- أنصح كل من يهتم بتاريخ الكويت ومنطقة الخليج العربي بزيارة متحف اللؤلؤ «الذكير» في العاصمة البحرينية المنامة
- في مدرسة المرقاب قمت بتحية العلم بلهجة كويتية فصفقت لي زميلاتي وصفعتني الناظرة الفلسطينية
- توفيت جدتي في عنيزة بسبب مرض الكوليرا وبعدها توجه والدي إلى بني عمومته في البحرين للعمل معهم في التجارة
- التحقت بمعهد التمريض وبعد تخرجي ورفض والدي لعملي في المجال عدت إلى دراسة الثانوية العامة بدوام مسائي
ضيفة هذا الاسبوع الكاتبة الصحافية منى الذكير ولدت في الزبير ونقلها والدها الى الكويت منذ الاشهر الاولى لولادتها ومنذ ذلك الحين وهي تعيش على ارض الكويت النقية الطاهرة. التحقت بالمدارس الابتدائية حتى المرحلة المتوسطة وأنهتها بنجاح. حصلت على منحة كريمة من رجل كريم من جلالة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، فالتحقت بجامعة القاهرة، كما التحقت بدورات دراسية في انجلترا وكانت بداية اهتمامها بالصحافة من خلال مجلة الحائط المدرسية وشاركتها احدى الصديقات التي كان زوجها يعمل بالصحافة الكويتية آنذاك فقدمها زوج صديقتها إلى عالم الصحافة لتبدأ مشوار الإبداع. سارت الامور حسبما يرام بالكتابة والنشر حتى نضج القلم وصارت كاتبة وصحافية منذ اكثر من ثلاثين عاما وهي لاتزال تعمل بالصحافة الكويتية، وتقول انها تعتز بالمقابلة التي اجرتها مع المرحوم الشيخ سالم صباح السالم عندما كان وزيرا للدفاع. كما تعتز ايضا بوزير الاعلام الاسبق المرحوم الشيخ جابر العلي وترى انه هو الذي نهض بالاعلام الكويتي وله الفضل في ذلك. منى الذكير في العمل الصحافي منذ اكثر من ثلاثين عاما، كتبت في جريدة «السياسة» و«الرأي العام» و«القبس» ولاتزال تتذكر تلك الايام الجميلة. تحكي لنا منى عبدالله الذكير خلال هذا اللقاء عن الذكريات الجميلة في التعليم والثقافة والكتب التي بدأت بتأليفها، ونشرها وغير ذلك من الامور والمواقف التي مرت بها في حياتها،
فإلى تفاصيل الجزء الأول:
تبدأ الصحافية منى عبدالله عبدالعزيز الذكير حديثها عن الذكريات بالكلام عن تفاصيل البدايات قائلة: ولدت في الزبير وهي مدينة صحراوية تقع ما بين الكويت ومدينة البصرة في العراق، وكان كثير من الاثرياء والاغنياء ذوي الاملاك والذين كانوا يعيشون في الزبير والبصرة وسكان الزبير هم من العائلات النجدية الكبيرة وقد جاؤوا من عدة مدن في السعودية واستقروا في الزبير مثل القصيم وحرمة وحريملة والمجمعة حيث استقروا وعملوا في التجارة وكانوا يعتبرون قمة في النقاء والصفاء وكذلك الخلق والمحبة والاصالة.
وعرفت الزبير بهذا الاسم نسبة الى الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه اما والدي فقد ولد في مدينة عنيزة من مدن المملكة العربية السعودية ويسمونها «باريس نجد» لسبقها في الاخذ بأمور الحضارة والتمدن وبعض الناس حرفوا النجارة الى «النيادة» حيث حولوا الجيم الى ياء ويطلق على اهلها ايضا النجديين.
وأما ولادتي الثانية فكانت عندما اتى بي والدي الى الكويت وكنت طفلة صغيرة تحملني والدتي على يديها والبسمة الاولى والفرحة الكبيرة عندما ابتسمت لي الدنيا في الكويت فحصلت على السعادة وحب الاهل وتفتحت الدنيا امامي العمر كله والحمد لله.
وقد انتقل الوالد الى الكويت للعيش فيها كما فعل الكثير من سكان الزبير منذ سنوات عدة وطويلة، وبعضهم صار كويتيا والآخرون انتقلوا الى السعودية اصولهم القديمة وحصلوا على الجنسية الكويتية او الجنسية السعودية بكل سهولة ويسر لوجود اواصر النسب والقربى والدم وفي الكويت دخلوا في العمل التجاري كما في السعودية وحصلوا على الخير الكثير.
ونجحوا في تجارتهم بإخلاصهم وجدية العمل والاخلاق الكريمة في تعاملهم مع الناس الا ان الزمن تغير واهل الزبير مثلما قلت انتقلوا الى الكويت والسعودية واصبحت الزبير من بعدهم خالية على عروشها.
وجاء حزب البعث العراقي ونقل اليها مجاميع من البشر من سوق الشيوخ والناصرية ومدن عراقية اخرى واصبحت مدينة عراقية بشعب عراقي اتوا من كل حدب وصوب.
