- ختمت القرآن مع والدي 30 مرة وقرأت كتب طه حسين في المرحلة المتوسطة
- كنت من أوائل الدفعات اللاتي اشتغلن في المكتبات وعددنا 7 موظفات أمينات مكتبات مدرسية وعينت في مدرسة السالمية المتوسطة
- التحقت بمدرسة السالمية للبنات المشتركة وكانت المدرسات من الفلسطينيات والمصريات يعلمننا بإخلاص
- أبي كان يحفظ الشعر ويرويه وكان حريصاً على أن نقرأ المعلقات السبع وشعر شوقي وحافظ إبراهيم ويكافئنا على الحفظ
- المرحوم عبدالرحمن السميط كان مثالاً للعطاء وتقديم المساعدات للمحتاجين .. فلماذا لا نفعل مثله ونكمل رسالته؟!
- أقترح تكوين جمعية تحافظ على الكتاب حتى يستفيد منه الآخرون وحملة إنسانية لتزويد الجمعيات بالكتب
- مديرة مكتبة «كندي» زارتنا في «الدسمة» وقالت إن هذه المكتبة الوحيدة في العالم المخصصة للنساء
- المطاعم يحضر بها أكثر من الذين يحضرون للمكتبات للأسف
- والدي كان يحضر لنا مجلة ميكي وقصص الأطفال وكان تاجر أغذية وأثناء عودته من السوق يشتري لنا المجلات والقصص
- نقلت إلى ثانوية المرقاب وكنت أستخدم باص «المعارف» من السالمية وأتمنى العودة إلى النقل الجماعي للطالبات حيث التعارف والتعاون بجانب روح التواضع
أجرى الحوار: منصور الهاجري - كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
المرأة نصف المجتمع، وقد ظلت المرأة الكويتية تطالب بحقوقها ومساواتها مع الرجل حتى حصلت على حقوقها السياسية والاجتماعية وما يتبعها من حقوق. الجيل الماضي من النساء أسسن الجمعيات النسائية وتعلمن بالجامعات وعملن مدرسات وطبيبات ومحاميات. الأستاذة عزيزة البسام من نساء الكويت اللاتي حصلن على حقوقهن في العمل، فهي أول كويتية تعمل أمينة لأول مكتبة نسائية في الكويت وكان مقرها بالدسمة.
بدأت عملها وباشرت في تأسيس أول مكتبة نسائية بعد ان تقدمت باقتراح لمدير المكتبات المرحوم محمد محمد صالح التركيت، فأصبحت أول امينة مكتبة نسائية وأشرفت على التأسيس. وبعد سنوات من العمل الدؤوب في المكتبة استطاعت ان تنشر الوعي الثقافي في المكتبة النسائية، وجمعت روادا لتلك المكتبة، كما اشرفت على افتتاح ثاني مكتبة نسائية في منطقة الرميثية.
كانت من ضمن أول دفعة تخرجت من بنات الكويت، وكان عددهن سبع بنات، تم تعيينهن في إدارة المكتبات، ولأنها صاحبة الاقتراح فقد عينت أمينة مكتبة الدسمة للسيدات. عندما كانت طالبة في المرحلة المتوسطة والثانوية كانت تشارك في الأنشطة المدرسية، مثل النشاط الإذاعي ومجلة الحائط، وكانت تقرأ الكثير من عيون الكتب ودواوين الشعر.
في هذه السطور التالية المزيد من التفاصيل:
تبدأ ضيفتنا الرائدة عزيزة محمد سليمان البسام حديثها عن الماضي وحكاياته وذكرياته قائلة: ولدت في الكويت، الإنسان عنده أحلام كبيرة منذ طفولته وطفولتي ما بين المدرسة والبيت والفريج، عشت في ظل رجل يقرأ ويكتب، قرأت وأنا في المرحلة المتوسطة كتب طه حسين، والقرآن الكريم ختمت قراءته مع والدي رحمه الله ثلاثين مرة، ومن الكتب التي كان الوالد يعطيها لي لأقرأها «كليلة ودمنة» لابن المقفع، وكان والدي يحفظ ويروي الشعر، وكان حريصا على ان نقرأ المعلقات السبع وشعر احمد شوقي وحافظ ابراهيم، وكنا نحفظ والوالد يعطينا جائزة، والمقصر في الحفظ كان يعاقبه. وكان الوالد يروي شعر الشعراء، وقد اعطانا مخزونا جيدا، وأذكر ان مدرسة اللغة العربية كانت تعطيني شهادة.. مراتع شبابنا الدمنة القديمة، منطقة السالمية، كان بيت الوالد هناك وعشنا فيه مع الوالدين واخواني واخواتي.
