- ولدت في مرجعيون في لبنان وحضرت إلى الكويت عام 1961 واشتغلت في تلفزيون الكويت عام 1962
- كنت أتبع إخواني الكبار إلى المدرسة وأجلس معهم بالفصل وأحفظ ما يقوله المدرس
- تعلمت اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية في مدرسة الخيام الابتدائية
- قرأت الكتب العربية ودواوين الشعر لكبار الشعراء وحفظت بعض الأبيات من المعلقات
- عملت خطاطاً في مدينة بيروت عند الخطاط شعبان لاوند بأجر شهري
- العمل في تلفزيون الكويت كان مرهقاً فالدوام من التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساء
- عملت عند خطاطين خارج العمل وفي المطابع والصحافة
- كنت أذهب إلى السينما في بيروت وأشاهد الأفلام العربية والهندية
- كان بالكويت 3 خطاطين مشهورين واحد في الشرق وواحد في المرقاب والثالث في السوق
- طلب تلفزيون الكويت خطاطين فتقدمت ونجحت وانسحب 4 من الاختبار عندما رأوني
ضيف هذا الأسبوع هو الخطاط يوسف العجوز الذي ولد في بلدة مرجعيون بلبنان ونشأ بين طبيعتها الجميلة، وتلقى تعليمه في المراحل الأولى، إلا ان القدر لم يشأ أن يكمل فاكتفى بالمتوسط وترك الدراسة، تعلم اللغتين الإنجليزية والفرنسية وأجادهما، الى جانب اللغة العربية، سافر الى بيروت ليعمل مع إخوانه في العام 1956.
ولأنه كان يتمتع بموهبة الإبداع في الخط فعمل عند خطاط متخصص في عمل أفيشات السينما، عرض عليه أحد أصدقائه السفر الى الكويت 1961 فوافق، وتمكن من الحصول على فرصة عمل لدى خطاط بالمرقاب براتب 300 روبية وتعلم لديه أصول فن الخط، وفي أحد الأيام قرأ إعلانا في الصحف لوزارة الإرشاد والأنباء (الإعلام حاليا) عن الحاجة لخطاط، فتقدم بطلب بصحبة مجموعة خطاطين آخرين وعند الاختبار انسحب 4 خطاطين عندما رأوه ضمن المتقدمين للوظيفة.
وفي 1963 عين بالوزارة براتب مقطوع، ويقول عن العمل بالتلفزيون انه كان مرهقا حيث كان يعمل من التاسعة صباحا الى الثانية عشرة ليلا.
والى جانب عمله بالتلفزيون عمل في بعض المطابع وجمعية المعلمين ومجلة الرائد ورابطة الأدباء ووكالات الإعلان والصحف، ويؤكد العجوز ان الكمبيوتر بعد ظهوره ضيق كثيرا على الخطاطين..
وإلى تفاصيل اللقاء:
أجرى الحوار: منصور الهاجري كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
حضرت إلى الكويت عام 1961 وعينت في تلفزيون الكويت عام 1962 ولدت في لبنان في بلد الخيام (قضاء مرجعيون) الجنوب الشرقي من لبنان، ومرجعيون أينما تحفر ينبع من أرضها الماء ومعناها مرج عيون وهي أرض سهل والماء نقي صاف ومن الغرب نهر الليطاني ومن الشرق نهر الحصباني وبها أراض صخرية، كما يوجد بها جميع أنواع الشجر المثمر وشجر الكينا واللوز والخوخ والمشمش والتين والعنب الى درجة أن الإنسان كان يمشي يقطف الفاكهة ويأكل.
وكان رجال الدين هم الذين يدرسون للأولاد وما كان عندنا كهرباء وكنت أتبع اخواني عندما يذهبون الى المدرسة وأسمع المطوع وهو يعلمهم قراءة القرآن الكريم ويردد عليهم الآيات وهم يرددون ما يقوله فحفظت الفاتحة وكان عمري حينها 3 سنوات ونصف السنة، وبعد ذلك حفظت قصار السور تقريبا خلال شهر وتعلمت الكتابة من اخواني وبعد عام ختمت القرآن الكريم قراءة ولكن حفظت بعض السور وعندما بلغت السادسة التحقت بمدرسة الخيام الابتدائية.
