- اشتغلت مع والدي في صناعة السفن الشراعية وأول عمل ضراب مسامير
- ركبت سفن الغوص سيباً وذهبنا إلى مغاص البلداني وفي العدان حصلنا على حصباه باعها النوخذة بـ 15 ألف روبية وتزوجت بنصيبي منها
- ختمت القرآن الكريم عند سيد يونس وكان يضربنا بالعصا للتأخر عن الدوام فغافلته وأخذت الخيزرانة وصنعت منها إطاراً للفخ
- اصطدنا صغـــارا السمـك بالخيط واستخدمنا المشخال المغطى بالقماش في صيد الميد والشعوم واليمام والمزيزي
- أول مرة ركبت البحر على الداو ملك الصقر وكان عدد البحارة 46 وذهبنا إلى سمبرانكا فرأينا الشواذي والتماسيح في النهر
- أيام الطفولة كنا نلعب الفلوش والبلبول والوقواقة ونسبح من البيال إلى سور النقعة ذهاباً وإياباً
رجال البحر من الكويتيين الذين كانوا يجوبون البحار والمحيطات تحملوا التعب والمشقة من أجل لقمة العيش. وضيفنا هذا الأسبوع من أولئك الرجال الأشداء ركب السفن الشراعية وكان عمله قلافا من الرجال الذين كانوا يصنعون السفن، وأول عمل له كان مع والده حيث كانوا يصنعون السفن الشراعية مع مجموعة من الاستادية. ركب أكبر سفينة شراعية اسمها «الداو» ولم يكن قد بلغ العشرين من عمره بعد، الا انه تحمل وقاسى وصبر على أهوال البحر وبعد 9 شهور من الغربة ما بين البحر والمحيط والمدن الهندية عاد الى الكويت ولم يترك العمل وفي السنة الثانية ركب أيضا في سفينة أخرى واستمر في عمله من سفينة لأخرى حتى انتهى العمل والسفر بالسفن الشراعية. ضيفنا حسين القلاف يحدثنا عن مشاهداته في مدن الهند والمدن الافريقية في شمال القارة وغربها. يحدثنا عن السجن في الهند والتحقيق معه والاغراءات التي قدموها له حتى يعترف بوجود ذهب في السفينة الا انه ظل مصرا على عدم وجود ذهب. وبعد خروجه من السجن كافأه التاجر الكويتي.. لكن ماذا أعطاه؟ وماذا فعل بالهدية؟ هكذا كان الكويتيون أشداء صبورين ومن الغوص فقد حصل على 3 آلاف روبية بعد ان باع النوخذة الحصباه على طواش من البحرين. هذا تاريخ لم يذكره المؤرخون الأولون، وعلينا أن نسطره بأحرف من ذهب للأجيال القادمة مع جميع الرجال الكويتيين ومن جميع الطبقات. يتطرق ضيفنا حسين القلاف خلال هذا اللقاء لكل هذه الأمور ويحكي لنا عن الماضي والذكريات،
فإلي التفاصيل:
يستهل حسين يوسف ابراهيم القلاف «والقلاليف هم صناع السفن الشراعية» كلامه بالحديث عن بداياته الاولى ونشأته ومرحلة طفولته وكيف كانت الظروف في هذه الآونة فيقول: ولدت في الكويت بالحي الشرقي عام 1926 بالمطبة حيث بيت الوالد وجدي وفيها مسجد المطبة ومجموعة من الدكاكين، واذكر دكان مبارك الهدهود ودكان هاشم وعلي الكندري وكان يبيع مواد غذائية، كما اذكر من الشباب محمد الرقم ومحمد الهزاع وسويد النعمة وحسن وعبدالرسول بن نعمة.
وكان بيت الوالد يقع على الشارع الرئيسي بنفس الطريق الذي فيه بيت جاسم الصباغة الذي صنع فيه البوم (السفينة الشراعية) واذكر من الجيران صالح بن شايع وهو رجل كفيف وبيت ولد عمي عيسى القلاف وبيت حجي تقي العوضي وبيت حسين عبدالوهاب محمد العبدالله من البحارنة.