الدراسة والتعليم
وعن مشوارها في مضمار التعليم وكيف سارت الأمور، تقول البسام: التحقت بمدرسة السالمية للبنات المشتركة (الابتدائية والمتوسطة)، وظهر نشاطي في المرحلة المتوسطة، وكانت المدرسات من الفلسطينيات والمصريات يعلمننا بإخلاص وكن يبذلن الجهد الكبير من أجل مصلحة الطالبات، وكان النشاط متعددا. واذكر في مادة الاقتصاد المنزلي كنت قد شاركت بلوحة «كنبة» وزارنا المرحوم الشيخ عبدالله الجابر وسأل عن صانعة اللوحة، والحمد لله قابلته.
وأول هواية كانت القراءة، وكان الوالد- رحمه الله- قارئا جيدا فشجعني واخواني واخواتي على القراءة، وكان يحضر لنا مجلة ميكي وقصص الأطفال، وكان تاجر أغذية، وأثناء عودته من السوق يشتري لنا المجلات والقصص، وكنت شريكة مع اخواني واخواتي في القراءة.. قرأت الشعر والمقالات وشاركت في مجلة الحائط في المدرسة مع زميلاتي وكتبت «يوميات طالبة»، وعندنا الاستاذة صبيحة الكيالي، وكنا في الزمن الجميل والتعليم الراقي، وكانت المدرسة تعزز فينا قوة الوطنية وحب الوطن والإيمان، علم الوطن، أكرم من ان يستخدم ربطة رأس أو علاقة.
العلم دائما يكون مرفوعا ولا يسحب على الأرض، مدرسات كثيرات ومن الناظرات فتحية عوايص فلسطينية، ما دخل علينا مدرسات عربيات غيرهن الا بعد سنوات، وأذكر ان مدرسات الابتدائي والمرحلة المتوسطة فلسطينيات وغيرهن في المرحلة الثانوية منذ أولى ثانوي والبعثة المصرية عام 1942 يذكروني بأني شاطرة وممتازة.
وشاركت في مجلة الحائط وكان هناك تنافس بين الطالبات في الخطابة والاذاعة، وشاركت في جميع أنواع الرياضة، وكانت الأنشطة كثيرة، وبرزت مجموعة من الطالبات في الرياضة وبعضهن اصبحن مدرسات تربية بدنية، وكنت أجمع بعض الأقوال وأقدمها للاذاعة وغيري يذيعها في طابور الصباح، وكان العمل جماعيا، فنحن شركاء ولسنا فرقاء، ونؤدي العمل كوحدة واحدة.
المرحلتان المتوسطة والثانوية
وعن مرحلتي التعليم المتوسط والثانوي تقول: في هاتين المرحلتين من الطبيعي ان الدراسة تختلف عن المرحلة الابتدائية حيث كنت في مدرسة السالمية المشتركة والناظرة فتحية، وشاركت في الأنشطة الأدبية والرياضية بالمدرسة حتى أكملت رابعة متوسط.
بعد المتوسطة نقلت الى ثانوية المرقاب وكنت استخدم باص «المعارف» من السالمية الى المرقاب مع بعض الطالبات، ثانوية المرقاب كانت تمثل بوكيه الورد فيه الروائح الجميلة ومن كل غصن وردة، فيها التعايش جميل وعندما أرى احدى الطالبات أقول أهلا بالمرقاب، في ذاك الوقت لا توجد سيارات عند الطالبات فالباص الأصفر لجميع الطلاب في الذهاب والإياب. وكانت بداية الطالبات في الفصل ثم في الباص والذي كان ينقل الطالبات من مكان الى مكان الى المدرسة.
