجليزي الذي أخذني من أول مرة وهو الذي كان ورائي (وصلني خبر من الهند انه توفي وذلك بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي).
سافرت الى لندن وأنا متمكن من اللغة الإنجليزية وبعد الوصول التحقت في مدرسة اسمها ديفيد سكول في برايتن وعشت عند عائلة انجليزية تتكون من عجوز وبنت وسيدة اخرى كان افراد العائلة ظرفاء وأول يوم استخدمت الباص ورجعت في الباص الى البيت، وحصل لي موقف طريف ومضحك في اليوم الثاني حيث ذهبت الى المدرسة وكان يوما ممطرا وذا غيوم ونزلت من الباص ولكنني ضيعتها وشاهدت امرأة واقفة تحمل بيدها شمسية تنتظر الباص فسألتها أين مدرسة ديفيد التفتت السيدة ونظرت بعينها الي وقالت ديفيد سكول؟ ثم قالت: «أنت لا تعرفني؟» اذا لم تعرفني لن تعرف ديفيد سكول، كان الشارع خاليا إلا من تلك العجوز، تذكرت الأحمدي وقلت في نفسي ربما كانت تعمل هناك، قطعت صمتي وقالت: ألم تعرفني يا سيد عجنان؟ أنا مدرستك وكنت أمس عندي في الفصل يوما واحدا عرفتني وفي اليوم الثاني قالت القصة للطلبة فضحكوا، هذه قصة من أول يوم لم أركز المهم انهيت شهرا وقدمت اختبارا ونجحت وحصلت على الشهادة الابتدائية وكنت آخذ دروسا خصوصية وتدفع الشركة المصاريف، وكان يدرسنا مدرس خصوصي وبعد سنة رجعت الى الكويت وبعد حصولي على الشهادة المتوسطة بعد الابتدائية ركبت الطائرة من لندن الى تركيا ومنها الى بيروت وركبت طائرة صغيرة فيها 10 ركاب الى الكويت مكثت في الكويت مدة 3 اسابيع ثم رجعت الى لندن، والتحقت بمدرسة معهد بتمان وسكنت في منطقة اسمها كنزتك وعشت فترة وانتقلت الى منطقة اسمها (كينت اشكان) وفي بيت سيدة عجوز مع ولدها المريض وطلبة من دول أخرى.
خلال سنتين أتقنت اللغة الإنجليزية مع الطباعة وأصل البعثة لمسك الدفاتر مع اللغة والعمل الإداري وحسب ميولي واستفدت بالعمل من دراستي.
استقلال الكويت
وعن الفترة التي شهدت استقلال الكويت وما صاحبها من تطورات في المنطقة والعالم يقول عجنان العازمي: تلك الفترة كان سليمان الصالح صديقي وعزيز علي وكان شابا وطنيا وكثيرا وكان يحدثنا عن جمال عبدالناصر وعن صورة مصر، الحقيقة ارتحت من كلامه وكانت أمنيتي أن تحصل الكويت على الاستقلال.
سليمان الصالح كان مبعوثا من قبل الشركة، وكنت أقرأ جريدة «الديلي تلغراف» يوميا وذات يوم قرأت فيها ان الكويت حصلت على استقلالها، وكان ذلك يوم 19/6/1961 ففرحت وذهبت الى صندوق الهاتف واتصلت على سليمان الصالح وقلت له ان الكويت حصلت على استقلالها، ومن فرط فرحتي بعد الاتصال مشيت وتركت أغراضي التي كنت أحملها وإذ بسيدة تقول هل هذه الأغراض لك؟ وأخذتها منها شاكرا، لكن الفرحة ما تمت وبعد أسبوع العراق طالب بضم الكويت وكان ذلك يوم 24/6/1961 وعنده 60 ألف عسكري و67 طائرة حربية ومدافع، هذا ما كتبته جريدة «الديلي تلغراف».
وفي اليوم الثاني قرأت ان 20 ألف عسكري سيصلون الى الكويت ثم سمعت إذاعة صوت العرب تقول ان القوات البريطانية ستدخل الكويت فضاق خلقي وزعلت، وقد نبه عبدالناصر على تلك الجيوش بأن تخرج وتدخل الجيوش العربية وتحل مكانها، وبالفعل بدأت الجيوش العربية بالدخول الى الكويت وكل منها انتشر في المكان المخصص له خلف المطلاع بحدود الكويت وهي القوات السعودية والمصرية والسودانية والأردنية، ورحلت القوات الإنجليزية من الكويت وكنت في لندن ورجعت الى الكويت للمشاركة في الدفاع عن وطني وانهيت الدراسة ونقلتني طائرة وكان المطار الحالي مفتوحا من جديد.
