- تراب الكويت يحتضن المرحومين والدي ووالدتي وعمي وجدي
- التقيت بعمالقة الأدب والسياسة والدين ومنهم الشيخ عبدالله الجابر ونجيب محفوظ ومصطفى أمين وفكري أباظة وسيد سابق والشعراوي
- حضرت الكويت عام 1960 ووالدي سبقنا بسنتين
- شهد الجميع لدور المرحوم والدي في التربية والتعليم والتوجيه الفني للتربية الإسلامية
- صدر لي أكثر من 15 مؤلفاً في مختلف الموضوعات الإعلامية والدينية والوطنية والاجتماعية
- لي مواقف لا تنسى شهد لها الجميع خلال الغزو وفي البصرة بعد التحرير خلال مرافقتي للمعونات الطبية الكويتية لمستشفى البصرة
- الشيخ عبدالله الجابر ترك بصماته التاريخية في تأسيس التعليم العصري و كان لي شرف تغطية رحالة بوم الغزير للمرحوم عبدالحسن معرفي
- عملت متطوعاً مع الشيخ وليد العنجري وعلي الهندي رئيس مجلس جمعية اليرموك خلال الاحتلال الصدامي الغاشم
أجرى الحوار: منصور الهاجري - كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
ضيفنا اليوم شخصية إعلامية مميزة، استطاع خلال أكثر من أربعين عاما أن يحقق أمنيته وينمي هوايته الصحافية، د.أحمد أبوسيدو مارس هوايته الصحافية وهو في المرحلة الثانوية وقابل العديد من الشخصيات المحلية. وبعد انتقاله إلى الجامعة في جمهورية مصر العربية، كان مراسلا لإحدى الصحف المحلية وقابل العديد من الشخصيات الأدبية والاقتصادية والسياسية والفنية، وكان يرسلها إلى الصحيفة عبر الفاكس من مكتبها بالقاهرة، وبعد عودته من الجامعة عمل محررا فيها بقسم المحليات، وبدأ بأنشطته ولقاءاته المختلفة وانفرد بالكثير من اللقاءات والموضوعات، وتميز بالسبق الصحافي في موضوعات عديدة.
وكان محبوبا لدى جميع المحررين في مختلف الصحف، وأطلق العديد عليه لقب شيخ الصحافيين. كما شهد له الجميع من مسؤولين ومواطنين بمواقفه الوطنية المختلفة للكويت وأهلها خلال الاحتلال العراقي الغاشم، وتعرض للعديد من المواقف والمطاردة ولكن رعاية الله سبحانه أنقذته، وحصل على العديد من شهادات التقدير، كما تم تكريمه في منطقة اليرموك في حفل خاص بعد التحرير.
نتعرف على لمحات من حياته خلال السطور التالية:
في بداية اللقاء يتحدث عن قدوم أسرته إلى الكويت في بداية الستينيات من القرن الماضي حيث يقول: انتقلت إلى الكويت مع باقي أفراد أسرتي من قطاع غزة بفلسطين عام 1960 حيث كان الوالد قد سبقنا بسنتين للعمل مدرسا في مدارسها بعد أن قام المرحوم عبدالعزيز حسين بإجراء مقابلات لعدد من المدرسين في قطاع غزة ومن ثم تم التعاقد معه للعمل في وزاره التربية والتعليم. وتلقيت دراستي المتوسطة في مدرستي الفروانية المتوسطة والثانوية ثانوية كيفان.
هوايتي الصحافية
ويضيف أبو سيدو كان لوالدي - رحمه الله - دور مهم في عدم منعي من مزاولة هوايتي الصحافية التي عشقتها وأحببتها حيث كان مدرسا للتربية الإسلامية واللغة العربية قبل أن ينتقل إلى توجيه التربية الإسلامية حيث قام المرحوم الأستاذ محمد الشيخ كأول موجه عام للتربية الإسلامية بإعداد مشروع فصل اللغة العربية عن التربية الإسلامية، وكان ينتدب للعمل بالأندية الصيفية خلال فترة عمله بالتدريس، وكنت اصطحبه وأنا في المرحلتين المتوسطة والثانوية في كل عام حيث عمل مشرفا في أندية مدارس الفحيحيل أو الفيحاء والروضة والرميثية والفروانية.