هذه سمة المجتمع المترابط الجميل الذي كنا نعيشه، حاليا كل واحد عنده سيارة ولا يلتفت الى أحد من إخوانه والأمهات يوصلن بناتهن والازدحام عند أبواب المدارس كل ولية أمر تريد أن تأخذ ابنتها قبل الثانية ولا توجد باصات للنقل الجماعي، أتمنى العودة الى النقل الجماعي للطالبات، النقل فيه التعارف والتعاون بجانب روح التواضع، كانت معرفة الأمهات لبعضهن البعض عن طريق المدرسة.
أول السلم الحياة في التعايش في المدرسة، نجحت من ثانية ثانوي وتوقفت عن الدراسة وبعد ذلك التحقت بمعهد المعلمات في المدرسة الشرقية، كانت ثانوية المرقاب تضم معهد المعلمات عام 1964، انتقل المعهد للشرقية في تلك الفترة وتحصلت على فرصة للعمل.
التحقت بالعمل وكنت من أوائل الدفعات اللاتي اشتغلن في المكتبات وعددنا 7 موظفات أمينات مكتبات مدرسية وعينت في مدرسة السالمية المتوسطة واذكر من كن معي من الزميلات ومنهن: نورة المالك، حصة البرجس، ونسيت أسماء الأخريات وقد أخبرني المرحوم محمد محمد صالح التركيت مدير المكتبات في ذلك الوقت بأن عدد المعينات 7 أمينات مكتبة.
عينت في مدرسة السالمية لمدة 6 أشهر فقط وكان فيها عدد من الكتب وكانت المكتبة بالنسبة للمدرسة كأنها مخزن ما تؤدي رسالتها.
بدأت القراءة عن تأسيس المكتبات وبدأت بالتدريس والالتحاق بالدورات وباشرت الفرز للكتب.. وبعد 6 أشهر تركت المكتبة المدرسية.
مكتبة الدسمة للسيدات
أثناء عملي بالمكتبة المدرسية أخذت مجموعة من الطالبات الى المكتبة العامة وكان المسؤول محمد صالح التركيت والمساعد له ملا يوسف التركيت وسهيل الزنكي، وأثناء وجودي بالمكتبة تقدمت باقتراح للمرحوم محمد صالح التركيت وقلت «يا أستاذ محمد لماذا لا تفتحون مكتبة عامة للسيدات؟»، فقال: «ممكن ان يصير» وهذا الاقتراح كان مني في تلك الأيام كان بداية تأسيس جمعية الدسمة التعاونية وكانت عادة وزارة الأشغال ان تبني في المناطق عدة مبان مثل مبنى للبلدية ومبنى للمستوصف ومكتب البريد ..، قال المرحوم محمد صالح التركيت لنبدأ في تأسيس مكتبة للسيدات، وبعد أيام حضر عندي صالح محمد صالح التركيت وأخبرني بأن والده وافق على تأسيس المكتبة وانني سأنتقل اليها، ومقرها منطقة الدسمة وذلك عام 1966 وكانت اول مكتبة للنساء وتأسست في عام تأسيس جامعة الكويت وكان رواد تلك المكتبة من بنات الكويت وبعض الدارسات بالمدارس المسائية وبدأت المكتبة بالكتب والأثاث، والمرحوم محمد صالح التركيت احضر مجموعة كبيرة من الموظفين واشتغلنا لمدة 6 أشهر في فهرسة الكتب والترتيب على حسب تقسيم (ديوي) من الصفر إلى 99 صباحا ومساء نحن نعمل فيها، بالنسبة لي اعتبرها دورة تدريبية لأني كنت اشتغل مع موجهين مصريين ومتخصصين فاستفدت كثيرا منهم، وبدأنا نستقبل رائدات المكتبة من الابتدائي الى الجامعة وأذكر عادلة التركيت أول من دخل المكتبة بداية افتتاحها.