واذكر هنا هذه الحادثة التي وقعت عندما كنت مسافرا للخارج للدراسة فعندما جاء موعد السفر كانت العائلة في وداعي وكانت الوالدة حزينة على مغادرتي وأختي بكت وسقطت في المطار وكانت الوالدة تفكر كيف سأعيش، كذلك كنت أفكر في الوالدة بعدما وصلت، كما اذكر انني عندما اشتغلت في الشركة اعطوني 7 درامات ماء عذب وثلج وكانوا يأخذون ملابسي للغسيل وأعطوني أغطية وكنت أعطي الثلج لصاحب البقالة ويعطيني 4 روبيات في اليوم وكنت من صغار الموظفين ولكن بعد التخرج أصبحت من كبار الموظفين.
الوظيفة والقراءة
يتحدث عجنان العازمي عن عمله في الشركة بعد التخرج وممارسته لهواية القراءة فيقول: بعد التخرج عينت في الشركة ومكتبي في المقوع وكنت موعودا بوظيفة كبيرة وكانت تلك الوظيفة يشغلها فلسطيني اسمه فرج جبور فخاف مني وكان العمل في قسم المستخدمين ولم ألبث حتى حصلت على الوظيفة واستمررت بالعمل.
وأثناء العمل وبعده وقبله كنت أقرأ الكثير من الصحف والكتب وأتابع الأحوال السياسية والأدبية والاجتماعية فهوايتي القراءة وكنت أقرأ مجلة العربي منذ صدورها وأتابع ما فيها من استطلاعات وزيارة الدول العربية وقرأت عن بعض الشخصيات مثل جيران خليل جبران ومحسن ابراهيم.. وكذلك عن بعض الشخصيات الوطنية وبعد رجوعي من بريطانيا وتعييني بشركة نفط الكويت اتسعت مداركي الثقافية والسياسية وإلمامي بمشاكل قطاع النفط وكنت أناقش بعض الاخوان خاصة بعد حصول الكويت على الاستقلال وصدور الدستور الكويتي وبدأت فكرة تكوين النقابات، كما كنت اقرأ أيضا دواوين الشعر النبطي.
تكوين النقابات العمالية
يحكي لنا عجنان العازمي الخطوات الأولى لتكوين النقابات العمالية في الكويت وكيف كانت الظروف التي نشأت فيها الفكرة فيقول: البداية عندما كنت أعمل في النفط بدأت الفكرة بتكوين وإنشاء نقابة لعمال النفط والخطوة الأولى التقيت مع د.أحمد الخطيب والمرحوم سامي المنيس وأحمد الربعي والقطامي وكنت أزورهم في نادي الاستقلال سابقا، تبلورت الفكرة بعد صدور الدستور الذي يحمينا ويعطينا الحق.. حصلنا على معاملة غير لائقة من قبل المسؤولين في الشركة خاصة الإنجليز فكانوا يفضلون الأجانب والوافدين من العرب على الكويتيين وبدأوا يفصلون العمال الكويتيين وتعطى الأعمال للمقاولين فيترك العامل الكويتي.
بدأت بالبحث عمن يؤيد فكرة تكوين النقابات فالتقيت الأخ حسن فلاح العجمي وراشد سيف الحجيلان ومجموعة أخرى من عمال النفط وفكرنا بتأسيس نقابة عمال النفط، ثم توالت لقاءاتنا مع الشخصيات الوطنية كما ذكرت وبدأنا نتلقى الثقافة العمالية منهم ونجتمع معهم تحت حماية الدستور وبدأنا نجتمع بالعمال ونعطيهم محاضرات ونقوم بإضرابات وأول إضراب كان في شهر فبراير عام 1962 لعمال النفط.
