- أحرص على المشاركة في الأعمال الإنمائية وأجريت سلسلة من العمليات الجراحية في اليمن والصومال
- شاركت في إعادة تأهيل مستشفى ابن سينا بعد الاحتلال وأعتز بمساهمتي في تأسيس وحدة الشبكية
- لا تخلو أي رحلة دراسية من المعوقات والصعوبات وعلى الطالب أن يواجهها بالتوكل على الله والتحلي بالصبر والإصرار
يعد د.مبارك العجمي أول طبيب كويتي يتخصص في أمراض الشبكية فبعد أن درس الطب في الإسكندرية عاد إلى الكويت ليبدأ رحلته مع الطب حائرا بين الجراحة والباطنية ليستقر في العيون وتنقل بين الأقسام الطبية يتابع المستجدات ويشخص الأمراض ويقابل المرضى ويسعى جاهدا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى أصبح العمل جزءا من شخصيته في كل الأوقات والظروف.
من مستشفى العدان إلى مستشفى ابن سينا وهناك قرر أن يتخصص في أمراض العيون ليصبح العمى عدوه الأول في هذه الحياة، ومنذ اللحظة الأولى أخذ بالعمل على تطوير قدراته وتنمية مهاراته دون توقف ليشارك في المؤتمرات العالمية والمحاضرات والندوات، وبهذا أصبح واحدا من أشهر أطباء العيون في الكويت.
درس د.العجمي في كندا لمدة عام كان حافلا بالكثير من الاستفادات من خلال تفرغه لدراسة أمراض الشبكية وما أن عاد إلى الكويت حتى ركب سفينة المدافعين عن الوطن المناضلين من أجل الحرية ليخوض تجربة من أقسى التجارب من خلال العمل الطبي في فترة الاحتلال الغاشم وأجرى العديد من العمليات ولعب دور المنقذ الذي يضحي بحياته من أجل الآخرين.
وبعد التحرير واصل العمل من أجل إعادة الحياة الطبية إلى مستشفيات الكويت مع نخبة من الأطباء وبكل نجاح حتى جاءت فكرة إنشاء عيادة خاصة ليخلع ثياب البيروقراطية الحكومية مما يساعده على الإنجاز والتطوير لكنه حرص دائما على أن يكون العمل الحكومي هو الأساس.
إلى جانب ذلك خاض د.مبارك العجمي بعض التجارب في العمل الاغاثي من خلال مشاركته في معالجة الكثير من المرضى خارج الكويت، فقد كانت له رحلة إلى صنعاء وأخرى إلى الصومال ولايزال يفكر في عمل المزيد فلا حد للطموحات ولا نهاية للأهداف. تلك مقتطفات من مسيرة د.مبارك العجمي طبيب العيون..
فإلى تفاصيل اللقاء:
حدثني عن نبذة من حياتك الشخصية وبماذا تأثرت؟
في عام 1965 كانت ولادتي في منطقة الفحيحيل وكانت فترة تشهد الكويت فيها نهضة وتطورا فكان والدي موظفا بشركة نفط الكويت فتعلمت منه الكثير من الدروس التي لا أنساها وبلا شك فقد كان لها عظيم الأثر في حياتي فتعلمت الكفاح والنضال والصبر على الظروف وهي دروس مهمة للوصول إلى النجاح
كيف كان مشوارك التعليمي في بدايته؟
دراستي بدأت من روضة الفتح وكنت ضمن أول دفعة في عام 1961م، وبعد الروضة انتقلت إلى مدرسة عثمان بن عفان الابتدائية فتتلمذت على يد الأستاذ محمد عبدالعزيز العتيقي وتأثرت بدروس الداعية احمد المبارك الذي كان يعطينا الدروس الدينية فغرس فينا قيما تربوية ودينية وكنت أذهب إلى المدرسة بالفترتين الصباحية والمسائية ولم يكن عندي وقت فراغ.
هل تؤيد إطالة اليوم الدراسي من خلال تجربتك؟
الحقيقة ومن خلال تجربتي الشخصية أنا أؤيد إطالة اليوم الدراسي أو أن يكون الدوام المدرسي على فترتين لأن الفراغ يقتل الأطفال والدماغ في مرحلة الطفولة يعتبر أرضا خصبة صالحة للغرس والزراعة وبالتالي لابد من الاستفادة من ذلك بما يعود بالنفع على الوطن والمجتمع.