وقد لعبت الجيس مع الفلوس الاردي والبيزة الجيس قطعة من الحديد نرميه على الفلوس واذا اصبت الفلوس آخذها لي، ولعبت الكانة وهي حفرة، اللاعب يرمي الفلوس واذا سقطت بالحفرة يأخذها، كذلك لعبت الجعاب وهو عظم وتضربه بالجيس والذي تصيبه تأخذه.
كذلك كنا نلعب جوز مكاسر وجوز ذبيبينة.
الألعاب الشعبية
يتذكر القلاف بعض الالعاب التي كان يمارسها في مرحلة الطفولة قائلا: قديما ونحن صغار كنا نلعب بالسكة او بالبراحة ومن الالعاب الشعبية التي كنا نمارسها «الدوامة ومنها لعبة الفلوش» والشاب عنده دوامة كبيرة ويضرب بها الدوامة الصغيرة فإذا اصابها اخذها له واذا لم يصبها اللاعب يضع دوامته وآخر يضربها واما لعبة الدوامة العادية فصغيرة يلعبها الولد بنفسه على ارض صلبة.
كذلك كنا نلعب البلبول وهي خشبة مخروطية يصنعها القلاف ونربط عصا بخيط ونلف الطرف الثاني من الخيط على البلبول ونسحب الخيط فيسقط البلبول على الارض بحركة دورانية ونضربه بالخيط ونقول مشبل، وكذلك كنا نلعب بالوقواقة وكانت تصنع من الخشب واذكر ان منصور عبدالله القلاف مشهور بصناعة الوقواقة وكنت شاطر جدا بلعب الدوامة (الفلوش) ومعنا عبدالله الرقم والهزاع وكثير من الاولاد وكنا نلعب فترة الضحى تقريبا التاسعة والنصف، اذكر كنت اذهب مع اصدقائي الى المسجد للصلاة، وكنت اذهب الى البحر للسباحة مع اصدقائي ونسبح من البيال الى سور النقعة، ذهابا وايابا، لابسين الوزار وما كنا نعرف «المايو» وحسب ماء البحر السجي (المد) وكنت اذهب الى نقعة القطامي وقد اشتراها من صاحبها.
وعن النقع التي كانت موجودة على ساحل البحر يقول القلاف: اما النقع من القبلة فنقعة الخرافي وبجانبها خارور ماء وبعدها اليسرة ولا يوجد لها سور وبجانبها ثلاث نقع خاصة لعائلة العثمان فيها سفنهم وبجانبها نقعة الماء والبعض يسميها نقعة العبد الجليل وبجانبها نقعة الصقر وبجانبها خارور ماء يصل الى الارض اليابسة وبعد ذلك نقعة البدر ونقعة الفرضة ونقعة الجمارك وبعدها مبنى قصر السيف ومن بعده نقعة معرفي ونقعة الشيوخ ونقعة بوقماز ونقعة الشملان ونقعة ابن خميس واحيانا يطلق عليها نقعة هلال حتى الاميري والبحر مفتوح من دون سور الى دسمان.
نقعة الخرافي حاليا سوق يوم البحار، واذكر نقعة الفلاح واذكر ان عبدالله خرم صاحب تشالة لنقل الصخور من عشيرج الى النقعة. والصخور تستخدم في بناءسور النقعة وبعض التجار يستخدموها في بناء البيوت وهي أقوى من الطين أو الطابوق الطيني.
وعندما نذهب الى صيد السمك بالخيط نصيد سمكا صغيرا واذكر نأخذ مشخال ونغطيه بقطعة قماش مثقوبة ونضع الطحين بداخل المشخال وننزله في قاع البحر وبعد نصف ساعة نرفع المشخال فينزل الماء ويبقى السمك داخله شعوم ويميام وميد ومزيزي. وايضا كنت اصيد السمك في السالمية مقابل بيت الشيخ يوسف وذلك بعدما انتقلنا للسكن هناك وبحر السالمية مفتوح دون سور والبيت ملك مع أخوي وكذلك بيت في الشرق وفي شارع عمان بيت جاهز مشترك مع أخي محمد وبعد ذلك انتقلت للسكن في الرميثية هذا البيت بـ 3 آلاف دينار.