حاليا انقطعت اواصر القربى والسكن عند رجالات الزبير واولادهم بمدينة الزبير، الزبير ذات البيوت القديمة والسكيك بترابها وبيوت الطين التي لاتزال موجودة سكنها العراقيون واستولوا على مزارعها وبعض العراقيين يقولون انهم اشتروا تلك البيوت.
الدراسة والتعليم
وعن مشوارها في الدراسة تقول منى الذكير: مراحل التعليم مختلفة ومتعددة، وفي طفولتي تنقلت ما بين العديد من المدن والمدارس والاحياء، وفي كل مرة انتقل فيها كنت ابكي بدموع غزيرة لاني سأفارق الصديقات وزميلاتي في المدرسة والمعلمات، وكان الوالد (رحمه الله) يهوّن علي الامر بأنني سأجد زميلات اخريات ومدارس احسن من سابقاتها ولم اكن اقتنع وظللت في حزن الى ان استقررت في عالمي الجديد وسارت الايام بي من المرحلة الابتدائية الى المتوسطة حتى انهيت المرحلة الثانوية، وفي كل مرحلة كانت تتكون لدي معرفة تامة وصديقات جديدات ومدرسات كنت احبهن ويحببنني كثيرا.
وكانت المناهج تتفاوت من مادة الى اخرى من حيث الصعوبة والسهولة، وكنت دائما متفوقة في الدراسة وأختار الصديقات الممتازات واحصل على هدايا بسبب تفوقي.
الدراسة في «رابعة العدوية»
وعن الدراسة في المرحلة الابتدائية تقول: في سن السابعة دخلت مدرسة «رابعة العدوية» الابتدائية في منطقة المرقاب وكان جيراننا من العائلات اصولهم من الجزيرة العربية ذوي كرم وجاه، وكان شقيقي الاكبر صلاح يدرس في متوسطة صلاح الدين قرب مدرستي، كانت حصة الرياضة البدنية محببة لي وكنت سريعة العدو قوية البنية رغم نحافتي.
وفي يوم من الايام قررت مدرسة الالعاب البدنية ان تشركني في مسابقة للركض وتدربنا لعدة ايام وكنت متفوقة في دراستي، وكنت احب مدرسة اللغة العربية وهي فتاة فلسطينية نحيلة وجميلة وترتدي فساتين كلوش منفوشة حسب الموضة، وكنت اترك بعض الحصص مثل الرسم لاجلس معها احدثها وهي تسألني عن الحياة في الكويت وبعض العادات والتقاليد، فجأة ظهرت من بين الطالبات فتاة طويلة جسمها وذراعيها مليئة بالعضلات كجسم الرجل، وجهها احمر وانفها طويل معقوف، واخذت تجري في ساحة المدرسة بخطوات متسعة وهزت المدرسة، رأسها كأن لا حول ولا قوة الا بالله، وتم اختيارها لتدخل مسابقة الجري بدلا مني لقد كنت عصفورة بالنسبة لها ومنذ ذلك اليوم تناسيت موضوع الركض وصرت اشارك في المرحلة المتوسطة بفريق السلة وفريق كرة اليد وأتفوق بهما.
برج التحرير مدرستنا
وفي ثالثة ابتدائي انتقلنا الى جزء آخر من المرقاب وانتسبت الى مدرسة المرقاب المشتركة ابتدائي ـ متوسط وكان موقعها مكان برج التحرير الحالي وكان بيتنا في الجهة المقابلة مكان مجمع الوزارات يفصلنا عن المدرسة شارع فقط فكنت اعبره كل يوم ذهابا وايابا وابي ينطرني على الرصيف الى ان ألج باب المدرسة، كانت ناظرتنا ست ميسر عرفات وقد انهيت المرحلتين الابتدائية والمتوسطة بها واكملت من الرابعة عشرة بالضبط، كانت قضية فلسطين الشغل الشاغل للناظرة وكانت طويلة عريضة وكانت عنيفة جدا، وفي هذه المدرسة تفوقت بالألعاب الرياضية وكنت أذهب في رحلات مدرسية و«نطبخ» ونغسل الأواني ونضحك كثيرا وفي يوم جاء الشيخ عبدالله الجابر مع جمع غفير من المسؤولين وجلسوا في الخيمة، وقدمنا بعض العروض أمامه والخطاب ودفعتني المدرسة لتقديم طبق الحلوى والكعك للشيخ، فقد كنت خجولة أحاول الابتعاد، وسألني عن اسمي ومدح عائلتي.
نتيجة تحية العلم.. صفعة!