مدرسة الخيام الابتدائية
ويتحدث العجوز عن المرحلة الابتدائية فيقول: عندما بلغت سن السادسة التحقت بالمدرسة الحكومية الموجودة في بلدتنا (مدرسة الخيام الابتدائية) والمشكلة التي كانت موجودة فيها هي تدريس اللغة العربية واللغة الفرنسية بالوقت نفسه، وكنت أجيد اللغة العربية ولكن لم أكن أجيد اللغة الفرنسية فعينت في الفصل الأول الابتدائي وكان خطي مميزا بين الطلبة بل كان أفضل من خط المدرس، وأذكر ونحن في الفصل دخل علينا مدير المدرسة (علي عبدالله) ورأى خطي، فرفعني صفين إلى ثالث ابتدائي، وقال: انت مستواك الصف الخامس.
تعلمت اللغة الفرنسية واللغة الانجليزية، والسر الذي جعل خطي ممتازا انني كنت أقلد خطوط الصحف وخاصة عندما كنت في مدرسة المطوع فتعلمت ثلاث لغات اللغة العربية واجيدها بدرجة جيد جدا، واللغة الانجليزية واللغة الفرنسية ومع القراءة والكتابة والخط الممتاز، اكملت المرحلة الابتدائية، واذكر من المدرسين عبدالحسن السويد وعلي عبدالله وفؤاد سعادة ومكاريوس من بلده ثانية وكثيرا من المدرسين ايضا واذكر بعض الطلبة المتفوقين وآخرين كانوا متأخرين.
ووصلت على مشارف الثانوية ولكن للاسف لم ادخل الثانوي لكي احصل على الشهادة الثانوية، وبذلك الوقت كنت اقرأ الكتب العربية القديمة منها والحديث، وقرأت لشعراء وكتاب وقصص عنترة وبني هلال واحفظ من الشعر الجاهلي وحفظت بعض الابيات من المعلقات واذكر مما حفظت:
الا ايها الليل الطويل إلا انجلي
بصبح وما الاصباح منك بامثل
فيا لك من ليل كأن نجومه
بكل مغار الفتل شدت بيذبل
وقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم «ان من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا»
يقول المتنبي:
اذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن ان الليث يبتسم
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
هذه الابيات حفظتها من عيون قصائد الشعر والكثير الكثير، قصائد كاملة احفظها.
فكنت مولعا بالقراءة والمطالعة، اما اخواني الكبار فكنت اصحح لهم الاخطاء في اللغة العربية.
واكملت المرحلة الابتدائية وامضيت سنتين بعد المتوسطة وبقي لي سنتان حتى احصل على الثانوية، فتركت الدراسة، وهناك حكمة تقول «يكفيك من العلم ما تنتفع به» وعرفت اني لست بحاجة الى التعليم الثانوي، وكنت اعرف اللغة الفرنسية واللغة الانجليزية واللغة العربية، فلذلك تركت المدرسة.
السفر إلى بيروت
سافرت من بلدتي مرجعيون الى العاصمة الكبيرة مدينة بيروت للعمل، كان لي اخوان سبقوني للعمل في بيروت، ويعملون في الشركات موظفين وذلك عام 1956، في البداية عملت عند خطاط في بيروت اسمه شعبان لاوند كان متخصصا في عمل الافيشات للسينمات في بيروت حيث كان فيها خمسون مبنى سينما، وكنت اذهب الى السينما لمشاهدة الافلام العربية والاجنبية واذكر الفيلم الهندي «من أجل ابنائي» وفيلما انجليزيا اسمه «ذهب مع الريح» بطولة كلارك جيبل، وقد اثر بنفسي الفيلم الهندي، وكذلك «روميو وجولييت» من تأليف شكسبير وهو فيلم حب وعشق، كنا نعيش مع الفيلم وكنا نحب فريد شوقي ونكره محمود المليجي واذكر انني شاهدت محمود المليجي هنا في الكويت وقلت له كنت اكرهك عندما اراك على الشاشة وسلم علي وصرت احبه، ومن الافلام العربية مثل «بين الاطلال» و«اذكريني» لعماد حمدي وفاتن حمامة.