وكنت أتفرغ أنا لمزاولة النشاط الصحافي سواء في المدرسة أو في الأندية الصيفية، وكانت البداية مع صحافة الحائط على ورق البريستول، ثم صحافة ورق الاستانسل على قطع a4.
ولقد قمت بلقاءات صحافية في النشرات المدرسية وفي مجلة صوت الشباب مع شخصيات متعددة منها الوزير الأسبق المرحوم صالح عبدالملك الصالح ووكيل الوزارة د.يعقوب الغنيم قبل أن يصبح وزيرا للتربية وعبدالوهاب الزواوي وخالد الحربان والتاجر المرحوم علي عبدالوهاب صاحب عدة شركات والمرحوم عبدالعزيز المساعيد مؤسس دار الرأي العام والنهضة وسعد والديلي نيوز.
الانطلاق الحقيقي
التقيت بالمرحوم عبدالعزيز المساعيد في مطلع السبعينيات لتقديم الشكر له لنشر موضوع لي في صحيفة الرأي العام حول الأندية الصيفية بعد أن أنهيت دراستي الثانوية، ولم أنم طوال تلك الليلة وخرجت في الصباح الباكر للبقالة المجاورة لبيتنا عدة مرات لمطالعة وشراء جريدة الرأي العام، وما أن رأيت صورتي والموضوع صرخت في وجه صاحب البقالة، وقلت له اعطني جميع نسخ الصحيفة لديك وكان عددها 20 نسخة ودفعت له الدينار، حيث كان ثمن العدد 50 فلسا.
وقبل أن أسافر للدراسة طلب مني الوالد أن اذهب للصحيفة وأقابل ذلك العملاق المرحوم عبدالعزيز المساعيد الذي أصدر أول صحيفة كويتية يومية لأشكره على نشر الموضوع، قلت له: لم أنم طوال ليلة أمس بانتظار العدد.
وأنا جئت اليوم لأشكرك على تشجيعك لي فقال: لا..لا.. أنت من اليوم ستعمل محررا في «الرأي العام».
شكرته مرة أخرى وقلت له: إنني مغادر بعد غد إلى القاهرة للالتحاق بالجامعة والدراسة فقال بشكل سريع: لا بأس.. عليك بالذهاب إلى مدير مكتبنا في القاهرة وستعمل معه ضمن توجيهاته وما يطلب منك، حينها شعرت بشيء من الدوار وكادت الفرحة أن تلقيني أرضا لولا تماسكي وإمساكي بالكرسي المجاور لمكتبه.
وهكذا بدأت حياتي مراسلا صحافيا لـ«الرأي العام» قبل أن أكون محررا فيها لفترة متواصلة بلغت 27 سنة كتبت في جميع مطبوعاتها: الرأي العام والنهضة ومجلة سعد والديلي نيوز الإنجليزية.
لقاء مصطفى أمين
واتسعت دائرة العمل مع عمالقة الأدب من كبار الأدباء والكتاب وأجريت لقاءات مع عملاق الصحافة المصرية مصطفى أمين، وهنا اذكر أول لقاء لي معه، حيث دخلت سكرتيرته لإبلاغه بوصول صحافي من الكويت، وما ان دخلت عليه حتى شعرت بأنه أصيب بدهشة لصغر سني وبعد أن سلمت عليه جلس واضعا يده على خده وينظر لي، فبدأت حديثي معه قائلا: إنني احمد الله سبحانه وتعالى أن حقق لي هذه الأمنية لألتقى بك، فقد قرأت الكثير من كتبك حول مختلف القضايا وخاصة مجمع التبرعات من أجل المحتاجين في جمهورية مصر العربية وكتاب سنة أولى سجن وأنت في السجن وخلافاتك مع الأستاذ محمد حسين هيكل والاتهامات التي صدرت بحقك من شأن المخابرات الأميركية وقصص صداقتك مع أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وكيفية إصدار الصحيفة مع المرحوم شقيقك التوأم علي أمين، وغير ذلك من الموضوعات، فما كان منه إلا أن رفع يده عن خده وابتسم وقام بالسلام علي مرة أخرى، ثم قام فدخل غرفة صغيرة مجاورة وأحضر مجموعة من مؤلفاته وكتب بيده إهداءه لي وتوقيعه عليها، وما زلت احتفظ بهذه الكتب حتى الآن، ورفع سماعة الهاتف لسكرتيرته وأبلغها بعدم إدخال أحد حتى انتهاء المقابلة.