الدراسة والتعليم
بعد استعراض بعض لحظات الطفولة الجميلة يتحول ضيفنا حسين القلاف للحديث عن مشواره مع التعليم: أول مدرسة التحقت بها كانت عند سيد يونس بالشرق، تعلمت قراءة القرآن الكريم وكان يضربنا بالعصا والسبب تأخرنا عن الدوام الصباحي. وفي غفلة من سيد يونس أخذت الخيزرانة واستخدمتها للفخ صنعت منها طارة لصيد الطيور وتركت المدرسة واذكر انه ضرب أخي عبدالله وجحشني بالفلقة وأكملت قراءة القرآن الكريم والوالدة أقامت حفل ختم القرآن وحصلت على مبلغ أخذته ولم أعطه للمدرس واشتريت بارود للمفتاح ونضع فيه البارود ونضربه بالطوفة واذكر ان البارود من أعواد الكبريت، ونستخدمه أيام العيد. وكان معي بالمدرسة منصور حامد وحسين حجي احمد والجلوس على المنقور (الباريه) أو الحصير وبرمة الماء وآخذ معي غرشة الماء صغيرة شتاء وصيفا ولمدة عام، وكنت اعرف القراءة والكتابة.
العمل «قلاف» مع الوالد
بعد ذلك تحول ضيفنا من التعليم الى العمل حيث بدأ يساعد والده في صناعة السفن، وعن ذلك يقول: اشتغلت مع الوالد بصناعة السفن الشراعية لأن والدي كان يشتغل قلافا مع القلاليف فتعلمت المهنة والبداية كنت أساعده، وأول عمل ضراب مسامير وكلفات القطن الفتيل نضع الفتيلة بالزيت واضعها بين الألواح وكان الوالد يشرف على عملي وهو من القلاليف الجيدين ومعه يوسف ومن الاستادية حجي جاسم بن راشد وحجي علي بن حسن وعبدالله وصالح بن راشد وحجي حسين بن منصور وجدي الحاج ابراهيم هؤلاء يبسطون قاعدة السفينة ويعطون تعليماتهم للقلاليف وهم الذين يأخذون القياس للألواح قبل تركيبها ويستخدمون في عملهم آلات بسيطة مثل المنشار والمطرقة والمنقر ابوسمجه ومجدح وجدوم والمسامير.
بداية العمل ضراب مسامير والألواح يضعها القلاف والمزوريه ينقلون الألواح ويضعونها في مكانها ويضعون الطواري وهو لوح ونحن الصغار نختم اللوح بالمسامير، وهكذا حتى ننتهي من صناعة السفينة من القلاف هو الذي يصنع الألواح سماكة من المالج وهو أول لوح والخد ثاني لوح الى الكمر حد الدوران (الحمله) والتريج وهو آخر السفينة وبعد ذلك نتفرع لصناعة وتكملة السفينة بعدما نضع المالج ونضع الجافتوه وهو عبارة عن بيص من داخل السفينة يوضع على البيص الأصلي وهو القاعدة من الصدر الى النقر مؤخرة السفينة ونكببه واذا وضعنا الخد نبدأ بوضع الشلامين (أضلاع السفينة من الداخل التي تمسك الألواح) وفي قاعدة السفينة الفلس وأما الصاطور نركبه من الأمام والنقر من الخلف، ونركب عليه السكان بعدما ننتهي من السطحة، عملي ضرب المسامير واستخدم المجدح وعدتي ملك لي.
وأول عمل منذ الصباح استخدم المجدح للمسمار، المسامير ابوفتر وابوشبر ومغلطاني أكبر من الشبر، أبوفتر يضرب بالحملة ونعمل سدادة بين الشلمان وبعدها بالكغات ولفترة صغيرة.
وتعلمت مع الوالد اساعده واضرب معه، كما تعلمت جميع الاعمال في السفينة وكنا نستخدم حل المناديل وعندي منقار كلفات وكل حملة اربع شلامين حتى ننتهي من عمل السفينة.