ما أكثر المواد الدراسية التي كانت تستهويك؟
أكثر ما كان يستهويني في المواد الدراسية مادة العلوم لأنني وجدت فيها متعة كبيرة خصوصا عندما كان المدرس يشرح لنا عن الطيور والزواحف وهذا اسلوب علمي تربوي ناجح أن تجعل تشد انتباه الطالب من خلال عرض الصور والوسائل التربوية وهذا الأسلوب ينمي لدى الطالب الكثير من الأشياء.
وماذا عن استكمال المشوار التعليمي بالمرحلتين المتوسطة والثانوية وما الذي كان يميزهما؟
ما يميز دراسة المرحلة المتوسطة وجود مادة اللغة الإنجليزية والتي استهوتني هي الأخرى وبدأت اتعلمها فرأيت مرحلة المتوسطة تجمعني بطلبة أكبر مني سنا حتى أنك لا تعرف الطالب من المدرس لكنني استفدت من هذا الاحتكاك إلى أن انتقلت إلى ثانوية الفحيحيل وهي المرحلة التي تحتاج إلى جهد ومسؤولية فجربت فيها كل أنواع التحديات وبذلت قصارى جهدي لأكون متفوقا في دراستي من خلال الحرص على التحصيل العلمي ومتابعة الدروس واحترام المعلم وترتب الوقت والأوليات واعتماد هذا الأسلوب ساهم في تفوقي.
عنصر فعال
هل وجدت من الأسرة من يشجعك على استكمال دراستك؟
لا شك أن التشجيع عنصر مهم وأساسي للارتقاء والتقدم وقد وجدت هذا الشيء من خالي فهد المقبول الذي وقف معي وشجعني وكان دائما يحثني على العلم والتعلم وربما لأنه رجل متعلم ومثقف فكان يؤمن بان الفرد في المجتمع لابد أن يكون متعلما حتى يكون عنصرا فعالا في خدمة المجتمع.
ألم تجد صعوبة في التخصص بالقسم العلمي وكيف واجهت ذلك؟
اخترت الدراسة في القسم العلمي لأنها ميولي التي وجدتها في نفسي ولم أجد في المواد العلمية صعوبة لأن التحضير الجيد والتركيز المستمر يجعل ان المواد العلمية سهلة ويمكن التفوق فيها إضافة إلى أنني كنت أجد في نفسي رغبة في العلم لأنني وضعت لي هدفا وهو دخول الطب.
ميول مبكرة
كيف استطعت أن تنمي رغبتك في دخول عالم الطب؟
من الأشياء التي نمت بداخلي حب الطب متابعتي لبرنامج دكتور ولبي وهو يتكلم عن عمل الطبيب فوجدت رغبتي تزداد وأمنيتي تكبر بأن أكون طبيبا ولكنني لم أحدد التخصص إلا فيما بعد ولكن الرغبة وحدها لا تكفي فلابد من تغذية الاهتمام بالمتابعة.
بعد التخرج من الثانوية العامة الى اين اتجهت؟
بعد التخرج من الثانوية العامة لم تكن هناك كلية طب في الكويت فاخترت الدراسة في جمهورية مصر العربية وتحديدا في الإسكندرية في كلية الطب وكان معي الأخ يوسف النصف والأخ عبدالله العلي والأخ عماد العتيقي ورحلة الدراسة في الخارج تحتاج إلى صبر ومثابرة واجتهاد.
هل كانت لك أنشطة وبرامج أثناء الدراسة في الخارج؟
من الأنشطة التي كنت أهتم بها المشاركة في الملتقى الأسبوعي للاتحاد الوطني لطلبة الكويت إضافة إلى اهتمامي بالقراءة والإطلاع ومناقشة الدكاترة وحل الواجبات بشكل مستمر فكنت أحرص على ألا يكون عندي وقت للفراغ.
هل واجهت صعوبات أو معوقات وكيف تغلبت عليها؟
لا تخلو رحلة من وجود معقوات وصعوبات ومن ذلك الشعور بالغربة وصعوبة بعض المواد الدراسية والإحساس بالقلق لكن كل هذه الصعوبات يمكن مواجهتها بالتوكل على الله ثم الاستعانة بالصبر لأن الحياة تحتاج.