واستمتعت بهذا اللقاء الذي حقق هدفي ومساري الإعلامي وأعطاني قوة ودعما لا مثيل لهما، ثم توالت زياراتي له بعد أن نشرت المقابلة في «الرأي العام».
مع فكري أباظة
كما التقيت بالأديب المبدع المرحوم فكري أباظة وأجريت معه مقابلة أعتز بها كثيرا، وتناولت العديد من الموضوعات الأدبية والثقافية وخلال اللقاء أشار المصور الذي أحضرته خصيصا لتصوير اللقاء إلى انه سيغادر ولكنني قلت له أن يضع فيلما آخر ويقوم بالتصوير مرة أخرى، وهنا رأيت في عينه الدهشة وعدم الرضا وبعد خروجي من اللقاء سألني المصور: ألم تثق بي يا أستاذ؟ فقلت له: إنني أثق بك ولكن لا أثق بالكاميرا، (وهي تختلف عن الكاميرات الديجيتال هذه الأيام) وقلت له: أعتقد أن هذا آخر لقاء للأديب فكري أباظة.
وبالفعل بعد عدة أيام قليلة من مغادرتي القاهرة عائدا إلى الكويت نشرت الصحف المصرية خبر وفاة الأديب فكري أباظة، فكان للرأي العام سبق النشر كآخر حديث له.
لقاء نجيب محفوظ
كما التقيت الأديب نجيب محفوظ ودار الحديث معه حول مختلف قضايا الأدب ورواياته وقصصه التي أثارت المجتمع المصري بكل طوائفه وأسباب خلافه مع الإسلاميين، وكان علي أن أقوم برفع صوتي حتى يسمع سؤالي له وكان لي عدة لقاءات معه.
مواقف مع عمالقة رجال الدين
واتسعت دائرة العمل الصحافي لتشمل العديد من رجال الدين من الكويت ومصر ولبنان وسورية وروسيا وغيرهم.
التقيت عدة مرات بالمرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ المرحوم عبدالباسط عبدالصمد وصاحب كتاب فقه السنة المرحوم الشيخ سيد سابق والشيخ يوسف القرضاوي والمرحوم أحمد ديدات والشيخ المرحوم عبدالله النوري والشيخ علي الجسار ود.خالد المذكور والمرحوم صلاح ابو اسماعيل وغيرهم.
وقد وفقني الله سبحانه بأن أكون أول من يعد صفحة إسلامية أسبوعية في الصحف الكويتية وكانت في جريدة الرأي العام حيث كانت أسبوعية ويومية في شهر رمضان ثم صفحتين يوميا طوال شهر رمضان المبارك.
الشيخ الشعراوي
عن لقائه بفضيلة المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي يقول أبوسيدو: قد جذبني المرحوم الشيخ الشعراوي لعبقريته الفذّة في تفسير القرآن الكريم ما دفعني لإجراء عدة لقاءات معه نشرت في الرأي العام في أوقات ومناسبات مختلفة.
وذات يوم دار حوار بيني وبينه حول موضوع التبرع بالأعضاء وأمام مجموعة من الضيوف، فما كان منه إلا أن رفض رفضا قاطعا فكرة التبرع بالأعضاء وحاولت النقاش معه أمام الجميع، ولكنه كان يرفض قائلا: إن هذه الأعضاء ليست ملكك، فقلت له يا سيدي إن الإنسان الذي لا يرجى شفاؤه يتبرع بها بعد وفاته قد تكون سببا لشفاء عالم ديني أو أستاذ جامعي أو عالم علمي أو معيل أسرة أو غير ذلك، فقال رحمه الله بشدة: اخلق أنت أعضاء وتبرع بها، فقلت لا يخلق إلا الله سبحانه وتعالى وهنا أشار لي بعض الحضور بوقف الحوار بعد كلمته تلك (والله على ما أقول شهيد وهذا للحق والتاريخ).