السفر بالسفن الشراعية
بعد العمل في صناعة السفن الشراعية تحول الى السفر عليها وعن ذلك يقول حسين القلاف: تركت العمل بالسفن كقلاف مع الوالد وبدأ الوالد بالسفر كقلاف مع السفن الشراعية التي كانت تسافر الى الهند وافريقيا وبدايتي بالسفر مع الوالد حيث كنت مساعدا له كقلاف، واول سفينة بالداو ملك الصقر وكان النوخذة عبدالوهاب عبدالعزيز القطامي، وعملت لمدة سنة واحدة مع الوالد وهو قلاف وكنت اساعده واعتبر تباب وخرجنا من الكويت الى البصرة وحملنا تمورا وكان عدد البحارة ستة واربعين بحارا وفيه سكونية اربعة اذكر منهم حمد بن معيوف والمجدمي العود احمد العبدالهادي والمجدمي الصغير الخليفي والطباخ مبارك بن مريان والاكل في منجب اكل مع البحارة مصنوعة من الخشب، وبعد العودة الى الكويت خرجنا من البصرة الى عدن نقلنا تمورا ونزلنا التمور ونقلنا ملحا وركابا الى ممباسا ونزلنا الملح والركاب من الشحر والديس والمكلا رجالا ونساء تحت السنيم والمسافة عشرة ايام والهواء معنا.
وتوجهنا الى سمبرانكا ودخلنا النهر، حيث رأيت الشواذي والحيوانات والتماسيح في النهر وحملنا الجندل وغادرنا الى زنجبار ولمدة اربعة ايام والهواء سهيلي ودفعنا الاشرعة، وكانت زنجبار فيها فواكه كثيرة، وصلنا مدينة مسقط بعد خمسة عشر يوم، ومنها الى الكويت لمدة شهر الهواء شمال، نزعت مطرح واشتريت حلوى بالحصاف واشتريت للوالدة قطعة قماش مشجر من ممباسا وكذلك لاخواتي مثل الوالدة والداو من اكبر السفن الشراعية في الكويت، نزلنا السوق بعدما تريقنا في الداو وشاهدت الدكاكين في سوق مطرح والرجال في السوق يبيعون ويشترون، وجلست بالقهوة مع البحارة وشربت الشاي واشتريت ست عشر خصافة فيها الحلوى العمانية وهي من افضل الحلويات، وفي بر فارس بندرنا في الدير بندر هنيام وجزيرة الشيخ والدير وبندرتين مررنا عليهما الشراع العود رفعناه واخذنا ساعة ونحن نرفع شراعه وصلنا الكويت والداو في طونية وحضرت التشالة ونقلنا الجندل والبحارة هم الذين ينزلون ولم يحصل اي حادث لنا ونحن في الداو.
سفينة الكيت
يكمل العم حسين القلاف حديثه عن سفراته ويتطرق لصنع والده سفينة «كيت» فيقول: اثناء فترة السفر بالداو الوالد صنع له سفينة صغيرة نوع الكيت وكنت اساعده، وفي عدن باعوا الكيت القديم وبعد خروجنا من عدن الوالد بدأ يصنع جالبوت انتهى العمل منها ونحن في سمبرانكا وكنت اساعده في صناعتها وباعوها في زنجبار، وضعنا كراسي مشخل وهذه اول سفرة بالداو، عندما تم القاء القبض على الداو كان النوخذة محمد بن شيبة وفيه ذهب واطارات دراجات، والداو سفينة سريعة ومصفر بالواح نحاسية وهو اكبر سفينة وكذلك سفينة بن رشدان والداو اشرف على صناعته الحاج عبدالله بن راشد من عائلتنا وتكلفته تقريبا اربعين الف روبية او اكثر، ومن الاقوال عند اهل البحر يقولون «منصور اقضى وخلا الداو» ومنصور سفينة للمرحوم احمد الخرافي.
سفر السنة الثانية
يتحدث العم حسين القلاف بعد ذلك عن العام الثاني لسفراته بالبحر فيقول: ركبت في سفينة بوقماز وكانت السفينة وشار وكان معي اخي ابراهيم والنوخذة جاسم العمر، وسافرنا الى البصرة ونقلنا التمور وسافرنا الى كراتشي، والذي صنع السفينة ابوحبيب (ابوعليان) وكان المجدمي العود محمد بن راشد، ونزلنا التمور عند التاجر الكويتي واذكر اخذنا ماء حلو من هنيام من قرى بر فارس وبعدها جزيرة الشيخ وجزيرة قيس، وبعد كراتشي سافرنا الى بومباي ومنها الى كتوار وباعوا التمور ومنها الى كلكوت وقابلنا التاجر يوسف الصقر.
