-
تقاعدت من العمل الحكومي عام 1985 بعد خدمة 35 عاماً
-
الإنسان لا يقل عطاؤه بعد التقاعد وخدمة المجتمع واجبة علينا جميعاً
-
شغلت عضوية المجلس الأعلى للقضاء ولجنتي قيد قبول المحامين وشؤون المختارين
-
أعتز بتجربتي التطوعية مع مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين للدراسات منذ عام 1992
-
والدي كان له أثر كبير في حياتي واستفدت من حبه ورعايته مع حزمه وشدته
-
بدأت دراستي في «المباركية» والتحقت بالثانوية في «الشرقية» عام 1947
-
التحقت بالمعهد التجاري عام 1948 وكان موقعه في بيت الغنيم وفيه تعلمت الطباعة والمراسلات باللغة الإنجليزية
-
أول عمل لي كان في محاكم الكويت «مسجل أحكام» عام 1949
كتب: ناصر الخالدي
العم بوصافي وكما يعرفه الكثيرون ممن عملوا معه محب للعمل منظم ملتزم بالمواعيد وفي الوقت ذاته حريص على أدق التفاصيل وكأنها وصفته الخاصة للنجاح وطريقته التي من خلالها استطاع التميز بكثير من الأعمال التي أسندت إليه وهو إلى جانب ذلك اجتماعي من الدرجة الأولى حريص على العلاقات الاجتماعية. ولادته كانت في عام 1932م وتحديدا في منطقة شرق في حي القناعات وعائلته تعتبر من أوائل العائلات الكويتية التي سكنت الكويت فعاش طفولته في الفرجان الكويتية ومنها تعلم البساطة واستوحى الكثير من الأفكار فطفولة بين تلك الزوايا التي تنبعث منها رائحة الحب والتعاون لا تعتبر طفولة مجردة بل هي بوابة من خلالها كانت البداية الحقيقية قبل أن يلتحق بالمدرسة المباركية والشرقية ثم بعد ذلك المعهد التجاري والذي كان في بدايته مكانا صغيرا لكنه تعلم منه الطباعة والمراسلات وهذه الهواية التي سمحت له بدخول عالم التجارة فكانت الهواية التي منها جنى الأرباح. عمل موظفا بدائرة محاكم الكويت عام 1949م وتدرج في الوظائف الكتابية والإدارية حتى أصبح وكيلا مساعدا بوزارة العدل ثم وكيلا لوزارة العدل وهذا التدرج أعطاه خبرة واسعة في العمل القانوني والعمل الحكومي بشكل أوسع.
نتعرف على المزيد من خلال تفاصيل اللقاء التالي:
في البداية هلا حدثتني عن بدايتك وأبرز ذكريات الطفولة؟
٭ ولدت في عام 1932م وتحديدا في منطقة الشرق في حي القناعات وفي عام 1784 بني أول مسجد لهم على يد ياسين بن سري القناعي، رحمه الله تعالى، وموقعه ملاصق للبنك المركزي في موقعه الحالي، وهناك ايضا مسجد الحمدان الذي أسسه محمد بن باشق الحمدان القناعي في عام 1844م (الموافق 1260هـ) في حي الوسط بفريج القناعات.
تلك الفترة في عمر الكويت كيف كانت؟
٭ في الفترة التي ولدت فيها كان العالم يعاني من ركود اقتصادي ولعل هذا الركود عانت منه الكويت خصوصا فيما يخص التبادل التجاري مع الدول الأخرى لاسيما أن البترول لم يتم اكتشافه بعد وانخفض سعر اللؤلؤ الصناعي وفي هذه الظروف كانت هناك نقلة نوعية في التعليم بتوفيق من الله ثم بتعاون الكويتيين مع حكامهم تم تحويل التعليم من تعليم أهلي إلى تعليم حكومي في عام 1936-1937، مما كان له الأثر الإيجابي الكبير في النهضة التعليمية في الكويت فيما بعد.
لا شك أن الإنسان يتأثر بالبيئة التي يعيش فيها حدثني عن مدى تأثرك؟
٭ أسرتي كانت من بين الأسر الكويتية التي تسكن داخل السور الذي تم بناؤه في عهد الشيخ سالم المبارك الصباح في عشرينيات القرن الماضي لحمايتهم من الأخطار ولعل من أبرز الأشياء الواضحة في ذاك المجتمع الذي عشت فيه أنك تجد التواصل والتراحم والتلاحم والارتباط الصادق فالتعاون سمة من سمات أهل الكويت فتجد أنهم يتعاونون فيما بينهم وهذا التعاون هو ما يميز المجتمعات وهو الأمر الذي ترتقي من خلاله الأمم وتتطور وما أحوجنا لنشر مثل هذه الفضائل بيننا.