وتضيف الذكير: كنت مدللة المدرسات وفي يوم رشحتني مدرسة الفصل لإلقاء تحية العلم، وفي العادة كانت فتاة فلسطينية تلقي التحية الصباحية بلكنة غريبة، كنت سعيدة وألقيت تحية العلم وقد شددت الحبل ليرتفع علم الكويت عاليا مرفرفا فوق الساري. رفعت يدي الى جبيني بالتحية وتراجعت الى الممر وقد ارتفع التصفيق بشكل غير مسبوق فجأة لحقت بي الناظرة وهي تنظر لي شذرا وتسألني كيف تلقي تحية الصباح بصوت كله ميوعة، أخذتني الدهشة وقلت بل صوتي كله حزم وهدوء، فجأة رفعت ذراعها وأعطتني كفا أطار وجنتي، بهت ثم صرخت بدون وعي لماذا تضربينني؟
أبي في حياته لم يضربني، أخي في عمره لم يضربني أنت تضربيني ليش ليش، ثم رفعت ذراعي وكنت أحمل شنطة الكتب عاليا وقد هممت أن أهوي بها على أم رأسها، فقد صفعت كرامتي وليس وجنتي. فصرخت بدورها وقد فتحت عينيها رعبا: شو بك تضربيني شو! كانت تزعق وجاءت أختها الحامل دوما طوال الاعوام وبطنها يتقافز أمامها وسحبت أختها الناظرة بعيدا، ثم سحبتني الى مكان برادات الماء تهدئني وهي تقول: والله غريبة أنت من أحسن البنات وأشطرهن وأكثرهن أدبا شو صار؟
قلت باكية لا أدري، لا أدري، ثم وجدت البنات يحطن بي وبعضهن الدموع تكاد تنفر من عيونهن وقالت واحدة: انها تحقد عليك لأنك قلت التحية بلهجة كويتية جميلة وكلنا صفقنا لك وكل يوم لا نصفق، ماتت حرة القهر خلالها تطفج، وتعالت الاصوات الفاضية حولي وتحولت الى شبه تظاهرة مصغرة والجميع معترض على أسلوب الطق والضرب الذي تنتهجه الناظرة الحقود، والمدرسات يحاولن السيطرة على الوضع في اليوم الثاني عادت الطالبة الفلسطينية لإلقاء تحية العلم واستمر الوضع في ذلك.
في مدرسة المرقاب كانت لي صديقة من البحرين اسمها بلقيس في نفس الفصل معي ومعنا زميلتنا رابحة الجراح الرقيقة الناعمة صوتها هامس لا يكاد يسمع ومثلنا كانت تعشق الافلام الهندية التي كانت رائجة في ذلك الزمن، وكل خميس كانت رابحة تمر علينا بسيارة الاسرة الفارهة يقودها سائق أسود وكانت بلقيس تعرف بعض الكلمات الهندية فتشرح لنا الاغنيات، وكان والدها قد هجر البحرين نتيجة أمور سياسية. احتوته الكويت وعمل مع الحرس الوطني وكان طويلا ممتلئا وبلقيس تؤكد أن الناظرة علمت بكفها على وجه رابحة الرقيقة، وكذلك على وجنة ليلى العثمان الشقراء رغم تبرع والدها المتكرر وحضوره لزيارة الناظرة، منزلها كان له سطح متسع يطل على الأمن العام الذي لم يزل قائما حتى الآن ببنائه الجميل. وفي الاعياد يذهب الاهل والجيران لرؤية فرقة موسيقى الشرطة وكنت أعشق تلك الموسيقى. ولم أزل أتذكر ذلك الوجه البهي والعيون الدافئة النظرات واللباس العسكري تزينه خيوط كثيرة يقف مع الفرقة العسكرية والموسيقى تصدح، كان رجلا وسيما شغف قلبي، وكان آخر عيد فقد تركنا المرقاب الى الابد وتحولت المرقاب الى منطقة استثمارية تجارية في وقتنا الحالي.
الثانوية العامة
داومت أول السنة في ثانوية المرقاب الشهيرة، فكل بنات العائلات الكويتية المعروفة يدرسن بها، كنت متفوقة كالعادة وأفهم شرح المدرسة من أول مرة وأناقش وألقي الاسئلة مما يلفت نظر المدرسة والطالبات لي، فاكتسبت شهرة من الايام الاولى.
ولكن واحدة من الزميلات بدأت توسوس في أذني بأنها سجلت في معهد التمريض وكان قد افتتح من جديد وبدأت تشجعني للانضمام لها، لم أكن أعرف شيئا عن ذلك العمل. وأحضرت لي كتابا يحمل قصة أعظم مستشفى في بريطانيا التي أصبحت نبراسا يهدي الفتيات الانجليزيات للانضمام للتمريض، كان يتحدث عن «فلورنس نايتنجيل» وهي فتاة من أسرة أرستوقراطية ثرية عشقت مساعدة الناس وكانت اول فتاة ثرية تعمل في هذه المهنة وهي من وضع اسس وقوانين تلك المهنة، سحرتني فلورنس الانجليزية وصممت على دخول معهد التمريض اظهرت رغبتي لمدرسة الفصل الاول الثانوي فتعجبت واستخسرت ذهابي فأنا أبشر بموهبة ادبية واضحة واحتاج الى صقل تلك الموهبة لغويا وثقافيا والتمريض لا يدفع الى الابداع ومطت شفتيها وهزت كتفيها حينما لمست تصميمي على ترك الثانوية وارتفع همس الطالبات ممتعضات، كنت قد كونت حولي مجموعة من المعجبات بأسلوبي الانشائي وطريقة محاورتي للمعلمة وشجاعتي في طرح الاسئلة، شقيقي الكبير كان يجرني من شعري الطويل فهو لم يتعود ضربي، الضرب في بيتنا لم يكن متداولا فقط كلام وعتاب وزعل ثم صلح، كان متعجبا من عنادي درست لمدة ثلاثة اعوام ونلت دبلوم تمريض وعشقت العمل، بعد التخرج رفض والدي بشكل قاطع استمراري في العمل قدمت استقالتي وجلست في البيت اكتب وأرسل للمجلات باسمي الاول فقط، ثم ذهبت الى وزارة التعليم للعودة لدراسة الثانوية، والى حين انتظار الرد توظفت في شركة الغانم العملاقة لسيارات جنرال موتورز، كنت اعمل في قسم الاعلام والصحافة وهناك تعلمت معنى الكتابة الصحافية الاعلانية، وكيف تكتب موضوعا ادبيا او ثقافيا او عن تاريخ وتراث الكويت ومن خلال السطور تدخل نبذة اعلانية عن شركة الغانم وسياراتها الجديدة والموديلات الحديثة، وتدفع القارئ الى الالتفات للشركة وخدماتها.