وحملنا الواح بدن وصبار (تمر هندي) واخشاب وحبال وباسجيل ربطات وبالوص ربطات حبال، ثم نزلت سوق كلكوت وشاهدت العربانات ويسمونها ركشه، وشربت الشاي في قهوة بجوار كراج يوسف الصقر، وبعد الوصول صنعت سفينة صغيرة نوع «الكيت» بجوار بخار يوسف الصقر ورجعنا الى الكويت من مسقط ودخلنا نقعة النصف وحصلت على 200 روبية.
السفرة الثالثة
ثم يكمل العم القلاف كلامه عن أسفاره بالحديث عن سفرته الثالثة قائلا: ركبت «بوم» عبدالعزيز المرزوق والنوخذة علي الشطي والسفينة اسمها «فاروق»، وكنت قلافا معهم، خرجنا الى البصزة وحملنا التمور وخرجنا متوجهين الى مدينة كراتشي وسافرنا الى كلكوت، ويوسف المرزوق كان هناك، وفي اليوم الثاني تسلمنا أخشابا وبهارات وحبالا وحملناها ورجعنا مباشرة من كلكوت الى الكويت، والأكل الريوق خبز رقاق وشاي والغداء عيش وسمك والا مرق عدس وكان عدد البحارة بحدود 40 بحارا.
السفرة الرابعة
وعن السفرة الرابعة في سلسلة سفراته يقول العم حسين القلاف: ركبت قلافا في بوم المرزوق والنوخذة عبدالرحمن العماني والسفينة اسمها «فاروق» تغير النوخذة والسكونيه من جماعتهم والمجدمي احمد بن راشد والصغير خالد محمد أيضا حملنا تمورا من قرى البصرة وسافرنا الى بومباي، حيث دخلنا الفجر الى الميناء لكنها مدينة عظيمة، عندما وصلنا ركب المفتشون على السفينة وبدأوا بالتفتيش ولم يجدوا شيئا لأن النوخذة نزل الذهب عندما كنا بعيدين عن الميناء وحضرت سفن صغيرة ونقلوا الذهب وبعد ذلك دخلنا ميناء مومباي وحضر عندنا أحد التجار الكويتيين وكان مرتديا ملابس الهنود.
وكنت قد عملت خزنات بالسور احفره ويضعون الذهب واضع عليه لوح خشب وهذا من اعمال القلاف وفي الليل نفتح الخزنات ونضع الذهب في الجفير «نسميه الزبيل» وأحيانا نضع الذهب بالعنج نحفره ونضع الذهب ونسده بلوح، وبعدما نزلنا الذهب والتمور سافرنا الى كلكوت. كنت اتغدى في مطعم هندي عيش برياني ومرق.
أيضا عندما نصل الى البصرة كنت اشتري تمرا واحفظه في كرتون صغير وابيعه بالهند لحسابي الخاص، وبعد كلكوت حملنا المربع والصبار والكمبار والباسجيل، والبوم السادس الى مدينة مسقط بعد 15 يوما عبرنا الغبة ويظهر لنا جبل بوداود وهو دليل والنوخذة هو المعلم والقياس الظهر، والبحارة يسهرون الليل نوبات والسفينة تتحرك بشراعها بوسط البحر، النوخذة يبعث ببرقية من مدينة مسقط الى الكويت يبلغهم بعلم الوصول.
ومما اذكر ان اول التمور زهدي وسعمرال وديري، هذه التمور بداية قطفها ننقلها للهند وكنا نشاهد المعابد ولم ندخلها وكنا نشاهد الهنود وهم يؤدون طقوسهم.
ويحكى ان رجلا اسمه حنون كان دائما يتواجد مع الهنود في معابدهم يغني معهم ويردد ما يقولون «رام رام» وبعدما تمكن من تواجده معهم سرق الذهب الموجود على الديوي، وسافر بالباخرة الى عدن، حضر الهنود الى المعبد ولم يجدوا الذهب وبحثوا عن حنون فلم يجدوه وهو وصل الى عدن. لأول مرة آكل الكيك الملون في مومباي واشتريت من راعي العربانة حلوى فيل لونها أسود وكان في كلكوت، وهكذا بعد انتهاء أعمالنا عدنا للكويت.