وقد نشرت ذلك اللقاء في الرأي العام وبعد سنة تقريبا نشرت إحدى الصحف المصرية فتوى من الشيخ الشعراوي بتحليل التبرع بالأعضاء.
ولدى زيارته للكويت بعد تلك الفتوى وكالعادة كنت أقوم بزيارته في كل زيارة وأحضرت معي اللقاء وفتوى الصحيفة المصرية ووضعتها أمامه.. فقال رحمه الله وبعدين معاك يا عم أحمد مهددا بعصاته وضحكنا معا.
الشيخ سيد سابق
ومن أطرف المواقف مع المرحوم الشيخ سيد سابق وخلال إجابته عن سؤال لي حول حرمة التماثيل لشخصيات أو طيور أو حيوانات والتي توضع في بعض البيوت وكان مصور الصحيفة يهم بالتقاط صورة للشيخ سابق معي وتزامن ذلك مع إجابته قائلا: لعن الله المصورين. وهنا توقف صديقي المصور عن التقاط الصورة وانزل كاميرته، وساد الصمت وضحكت وضحك الشيخ... فقال له: يا ابني أقصد بالمصورين النحاتين والذين يجمعون التماثيل، مشيرا إلى أن المجسمات المفرغة منها لا تحريم لها.
الشيخ أحمد كفتارو
واذكر أن لقائي مع مفتي سورية الأسبق المرحوم أحمد كفتارو ترك أثرا كبيرا في حياتي من خلال إحدى الفتاوى التي قالها لي عن الزكاة ولم يتطرق لها أي رجل دين من قبل. والتي يقول رجال الدين فيها عادة: إن من ليس لديه المال فلا زكاة عليه، ولكن الشيخ كفتارو - رحمه الله - أصر على أن الإنسان المسلم يجب عليه أن يعمل ويعمل ويجتهد للحصول على المال حتى يقوم بأداء هذا الركن الإسلامي من الأركان الخمسة في حين أن الحج قيل عنه: (لمن استطاع إليه سبيلا) من المال والصحة وغير ذلك، ولكن الزكاة لم تتبع بكلمة من استطاع إليه سبيلا كالحج.
الداعية أحمد ديدات
كنت أرافق د.عادل الفلاح في استقبال العملاق المرحوم أحمد ديدات في مطار الكويت، وبعد مراسيم الاستقبال جلس الشيخ ديدات في سيارة الضيافة وصعدت معه الى نفس السيارة إلى مقر إقامته في شيراتون الكويت.
واستطعت أن أجري معه أجمل لقاء نشر على الصفحة الأولى في «الرأي العام» ما أثار دهشة جميع مديري الصحف الأربع الأخرى.
الشيخ عبدالله الجابر
ولن أنسى مقابلاتي مع المرحوم الشيخ عبدالله الجابر الصباح - رحمه الله - في قصره بمنطقة بنيد القار.
واذكر أنه في أول لقاء لي معه، قال: من أي منطقه بفلسطين أنت؟ قلت من غزه، قال: هل زرت مناطق ومدنا فلسطينية؟ قلت له «لا والله لأنني حضرت إلى الكويت صغيرا، ولكني اعرف جميع مناطق الكويت، فابتسم وقام بسرد عشرات المدن الفلسطينية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وقال: لقد زرت جميع هذه المدن والقرى. وتحدث بإسهاب عن أولى بعثات التعليم في الكويت من فلسطين عام 1936 حيث طلب من المرحوم أمين الحسيني عددا من المدرسين فأرسل له برقية: المدرسون في الطريق إليكم.