ظاهرة صحية
هل ترى أن الدراسة في الخارج ظاهرة صحية وماذا تحتاج؟
الدراسة في الخارج ظاهرة صحية تجدها حتى في الدول المتقدمة ولكن لابد من التخطيط وتحديد احتياجات البلد وعلى هذا الأساس يجب أن يكون الابتعاث في الخارج والاستثمار في التعليم ليس خسارة بل نهضة للوطن وارتقاء للمجتمع.
بعد الحصول على بكالوريوس في الطب كيف واصلت المشوار؟
بعد التخرج عدت إلى الكويت وعينت في وزارة الصحة وتحديدا في مستشفى العدان وكانت البداية من قسم الجراحة حيث عملت به لمدة 6 شهور استطعت أن أجري خلالها 25 عملية جراحية لأنتقل بعد ذلك إلى قسم الباطنية ثم وجدتني حائرا بين هذه التخصصات وتخصص العيون فقررت أن آخذ دورة في مستشفى ابن سينا.
وكيف وجدت العمل في مستشفى ابن سينا؟
عملت في ابن سينا وهناك عرفت نعمة البصر هذه النعمة المركبة التي تميز الألوان وعرفت أن الإنسان بلا بصر يعيش في خيال ومن هنا كانت بدايتي في تخصص العيون حيث أحببت هذا التخصص وجزء من الإبداع في الشيء محبته.
وماذا عن استكمال الدراسات العليا والحصول على الزمالة من بريطانيا؟
أكملت دراستي من خلال الحصول على الجزء الأول من الزمالة في بريطانيا ثم بعد ذلك وجدت بداخلي رغبة في استكمال الجزء الثاني وشجعني د.محمد شريف الذي كان رئيس القسم في مستشفى ابن سينا على التخصص في أمراض الشبكية لأنه لم يكن هناك أطباء متخصصون بأمراض الشبكية.
أين كانت دراستك لأمراض الشبكية وما أبرز الاستفادات؟
بعد تفكير قررت الذهاب إلى كندا لدراسة أمراض الشبكية وجراحتها وكانت مدة الدراسة عاما واحدا إلا أنني تفرغت فيه تفرغا تاما وكنت ملازما لأفضل الأطباء في الشبكية فتعلمت الكثير من الأسرار واستفدت الكثير من الأشياء التي افادتني في مشواري الطبي لأن الطب يحتاج إلى معرفة وممارسة ولا نجاح بغير ذلك.
فترة عصيبة
وما التجربة التي خضتها بعد العودة من كندا؟
بعد عودتي من كندا خضت تجربة كانت قاسية بكل ما في الكلمة من معنى إلا أنها علمتني دروسا في محبة الوطن وهي تجربة العمل خلال فترة الاحتلال الغاشم وكانت تجربة مختلفة وخلالها عملت في ابن سينا وأجريت الكثير من العمليات، هذا إلى جانب العمل في المجتمع المدني من خلال إدارة جمعية الفحيحيل وتوزيع التموين والمساعدات وكانت فترة شهدت تلاحم وترابط وتآخي الكويتيين وهي المشاعر التي يجب أن تسود في كل الأوقات والظروف.
حدثني عن جهودك في إعادة تأهيل مستشفى ابن سينا؟
بعد انتهاء فترة الاحتلال بدأنا بتجهيز مستشفى ابن سينا والذي شهد تخريبا وتدميرا فقررنا العمل من أجل إعادة تأهيله وتضافرت الجهود مع نخبة من الأطباء المخلصين أمثال د.سامي الربيعة ود.عبدالله العبدالرزاق ود.عدنان الوايل ود.عبدالله البغلي ود.منى الصالح ومن العوامل التي ساعدت على النجاح في تلك المهمة الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن.
وما أكثر الأشياء التي تعتز بها من خلال عملك في المجال الطبي؟
من الأشياء التي أعتز بعملها من خلال عملي تأسيس وحدة الشبكية ومعالجة أمراض الشبكية حتى أصبح لدينا مجموعة من الأطباء المتخصصين في أمراض الشبكية وكنت أول طبيب كويتي يتخصص في أمراض الشبكية.
وماذا عن التجارب التعليمية؟ حدثني عن بعض من تلك التجارب.