السفرة الخامسة
وعلى السفينة «مرزوق» كان سفرة العم حسين القلاف الخامسة، وعن تفاصيلها يقول: ركبت في سفينة مع حمد التورة والسفينة اسمها مرزوق ووضعولها ماكينة حيث دخلنا عصر الماكينات بدلا من الشراع ونقلنا كمية ذهب واخفيتها في أماكن سرية وعند وصولنا حضر عندنا التاجر الكويتي وقال «من سفينة المرزوق» فرد التاجر «قول النوخذة حمد التورة».
وناداني التاجر وقال يا استاد افتح أماكن الذهب ونزلنا الذهب في عدد من الزبلان وعددها 35 ألف تولة ذهب ونقلها.
بعدها حضر المفتش الهندي وقال أين القلاف باللغة الهندية «كدر مستري» فقلت له «همارا مستري معلوم» يعني أنا القلاف فقال «سونا كدر» فقلت «ني معلوم بابا» فكان سؤاله يسأل عن مكان الذهب فقلت «لا أعلم». عندها سحب السنجي من البندقية ووضعه على رقبتي قلت له «اذبح لا اخاف» فأنزلني وسجنوني مدة اسبوع في المخفر كانوا يعطوني البطاط وأحيانا عيش قليل ولم اعترف وبعد اسبوع أطلقوا سراحي والتاجر الكويتي أعطاني 200 روبية، تزوجت بها من امرأة نيبارية والله رزقني منها بنت توفيت الأم واحضرت ابنتي وهي حاليا متزوجة وعندها أبناء.
السفرة السادسة
يصل العم حسين القلاف بعد ذلك في كلامه الى السفرة السادسة، وعنها يقول: ركبت قلافا مع النوخذة يوسف القطامي سفينة وشار جديد والسفينة للقطامي وسافرنا الى عدن محملين بالتمور ونقلنا ركابا من مكلا الى ممباسا محملين بملح وسافرنا الى سمبرانكا حملنا جندل، وتسعة شهور تستغرق السفرة الواحدة حتى العودة الى الكويت.
طوال سنوات عملي قلافا مع السفن الشراعية ومع النواخذة تعلمت الكثير، وصادقت رجالا أشداء أقوياء تحملوا أهوال البحر وكنت مثلهم طوال تلك السنوات لم أسافر الى مدن البحر.
شاهدت الكثير من الرجال والنساء والاطفال في كثير من المدن والقرى، تعلمت الكثير الكثير، أحببت الناس وأحبوني وتعاونت معهم وتحملت المشاكل والسجن ولم أخبر أي إنسان عن أماكن الذهب في السفينة الا النوخذة هو الذي يعرف مع المجدمين والدي ترك البحر وأخي كان يسافر مع نواخذة وسفن أخرى وهكذا أمضيت حياتي البحرية والعمل قلافا، وحصلت على اكبر مبلغ مع حمد التورة ألفين روبية أعطيت الوالدة مائتين والوالد مائتين ومصروف البيت.
سفن الغوص
بالاضافة الى السفر على السفن الشراعية ونقل البضائع والذهب، فقد ركب العم حسين القلاف سفن الغوص ايضا، وعن ذلك يقول: ركبت سفينة صالح بن شايع وهو جارنا، وذهبنا الى الغوص وكنت سيبا، والنوخذة حسين الحربان وكان معي عبدالله العطار وابراهيم بن شايع وعبدالله بن شايع وخليفة بن شايع وغادرنا الكويت الى غوص العدان وعمق البحر ما بين ثلاثة الى خمسة أبواع.
كذلك غصنا في مغاص البلداني وعمقه خمسة عشر باعا ولم نحصل على شيء يذكر واستخدمنا المنور الجام.
اذا الغيص نبر الحبل اسحبه والغيص جسمه خفيف وقد حصلنا في مغاص العدان حصباه باعها النوخذة بخمسة عشر ألف روبية باعها على طواش بحريني وكان نصيبي بحدود ثلاثة آلاف روبية تقريبا، وبعدها تزوجت أم الاولاد.