المرحوم محمد العجيري
كما كان لي شرف مقابلة المرحوم محمد العجيري، والد الفلكي العالمي د.صالح العجيري الذي تربطه بوالدي رحمه الله صداقة على مدى أكثر من نصف قرن، ونشرت اللقاء في الرأي العام وكان هذا هو اللقاء الوحيد للحاج محمد العجيري في الصحف الكويتية، وجميع أبنائه وأحفاده اعتزوا بهذا اللقاء الذي سرد قصة حياته وكفاحه وانتقاله من عامل بالمدرسة المباركية إلى مدرس فيها.
المرحوم صالح شهاب
كما يتحدث ضيفنا عن علاقة جمعته بالمرحوم صالح شهاب، الوكيل المساعد بوزارة الإرشاد والأنباء التي تسمى وزارة الإعلام حاليا وكان بحق ملك السياحة في الكويت والترويج السياحي وذلك بالتعاون مع الأستاذ عبدالرحمن المزروعي وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الأسبق والأستاذ إبراهيم البغلي مدير إدارة الآثار والمتاحف، وكان يجمع الآلاف من المواطنين والمقيمين في حفلات ورحلات بحرية إلى جزيرة فيلكا شبه يومية طوال موسم الصيف.كما كان يزور الكويت الآلاف من مواطني دول مجلس التعاون للمشاركة في برامج الترويح السياحي الفنية والثقافية والأدبية، وكنت أقوم بإعداد مجلة السياحة الأسبوعية التي كانت تصدر عن وزارة الإعلام.
وكان لي أيضا شرف تغطية رحلة بوم الغزير التي قام بها المرحوم عبدالحسين محمد رفيع معرفي، حيث طلبني الأستاذ رضا الفيلي حين كان وكيلا لوزارة الإعلام، وقال لي: أخ احمد طلبتك، قلت على الفور: صار، قال: أريد أن ترافق الأخ عبدالحسين معرفي في رحلة بحرية من كلكتا بالهند إلى الكويت تخليدا لذكرى مسار السفن البحرية الكويتية التي كانت تسير من تلك المنطقة في الهند إلى الكويت. ضحكت وقلت له: إني أشعر بالدوار أحيانا خلال زيارتي لجزيرة فيلكا، فما بالك بالمحيطات والبحار التي سيقطعها الغزير.
وقد تم الاتفاق على تغطية الرحلة بواسطة جهاز لاسلكي على أن أقوم بالوصول جوا إلى الدول التي يصل فيها الغزير إلى موانئ تلك الدول.
مذكرات نساي
ويضيف أبوسيدو: كما كنت اكتب زاوية مذكرات نساي لعدة سنوات في الصفحة الأخيرة من الرأي العام وهو أسلوب ساخر وطريف من النسيان وهمومه ومشاكله وقد حضر إلى مكتبي في الرأي العام رئيس التحرير المرحوم يوسف المساعيد ذات يوم وكان في مكتبي عدد من الزوار. وكان قد نشرت أول مقالات المذكرات، وسألني من يكتب مذكرات نساي؟ قلت: لا أدري، فرسمت على وجهه علامات الغضب، وقال متسائلا: كيف لا تعرف؟ قلت له: لقد نسيت، فضحك وغادر المكتب.
الخاطبة أم عادل
• كما كان لي السبق الإعلامي في أن أكون أول خاطبة في الصحافة الكويتية، حيث كنت مديرا لتحرير مجلة النهضة وكانت الخاطبة تحت اسم وهمي (أم عادل) وكنا يوميا نتلقى عشرات الرسائل والمكالمات من داخل الكويت وخارجها، حيث كانت الخاطبة أم عادل أول من تقوم بهذه المهمة في الصحف والمجلات الكويتية وانتشرت بعد ذلك الفكرة.
لقاء في موسكو
وفي موسكو كنت أرافق الدكتور عادل الفلاح وكيل وزارة الأوقاف وهو يعد احد الرموز العالمية في الوسطية والتماشي بين الشعوب وأصحاب الأديان وكانت تلك الزيارة بعد التحرير تحت شعار أيام كويتية في موسكو وقد أجرى مذيع راديو موسكو لقاء في الإذاعة الروسية الناطقة بالعربية معي لمده نصف ساعة تحدثت فيه عن الجرائم والدمار والسرقة والنهب الذي تعرض لها أهل الكويت من الغزو الغاشم وقد أشاد السفير القناعي في موسكو باللقاء كما أشاد بذلك مدير مكتب وزير الخارجية المرحوم محمد المهنا آنذاك.
