-
كنت أشاهد القلاليف في صغري يصنعون السفن بأنواعها المختلفة بأدواتهم اليدوية البسيطة
-
كبار السن كانوا يصيدون باستخدام الحظرة.. والقرقور كان يصنع من أعواد العثوق
-
خياطة البشت الواحد كانت تستغرق أسبوعاً من 4 صناع
-
حصلت على ميدالية في سباق للمشي وكنت أكبر المشاركين سناً
-
لدى تكوين قوة الحدود عينت آمر مستودع فني وكنت مسؤولاً عن قطع غيار ست مجنزرات
-
في العام 1961 عملت في قسم التحصيل بوزارة الكهرباء والماء حتى تقاعدت في العام 1973
-
بيتنا كان يتكون من 3 أحواش وكان فيه بقرة و«اسخلتين»
-
ولدت في العام 1935 ببراحة تيفوني في منطقة شرق
-
في الطفولة كنت أسبح في مياه البحر وأصيد السمك باستخدام القمبار أو المشخال والسيف والسراج والكابر
-
من أنواع السفن الشراعية القديمةالسنبوك والشوعي والجالبوت والبوم
-
تركت الدراسة بعد سنة رابعة عام 1952 وتوجهت للعمل مع والدي في خياطة البشوت
-
أزمة سوق المناخ كبدتني خسائر كبيرة بعد أن كنت أكسب ربع مليون دينار يومياً من التداول بالأجل
لاتزال صفحات كتاب الماضي تشع بكل جميل يضيء لنا جنبات الحاضر.
علي عبدالله حسين الأمير أحد الشهود على كويت الماضي الجميل يروي لنا اليوم بعضا مما يزال عالقا بذاكرته من فترات مرت على الكويتيين بحلوها ومرها وذكرياتها المختلطة.
يكلمنا عن مولده في براحة تيفوني في منطقة الشرق وكيف كانت الظروف حينها والشكل الذي كان عليه بيتهم القديم، يتكلم عن طفولته ومشاهداته وعمل القلاليف كما كان يراهم على ساحل البحر يصنعون السفن الخشبية بأنواعها المختلفة مستعينين بأدواتهم اليدوية البسيطة.
يستدعي من الذاكرة مواقف له حيث كان يسبح في مياه الخليج ويصيد الأسماك باستخدام أدوات مختلفة، وكيف كان كبار السن يصيدون السمك.
كما يحدثنا عن مسيرته بالتعليم والعمل وكيف ترك الدراسة بعد الصف الرابع الابتدائي، ثم عمله مع الوالد في خياطة البشوت وتعيينه مسؤولا في مصنع للطابوق براتب 150 روبية.
كذلك يتطرق إلى عمله في وزارة الكهرباء والماء وفي قوة الحدود ويذكرنا بأن أباه أول من بنى قيصرية في الجهراء. كل هذا وغيره من تفاصيل نطوف عليها خلال سطور اللقاء التالي.
أجرى الحوار: منصور الهاجري - كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
شهر مارس من كل عام والموسم يطلق عليه القييد فالصيادون من جميع أنحاء الكويت يذهبون بسفنهم الى البحر لصيد سمك الزبيدي.
أما أيام الربيع فكنت أذهب الى البر وننصب الخيام مع العائلة ومكاننا داخل سور الكويت فتوجد فراغات مثلا من السور الى الصوابر توجد مساحات ولا توجد بيوت، ومنشآت منطقة الشرق، واذكر أهل الجبلة تقريبا بالصالحين الى السور ولا توجد بيوت في الصالحية إلا القليل منها واذكر عندما بنيت المدرسة القبلية كان حولها بعض البيوت، ايضا من دسمان الى العاقول لا توجد بيوت ومن البيوت القديمة في منطقة الشرق بيت احمد محمد امين، وبعد ذلك بني المستشفى الأميري في الشرق شماليهم البحر والقبلة منطقة الاسواق.
منطقة الأسواق والمرقاب غربيها الصالحية وكانت بدون بيوت ومن الدهلة الى الوطية وكانت الفراغات كبيرة، والصالحية انتشرت فيها البيوت بالأربعينيات.
وآخر العام الدراسي كانت دائرة المعارف تقيم مهرجانا رياضيا على ارض الملعب القبلي يسمى ملعب شبان الوطن وكانت المنطقة المحيطة به منطقة بر وبجانب الملعب توجد المقبرة الكبيرة، كنت مولعا وهوايتي الأساسية صيد السمك ولم أصد الطيور والى الآن أذهب الى البحر للمشي على «الجال» الساحل الرملي وأحب المشي على الرمال.