اما الموظفون فلم يشاركوا في الاضراب وكنت الموظف الوحيد الذي شارك في الاضراب مع العمال واليوم الثاني الانجليز مسكوني وقلت ان العمال هددوني فلذلك شاركت في الاضراب، وفكرنا في اقامة اضرابات اخرى للحصول على حقوق العمال، ذات يوم خططنا التنظيم اضراب ثان، وكنا نلتقي في نادي العمال في الاحمدي فكثفوا علينا المراقبة، وفي يوم من الايام التقيت مع راشد الحجيلان في نادي الاحمدي وقال يا عجنان نحن مراقبون وسوف يقبض علينا.
فقلت يا راشد يجب ان نخرج من النادي وسيارتي قريبة من هنا وقبل المغرب خرجنا من النادي.
وتمت متابعتنا واتجهنا الى الفحيحيل في منطقة البدوية ودخلنا السينما وسيارتنا تركناها بين السيارات، المهم بعد انتهاء الفيلم ركبت السيارة وتوجهت الى البيت، وفي اليوم الثاني بدأ الاضراب ونجحنا، وكان ذلك ثاني اضراب لعمال النفط، فشلّت حركة العمل في الشركة وبدأنا نطالب بإعطاء العمال حقوقهم.
بعض العمال رفعوا شعار «تحيا الامة العربية تحيا مصر وسورية»، ولكننا قلنا لهم من الافضل الابتعاد عن ذلك، فكرنا كيف نجتمع وابتعدنا عن النادي لاننا مراقبون.
نادي الشباب الرياضي
ويضيف العازمي: عندما شعرنا بالمضايقات الخارجية فكرنا كيف نبتعد فجاءت الفكرة بتأسيس ناد رياضي في الاحمدي، وتحت مظلة النادي نزاول نشاطنا النقابي ونحن بعيدون عن الرياضة، وقد اسسنا نادي الشباب الرياضي عام 1963، واول رئيس للنادي حسن فلاح العجمي واستأجرنا بيتا تابعا لوزارة الشؤون والبيوت كانت متلاصقة، وفي الليل نشغل السينما ولنا جار وضع «عرزالة» في بيته واولاده يشاهدون الافلام، المهم كونا فريق كرة قدم.. وباشرنا نشاطنا النقابي بداخل النادي وبعد سنة وشهرين تأسست نقابة عمال شركة نفط الكويت بعد معاناة وكان ترتيبها الرابع بين النقابات التي تم انشاؤها حيث سبقتنا ثلاث نقابات وكان المفروض ان نكون اول نقابة وهاجت علينا الشركة وكونت آخرين ليعملوا ضدنا.
بعد ذلك بدأ نادي الشباب نشاطه الرياضي وبدأنا نحن نشاطنا النقابي وتصادمنا مع الاخرين وصارت الانتخابات وزورت ورفضناها وتحركت وزارة الشؤون للاشراف وفازت قائمتنا بجميع اعضائها المرشحين، وعين حسن فلاح رئيسا، راشد الحجيلان نائبا، عجنان قبلان سكرتيرا، سالم محمد البطين امين صندوق، وأعضاء كل من: ناشي سعد العازمي، عبيد سفر الشلاح، إدحيلان الحربي، فالح محمد زهران، ومحمد سالم العجمي وجاسم جابر المري.
كان هذا اول مجلس ادارة لنقابة عمال نفط الكويت عام 1964، واول ما تشكل المجلس فصلت شركة نفط الكويت 4 اعضاء لأتفه الأسباب.. ذهبنا نحن الستة الباقين واجتمعنا مع رجل اسمه ماكلين وجورج ميلر ولكنه رجل خبيث وسألناهم لماذا فصلتم هؤلاء الكويتيين؟ جورج ميلر، وهو خريج معهد شاملان، وفي غرفة الاجتماع لم يجلس معنا بل كان يلف حولنا ووجه لنا سؤالا.
قال اذا وقف الحمار ماذا تفعل له؟ فرد على نفسه تضرب الحمار ويمشي، فقلنا له: تعني اننا حمير، فقال: فسروها كيفما تشاءون تفسيرها بعد ذلك زادنا هذا الحديث قوة وايمانا بأنه لابد من الحفاظ على حقوق العمال، وانشأنا جريدة نطبعها بالاستانسل وكذلك كانت مجلة الطليعة لها فضل كبير بتخصيص صفحة للكتابة فيها ومعنا نايف العويهان رحمه الله وكان شاعرا فكنا نخصص له صفحة لنشر شعره وقال في احدى قصائده:
«شركات النفط تخضع أو تشيل».