ماذا عن دور الوالد والوالدة في حياتك؟
٭ من أهم أسس النجاح أن يتربى الإنسان تربية صحيحة وقد كان لوالدي، رحمه الله، أثر كبير في حياتي فإلى جانب الحب والرعاية تجد الحزم والشدة في التربية وتلك كانت الاسس التي انطلقت منها في حياتي في المجتمع الكويتي فوفقني الله تعالى في المجال الاجتماعي والمهني وقبلهما في التوازن الروحي والدنيوي ولا أنسى دور والدتي، رحمها الله، حيث الحنان والطيبة والحرص على مستقبلي والسهر من أجل راحتي والحقيقة أجد أنني ورثت منهم الكثير من الأشياء حتى جعلت طريقتها منهجا ومسارا في حياتي واليوم اسأل الله أن يفيض عليهما من الرحمات جزاء لما قدماه لي.
ماذا عن رحلتك الدراسية؟
٭ بدأت دراستي بالمدرسة المباركية وذلك بعد أن أصبح التعليم خاضعا لمجلس المعارف في عام 1937م والذي كان يرأسه الشيخ عبدالله الجابر الصباح، رحمه الله، وبعضوية مجموعة من رجالات الكويت الذين عملوا من أجل نهضة التعليم، وبعد ذلك التحقت بدراستي الثانوية في المدرسة الشرقية في عام 1947 وكانت المرحلة الثانوية فيها الجد والمثابرة وفيها تعرفت على مجموعة من الأصدقاء ولعل أهم ما في رحلتي الدراسية أنني تعلمت على يد نخبة من المدرسين الذين كانوا يعملون بكل إخلاص وبطرق تدريس ناجحة جعلتنا نتميز ونتعلم بشكل جيد ولذلك اتسعت مداركنا ووجدنا أثرا لما تعلمناه في حياتنا في مراحل لاحقة، وهو ما يؤكد على أهمية وجود المعلم الناجح فأنا استطعت الوصول إلى التفوق في رحلتي الدراسية بالجد والمثابرة وبمتابعة الأهل ووجود البيئة المناسبة.
أين اتجهت بعد التخرج في الثانوية؟
٭ في الحقيقة، بعد مرحلة الثانوية كانت عندي رغبة في مواصلة المشوار التعليمي، وبالفعل التحقت بالمعهد التجاري والذي كان يقع في بيت الغنيم وهناك درست لمدة سنتين، وفي المعهد تعلمت الطباعة والمراسلات باللغة الإنجليزية حتى أصبحت عندي هواية وهي الطباعة ثم أصبحت أكتب مراسلات للشركات، ووضعت لي صندوقا بريديا رقمه (24) وبدأت تصلني ردود من الشركات فأصبحت وكيلا بالعمولة، وجاءتني رسائل من الهند واليابان وكانت هذه الهواية بداية دخولي في التجارة فقد تطور العمل من هواية إلى مكتب ثم وجدتني في عالم التجارة حتى افتتحت محلات للأقمشة بمساعدة ابني «صافي».
ماذا عن رحلتك الوظيفية حدثني عن تفاصيلها؟
٭ ابتدأت رحلتي الوظيفية من خلال العمل في محاكم الكويت ولا شك أنها تجربة مثرية في حياتي استفدت منها الكثير من الدروس وكانت تسميتي الوظيفية «مسجل أحكام» وهكذا بقيت أعمل بمثابرة وإخلاص هما في واقع الأمر طريق نحو النجاح والتميز لاسيما مع الانضباط في العمل.
كنت في فترة من الفترات وكيلا لوزارة العدل برأيك علام يتوقف النجاح في المناصب القيادية؟
٭ العمل في المناصب القيادية مسؤولية كبيرة أمام الله ثم أمام المجتمع ولعل النجاح في المناصب القيادية يتطلب خبرة وظيفية ومعرفة وتواصلا واتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب والحرص على العمل الجماعي وتقدير العاملين وتحفيزهم لأن البيئة الملائمة للنجاح والتميز تساعد الموظف على الإنجاز والارتقاء.