يتحدث الأمير عن مسيرته في التعليم حيث يقول: التعليم والدراسة
بداية تعليمي في الشرقية أول في بداية افتتاحها وكان فيها معجب الدوسري مدرس الرسم وملا حمود الإبراهيم وملا عيسى مطر وعبد المحسن وعبدالعزيز مسلم الزامل وحامد الحمود فقد بدأت من الصف الأول روضة الى رابع روضة وبعدها ينتقل الطالب الى الابتدائي والثانوية.
كانت دراستي من المتفوقين نجحت في سنة رابعة ابتدائي وتركت الدراسة ولم أترك الدراسة بالاختيار ولكن أحد المدرسين اسمه يوسف عبدالرزاق.
عرض علي الوالد أن اشتغل وكان ذلك عام 1952 ولكن أخي حسين اكمل دراسته وعين في الجوازات.
العمل مع الوالد
أثناء دراستي كنت اشتغل مع الوالد في خياطة البشوت وتقريبا معظم أهل الكويت يشتغلون مع آبائهم، كنت اشتغل مع الوالد في فترتي الدراسة بمعنى انه بمجرد ان ينتهي الدوام الصباحي أذهب الى الوالد واشتغل عنده والعصر ارجع الى المدرسة وأكمل دراستي، وكان أصحاب المحلات كل واحد منهم ابنه يدير المحل وهو يروح الى البيت فكنت واحدا من أولئك الطلبة.
بداية حديثي قلت الشباب يساعدون وهذا انطبق عليّ ايضا قلت ان بيت الوالد كبير وكانت عندنا بقرة وماعزتين (الواحدة ماعز) في الكويت نقول «اسخله» كان الوالد يرسلني الى الفرضة واشتري الجولان الذي يستورد من البصرة وأضعة على رأسي ومعي بعض الأصدقاء كنت أضعه داخل الخيشة أم فحين يعني ام خطين واشتري الجت البرسيم.
والطالب الذي يجلس في دكان والده يبيع على الزبائن.
مثلما اقول ان صاحب المحل اي محل، يترك ولده في الدكان والفكرة في أن الزبون يكون متواصلا مع صاحب المحل فلا يرجع ويرى الدكان مغلقا، لأنه قديما لا توجد تلفونات، لذلك بعدما اخرج من المدرسة كنت اجلس في الديوانية عند الوالد واخيط البشت وعندي ادوات الخياطة ويزداد العمل ايام الاعياد، اذكر ان الوالد كان عنده ديوانية وكذلك البغلي والشواف وسعود المخايطه من المشهورين وكنت اعمل خياط ابره وخيط (وزري) وكان الطلب يزداد على البشت ايام الاعياد مثل بشت دربوية وتكون الخياطة وصية واذكر أنه كان هناك مواطن سعودي يزور الوالد اسمه ابراهيم بن خيزان وكان وكيلا لأحد الامراء السعوديين وكان اذا حضر يسكن بالديوانية.
عملي في البشت الدربويه والمتن والمكسر، الدربوية من انواع البشوت والمكسر من دون الدربوية للشباب، فكنت استحسن المكسر في العمل وهو الذي على اليد، واشهر رجل في خياطة المتن كان عبدالرزاق الرقم وافضل رجل يصنع الدربوية كان ولد عمي ياسين الامير، والشغل كان باليد.
مدة خياطة البشت أسبوع حتى يكتمل، ويعمل فيه اربعة صناع، واحد للتركيب وواحد للمكسر للهيلة وكل واحد ينتهي من الجزء الذي يعمل به يعطي البشت للثاني وبعد ذلك تمردخ البشت وتضرب بالهاون من الظهر، هذه كانت طريقة العمل، وتعلمت الصناعة وكنت اعلم ايضا اخواني وكنا مع بعض، اما اخي محمد فكان خريج مدرسة المطاوعة ويعمل دائما مع الوالد.
الى ان انتهيت من الدراسة وانا اعمل مع الوالد في صناعة البشوت، انواع البشوت الشتوي والربيعي والصيفي، تلبس البشت الصوف بالشتاء والمزينة من الوبر شتاء وربيعا والبشت الصيفي والبزوني لونها اسود وبشت بدري وبشت ادبس والرمادي والاملح، واحسن بشت للمعاريس اللون الاسود.