كان يجلس مع فاتن حمامة تحت الشجرة ويقول أيتها الشمس لا تغربي قبل أن تشهدي أن حبي لها خالد ولكنك تغربين وان حبي لا يغرب ابدا، وكثير من الأفلام كانت تعرض في دور السينما في بيروت، ومن الممثلين فريد الأطرش وعبدالحليم حافظ وكنت كل أسبوع أذهب مرة إلى السينما وتعرفت على مجموعة من شباب ذلك الوقت وبيروت جميلة وشوارعها نظيفة وأهلها طيبون.
عملت عند الخطاط مساعدا في البداية أدهن وأصبغ وأكتب اسم الفيلم بخط كبير وكتابة أسماء الممثلين، وكان شعبان لاوند من الفنانين والخطاطين الممتازين وكنت أحصل على مكافأة أسبوعية.
وكان أحد إخواني يعمل في الكويت منذ الخمسينيات وكنت أصغر واحد بين إخواني أثناء عملي في بيروت، قال لي أحد الأصدقاء أريد أن أذهب إلى الكويت ما رأيك أن تأتي معي؟.
السفر إلى الكويت
وتطرق العجوز إلى مجيئه وسفره إلى الكويت وكيف حدث ذلك فيقول: عندما كنت أعمل خطاطا في أحد المحلات عرض علي أحد الأصدقاء أن نسافر إلى الكويت وبما أن أحد إخواني كان يعمل في الكويت فوافقت واتفقنا على السفر ولم نحصل على فيزا فركبنا سيارة باص وسافرت من بيروت إلى الكويت وأخذوا الجواز مني في المطلاع وقالوا راجعوا الأمن العام، وفي اليوم الثاني ذهبت للأمن العام طبعا استقبلني أخي وسكنت عنده وزميلي ذهب إلى إخوانه وذلك عام 1960، وكان في المرقاب خطاط اسمه فضل وهو من الخطاطين القدامى، ذهبت إليه وقدمت نفسي له فاتفقت معه على العمل والراتب كان ثلاثمائة روبية وعنده تعلمت أصول الخط، فكان مدرسة جديدة بالنسبة لي، استمررت في العمل عند الخطاط فضل وكان يوجد ثلاثة خطاطين في الكويت عام 1960، أذكر منهم الخطاط فضل والخطاط حناوي والخطاط عياش، حناوي في الدهلة، ثم توفي الخطاط فضل وباع أولاده المحل.
وكان الخطاط حينها يكسب، والبداية ان أصحاب المحلات التجارية يرغبون في وضع إعلانات على محلاتهم، عملت سنتين عند فضل وأتقنت الخط والأسماء مثل الخط الفارسي والديواني والنسخ والرقعة وبعد سنتين أصبحت من الخطاطين الممتازين.
وزارة الإعلام
ويضيف العجوز: في ذلك الوقت كانت وزارة الإعلام اسمها الارشاد والأنباء وفي عام 1962 نشر إعلان بالصحف عن طلب خطاط للعمل في تلفزيون الكويت وتقدمت بطلبي وأعطوني موعدا للاختبار، وعندما كنت اشتغل عند الخطاط فضل كان يأتي إلينا خطاطون يأخذون اقلاما ليكتبوا بها وكانوا قد تقدموا بطلب أيضا للإعلام وعددهم أربعة، المهم ذهبت إلى الوزارة وشاهدتهم يقدمون الاختبار وكان منهم خطاط يكتب في مجلة العربي اسمه حسن هلال، ومخرج من التلفزيون اسمه سيد ربيح وزميل اسمه محمود الحايك وكان يعمل خطاطا في المطبعة، وعندما رأوني انسحبوا من الاختبار وكان أحدهم يعمل في محطة بنزين، والثاني يعمل مضمدا، والثالث كان موظفا وكذلك الرابع، فقال لهم المشرف على الاختبار لماذا انسحبتم؟ فقالوا يوسف العجوز موجود لا نستطيع أن نقدم الاختبار وكان الاختبار على ورقة واحدة حيث يكتب الخطاط جميع الخطوط، كان السيد الربيحي يكتب على مجلة الأطفال خطوطا حرة وتم اختياري من بين عشرين خطاطا وعينت في تلفزيون الكويت في بداية عام 1963 ولكن تأخرت شهرين بعد اختياري وبعد ذلك ذهبت إلى التلفزيون وداومت.