وكانت تدرس المكتبات في القاهرة، ومن الرواد ايضا أعتز بمجموعة مازالوا يحملون لي الجميل وهذا تكريم، منهم عزيزة البسام رائدة المكتبات من نساء الكويت، عندما كان ضيوف يزورون الكويت كانوا يزورون المكتبة، كانت المكتبة النسائية محاطة بمجموعة من الإدارات والمؤسسات مثل رابطة الأدباء واستوديو الدسمة وجمعية الفنانين وساحة الجمعية وأذكر أن فرقة التلفزيون كانوا يتدربون فيها وتلك المكتبة عايشت الحركات المكتبية والأدبية.
وأذكر من الزيارات ان مديرة مكتبة كندي زارتنا في المكتبة وقالت ان هذه المكتبة الوحيدة في العالم مخصصة للنساء.
الزيارة تلك لم تكن الأولى وأذكر أن مسؤول المكتبات في الأردن كتب وذكر في كتابه عن مكتبة الدسمة، واعتقد ان المكتبة النسائية لها بصمة في تاريخ المكتبات وحاليا اجمع أوراقي واكتب لأصدر كتابا عن المكتبة ليس حبا للشهرة ولكن توثيقا للبحث والباحث وياليت مركز البحوث يقوم على العمل، للبحث استمررت في المكتبة خطوة خطوة الى ان وصلت المكتبة إلى القمة وبعض رواد المكتبة حصلوا على الدكتوراه ومنهم الدكتورة ليلى السبعان.
ومكتبة جورج تاون في أمريكا كان المسؤولون هناك يرسلون لنا يستفسرون عن بعض الأمور فكنت أزودهم ببعض المطبوعات بواسطة البريد، دخول المرأة الجامعة والحركة النسائية مع الجمعيات النسائية من هنا بدأت الأضواء تسلط على المرأة الكويتية.
كان المدير العام المرحوم محمد صالح التركيت هو الرجل المساند للمكتبة النسائية وعندي نبذة كتبها رحمه الله عن المكتبة النسائية. وأذكر من الرواد للمكتبة الأديبة ليلى العثمان وليلى محمد صالح ومنى طالب وليلى السبعان ود.نوال الإبراهيم وطيبة الإبراهيم وطيبة الشذر ومجموعات كبيرة من الرواد.
في بعض الأحيان بعض الأدباء قبل دخولهم للرابطة يدخلون عندي في الإدارة للزيارة وتشرفت بزيارة كبار الادباء ومنهم المرحوم عبدالرزاق البصير ود.سليمان الشطي وخالد سعود الزيد وكانوا يتواجدون في مكتبي الخاص ولا ننسى أننا في مجتمع متفتح كانوا يشرفوننا.
مصادر الكتب
أما عن المصادر التي كانت تحصل منها على الكتب لمكتبتها، فتقول البسام: يوجد في وزارة التربية قسم التزويد وكانوا يزودوننا بكتب ما يعرض في المعارض فكانوا يعتمدون على معرض القاهرة للكتاب لعدم وجود معرض في الكويت وعلى ما ينشر فكانوا يزودون المكتبات المدرسية والمكتبات العامة وتزويد المكتبات العامة يختلف عن تزويد المكتبات المدرسية فالمجموعات التي تزود بها المدارس مرادفة للمناهج مثل القواميس والمراجع وقصص الأطفال والقصص الدينية، أما المكتبات العامة فتزود بفروع مجاميع انواع الثقافة والمراجع والقواميس وكانت عندنا صالة كبيرة لمن يريد البحث.
وكانت الجهات المختصة تزودنا بالكتب سنويا، وعندنا قسم للأطفال ويوم في الاسبوع ساعة القصة.. المكتبة النسائية في الدسمة تقسم إلى ثلاثة أقسام قسم للقراءة والمطالعة وقسم للباحثين وقسم للأطفال، يقول الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوده أبوه
فإذا أنشأنا الطفل من صغره على حب القراءة والكتب صارت عنده رغبة في القراءة، ايضا كنا نعرض للأطفال أفلاما سينمائية. وأذكر هنا للتاريخ ان وزارة الشؤون الاجتماعية كانت من أنشط الجهات حيث كانت تقوم بإرسال الأطفال الى الحدائق للقراءة في المكتبة مع المشرفات، فكنت أشركهم في المسابقات، وأحيانا كنت ازورهم في الحدائق لأنقل لهم النشاط، وكان بعض الأمهات يحضرن الى المكتبة للقراءة والبحث ومعهن أطفالهن يقرأون في قسم الأطفال من هنا تبدأ صداقة الطفل مع الكتاب.