التاجر عنده ثلاثة بشوت قديما، البدري لون البدر يستخدمه في النهار، والادبس العصر واما في الليل فيستخدم الاسود وعندنا بشت يطلق عليه (المزوية) ونوع الخيوط من صوف الغنم واحسن بشت النجفي ومن بعده الدورقي. حاليا تطورت الاقمشة من لندن صناعة مكائن. منذ عام 1952 تركت الخياطة وتوجهت للعمل بالحكومة.
العمل بالدوائر الحكومية
يتحدث ضفينا عن عمله في الحكومة بعد فترة من العمل في مجال خياطة البشوت قائلا: الاستاذ يوسف عبدالرزاق قال للوالد ولدك سآخذه معي ونعينه في دائرة الاشغال العامة ونعطيه راتبا شهريا مائة وخمسين روبية، الوالد قال اريده ان يتعلم ونافعني في العمل، وأخيرا الوالد والوالدة وافقا على العمل وعينت مسؤول موقع في مصنع الطابوق وكان المتعهد فيه عبداللطيف ثنيان والمكان في الوطية وذلك عام 1952 وكان الطابوق للارصفة، كل خمسين طابوقة نشحنها في اللوري واتسلمها من المصنع لوزارة الاشغال العامة واعطيهم وصلا.
الوصل كان يلفظ (جتي) وهي لفظة محلية معروفة عند المواطنين. كان في الوطية بيتان للغانم، احد البيوت مؤجر لمدير اول بنك في الكويت وهو البنك البريطاني وانا اعطوني غرفة في ذلك البيت الذي يسكن فيه المدير.
وكان يشرف على المصنع من قبل وزارة الاشغال العامة مهندس انجليزي اسمه جورج وكانت عنده سيارة بوكس موديل 1952 والسائق كان اسمه عوض دوخي ابو فهمي وطوال الوقت يمضيه بالعمل وكانت توجد غرفة بالوطية فيها حارس اسمه بوثنيان يحرس الاخشاب وما تبقى من السفن ومخلفاتها.
وكان يحضر الكثير من المواطنين للسباحة على ساحل البحر، وكنت اسبح وأغوص، ولا ازال اسبح واغوص والسبب أنني لم ادخن سيجارة حيث انها اكبر عدو للانسان وتفتح كل شر. شاركت في سباق الجيش وكنت اكبر المشاركين سنا وحصلت على ميدالية.
امضيت 3 سنوات في الاشغال العامة من 1952 الى 1954 بنفس العمل وكنت كل يوم مع عوض دوخي في سيارة بوكس لونها حليبي موديل 1952 وكان يجلس عندي في الغرفة وهو رجل بسيط مؤدب واخواه خليفة وعبداللطيف وكان يحضر الفنان يوسف ويحضر معه العود ويعزف وكان يبدو عليه الزعل بسرعة، ويحترم الآخرين ومن اصدقائه منصور الميهي، فقد كان يجلس عنده دائما وهو من المقربين.
تكوين قوة الحدود
يتحدث الامير بعد ذلك عن عمله في قوة الحدود بعد تكوينها وعن ذلك يقول: عندما كنت في الشرقية كان معنا المرحوم الشيخ مبارك العبدالله الجابر وهو من الاصدقاء، وكان في القاهرة للدراسة.
اذكر كذلك دائرة الأمن العام ودائرة الشرطة وأذكر النواطير، كان مسؤول الامن العام حينها المرحوم الشيخ عبدالله المبارك وفي تلك الفترة تقرر تكوين قوة الحدود والمسؤول عنها كان المرحوم يعقوب البصارة، والد اللاعب القدير جاسم يعقوب ود.يوسف وسلطان وبدر.
كان مكان وموقع القوة الورشة العسكرية وزارة الاعلام حاليا، الورشة كانت فيها شبرات قوة الحدود ولها جزء من ذلك المكان ومحمد العبيد كان مسؤول الورشة وتخزين المستودعات.
اختارني المرحوم الشيخ مبارك العبدالله الجابر للعمل في قوة الحدود، فعينت آمر المستودع الفني وهو عبارة عن تخزين قطع غير وصلت لقوة الحدود وكان المسؤول المباشر عني مستر ميجر بولو وكان انجليزيا وكان معي اثنان هما جاسم محمد شهاب وتاج محمد وكان يلعب كرة بالنادي الاهلي وبعد ذلك توسع الجيش وعين وجيه المدني فلسطيني ومحمد فتحي الصدر وخالد الهنيدي وكانوا يعملون بالورشة العسكرية. في عام 1956 كان الاعتداء الثلاثي على مصر كان في الشارع الجديد يوجد مقهيان قهوة الكمال وقهوة اخرى.
في تلك الفترة كان الوالد موجودا وكذلك اخي محمد وكنت اشتغل بالجيش.