وكنا نطالب بتأميم شركات النفط ولهذا منعونا من بناء او تأجير مقر للنقابة في الاحمدي ولا حتى غرفة واحدة، لكننا استأجرنا ملحق في البدوية يتكون من غرفتين ولوازمهما، واتذكر عام 1965 بدأنا نتصل باعضاء مجلس الامة ولقد اتصلت بالمرحوم سالم الحريص عضو مجلس الامة وشرحت له الموضوع واتصل بأحد الوزراء، وشرحت له ورد علي برد قاس، وتوجهت الى سامي المنيس وأحمد الخطيب وقلت ما حصل، حاولنا في نقابة العمال ان نعمل اي شيء للعمال، وفي عام 1965 فكرنا بوضع دراسة باصدار قانون يأخذ الحقوق من شركات النفط وبالفعل ذهب المرحوم حسن فلاح الى القاهرة لوضع قانون نفطي لحفظ حقوقنا كأمة وعمال نفط، والتقى بنقيب المحامين حينها احمد الخواجة لسنّ قانون للعمال.
وسافرت الى معهد البترول للدراسات ولمدة شهر والتقيت مع حسن فلاح وكنا نجتمع مع حسن الخواجة ووضعنا قانونا من احسن القوانين ورشحنا محاميا اسمه محمد العربي لكي يكون محاميا لنا وحضر الى الكويت وقدمنا القانون وطلبنا اعضاء مجلس الامة للاجتماع في مدرسة ابن ماجد وعدد كبير من الاعضاء وعرضنا عليهم القانون، وصار هناك اختلاف وفي عام 1967 صدر قانون رقم 43 الضامن لحقوق العمال والقانون الشامل وبعد صدوره ونشره بالجريدة الرسمية احتجت شركة النفط وقالوا لن يطبق وبدأت الاضرابات ومشادات كبيرة وبعد سنة ونصف قطعوه فصدر قانون 28/1969 الذي يحفظ حقوق العمال ورفض من قبل الشركة التي لم تحترم قانون الدولة، وعندها التقينا حمد عيسى الرجيب وابلغناه بما حصل، فكان من ضمن الذين شرحنا لهم.
استمررنا في الإضرابات ضد شركة نفط الكويت وفي ذات يوم توزعنا، سلموني غرفة المراقبة لتصدير وتخزين النفط، «أحمدي كنترول روم» فلا يوزع ولا يخزن، وكان معنا جاسم التوره وتسلم الانتاج وحسن فلاح وتسلم الموانئ وبعض العمال منعوا بعض العاملين ولكن رأينا العمال غير الكويتيين يحضرون للدوام، واليوم الثاني جمعناهم في نادي الاتحاد في الأحمدي وقلنا لهم نحن نشل العمل وانتم تشتغلون وكان موظف فلسطيني شافنا.
فحاول منعنا من دخول النادي وقلنا له نحن ندخل وأول ما دخلنا تكلم حسن فلاح وبعد دقيقتين تم القاء القبض علينا وركبونا في الوانيت نحن الثلاثة حسن فلاح وعجنان قبلان وجاسم التوره ونقلونا الى المحافظة وهناك اجتمعنا مع المحافظ وهو رجل محترم وطيب وبلغنا بما فعلنا من حجر للمحطات وعمليات تخريبية، فقلت يا حضرة المحافظ اسمح لي بالكلام فقال تفضل، قلت الذي فعل هذا مستر جورج هايلند لأنه دخل علي يحيى الرشيد في بيته وسحبه أمام عائلته ونحن الكويتيين نعرف كيف نحترم العائلات. الحقيقة المحافظ تفهم الموضوع وخرجنا من عنده وكانت مجموعة من زملائنا بالسجن فرجعنا له وأبلغناه وقلنا نحن الثلاثة مسؤولون أمسكنا وضعنا في مكانهم وأخرجهم.
فقال اذا مسكتهم عندنا فسأزيد الطين بلة روحوا وزملاؤكم وراكم وأطلق سراحهم جميعهم ونجح الاضراب بذلك اليوم، وشركة النفط صار عندهم شيء غير طبيعي، وكان المرحوم حسن فلاح عنده قوة ولباقة في الحديث.