حاليا التكنولوجيا ابعدت الأطفال عن الكتاب وتفرغوا للاجهزة الحديثة. اتمنى على الأمهات والآباء أن يعودوا أطفالهم على قراءة الكتاب مع الأجهزة الحديثة التي يستخدمونها.
الكتاب مثل الذهب إذا احتفظ الإنسان به، ولكن الكتاب صار عند بعض الناس مثل العدو، واصبحوا يتخلصون منه بأي طريقة. قبل أن يتخلص أي إنسان من الكتاب عليه أن يسأل عن الجهات التي من الممكن ان تستفيد من الكتاب، عندي ملاحظة وهي أن البعض يقول لنتخلص من كل كتاب كتبه عراقي، وهذا من أثر الاحتلال الصدامي للكويت، يا اخوان الفكر ليس له جنس ولا جنسية ولا مذهب، بل يعبر الحدود.
والظاهرة الثانية وجدت ان بعض العائلات اذا عرفوا ان ولدهم او بنتهم عندهما مكتبة، حاولوا ان يتخلصوا منها بعد وفاتهما. وهناك بسوق الجمعة توجد مجموعة من الكتب معروضة للبيع. وأقول من خلال جريدة «الأنباء»: يا اخوان، اقترح تكوين جمعية تحافظ على الكتاب ولندع الآخرين ليستفيدوا من هذا الكتاب، لنعمل حملة انسانية لتزويد الجمعيات بالكتاب.
منذ فترة جمعت نحو مائة وخمسين كتابا وارسلتها الى اليمن لكي يستفيدوا منها هناك من مطبوعات رابطة الاجتماعيين. وعندما كنت أمينة مكتبة الدسمة.. كان الحضور ممتاز من النساء والفتيات، كانت القراءة جميلة، واتذكر واحدة من رواد المكتبة تزوجت وهي في مرحلة الشباب لكنها استمرت في الحضور الى المكتبة يوميا للقراءة والاستعارة، هذه السيدة اعفيتها من دفع تأمين الكتاب لتشجيعها، واستمرت في القراءة، شعرت بأنها قرأت كتبا ذات قيمة أدبية كبيرة، وتلك السيدة من سكان الدسمة.
وتضيف البسام: خدمت في العمل في المكتبة النسائية اثنين واربعين سنة تقاعدت بعدها عن العمل، ومازلت أقرأ وأتابع الصحف اليومية نحو أربع صحف يوميا، مع الأسف بعضها لا يفيدني، ولكن كانت الصحف موجودة داخل المكتبة يوميا، وكذلك المجلات الأسبوعية والشهرية، وكانت لها رواد وقراء واستفادوا كثيرا منها وكان من الممنوع القطع من المجلات والصحف.