من التجارب التي خضتها في البرامج التعليمية برنامج لأطباء العيون في الكويت وكانت هناك اجتماعات اسبوعية إضافة إلى برنامج فحص أطفال الخدج في الحاضنات حيث يتعالج الطفل بالليزر في الحاضنة دون نقله وهذا البرنامج ولله الحمد لعب دورا إيجابيا في معالجة الكثير من الأطفال.
هل لك اهتمامات بمعالجة مرضى السكري لوقايتهم من الإصابة بأمراض العيون... كيف تجد هذا العمل؟
في الحقيقة أمراض الشبكية أحيانا تصيب مرضى السكري ولهذا شاركت في عمل مسح لأمراض الشبكية واعتلال السكر بالتعاون مع أطباء السكر في مستشفى الأميري لمعالجتهم مبكر لأن العمل الوقائي يعطي نتيجة ويساهم بالحفاظ على الصحة ولهذا أتمنى أن نبدأ دائما بالعمل الوقائي.
من عدوك الأول الذي تسعى جاهدا للقضاء عليه؟
كطبيب عيون، عدوي الأول هو العمى، وطموحي إنقاذ الأطفال الخدج من العمى ومعالجتهم والمحافظة على صحتهم وهذا الطموح يدفعني دائما لمواصلة العمل لأن الطب رسالة سامية يجب على الطبيب أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار.
متى جاءتك فكرة إنشاء عيادة خاصة وألا تعتقد أن ذلك يتعارض مع العمل الحكومي؟
في البداية كنت مترددا في إنشاء عيادة خاصة وذلك لاهتمامي بالعمل الحكومي لأنني أعتبره الأساس ولهذا كنت دائما اتواجد بالعمل في كل الأوقات حتى في الإجازات وأتأخر لمنتصف الليل وربما كان أطباء التخدير يتضايقون مني لذلك حتى عام 1993 افتتحت عيادتي الخاصة وواصلت العمل حتى افتتحت مركزا طبيا متكاملا مع الأخ والصديق العزيز د.مساعد العصفور وبعد سنوات تطور المركز وأصبح يضم أحدث الأجهزة المتطورة ولا أعتقد أن ذلك يتعارض مع العمل الحكومي لأنني أعتبره الأساس وأعطيه الوقت الكافي.
البيروقراطية
ما الذي يختلف بين العمل الحكومي والعمل الخاص؟
الذي يختلف في العيادة الخاصة أن تخلو من البيروقراطية الموجودة في العمل الحكومي وهذا يساعد على العمل بشكل أسرع ولكن هناك أشياء يجب مراعاتها حتى لا يصبح العمل الطبي عملا تجاريا يخلو من رسالة سامية.
حدثني عن عملك الإغاثي ورحلتك إلى صنعاء؟
تجربتي في العمل الإغاثي بدأت في عام 1999 عندما ذهبت مع فريق كندي إلى العاصمة اليمنية صنعاء وهناك أجريت سلسلة من العمليات في مستشفى الثورة النموذجي، واليمن بلد جميل لكنه يحتاج منا كاخوة عرب أن نقدم له يد العون.
كانت لك تجربة أخرى في العمل الإغاثي في الصومال حدثني عن ذلك؟
تجربة الصومال كانت مع الأخوين م.مبارك الخنين وم.عبدالرحمن من الصومال وكان لديهما ترتيب لزيارة مدينة في شمال الصومال فأجريت 25 عملية في الصومال ولفت انتباهي أن عددا كبيرا من المرضى هناك يصاب بالعمى على الرغم من سهولة علاجهم وهذا يتطلب وجود برنامج إغاثي متكامل.
كيف تستطيع أن تطور قدراتك الطبية؟
أطور قدراتي من خلال المتابعة المستمرة للمجلات الطبية إضافة إلى حضور المؤتمرات الطبية وهذا الأمر ساعدني لأكون عضوا في الجمعية الأوروبية وعضوا في الجمعية الأميركية والأكاديمية الأميركية لطب العيون وعضوا في جمعية اسبكينس والإنسان الناجح لا يشبع من العلم.
رسالة سامية
خلال حديثه عن رحلته مع عالم الطب وتناوله لاهم امراض العيون تحدث د.مبارك العجمي عن طموحه المستمر في مساعدة الاطفال الخدج لعدم الاصابة بالعمى، مؤكدا ان الطب رسالة سامية ولابد ان يضع كل طبيب ذلك نصب عينيه في تعامله مع المرضى.