أكملت الثانوية العامة بدوام المساء، فكنت اداوم صباحا حتى الثانية ظهرا في شركة الغانم واذهب الى البيت ثم في الساعة الرابعة اعود الى الثانوية حتى نلت شهادة الثانوية العامة وانا موظفة، في اكبر شركة في الكويت واكتب في اشهر صحف الكويت، مع الشهادة جائتني منحة الملك فهد لدراسة الجامعة في القاهرة وقد كان.
في شركة الغانم تعرضت لمواقف عجيبة، واحاطتني الاحقاد من كل صوب كانت اتصالات هاتفية مجهولة تصل لزوجات المديرين والموظفين، كنت اشعر بأن الاجواء مكهربة حولي وفي الاساس فأنا فتاة بريئة جدا تربيت في جو مغلق لا اعرف من العالم غير بيتنا وبيوت اقربائي ومحيط اسرتي وقريباتي كنت أحمل مبادئ وقيما والتزاما أخلاقيا غرسه والدي في أعماقي منذ الصغر، كان والدي يحبني ومتعلقا بي لذلك جعلني همه الوحيد ينصحني ويوجهني، لذلك صدمت الى درجة المرض عندما كنت اسمع تلك الوشايات والشائعات، استمر الأمر في هذه الحال على مدى سنوات عملي الصحافي، كانوا أشباحا تعيش في الظلام، الكويتيون للأسف يتأثرون بقوة بكلام السوء ويحقدون سريعا، ويقطعون صداقاتهم فلا تعرف السبب وتعيش في حرية وتعتقد ان الكويتيين جميعا لا يعرفون معنى الصداقة ويضحون بك بكل يسر.
في البحرين يواجهونك سريعا بكل التفاصيل التي لك أو عليك، احترم ذكاء أهل البحرين، لقد كشفوا لي كل الأسرار خلال فترة قصيرة من إقامتي في البحرين، في الكويت 30 عاما في الصحافة بقيت أعيش في ظلام دامس لا أدري ما يدور حولي، في السعودية يعاتبونك لماذا يا فلان تفعل بي كذا ولماذا تقول عني كيت؟ أيضا تعلم ما يجري وتحاول معالجة الأمر، السعودي لا يصدق كلام السوء.. ويحاول المحافظة على صداقتك.
العمل الصحافي
بعد ذلك تتحول منى الذكير للحديث عن بدايات عملها في مجال الصحافة وكيف بدأ ذلك في مرحلة مبكرة من حياتها فتقول:
بدأت العمل الصحافي في الكويت في سن مبكرة عندما كنت طالبة في الثانوية، وكنت قبل ذلك أبعث ببعض الخواطر الى الصحف والمجلات التي كانت تصدر في السبعينيات، وكانت تنشر حال وصولها إليهم في الصفحات الثقافية مثل مجلة «أضواء الكويت» وجريدة «السياسة» و«الرأي العام» وعن طريق إحدى الصديقات زميلات الدراسة وكانت تعرف مدى تعلقي بالكتابة وتتابع انتاجي من القصص القصيرة التي كان تنشر في مجلة الحائط في المرحلة المتوسطة وكان خطيبها له معرفة بأحد الصحافيين الكويتيين من العاملين بالصحافة الكويتية، اطلعت على كشكول يحتوي على مجموعة من الخواطر التي كنت أدونها فطلب الصحافي صورتي الشخصية لينشر مقالاتي التي اطلع عليها وبدأ نشر تلك المقالات البسيطة الرقيقة التي كانت تعبر عن إحساس ومشاعر فتاة صغيرة في بداية مرحلة الشباب.