ويقول العجوز عن عمل النيون أنه يجب على الخطاط من البداية أن يركب النيون على الخط، والنيون له اختصاص فني وعمل كهرباء وتوصيلة ويلفت إلى أنه عين براتب مقطوع (46 دينارا) في الشهر حيث لم أكن أحمل شهادة ثانوية ولذلك عينت براتب مقطوع.
ويتذكر العجوز أول عمل كلف به وهو جنة الأطفال تقديم ماما أنيسة وتمثيلية اسمها النبأ ومجلة التلفزيون وبرامج الرياضة، جميع البرامج كنت أكتب لهم الخط وعلى الشاشة ومع بداية السبعينيات ظهر اسمي على الشاشة، خطوط يوسف العجوز وكنت أحب الرسوم المتحركة وأشاهد الحروف التي تنتثر على الشاشة وتتجمع وتصير حروفا، كنا نصورها سينما وكان يوجد دكتور اسمه السيد الربيحي كان يعمل مع لاندزني بأميركا وهذا أيام حرب 1967.
كان العمل في التلفزيون مرهقا وكنت أداوم من التاسعة صباحا حتى الثانية عشرة ليلا وكنت أصور سينما وسكني كان في شرق وكنت أرغب بمعرفة الحروف التي تتشكل حروف وهي في الأصل صور متحركة، وقيل لي أن الكاميرا السينمائية تأخذ في الثانية أربعة وعشرين صورة وبالإمكان تأخذها صورة صورة، فمثلا علبة السجائر على الطاولة ضع الكاميرا عليها تصور صورتين ثم حركها، وخلال ثانية تمشي علبة السجائر، استعملتها حروف في مجلة الرياضة ومجلة التلفزيون وبرامج كثيرة وفي الأخبار، وأحضرت خريطة العالم وعند موقع الكويت عملنا إرسال وكلمة الأخبار تخرج عند الكويت وتظهر على الشاشة إضافة إلى أعمال كثيرة.
يوسف شاهين المخرج الكبير كان عنده فكرة يريد أن يكتبها عن عبدالحليم حافظ وكان يريد أن يظهر الأغنية ونفذت له لوحة، حيث كتبت على لوحة بلاستيك بيضاء إضاءة من الخلف وأغلقت الإنارة في الاستديو وورقة سوداء كبيرة وعملت دائرة فيها والكاميرا تصور الدائرة كأن سبوت لايت مشع وصرت أحرك الدائرة، فقال أنت اسمك يوسف العجوز، لا أنت يوسف شاهين وتفوقت عليه، وظللت على نفس الراتب ولم أحصل على مكافآت، وكان الدوام ليلا ونهارا.
ويتحدث العجوز عن بعض الفنيات في عمله فيقول: كنت أكتب بجميع الخطوط فمثلا التمثيلية الكوميدية نعطيها خطوطا تناسبها مثل خالتي قماشة ما يصير نكتبها بخط معروف لا نكتب بخط فني، فمثلا كتبت خطوطا فنية عن خالتي قماشة وسليمان الطيب وخرج ولم يعد، اما البرنامج الديني فنستعمل الخط الثلث مثل الخط الذي يكتب بالمساجد للآيات القرآنية متشابك بعضه مع بعض.
وقد تأثرت بالخطاطين الذين تعلمت معهم مثلا كراس لهاشم البغدادي وكراس لسيد ابراهيم وكراس لعبدالعزيز رفاعي ونجيب هواويني وهم قبل جيلي الذي نشأت معهم.