الصحافة مهنة أم هواية؟
عن علاقته بالصحافة وهل هي مهنة أم هواية، يقول ابوسيدو إنها علاقة أبدية كالروح في الجسد ودون مبالغة إذا قلت هل يمكن أن يعيش الجسد دون روح. وهذا يعود لمدى تعلق الصحافي بالصحافة، وقد يكون سبب ذلك أنني تعلقت بها منذ الصغر عشقتها... أحببتها، كأغلى وأجمل حبيبة إلى قلبي وروحي وعقلي.
دور الصحافة في الإبداع
ويضيف: هذه المهنة الوحيدة التي ترفع الإنسان بالكثير من الأنشطة والإبداعات التي تتوافق والمهنة.
ومن هذه الفعاليات والأنشطة: المطالعة والقراءة لكل ما هو جديد من إصدارات ومؤلفات. فالقراءة والاطلاع كان لها ردود فعل في أسلوب آخر وهو التأليف والبحث والتعليق وطرح الدروس والعبر من خلال اللقاءات التي يتم نشرها وكتابتها وإعادة صياغتها بأسلوب أو بآخر لنشرها للقراء.
مواقف في الاحتلال
يتحدث أبو سيدو عن فترة الاحتلال الصدامي للكويت قائلا عن المواقف التي حدثت له حينها: حدث أن والدي - رحمه الله - في الأيام الأولى للغزو اجتمع بي وبإخواني وقال: لأول مرة أحدثكم عن الجهاد ضد المحتل، الكويت هذه الأرض الطيبة بقيادتها وشعبها الطيب احتضنتنا ووفرت لنا حياة كريمة وهنا يجب أن نرد الجميل لهذا الوطن وشعبه وترابه وعليكم أن تقوموا بما تستطيعون لخدمه الكويت وأهلها، وبالفعل فقد انضممت أنا وإخواني إلى لجان التكافل في منطقه اليرموك، وبدأنا العمل التطوعي في الجمعية التعاونية وفي المخبز وفي تلبية طلبات المواطنين، حيث اشتد الحصار عليهم وكنا نعمل ليلا ونهارا مع إخواننا وقدمنا هويات لهم ليتمكنوا بالتنقل بأسمائنا.
وقد ساهمنا بتخزين المواد الغذائية للجمعيات وفروعها إلى مخازن سرية حتى لا يعلم المحتل مكانها لنهبها وسرقتها، ولقد تلقيت دروعا وشهادات تقدير من لجان التكافل بعد التحرير لمواقفنا الواجبة علينا تجاه الكويت.
من مؤلفات أبوسيدو
٭ بصمة حب وولاء للكويت.
٭ العمل المهني دافع شرعي وواجب وطني.
٭ الحرفي الماهر مبعد الحضارات الإنسانية.
٭ لماذا وكيف نحب رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
٭ صلالة فردوس الخليج.
٭ عبدالله الشيتي على كرسي الاعتراف.
٭ نصر الدين طاهر تحديات وانتصارات.
٭ موسوعة العمل الصحافي وأخلاقيات المهن الإعلامية ويتكون من ستة أجزاء.
٭ من فضائل ومعجزات سور وآيات القران الكريم أهديته إلى روح والدي ووالدتي - رحمهما الله.
٭ موسوعة العمل الصحافي وأخلاقيات المهن الإعلامية ومكون من 6 أجزاء.