ومن أول مقال نشر لي شعرت باهتمام كبير من القراء وواصلت النشر وكانت لحظات لا تنسى ما دفعني للاستمرار في العمل الصحافي وكانت بداياتي في جريدة «السياسة» حيث خصصت لي زاوية أسبوعية تحمل اسمي بالكامل وصورتي الشخصية وبعد فترة انتقلت الى جريدة «القبس» حيث خصصت لي زاوية قصيرة يومية وكنت اتحدث فيها عن أمور المجتمع واطرح المشاكل اليومية التي تمس صميم حياة المواطن واستمررت في هذه الزاوية لسنوات عدة وساهمت في الكتابة مع عدة صحف يومية كويتية وكنت أجري لقاءات مع العديد من الشخصيات الثقافية والسياسية وأشهرها مقابلة مع المرحوم الشيخ سالم صباح السالم عندما كان وزيرا للدفاع، وهذه المقابلة أعتز بها كثيرا وكان الشيخ سالم الصباح ذكيا ولمّاحا ويعرف أسلوب كل صحافي في الكويت بدليل انه اكتشف سريعا بأن الأسئلة التي قدمتها لم تكن من وضعي وذكر اسم الصحافي اللبناني الذي وضع تلك الأسئلة لأن بها الكثير من الاحراج السياسي الذي كان يتجنب الخوض بها في ذلك الوقت نتيجة الظروف التي كانت تمر بها المنطقة.
واللقاء الثاني الذي ترك في أعماقي أثرا وذكرى جميلة هو اللقاء مع خبير البترول العالمي عبدالله الطريجي، وكان واسع الاطلاع ويتحدث في قضايا عالمية عديدة ومساهماته في قضايا البترول في العالم والوطن العربي وكانت الدول الغربية تعتز به وتعتبره عبقريا في مجال النفط ومن الشخصيات الطريفة التي التقيت بها عبدالله الجرناس وكان يومئذ شيخا طاعنا في السن ولكنه قوي البنية ونشيط الحركة، وقد حدثني عن مشاركته في الحربين العالميتين الأولى والثانية وكان عسكريا في الجيش التركي عندما كانت تركيا تحتل جزءا كبيرا من الوطن العربي وكذلك أجريت لقاءات مع بعض سيدات المجتمع الكويتي وكذلك أجريت لقاء مع سيدات أعمال سعوديات ونشرتها في مجلات سعودية تهتم بقضايا المرأة الحديثة وخصوصا اللواتي دخلن مجال الأعمال الحرة والخاصة والاستيراد والتصدير، وكانت إحداهن تعمل في مجال استيراد وتصدير قطع غيار السيارات وهذا المجال كان حكرا على الرجال، وأخرى كانت تسير مع العمال في المناطق السكنية والحواري بصفة مقاول وكانت تختار المنازل القديمة وتشتريها من أصحابها بأسعار مقبولة ثم تعيد تجديدها وتبيعها مرة أخرى بأسعار مضاعفة وبذلك كونت لها ثروة ضخمة وشركة كبيرة.
وبما اني بدأت عالم الصحافة في سن صغيرة نسبيا فقد واجهت كثيرا من الحروب الخفية والأحقاد والمنافسات والتي لم أكن على دراية بكيفية مواجهتها لصغر سني وعدم الخبرة الصحافية والبراءة.
المؤتمرات الخارجية
وتكمل الذكير قائلة: المرحلة الثالثة من عملي الصحافي كنت أحضر مؤتمرات خارج الكويت وأقوم بالتغطية لتلك الأنشطة وأهم تلك المؤتمرات كان عن المرأة العربية وما تتعرض له من إحباطات وعوائق اجتماعية وقد شاركني في الحضور العديد من سيدات المجتمع الكويتي الناشطات في حقوق المرأة.
وبالرغم من ان العمل الصحافي كان ولم يزل كهواية وحب وعشق للكلمة. ولم أتخذه يوما كعمل واحتراف الا ان القلم أنقذني في مواقف كثيرة وأثناء الغزو الصدامي سكنت في الخبر والدمام في المملكة العربية السعودية وكان المجال الوحيد المتاح أمامي هو العمل الصحافي لإعالة نفسي اقتصاديا، فكنت أعمل في العديد من الصحف السعودية وكنت أحصد مبالغ جيدة أعانتني في الحياة على العيش في تلك الظروف الصعبة وأيضا عندما أقمت في البحرين ولم تكن قد تحولت الى مملكة في ذلك الحين لجأت الى العمل الصحافي وخلال الأسابيع الأولى أثبت نفسي ككاتبة مبدعة وصحافية محترفة تماما لديها خبرة كبيرة في هذا المجال وأهل البحرين يمتازون بالطيبة وحسن الضيافة فاستقبلوني برحابة صدر وفتحوا أمامي كل المجالات لأكتب ما أشاء ومما أذكره ويسعدني ذلك عندما عملت في جريدة أخبار الخليج وتعتبر من المؤسسات الصحافية العالمية العملاقة. وكانت سعادتي لا توصف عندما قابلت رؤساء المعارضة في ذلك الوقت وكان عليهم حظر إعلامي وكنت الوحيدة التي أتيحت لها الفرصة من الصحافيين عامة لأن تجري هذا اللقاء، وكدت أطير فرحا عندما رأيت صفحة الجريدة وعلى رأسها صورة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة وقد عشت في مملكة البحرين منذ عام 1995 حتى عام 2001 وكانت من أجمل سنوات عمري ولم أشعر بالغربة أبدا وكونت العديد من الصداقات الجميلة واتجهت الى عالم الكتابة والتأليف، وقد صدر لي 3 كتب والرابع تحت الطبع حاليا وفي المملكة العربية السعودية أخذوا مؤلفاتي القصصية وترجموها الى اللغة الإنجليزية ونشرت بالولايات المتحدة في كتاب ضخم يضم مجموعة من القصص القصيرة لكاتبات سعوديات، ووزع الكتاب تحت عنوان «صوت التغيير».