واذكر انني كنت استخدم في تلفزيون الكويت الالوان عندما كان البث اسود وابيض، اذا كان الكلام فوق الصورة في مباراة في كرة القدم، فبعد الصورة تنزل الكلام على الصورة وكذلك المسرحية تنزل الكلام على الصورة من كاميرا ثانية، ويجب ان نكتب الجملة على ورق اسود والخط ابيض لكي لا يظهر الاصل وحتى لا تظهر ارضية الصورة، الاسماء توضع على الصورة، ويظهر ان الكلام فوق الملعب.
ويضيف العجوز: بعد الالوان احضروا اجهزة تلون الخط، بمعنى انني اكتب بالحبر الابيض على ورق اسود، والجهاز هو الذي يلون حسب الطلب ونعمل له ظلالا، كنت استعمل الالوان في الاعلانات.
عندما كنت اعمل في التلفزيون وبعد الزواج صرت اعمل بالخارج عند خطاطين لزيادة الدخل.
العمل في القطاع الخاص
ويقول العجوز عن عمله بالقطاع الخاص: اشتغلت في مطبعة المقهوي وكان بعض الخطاطين يعملون بالحبر، وكنت اكتب اعلانات واعتبر نفسي متلهفا للعمل كخطاط والآخرون ايضا يعطونني مكانتي في العمل كخطاط، وكنت اهم بحال الخط من جميع ابوابه وممارسته، وكنت انافس الخطاطين لأنه كلما يهتم الخطاط بعمله ويقدم الافضل يحصل على عمل كبير، فمثلا الكتابة على القماش تتطلب عملا وجهدا والاعلانات الكبيرة لها اهتمام وعملها متعب كذلك عملت خطوط كروت افراح وزواج ودعوات.
واصلت عملي في المطابع وعملي كان كتابة الاسماء التي توضع على الغلاف والعناوين وكانت المطبعة تطبع كتبا والكتابة كانت على نسخة واحدة وهم يطبعونها على الجميع، وكذلك اشتغلت في جمعية المعلمين الكويتية، وفي مجلة الرائد والتي صارت مجلة المعلم، وكنت اكتب الخطوط وعملت في راطبة الادباء في مجلة البيان وذلك قبل تطور الاجهزة الحديثة.
وكذلك اشتغلت في وكالات الاعلان والمكاتب ايضا والخطاط الماهر هو الذي يتفنن في اختيار الاقلام التي يستخدمها من مكان لآخر في العمل ورسم الخط، فقد استخدمت الاقلام السوداء والمطبعة كانت تلون والكتابة بالاسود والريشة الرفيعة او العريضة، ايضا اشتغلت بالصحافة وخاصة في «الرأي العام» في الفترة الصباحية قبل ذهابي الى التلفزيون في الفترة المسائية، واستمررت في العمل لفترة طويلة، وكنت اشعر فيه بالمتعة، كما عملت في مجلة البيان والمعلم وافتح يا سمسم وكنت خطاط مؤسسة البرامج المشتركة وافتح يا سمسم ابواب نحن الاطفال من خطوطي وافتح يا وطني، وفي الصحافة كنت اكتب الماشنشيتات، اما حاليا فكل شيء انتهى وصار الكمبيوتر يفعل كل شيء، فالخطاط كان احسن من المهندس، وحاليا لا يوجد عمل للخطاط مثلما كان قديما، انا الوحيد بين افراد عائلتي اعمل خطاطا، وارى ان الموهبة لابد من صقلها بالعمل والدراسة وكسب الخبرة من الآخرين.
فالعمل الفني بدايته الموهبة، وحاليا يعمل الخطاط اعمالا لا تدخل بالكمبيوتر مثل خط الكلمات والجمل على الحوائط والاعلانات المعلقة من القماش الحجم الكبير، والحبر على ورق الكليشي اسهل بالعمل وعلى القماش يوجد فرشة خاصة، وكنت انفذ لمراكز الهيئة العامة للشباب والرياضة الاعلانات على القماش الابيض الخفيف وكنت استخدم جميع الاقلام على جميع المواد وتفريغ الكرتون ونرش بالالوان.