وقد كانت هناك مجموعة أخرى عملوا تفجيرات عام 1969 ولكن نحن لا نلتقي بهم ولا لنا اتصال معهم نهائي، بل سمعنا مثلما سمع غيرنا وكان تركيزنا مع الشركة، ثم سجن حسن فلاح مع المجموعة وبعد المطالبة أطلق سراحه وخرج براءة وعاد معنا الى النقابة، وقد استمررت بالعمل النقابي حتى عام 1975.
أعود لنادي الشباب، لم أستمر ولم ألعب، أما في البداية، كنت أحضر لقراءة الجرايد وكان عملنا الأساسي النقابات، فشاركت في تكويت اتحاد عمال البترول، ومن ثم عمال الكويت فصرت عضوا في عدة نشاطات في النقابة وفي اتحاد البترول وفي اتحاد عمال الكويت ونبحث عن امور تتعلق بالعمال ونطالب الشركات بتطبيق القانون والحمد لله جميع المواد في القانون (28) يستفيد منها حاليا عمال شركة النفط ولي الفخر وذكروني مع الاخوة مؤسسي النقابة وحاليا يعلقون صورنا داخل مقر النقابة ويزيدنا شرفا اننا خسرنا ماديا واستفدنا معنويا ورفعنا رؤوسنا عاليا.
النقابة واحتجاجات مجلس الأمة
ولدى سؤاله عن دور النقابة في اول انتخابات مجلس أمة وهل كان لها تأثير على المرشحين لتلك الانتخابات، قال العازمي: نحن حوربنا من قبل الآخرين ومن جهات عدة وبعض اعضاء مجلس الأمة حاربونا ما عدا الوطنيين منهم وصارت مشاكل مع بعض اعضاء مجلس الأمة، النقابات لم تؤثر على المرشحين، ولكننا رشحنا واحدا ونجح وهو راشد السيف ونحن زجينا براشد يكون مع القبيلة وقائمة ثانية كان فيها حسن فلاح ومكراد المكراد ونايف وأحمد الفرج قلنا أربعة والصوت الخامس لراشد السيف، عوازم او غيرهم مع الصوت الخامس لراشد وفاز الأول، فراشد حصل على الانتخاب من القبيلة والنقابة وجمع الجهتين بأصواتهم.
دور نقابة النفط
ويستكمل عجنان العازمي كلامه عن دور النقابة فيقول: سابقا كانت نقابة النفط لها دور كبير في العمل النقابي، ولقد قررنا في البداية ان من يشرب الشاي يدفع سعره عشرين فلسا، ونجمع المبلغ ويودع بصندوق النقابة وكنا نعطيهم، وشهريا يدفع العامل ربع دينار وبعض العمال كان يخاف ان تعرف عنه الشركة، القرطاسية والفرايش تدفعها النقابة الى ان بدأت وزارة الشؤون تدفع للنقابة، الشركة ما قصرت ولقد اجتمع معي رئيس الشركة وكنت يومئذ رئيس النقابة وحضر عندي في مكتبي وعرض علي ان اكون معهم ويدفع لي كل ما أريد وقال ما عندنا مانع ان ندفع لك فضحكت على ما قال وعندما شاهدني أضحك خرج وأكملت عملي وبعد فترة حاول رئيس العلاقات ان يجرني لأمور ثانية أخطر بكثير من ذلك.
قصة زواج في لندن
يحكي لنا عجنان العازمي قصة طريفة مر بها في لندن قائلا: عندما كنت في لندن للدراسة تعرفت أو بالأحرى تعرفت علي طالبة انجليزية وكانت تدرس معي كان هدفي ان أتعلم اللغة الانجليزية ولكن تلك الفتاة عرضت علي الزواج منها، كان المقصود الدراسة وتقوية اللغة.
وقلت لها انا رجل بدوي أعيش في بيت شعر في البر وعندي أغنام وإبل فابتعدي عني، ومع كل ما ذكرت قالت لا مانع ان أعيش معك وعندما رأيت اصرارها غيرت عنواني وابتعدت عنها، أنا رجل مسلم ملتزم وانت غير مسلمة، والحمد لله حاليا اعيش مع اولادي في بيتي، الاسلام يبعد الانسان عن اشياء كثيرة ومنذ ان خرجت من الكويت الى لندن كنت أحتفظ بسجادتي ومصحفي.