التطوع خلال الغزو
عن أعماله التطوعية خلال الغزو يقول أبوسيدو: منذ اليوم الأول للغزو العراقي الغاشم عملت متطوعا مع لجنة تكافل جمعية اليرموك التعاونية وقد جاء إلى مقر الجمعية في الأيام الأولى أحد ضباط الجيش العراقي وكنت جالسا بجانب رئيس مجلس إدارة الجمعية آنذاك الأخ علي الهندي وقال الضابط للأخ علي: أرجو أن ترفع صورة... (الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح - رحمه الله) حتى لا تتعرضوا للأذى من ضابط غيري فنظر لي الأخ علي وقال: أخ أحمد أرجو رفع صورة الأمير فقلت له: لا والله لن أرفع صورة صاحب السمو الأمير فنظر لي مندهشا وقام برفع الصورة من غرفة إدارة السوق. وبعد أن ذهب الضابط قلت له: اسمح لي ويجب أن تقدر موقفي فقال: لا عليك يا أخ أحمد وأنت على حق.
وخلال الأيام الأولى للغزو أيضا كان قرار البيع والشراء في الجمعيات التعاونية بالدينار الكويتي وجاء أحد العسكريين يريد أن يدفع بالدينار العراقي ولكن الكاشير استدعاني قائلا: يريد أن يدفع بالدينار العراقي، فقلت له إن قرار البيع والشراء بالدينار الكويتي فما كان منه إلا أن أخرج دنانير كويتية من جيبه ودفعها للكاشير وهمس قائلا لي محنة وتزول إن شاء الله. وهذا يعني أن الكثير من العراقيين كانوا غير مقتنعين بالغزو الغاشم.
أذكر أن مجموعة من الجنود حضروا ليدخلوا إلى السوق المركزي لشراء بعض احتياجاتهم وسمعت صراخ بعض النسوة والأطفال فخرجت لأتعرف على السبب فوجدت الجنود يريدون الدخول بأسلحتهم فهدأت من روع المواطنات وطلبت من الجنود التمهل وعدم الدخول بالأسلحة وليدخل البعض إلى الجمعية دون أسلحة ويقف البعض الآخر خارج السوق يحملون الأسلحة ثم يتبادلون الدخول بعد ذلك من دون أسلحة وكان أن هداهم الله سبحانه وتعالى ودخلوا السوق من دون أسلحتهم وتبادلوا بعد ذلك مع زملائهم وأصبح هذا عرفا لدخول الجنود وبعد يومين أو ثلاثة جاء أحد الضباط ليسأل رئيس مجلس الإدارة الأخ علي قائلا: كان يوجد شخص هنا اسمه بسيسو، أين هو؟ وكنت أنا جالسا بجانبه فقال له إنه سافر منذ عدة أيام، وأذكر أن الأخ الصديق الإعلامي العزيز أنور الياسين وهو من الصامدين الذين أدوا أداء مميزا خلال فترة الغزو قد استدعي أيضا من قبل أحد المسؤولين العراقيين، وقد نصحني - بارك الله فيه - بعدم التواجد في المنطقة وبالفعل فقد غبت عن بيتي في اليرموك بأكثر من 3 أسابيع.
٭ كان يشرف على عملية نقل مخازن الجمعية إلى سراديب أهالي المنطقة رئيس لجنة التكافل الشيخ وليد العنجري وكان العمل ليلا بعيدا عن أعين الغزاة حيث تعرضت العديد من مخازن الجمعيات التعاونية الأخرى إلى السرقة والنهب من قبل الغزاة وقد اقترحت على الشيخ وليد فكرة أن تكون عملية التوزيع في البيوت غير معروفة للجميع بحيث يكون كل واحد مسؤولا عن نقل البضائع إلى سرداب واحد فقط حتى لا يعرف الجميع الأماكن إذا ما تعرض أحدنا للضغط أو الضرب فأعجب بالفكرة وتم تنفيذها.
٭ بعد أن منّ الله علينا جميعا بالتحرير والنصر وطرد الغزاة أقامت جمعية اليرموك التعاونية احتفالا كبيرا تحت رعاية وزير العدل الأسبق محمد السمار وبحضور عدد من رجال الأمن وحشد من أهالي المنطقة لتكريم من وقف وتطوع لأجل الكويت وكنت ولله الحمد أحد المكرمين وحصلت على درع تذكارية بهذه المناسبة وشهادة تقدير من رئيس لجنة التكافل ومدير عام الجمعية التعاونية.