مع الوالد والمكتبة
تستحضر ضيفتنا ذكرياتها مع المكتبة والوالد واهتمامه بالأدب والشعر حيث تقول: لم أكتب الشعر ولكن قرأت الكثير وكان الوالد ايضا يقرأ الكثير من الكتب وكان رجلا مثقفا، نحن عشنا وتربينا على الهيبة واحترام الآخرين، حصلنا على دورات بالخارج عن المكتبات وعلمها، وكان ذلك في القاهرة ولندن وانا عضو في جمعية المكتبات في القاهرة وحصلنا على دورات في تونس والعراق وحضرت ندوات للنقاش، وكان ديوان الموظفين عندنا في الكويت نشيطا في إقامة الدورات والتدريب وكنت مدربة في المكتبة وأحاول ان أفيدهم بما عندي وانا الوحيدة من عائلتي تخصص مكتبات وهو من أجمل المجالات، لأن المكتبة فيها علم مثل النهر الجاري، وأذكر عادلة التركيت وكانت حاصلة على الدكتوراه في علم المكتبات وبعدها سعاد العيبان وعزيزة البسام أول كويتية أمينة مكتبة لأول مكتبة نسائية، واستمررت بالعمل فيها حتى الاحتلال الصدامي الغاشم على الكويت يوم الخميس 2/8/1990 الذي نهب المكتبة مع ما نهب من الكويت ودمر كل شيء، وبعد تحرير الكويت من الاحتلال الصدامي تسلمت مكتبة الرميثية النسائية بعد تحويلها من مكتبة عامة، واعتبر أول سيدة أمينة مكتبة في الرميثية، وتلك ثاني مكتبة نسائية في الكويت، العراقيون والجيش العراقي نهبوا بعض المبالغ التي كانت موجودة في الأدراج ولكن العراقيين نهبوا جمعية الفنانين والاستديو، وبعد تسلم المكتبة بدأت اعمل وأصلح وكنت اعتمد على بعض الصحف مثل «الأنباء»، واستمررت في العمل حتى عام 1999، ففكرت اما ان استمر أو أترك العمل لكن مدير المكتبات احمد جمعة العمران أشار علي ان أتسلم مكتبة الشامية العامة رجال ونساء، وحاليا تحولت الى اسم مكتبة عبدالله زكريا الأنصاري.
ومكتبته المنزلية تضم 25 ألف كتاب، هذا رجل يجب ان ان يكرم ويخصص له جناح كامل في المكتبة الوطنية تضم مكتبته وجميع أعماله الفنية، وأطالب الأخ حسين الأنصاري مدير المكتبة الوطنية ان يهتم بهذه المكتبات وان يخصص لكل مكتبة ركنا ويسمى مكتبة رواد الثقافة في الكويت ويعلقون على مدخل المكتبة لوحة كبيرة ويكتبون أسماء أصحاب المكتبات حتى تعرف الأجيال القادمة من أبناء وبنات الكويت كيف أن جيل الآباء والأجداد من الأدباء كونوا واهتموا بهذه المكتبات وتصنيف الكتب بتصنيف «ريوي».
مثلا مكتبة عبدالله زكريا الأنصاري فيها كتب مثل كتاب بالفلك وآخر بالشعر والتاريخ، أضع كل كتاب في قسمه المخصص للمادة وهكذا لو نفذته المكتبة الوطنية ـ مثلا على سبيل المثال مكتبة الشاعر احمد العدواني، د.دلال الزبن مرتبينها ترتيبا ممتازا جدا.
اول شيء ان المسؤولين في المكتبة الوطنية يخصصون مكانا خاصا ويدعون الورثة للتبرع بمكتباتهم وأؤيد التبرع للمكتبة، أقول ان الكتب القديمة ثروة لا تعوض، مثلا الكتاب المطبوع عام 1920 يختلف عن الكتاب المطبوع بالخمسينيات، أو عن المطبوع حاليا في هذه السنوات، فطباعة الكتاب اختلفت بمرور الزمن.
حاليا عندي مكتبتي الخاصة وفيها مجموعة من الكتب وكذلك احتفظ بمكتبة الوالد وكان، رحمه الله، من القراء للكتب، كان يجمع ما بين غذاء البطون وغذاء العقول، وكانت بدايته يعمل بتجارة المواد الغذائية ومن الطرائف انه عندما زار مكة المكرمة ورأى الأغنام تأكل الورق قال: «لو ان هذه الأغنام تفقه ما أكلت لصارت أفقه الناس».
الجيل الحالي جيل رائع ومتفتح وعنده فرص كبيرة وكثيرة لم نحصل عليها.. هذا جيل الفضاء ولكن بحاجة لاحتضان، وعندهم طاقة بشرية بحاجة الى رعاية واهتمام وتشجيع وتوظيف هواياتهم، السابقون من الأدباء والشعراء كانوا يعيشون تحت ظروف وعادات وتقاليد فكان بعضهم يتعرض من أهله لظلم بأن تحرق أشعاره أو مؤلفاته وهذا عدم ثقافة من الأهل، مثلا في الثقافة الأوروبية أعدموا من قال بكروية الأرض وأنها تدور وعندهم قصص أُحرقت.