أراضٍ وقسائم
في عام 1956 كما ذكرت الوالد وأخي محمد اشتريا 21 قطعة ارض موزعة على جميع اراضي الكويت والجنوب، المساحة الكلية مليونان وثلاثمائة وثمانون مترا مربعا، الوالد اشترى الأراضي من محمد القطان، لكن الحظ لم يسعفهم، ففي تلك السنة صار تنظيم الكويت، فصارت الأراضي خارج التنظيم عدا أرض واحدة في الجهراء، وبنى الوالد عليها قيصرية وهي أول قيصرية تبنى في الجهراء وأشرفت على بنائها، وتركت الجيش واشتغلت مع الوالد.
انتهى شغل البشوت وخياطتها، وبدأ الوالد يشتري ويبيع في العقارات ونحن ثلاثة مع الوالد، وكان عندنا سيارة وانيت وكنت أسوقها وأخرج بها لتحديد الأراضي والبيع والشراء وفجأة صار هبوط في الأراضي فاشتغلت بوزارة الكهرباء والماء في قسم التحصيل منذ عام 1961 الى التقاعد في 23/7/1973.
وفي عمل التحصيل كنت أحصّل من البيوت والمحلات ما للوزارة على المواطنين ومسؤولنا ابراهيم السبيعي وخالد العبدالجليل وحامد العبدالجليل وخليل الحشاش واحمد الحناوي المدير العام حتى عام 1973، وحاليا أزاول عمل بيع العقارات والأراضي.
سوق المناخ
تناول ضيفنا بعد ذلك نشاطه بعد التقاعد من العمل في وزارة الكهرباء والماء قائلا: بعد التقاعد توجهت الى العمل في بيع وشراء الأسهم والعقارات، كان أول دكان فتح في سوق المناخ ملكي باسم البيت العقاري، وكان ببابن مفتوحين بعضهما على بعض وقد كسبت الكثير والسلم صعد الى فوق ولكن مع نكسة سوق المناخ هبطت الميزانية، وكنت في اميركا مع احد الأصدقاء فرجعت وبعت كل ما أملك وعملت تسويات لما أملكه وما عليّ كي لا أكون مطلوبا لأحد والقوانين تصد بعضها وراء بعض.
ومن الناس من خسر وهناك آخرون خرجوا من سوق المناخ بالملايين، ومن أسباب سقوط سوق المناخ طفرة الطمع والجشع والبيع بالأجل كان سببا رئيسيا وشيكات من دون تغطية ومن دون مراقبة من سوق الجت الى سوق المناخ خلال يوم واحد أبيع واشتري ثلاث مرات في اليوم، السوق من دون نظام، الغداء والعشاء بالسوق والبخور.
الناس كثيرون منهم تضرروا وأصيبوا بالخسائر، أنا واحد من شهداء المناخ، كان عندي دكانان دفعوا لي فيهما ست ملايين وما بعتهما، كنت انظر للأبعد يوميا، احصل على ربع مليون دينار من التداول بالأجل، ولم نشعر بأن يوما من الأيام ان سوق المناخ سيسقط وفجأة سقط سوق المناخ، وبعد ذلك السقوط دفعت كل ما علي وسددت الديون للآخرين وصدرت القوانين، وكثيرون تضرروا ومنهم صغار المستثمرين.. «لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس»، بعد المناخ رجعت للعمل.
الأولاد والأحفاد
يتناول ضيفنا تفاصيل من حياته الاجتماعية وأولاده وأحفاده قائلا: متزوج وعندي احد عشر ولدا وبنتا، سبع بنات وأربعة أولاد وعندي 46 حفيدا وحفيدة وعندي 10 من أولاد الأحفاد وجميعهم متخرجون ومتعلمون وفي وظائفهم ويعملون بوزارات الدولة.
البنات مدرسات ومتزوجات، والأولاد موظفون كبار، وأحدهم حاصل على الدكتوراه وآخر مدير وثالث عنده شركات، أما الأحفاد فهناك واحد مدقق حسابات، هذه النعمة والثروة، حاليا نعمتي مع أهلي وكل يوم خميس جميعهم يزورونني، أنا سعيد مع الأولاد وسعادتي مع أولادي تفوق المال.
ابدأ بنفسك ولا يأخذك الغرور والمثل الكويتي «خد شور اللي اكبر منك واللي اصغر منك وإلا الزمان يتغدرك». أقول للشباب «لا تغتر ولا تكبر اتبع الذي يبكيك ولا تتبع اللي يضحكك».