العمل بالميناء
في محطة جديدة من محطات حياته العملية، توجه العم حسين القلاف بعد السفن الشراعية وسفن الغوص الى العمل في الميناء، وعن ذلك يقول: ختمت العمل البحري بالغوص وانتهى فتوجهت الى العمل في الميناء، واشتغلت قلافا بتصليح السفن الخشبية والمسؤول علينا محمد بن خلف ويساعده علي البزاز (فورمن)، ونقلونا الى الخيران ولمدة خمسة عشر يوما مستمرة، وصلحنا بعض السفن الخشبية ورجعنا وطلبت من الفورمن أتعابي، فقال ما عندي شيء أعطيك فتشاجرت معه وتدخل بيننا علي البزاز وبعد الغداء أخذت العدة وذهبت الى المدير وطلبت منه نقلي الى التكات وطلبت منه نقلي فقال انت قلاف تريد ان تعمل بحارا فقلت انت ايضا من مهنتك القديمة صرت مديرا فشتمني ورديت عليه.. وأخذوني الى المخفر وحولوني الى المستشفى الاميري وخيطوا الجروح وحضر المرحوم الحاج مكي الجمعة وأحضروا المدير وركبوا عليه التهمة وخرجت غير مطلوب وسجلوني بحارا في ميناء الاحمدي.
والنوخذة في التك عبدالله القديري والدوام يومان وليلتان وعندي سيارة أوبل، وذلك عام 1963 والراتب بما يعادل الف وعشرين دينارا حاليا وتقاعدت عن العمل كليا، وذلك عام 1989 قبل الغزو العراقي الغاشم على الكويت، وافتتحت ورشة لصناعة السفن الصغيرة وأعطوني دكانا في قرية البحار، وأبيع السفن الصغيرة (النماذج)، كما ان ديوانية الصيادين يطلبونني لتصليح بعض السفن الخشبية.
قيادة السيارة
بعيدا عن البحر ونزولا الى البر يتابع العم حسن القلاف حديثه الى تعلم سواقة السيارة فيقول: تعلمت قيادة السيارة عام 1960 وكنت أسوق بدون اجازة وأول سيارة كانت اوبل صغيرة وفي يوم من الايام واذا بسيارة شرطة خلفي فتوقفت وسألني: لماذا لم أربط حزام الامان، ولكن قالها الشرطي «لماذا لم تربط روحي» فقلت «هل أنا مجنون اربط روحي» فضحك الضابط وسامحني وكان هذا قبل الاستقلال. بعد سنوات حصلت على الاجازة وقد تعلمت عند الدروازة بالسوق والذي اختبرني الكندري ونجحت ولم أشتغل بسيارة تاكسي، اشتريت ثاني سيارة فولفو وحاليا لا أسوق السيارة لعدم قدرتي بسبب النظر والاولاد يساعدونني.
الحياة الاجتماعية
يتحدث العم حسين القلاف عن حياته الاسرية فيقول: كان زواجي الاول من بنت عبدالله الزاير، وعندي ولد واحد منها وطلقتها بعد ذلك. وحصلت على ثلاثة آلاف روبية من البحر وتزوجت هندية وعندي منها بنت. أما أم الاولاد وهي بنت محمد علي بن منصور، الله رزقني منها بعلي ومنصور ويوسف ويعقوب وبنات، والحمد لله رب العالمين على كل حال. حاليا أمضي وقتي بالورشة صباحا ومساء أمضي الوقت في المحل ببوم البحار حتى الثانية عشرة ليلا.
وأقول ان عائلة الراشد أول من وطأت أقدامهم أرض الكويت من بين القلاليف، وقد مضى على وجودنا أكثر من مائتي سنة أبا عن جد ونحن البحارنة عرفنا بهذا الاسم نسبة للبحرين، فأصولنا عربية من ينبع، حيث هاجر الأولون من أهالينا الى المدينة المنورة ومنها الى القطيف وبعد سنوات هاجروا الى البحرين وعرفنا في الكويت بالبحارنة نسبة الى مملكة البحرين، ونحن استادية صناع السفن الخشبية، فنحن عائلة بن راشد، حجي عبدالله بن راشد، وحجي صالح بن راشد هو أول من سكن الكويت من العائلة.