عندنا في العالم العربي كان من يكتب الشعر يطلقون عليه انه مجنون مثل مجنون ليلى، لكيلا يؤاخذ بما يقول او ان تحرق أشعاره.
وفي العصر الحديث نجد الشاعر فهد العسكر، فحسبما ذكر في المؤلفات عن حياته وغيره من الأدباء والشعراء.
البعض يوصي أولاده بأن هذه القصائد أو القصة لا تنشر إلا بعد الوفاة والبعض يحرقها قبل وفاته لكيلا تنشر حتى لا يحمل أولاده التبعية والله يقول (ولا تزر وازرة وزر أخرى).
إلى متى بعض الشعراء والادباء يوصون بعدم النشر لكن هؤلاء ربما يخرج لهم حفيد ويطبع ما أوصى به جده بعدم النشر، بالعالم كله تجد نفس العادات والتقاليد.
المكتبات النسائية
تتحدث البسام عن المكتبات النسائية قائلة: من المكتبات أذكر مكتبة الدسمة النسائية وبعد سنوات اسست مكتبة الرميثية النسائية ومن ثم نقلت الى مكتبة الشامية وكانت مكتبة عامة للنساء والرجال ويعمل معي بعض الشباب واستمررت بالعمل حتى عام 2006 ثم تركت عملي للتقاعد. زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكل غيرنا، وحاليا موجود قسم لدراسة المكتبات لمدة أربع سنوات للحصول على بكالوريوس مكتبات.
اتمنى وأملك أماني لوطني ان يكون هناك اصلاح كامل واستثمار الشباب لمواردهم، والاهتمام بالتعليم.
نعيش في مثلث أضلاعه البيت والمدرسة والمجتمع من الممكن تحويله إلى مربع ونزيد فيصير الاعلام هو الضلع الرابع، نحن بالبيه مهمتنا عظيمة فالشاعر يقول:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق
نابليون قال ان الأم التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بشمالها. الأمهات القديمات كن اميات ولكن انجبن رجالا بنوا الكويت، ولم يأخذ واحد أي شيء، فكان الواحد منهم يعين عضوا في اللجان دون مقابل ما يطلب أي مبلغ ولكن وجاهة.
كنت في مجموعة لجان قبل الاحتلال الصدامي ولم اتقاض أي مبلغ ولكن بعد تحرير دولة الكويت من براثن الاحتلال الصدامي كنت في إحدى اللجان وكان أحدهم يسأل من يرأس اللجنة؟ فقالوا له الوكيل الفلاني فاتضح ان الوكيل له مكافأة وللأعضاء مكافأة، نحن عشنا خذ والحالي هات، لا نريد ان ننهب بلدنا.
مواطن قبل الاحتلال نال شيكا به مبلغ اعاده الى الجهة الحكومية وكتب خلفه أنا موظف أتقاضى راتبا ولا استحق أن آخذ مكافأة. هذا الجيل انتهى.
في فمي ماء ... وهل ينطق من في فيه ماء؟!
حاليا من ابناء الأسرة عندنا مجموعة كبيرة من القراء والكتاب والادباء طبقة مثقفة والحمد لله.
حاليا المكتبات العامة خالية من روادها اقول ان المكتبات العامة والجمعيات الخيرية لا داعي أن تكون جزءا من دوام الدولة.
النوادي الرياضية مفتوحة طوال النهار لأن فيها مكاسب، والمكتبات تفتح مع بداية دوام الوزارات وتقفل معها.
الهدف من المكتبات ان أكيف نفسي متى اذهب لها وليس المسؤول يكيف متى أذهب الى المكتبة للقراءة والاطلاع.
الذين يحضرون إلى المطاعم أكثر من الذين يحضرون إلى المكتبات مع الأسف، يجب إعادة النظر في دوام المكتبات، عندي أرشيف كبير عن المكتبات وإن شاء الله سيأتي اليوم الذي يخرج للوجود، من الدكان الصغير الذي تبرعت به السيدة بنت الصقر مع الجمعية الخيرية.