وعندما كنت أسكن عند عائلة انجليزية كنت أصلي وكان أولادهم الصغار يروني ثم يذهبون إلى أمهم ويقلدونني فحضرت أمهم وقالت ماذا تفعل في غرفتك انت تعمل حركات والأولاد يأخذون الشرشف ويضعونه على الأرض ويعملون حركات فأخرجت لها السجادة وقلت لها انني مسلم وأصلي.
التفرغ للعبادة
بعد الحديث عن العمال والنقابات والاضرابات يأخذ الحديث منحى آخر فيكلمنا ضيفنا عن تفرغه للدعوة والعبادة فيقول: بعد سنوات العمل في الوظيفة والعمل النقابي والمشاركة الوطنية مع زملائي من اجل الكويت وشعبها تقاعدت من الوظيفة فتفرغت تفرغا كاملا من اجل العبادة والدين ومنذ كنت صغيرا الى يومنا هذا لم ابتعد عن الصلاة والفرائض وكونت لي صداقات وشاركت مع بعض الأصدقاء وبدأت اخرج مع أهل الدعوة في سبيل الله ومنهم راشد الحقان وقد احببتهم ومعدنهم طيب (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) صدق الله العظيم، وكذلك منهم جاسم الحمدان ود.أحمد الهديب وبدر الجارالله ومجموعة كبيرة وأجتمع معهم وأستمع الى خطبهم في مسجد صبحان.
سافرت معهم الى عمان والى دول الخليج العربي، وكذلك حضرت اجتماع رايوان في باكستان وكذلك اجتماع دكا مرتين في بنغلاديش وحضر ذلك الاجتماع مليونان وكذلك سافرت مع المجموعة الى افريقيا ولمدة شهر والى كينيا وبعد سنة سافرت الى هولندا والى بلجيكا وكان هناك تجاوب كبير من بعض الاجانب وكذلك حضرت اجتماعا كبيرا في النرويج لأهل الدعوة وكان المسلمون هناك بحاجة الى الدعم وعندهم مصاريف وأخبرني بعض الاخوة بضرورة التبرع وذهبت الى البنك وسحبت مبلغا لا بأس به وتبرعت به مع احد الزملاء واعطيتهم المبلغ واعطيته لأهل الدعوة فرفضوا، وحاولت بشتى الطرق وساعدناهم وحاليا رجعت من دكا وفي باكستان حاليا اعيش مع اولادي وزوجتي وعندي اولاد لايزالون في المراحل التعليمية المختلفة من الابتدائي الى الجامعة والتطبيقي.
حياة الوالد و قبيلة العوازم
يذكر ضيفنا بعض المعلومات عن حياة والده فيقول: كان والدي يعمل في نقل الرمل على ساحل بحر الشويخ وكان الرمل يصدر إلى عبادان وبعد سنوات من العمل الوالد تقدم للعمل بشركة نفط الكويت وذلك عام 1947. وقبل ذلك كان يعمل برعي الاغنام في اماكن الرعي في الكويت.. كان الوالد ايام الشتاء والربيع يعيش في البر يتبع المراعي والماء وكنت طفلا وادركت الحياة في الجهراء والروضتين والصبيحية وكانت فيها مزارع وابار ماء، وكان لعمي مزرعة في المنقف يزرعها وتركها.. وكذلك عاش في الشامية. وكان والدي ايضا يشتغل في البحر مع جدي لأمي وكان سيبا في سفن الغوص وجدي كان غواصا وامضى خمسا وثلاثين سنة سيبا وذكر لنا انه كان يركب سفن الغوص مع النوخذة ابن ياقوت، وتوفي والدي عام 1952 في منطقة وارة.
وعن قبيلة العوازم يقول عجنان العازمي: هي قبيلة عربية سكنت الكويت منذ حكم بني خالد وهذا قبل اكثر من ثلاثمائة سنة، وقبيلة العوازم استقبلوا العتوب على ارض الكويت وساعدوهم على الاستقرار، وكان للعوازم حظور (مصايد سمك) من الجنوب حتى الشمال وكانت قبيلة العوازم يسكنون منطقة صفوان وخاصة فرع الصوابر مع الدليحية ويسمونهم اهل (دوة) الذي يدوه البر واكثر حلالهم في البر وكونوا حلفا مع الظفير، وعدم الاعتداء على الآخرين وهم من صفوان الى المثلث الكويتي السعودي العراقي وتلك مرابعهم، ومن يأتي من الشمال الى الكويت يدفعونه ويردونه، العوازم في الجنوب هم عريب دار لهم مزارع ورعي ويزودون الكويت بدهن العداني والحطب وكانوا يزرعون في الشعيبة والصبيحية والفنطاس وكانوا يزودون البلد بالخضراوات والبطيخ والرقي.