وأخيرا أتذكر من عالم الصحافة الفترة التي كان فيها الشيخ جابر العلي الصباح (رحمه الله) وزيرا للإعلام حيث بدأت العمل الصحافي وخلال فترة قصيرة وصلت الى قمة الشهرة والعطاء وذلك بسبب ما كان يتيحه (رحمه الله) من فتح مجالات كبيرة أمام الصحافة الكويتية والسماح للصحافي بأن يتطرق لموضوعات شديدة الحساسية لم يكن أحدا من قبل يتطرق لها.
الدراسة الجامعية
بعد الانتهاء من الدراسة الثانوية في الكويت حصلت على منحة دراسية من المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله فذهبت للدراسة في جامعة القاهرة وانتسبت لكلية الآداب حيث تخصصت في التاريخ العربي الحديث وذلك عام 1980 ثم حصلت على ليسانس تاريخ عام 1985، وأعتبر بحق ان سنوات الدراسة في القاهرة كانت سنوات الجد واللعب، حيث كنت اذهب مع زميلات وزملاء الدراسة في رحلات عديدة الى مناطق سياحية في مصر ونقضي أياما جميلة في السياحة والدراسة حيث كنت أكتب عن تلك الأماكن فكنت أخلط المتعة بالعمل وكنت ارسل الى جريدة «القبس» لقاءات مع الطلبة والطالبات وكل يوم أربعاء من كل أسبوع كانت «القبس» تنشر لي في ملحقها الأسبوعي قصة قصيرة وكنت استوحي أحداثها من حياة الطلبة التي كنا نعيشها وكان بعضهم يحدثني عن التجارب العاطفية والحياتية التي كان يمر بها، فكنت أطرحها من خلال القصص التي اكتبها وقد انتسبت للعديد من الدورات والكورسات في مجال الطباعة والكمبيوتر وكذلك اللغات مثل اللغة الفرنسية ثم ذهبت الى بريطانيا وانتسبت الى جامعة اكستر التي تقع في مدينة اكستر جنوب لندن، وهي مدينة جميلة ذات طبيعة خلابة تمتاز بالجبال المرتفعة والسهول الخضراء، وكانت النية ان أكمل دراسة الماجستير والدكتوراه ولكن لظروف خارجة عن إرادتي عدت الى الكويت وتصادف ذلك قبل الاحتلال بفترة قصيرة.
وبعد تخرجي في جامعة القاهرة اشتغلت في البنك الأهلي الكويتي وكان عندهم قانون بمنع زواج الموظفة ومن تتزوج تترك العمل، وتصادف إلغاء ذلك القانون في الفترة التي تم عقد قراني على زوجي.
حياتي الزوجية
بعد الكلام عن رحلتها في عالم الدراسة والصحافة تتحدث الذكير عن حياتها الاجتماعية قائلة: تزوجت مرتين، الأولى كانت عن حب وعاطفة جياشة حيث كنت في سن صغيرة لم تساعدني في حياتي الزوجية فحصل الانفصال سريعا بسبب التباين الفكري.
أما الزواج الثاني فكان زواجا تقليديا عن طريق الخطابة ولم يُشاهد أحدنا الآخر قبل الزواج وقد قررت ألا أخوض تجربة حب أخرى كيلا تسبب لقلبي جروحا جديدة لم يعد يتحملها فقررت الزواج عن طريق الأهل والعقل، لكن زواجي الثاني لم ينجح أيضا، وبذلك أثبتت لي الطبيعة انه لم يعد يصلح لي الزواج من خلال الطريقتين المذكورتين وأنتظر ان يتم اختراع طريقة جديدة لكي أخوض تجربة الزواج الثالث!
والدي في الدمام وعشقه في الكويت
في منتصف الثمانينيات أغلق والدي سجله التجاري ونقل عمله التجاري الى مدينة الدمام في المنطقة الشرقية ونقل عمله وبيته وأولاده، ولكن ظل قلبه وهواه وعشقه في الكويت، والدي يحب الكويت كما لم يحب شيئا أبدا ويتذكر الخير العميم الذي أسبغته الكويت على عمله والملايين التي جناها هي من نبع أرض الكويت الطيبة.