وزير الإعلام.. شكراً
المحرر
إلى وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود: شكرا لك من القلب على الجهود التي تبذلها من أجل الوطن، من أجل الكويت وشعب الكويت، إن شاء الله في ميزان حسناتك، كل ما تبذله من جهد وإخلاصك في العمل يسجله لك التاريخ للأجيال القادمة.
دورات تدريبية
تتكلم البسام علن الدورات التدريبية التي عقدتها في مكتبتها النسائية في الدسمة قائلة: كثير من الدورات التدريبية أقمناها في المكتبة النسائية في الدسمة وأقل دورة لا تقل عن خمس وثلاثين متدربة، وكانت الموظفات اللاتي يتوظفن غير متخصصات مكتبات، فمثلا المعينات في مكتبات المدارس غير متخصصات مكتبات فنعمل لهن دورات.
حاليا المكتبات المدرسية يعزف الطالب عن دخولها وهذا يتطلب من المدرس ان يحث الطلبة وان توضع في الجدول المدرسي حصة تخصص للمكتبة بحيث يكون لكل صف حصة واحدة في الاسبوع ولا مانع ان يكون فصلان في وقت واحد للتخفيف من الازدحام في الجدول المدرسي فنشجع الطالب على الرغبة في الدخول للمكتبة، للأسف حاليا الطالب يحصل على البحث جاهزا من بعض الجهات التي تجهز البحث، نشاهد لوحات الاعلانات على الأعمدة الكهربائية وفي الصحف لدينا بحوث عن المادة الفلانية والفلانية، فالطالب يجد كل شيء، ولم يمنع هذا او يتصدى له أي مسؤول وهذا تدمير للعقول، يجب ان يبحث الطالب ويعمل ويدخل للمكتبة حتى طالب الجامعة يجد كل شيء جاهزا.
رابطة الاجتماعيين
تحدثت ضيفتنا عن تاريخ رابطة الاجتماعيين ونشاطها، حيث تقول: تأسست منذ اكثر من 40 سنة وكان رئيس المجلس المرحوم عبدالعزيز الصرعاوي ومنذ ذلك الوقت تقيم الجمعية الندوات والمحاضرات فأنا عضو في الجمعية، فلما عرفت عن الكتب أخذت منها المجموعة وأرسلتها الى اليمن لكي يستفيدوا منها، كانت المواسم الثقافية في الجمعية يحاضر فيها المرحوم أحمد زكي رئيس تحرير مجلة العربي، المهم ان تلك الدفعة كانت مريحة لنفسي وأحلى هدية تعطيني إياها هدية الكتاب.
الله سبحانه وتعالى ساعدنا وأعطانا الكثير من الثقافة والعلم وعندنا المكتبات وكتبها وأجهزة إلكترونية، في أفريقيا إلى الآن يكتبون ويقرأون على ألواح الخشب، وخير مثل على العطاء وتقديم المساعدات المرحوم د.عبدالرحمن السميط لماذا لا نكمل رسالته ونمد المحتاجين بما نستطيع وما يحتاجون له من أدوات وكتب ومصاحف؟
أقول في نهاية: كل عام دراسي تتكون لجان تجمع الكتب المدرسية من الطلبة وترسلها إلى الفقراء والمحتاجين في الدول الفقيرة لكي يستفيد منها الطالب والمتعلم هناك. وذلك بدلا من رميها في الحاويات أو تحويلها وإعادتها إلى ورق، الوزارة أو إدارة المدرسة تخصص مدرسا أو مدرسة للإشراف على جمع هذه الكتب وجمعيات النفع العام تجمعها وترسلها الى الدول المحتاجة.
هناك طلاب ومجاميع محتاجون لهذه الكتب، عندي صديقة مهاجرة الى كندا أخذت معها كتب مناهج الإسلامية واللغة العربية لتعليم أحفادها في كندا، هذه خطوة جيدة لماذا نرمي الكتب؟ لنعمل «حملة أصدقاء الكتاب» لجمع الكتب المدرسية.