كلمة للشباب
يتوجه العازمي بالنصيحة الى شبابنا قائلا: اوجه كلامي الى شباب الكويت بأن عليهم الالتزام بدين الله والصداقة الحسنة مع بعضهم البعض والابتعاد عن المنغصات. وعلى الشباب العمل الجاد من اجل الكويت وشعبها نحن في الكويت شعب طيب متحابون متراحمون، ولكن بعض الشباب حاليا يسيء لنفسه وللآخرين في تصرفاته، كونوا يدا واحدة، وبالنسبة للمتزوجين انتبهوا لبيوتكم واتركوا السهر، وهناك أمور كثيرة لا تعجبني عند بعض الشباب وهناك شباب طيبون وملتزمون ويضرب بهم المثل الأعلى في العمل والخلق وحسن التصرف. الحقيقة اني معجب بالمرأة الكويتية في الاعمال التي تؤديها لبيتها وزوجها واولادها وعائلاتها ومحافظة النساء الكويتيات على بيوتهن وتخفيف العبء الكبير عن الرجال، في المقابل على الرجال دور في البيت، فيجب عليهم مراعاة مصالح الاسرة ومطالبها والانتباه للأبناء في تعليمهم وتربيتهم.
سكان قرية المقوع
عن قرية المقوع يذكر عجنان العازمي انه: بعدما سكنا المقوع اتذكر من سكان تلك القرية بعض العائلات مثل بيت مرشد بن طوالة وسيف بن حشان وعائلة الوقيد ايضا كان من سكانها بن ثويران وعدة عائلات كانوا يسكنون المقوع وبعض عائلات الظفير وكنا نتعايش جميعا مع بعضنا البعض.
محطات في حياة عجنان العازمي
-
ـ أول ممثل للعمال ضمن وفد الكويت لمؤتمر العمل الدولي في جنيف في السنوات التالية 1965 و1966 و1967.
-
ـ ممثل عمال الكويت في عيد العمال في روسيا عام 1981.
-
ـ ترأس نقابة عمال شركة نفط الكويت عدة سنوات آخرها عام 1980.
-
ـ نائب ورئيس عمال الكويت سنة (1980) خدم في شركة نفط الكويت سنة 42.
-
ـ آخر وظيفة له مشرف الشؤون الإدارية في شركة نفط الكويت.
قصة المطار
يحكي ضيفنا عجنان العازمي قصة طريفة بطلتها والدته فيقول: كنا ساكنين في منطقة الشامية وأرادت الوالدة زيارة ابناء عمتها وكانوا يعيشون في النقرة في مزارعهم. وخرجت مع الوالدة مشيا على الاقدام وكان ما بعد الشامية منطقة برية فقطعنا تلك المنطقة باتجاه النقرة وكان جزء من تلك الارض مطار الكويت القديم ولا يوجد له سور او شبك.
بعد الغداء قالت لي الوالدة نروح نشوف السدرة والآبار.. وعندما وصلنا قالت هذه السدرة زرعها جدك وهذه مزارعنا وكانت آخر مرة اشاهدها.
وتلك السدرة استغلها الرعاة للجلوس تحتها وبعد العصر تخرج للبر وفيما بعد صار سواق سيارات التاكسي يجلسون تحتها ينتظرون الركاب وبعد تثمين بيوتنا في الشامية ذهبت عمتي الى البلدية تطالب بأرض المزرعة التي فيها السدرة ولكن لم نحصل على شيء.
اثناء عودتنا من النقرة سلكنا نفس الطريق الى الشامية وشاهدت طائرة صغيرة تنزل من جهة الجنوب الى الشمال ـ فظنت الوالدة رحمها الله ان نزول الطائرة سببه ان يخطفنا من فيها فحملت حجرا كبيرا بيدها ورمته على الطائرة وهي على الأرض. نحن اهل الحجارة واول من استخدمها في الضرب.