في البصرة وبعد ان ترك مشاركة التاجر اليهودي وشارك تجارا من أهلها وقد نجحوا في عدة صفقات وربحوا أموالا طائلة، ثم فجأة وفي صفقة ضخمة وضع فيها أبي كل ما يملك تقريبا واثقا من الربح، وإذا بشريكه يخبره بعد حين بأنهم خسروا تماما والصفقة تحولت الى رماد، وعاش والدي على الكفاف وكان يتحسر على الدينار، وجاء الى الكويت بعد ان أخذ قرضا صغيرا من بني عمومته، فاستأجر دكانا في منطقة الصالحية مقابل ساحة الصفاة، واشترى بعض الحدايد هكذا كانوا يطلقون على الأنابيب والآلات وذاق قسوة الحياة وهو المترف ربيب حياة الثراء والقصور والخدم.
عاش في الكويت وقد تحول الى رجل صلب نسي متع الحياة بكل أشكالها يعيش في منزل صغير لم تمد اليه الكهرباء وقد استأجره من السيد علي الشايع في المرقاب محاذيا لبيوتهم، وقد سحب واير كهرباء من منزلهم يضيء لمبة واحدة فقط وبقية الغرف تضاء بفانوس الجاز وكان يعتز بأنه عصامي بنى نفسه بنفسه، وكوّن تجارته بعرقه وجهده ولكن ولولا قوانين الكويت السمحة والحياة الاجتماعية السلسة لما استطاع اعادة بناء نفسه من تحت الصفر، ولما كوّن هذه الثروة.
نعم عشنا مع والدي في بحبوحة من العيش، وكان يحاول ألا يقصر معنا في شيء، وكان يبعث في نفوسنا الاعتماد على الذات، وكان يفخر بي ويعتبرني نسخة منه من حيث اعتزازي بكرامتي وجهادي في عاملي وحبي للشعر والأدب مثله عندما كان شابا، ان حافظته عجيبة فقد كان يحفظ قصائد كاملة، كان يمتاز بحافظة قوية وطريقة إلقاء جميلة.
المعلمة سلوى
تقول الذكير: سلوى كامل الشقراء الفاتنة التي ظهرت في منتصف العام بشكل مفاجئ في المدرسة فأحدثت رجة، كنا ننظر إليها بكل أحداقنا فلم نر من قبل مثل هذا الجمال الصارخ، كان جسمها متناسق بشكل أنثوي خصرها نحيل وصدرها نافر، وشعرها اشقر بشكل طبيعي لم يعرف الصبغ كما اكدت لنا مرارا، كانت نشطة تقطع المدرسة ذهابا وايابا فوق كعبها الرفيع تحمل كتبا كانت تدرسنا اللغة العربية ثم اصبحت امينة للمكتبة فهي تعشق القراءة، وانشأت لنا اذاعة المدرسة الصباحية ومن خلالها تعرفنا على صوت فيروز الحالم.. جاءت سلوى من الخليل تحمل معها دوما صور بيتهم وهو عبارة عن فيلا جميلة البناء سقفها من القرميد الاحمر وحولها حديقة منسقة وترينا صور عائلتها واخوتها وتحاول ان تثبت ان العائلات الفلسطينية متمدنون وراقون وتعليمهم عال، كانت تحبني بشكل كبير وتختار لي الكتب وتشجعني على الكتابة وهي من نشرت اول قصة قصيرة لي بشكل مسلسل في مجلة الحائط وكانت الطالبات يتجمعن لقراءتها وينتظرن موعد الحلقة القادمة.
عائشة اليحيى
بعد سنوات من التخرج سألت عن محبوبتي سلوى كامل الشقراء علمت أنها تزوجت بطبيب وسافرت معه الى اميركا، كل بنات المدرسة احببن ابلة سلوى، شكون لها عن القهر الذي يعانينه.. شاركت البعض الحزن وحلت مشكلات اخريات.. واسعدها ابداع بعضنا، شجعت كل من اقترب منها.. واحدة فقط لم تتآلف معها ابدا وكانت تسخر منها احيانا تلك كانت عائشة اليحيى المبدعة في مجال المرأة والاذاعة لم تحاول ان تستفيد من ابلة سلوى كامل وتوجيهاتها الغنية بالصدق والحب. كانت عائشة اليحيى لا تحب الدراسة وتجلس معنا في الفصل لتضحك وتستهزئ من كل شيء وتشاغب وكنا نضحك وحاول بعضنا محاكاتها، كانت تخرج من الفصل اثناء الدرس وتدور وحدها في حوش المدرسة او تصعد السلم كانت مثل الطائر الشريد لا تدري ماذا تريد، مثل الروح الهائمة، كان الابداع يحوم في اعماقها يدفعها للتمرد وفجأة غابت عن المدرسة لتعود في الاذاعة مبدعة واستاذة.