ويلفت العجوز الى ان العمل يختلف من مكان لآخر وكل عمل له اسلوبه، فالعمل بالتلفزيون غير العمل بالصحافة، بالنسبة لعملي فأنا متمكن من كل شيء، ايضا العمل في مصانع النيون له طريقة وكيفية في العمل.
ومما اذكره انه جاءني رجل وطلب ان اعمل اعلانا لاحد المطاعم والاسم فيه كلمة زهرة وبدلا من النقاط استخدمت الزهرة، وفازت اللوحة وعلقها على واجهة المطعم، فالخطاط فنان يتفنن بعمله.
الرسام عليه الرسم والخطاط عليه الخط، والخطاط لا يرسم الصورة، بالنسبة لعملي اختص بالخط ولا اريد ان اضيع بين الرسم والخط، لم ابتكر شيئا جديدا باسمي بالرغم من طول السنوات التي عملت بها خطاطا ولست بحاجة لدعاية واسمي معروف بين الخطاطين الكبار والصغار، وحاليا اعمل في التلفزيون على بند المكافآت واعمل مع وكالات الاعلان وبعض المجلات.
الكمبيوتر ضيق على الخطاطين لكن يوجد ورق لا يدخل ضمن عمل الكمبيوترات، ورق السميك فالخطاط ينفذها.
قرية مرجعيون
ويقول العجوز عن البلد الذي نشأ فيه وترعرع: عادات وتقاليد مرجعيون مثل اي بلد او مدينة لها عاداتها وتقاليدها، فمثلا الزواج من بنت العم والخال والعمة، البعض يتزوجون من الاقارب، وآخرون يتزوجون من عائلات اخرى، كل حسب رغبته، وابن العم غير ملزم بالزواج من ابنة عمه او قريبته خاصة هذه الايام، فلم يعد الخوف من المشاكل والامراض موجود بسبب الفحص عن الامراض، اما المهور عندنا فهي غير مرتفعة، وعاداتنا تقريبا مثل الدول الاخرى، ولا توجد الخطابة، لكن على وصف الاخرين يقولون فلان عنده بنات.
وفي الاحتفال بالزواج قديما كان غير هذه الايام، فكان النساء والرجال يحتفلون بالزواج ويقدم العشاء للمدعوين وعندنا الايكة والمطربين وابو الزلف وعلى دا العونا، ولاتزال الاغاني القديمة موجودة عندنا والافراج تقام حتى الفجر ومن دون تحديد وقت لانتهاء الافراح.
ويقول العجوز: عندي اولاد ثلاثة وابنتان وجميعهم متعلمون، وبعضهم متزوج، عدا واحد وهو الاصغر سنا ويسكن معي، وعندي هواية القراءة وحفظ وقراءة الشعر وهواية لعبة طاولة الزهر، وحصلت على بطولة الكويت فيها، واحب قراءة القصص والشعر القديم، احفظ هذه الابيات.
من القصص رجل حكم عليه بالاعدام فقال اريد ان اقابل الحاكم وصار يصرخ وبالصدفة ان الحاكم كان مارا على نفس مكان الاعدام، فوقف وطلب المحكوم بالاعدام، وقابل المحكوم الحاكم ووقف امامه وقال:
ارى الموت بين السيف والنقع كامنا
يلاحظني من حيث ما اتلفت
واكبر ظني انك اليوم قاتلي
واي امرئ مما قضى الله يفلت
وما جزعي من ان اموت وإنني
لأعلم أن الموت شيء مؤقت
ولكن خلفي صبية قد تركتهم
واكبادهم من حسرة تتفتت
ان عشت عاشوا خافضين بغبطة
اذود بالردى عنهم وان مت موّتوا
وكذلك احفظ من الشعر:
على قدر اهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
وقرأت ايضا لفهد العسكر.
اعيش في الكويت منذ عام 1961 الى يومنا هذا، امضيت زهرة شبابي هنا بين اخواني ابناء هذا الوطن ولم ار منهم اي شيء معيب، وبكل احترام وتقدير عشت على ارض هذا الوطن.