حكاية والدي ورحلاته
وعن والدها تقول منى الذكير: والدي عبدالله الذكير أبصر النور في مدينة عنيزة في نجد من المملكة العربية السعودية، توفيت والدته وهو طفل وظل يتذكر مرضها بالوباء الأصفر الذي اجتاح الجزيرة العربية من أقصاها الى أقصاها وهو مرض الكوليرا ولم يعرف هذا الاسم في ذلك الوقت، ويده لم تزل ترتجف وهو يضعها على جبينها الساخن، ثم تزوج والده من خالته فلوالدته سبع أخوات من عدة أمهات، ولكنها كانت أجملهن، لذلك كانوا يسمونها «المزيونة» واسمها الحقيقي «حصة»، وفقد والدي الدلال الذي كان يحظى به ايام والدته وبدأت حركات زوجة الأب تعذبه، فما ان توفي والده حتى أمسك بتلابيب احد أخواله الكبار وكان يتاجر بقافلة كبيرة ما بين عنيزة والبحرين والعراق، فذهب معه في احدى رحلاته وعمره لم يتجاوز الـ 12 عاما، ووصل البحرين عند بني عمومته من كبار تجار المنامة عاصمة البحرين وكان عمه الكبير عبدالرحمن زامل الذكير تاجر لؤلؤ هناك.
وكانت له سفينة ضخمة جميلة يقف بها في عرض البحر أيام الغوص ويزوره النواخذة ربابنة السفن يعرضون عليه شراء محصول الغوص وغنائم الغواصين من درر ودانات ولآلئ براقة، فكان يشتري كل ما يعرض عليه من نفائس البحر ويعود ليقدم أجملها إلى حكام البحرين الكرماء الذين يشترون لنسائهم أجمل الهدايا، ثم بعد ذلك يتاجر بما اشتراه من عائدات الغوص في ذلك الموسم، ولقد رحب بوالدي وعرفه على بقية أبناء أسرة الذكير ممن يعيشون في البحريين والعديد منهم تحول الى الجنسية البحرينية ولهم أملاك عظيمة هناك، وفي وقتنا الحاضر قامت حكومة البحرين بإنشاء متحف خاص للؤلؤ البحريني المعروف بجودته في كل العالم والكثير منه تم إهداؤه الى كبار المسؤولين البريطانيين ممن شاركوا في حكومة البحرين في بداية القرن العشرين وأواخر القرن التاسع عشر، في متحف اللؤلؤ الذي يسمى بمتحف الذكير وهناك ركن كبير تتصدره صورة كبيرة لعمنا تاجر اللؤلؤ والعديد من مقتنياته الشخصية، وبعض الصور لسفينته والتجار والشيوخ والنواخذة الذين تعامل معهم، والمتحف في المنامة وأنصح كل من يهتم بتاريخ الكويت وبمنطقة الخليج العربي ان يقوم بزيارة متحف اللؤلؤ الذي يأسر القلوب حين الولوج إليه.
سكن والدي البحرين عند أبناء عمومته واشتغل او أخذ يتمرن لديهم على تجارة البيع والشراء في السوق وقد اشتهروا بتجارة الأقمشة وبعضهم بتجارة «الماكل» اي الحبوب والأغذية والرز والقمح اي ما يحتاجه كل بيت لطبخ طعام سكانه.
من ذكريات المرقاب والمدرسة
عن ذكرياتها من أيام الدراسة تقول منى الذكير: كان البعض يربط بين ناظرة المدرسة ميسر عرفات وياسر عرفات وربما تكون أخته، وخصوصا ان شقيقة غسان كنفاني كانت تعمل في المدرسة، وفي ذات الفصل كانت تزاملنا بنت، كما اعتقد بدر الغول وهو من مناضلي فتح او من القادة، وكانت تجلس صامتة لا نسمع لها صوتا ثم تأتي النتيجة من الاوائل رغم وثوقنا من تفوقنا عليها، سألت احدى المدرسات عن الامر وبعد ان تلفتت حولها قالت انهم لاجئون ويحتاجون للشهادة الدراسية للحصول على وظيفة في اي بلد، لذلك لابد من حصولهن على درجات عالية وشهادة نجاح بتفوق وقد اكملت لها: «حتى لو كانت...»!
والدي والجنسية العراقية
وعن والدها تقول الذكير: حكى لي والدي انه سافر إلى البصرة من الكويت وهو في بداية شبابه مراهقا لا يعرف شيئا من أمور الحياة. كان يسير في أكبر شارع في البصرة وهو يرتدي الدشداشة والعباية ـ الصاية مثل الروب يلف فوق الدشداشة ويمنح لابسه أناقة مضاعفة. وكان يضع فوق رأسه شماغ أصفر وفوقه عقال ضخم كان لافتا للنظر خصوصا ان أهل البصرة في العشرينيات كانوا يلبسون البنطلون أو البدلة الكاملة. يقول انه رأى جمعا من الناس يتصايحون. فسأل ما الأمر؟ قيل له انهم يحصلون على الجنسية العراقية. اعجبته الفكرة فوقف مع الجمع وعندما وصله الدور وجد امامه رجلا يجلس على كرسي خشبي وأمامه طاولة صغيرة عليها أوراق سأل الرجل والدي وهو مستغرب فنظره ماذا تريد؟ ومن أنت؟ أريد الجنسية وبكل بساطة نكس رأسه على أوراقه وسأله عن اسمه وعن عمره ثم سأله عن مكان ولادته فرد والدي: أنا ولادة عنيزة. سأل الرجل: هاي وين تكون عنيزة، رد والدي ببراءة ببغداد وهكذا وبكل بساطة استلم ورقة تنص على انه عراقي وذهب في حال سبيله.