لك العديد من المساهمات في المجالس واللجان حدثني عن بعض هذه المساهمات؟
٭ أفتخر بأنني شاركت في العديد من اللجان فقد كنت عضوا في المجلس الأعلى للقضاء وكذلك في لجنة قيد قبول المحامين وفي لجنة شؤون المختارين والتي يتم فيها اختيار المختارين للضواحي السكنية في كل محافظات الكويت وغيرها من المجالس واللجان المطروحة وأفتخر بما حققته من خلال المشاركة في هذه اللجان ولعل من أسباب النجاح العمل بشكل جماعي.
بعد التقاعد كيف تلخص رحلتك الوظيفية؟
٭ تقاعدت من عملي الحكومي عام 1985م بعد خدمة استمرت 35 عاما كانت حافلة ولله الحمد بالعطاء، ومن خلال هذه الرحلة تعلمت الكثير من الدروس التي اعتبرها كنزا لا يقدر بثمن، فوزارة العدل كانت مدرسة بكل ما في الكلمة من معنى، وهذه الخبرات أعتبرها تجربة حياة إلى جانب أنني كسبت من خلال عملي صداقات واسعة، ومازلت ولله الحمد على التواصل مع العديد من الزملاء الذين عملت معهم، وأجمل ما في الأمر أننا نتبادل وجهات النظر المختلفة ونناقش مختلف القضايا ما يعني أن مرحلة التقاعد لم تمنعني من العمل بل جعلتني أعمل ولكن في مجالات مختلفة أو بطريقة أخرى.
إذن لم تتأثر بمرحلة التقاعد وجعلتها فرصة للعمل؟
٭ أنا أؤمن بأن الإنسان عندما يتقاعد لا يقل عطاؤه مثلما يعتقد البعض بل على العكس من ذلك وقد نجحت منذ تقاعدي وحتى اليوم في أن أساهم في مجالات مختلفة واستحداث المشاريع الثقافية والتشريعية أخذت جزءا كبيرا من حياتي ولكنني وجدت فيها سعادتي لأن خدمة المجتمع واجب علينا جمعيا من أجل الارتقاء بوطننا الغالي.
ما الجهات التي كانت لك إسهامات فيها؟
٭ عملت كعضو في المجلس الأعلى لشؤون القصر منذ عام 1985 وما ازال، وكذلك في عام 1988م صدر مرسوم أميري بتعييني في لجنة شؤون البلدية التي قامت بأعمال المجلس البلدي حيث مارست عمل رئيس اللجنة المالية والقانونية فيها بالإضافة إلى عضوية لجنة الخلافات العقارية وممثلا عن البلدي في لجنة شؤون المختارين، وايضا من التجارب التي خضتها في عام 1994م صدر قرار من مجلس الوزراء بتعييني عضوا في مجلس بيت الزكاة الكويتي وما ازال وحاليا نائب رئيس مجلس الادارة، وأفتخر بهذه التجربة، فالعمل في مثل هذه القطاعات لا شك أن له أثر بارز في حياتي ولعل الإنجاز الأكبر الذي أفتخر بتحقيقه هو رئاستي لمشروع طالب العلم بترشيح من قبل الأمانة العامة للأوقاف، وكذلك عملت مستشارا في مكتب سمو ولي العهد سمو رئيس مجلس الوزراء المرحوم الشيخ سعد العبد الله، وكل هذه التجارب هي رصيد حقيقي من الخبرة والمعرفة.
حدثني أكثر عن مشروع طالب العلم؟
٭ نشأت فكرة مشروع طالب العلم من خلال اجتماع تنسيقي تم في عام 1995م بمقر الأمانة العامة لمناقشة موضوع المحتاجين من طلبة العلم وبحث الوسائل المناسبة لتوفير ما يلزم لدعمهم وأعتقد أن مثل هذه المشاريع لها أهمية كبرى في المجتمع لأننا لا يمكن أن نرتقي إذا لم نوفر الرعاية اللازمة لطلبة العلم بل إن رعايتهم والاهتمام بهم واجبة، ولذلك سعينا من خلال هذا المشروع المبارك أن نعمل جاهدين من أجل تذليل جميع الصعوبات التي تواجه طالب العلم وبفضل من الله ثم تعاون الإخوة الذين عملت معهم في هذه المرحلة استطعنا أن نحقق الأهداف المنشودة.
هل لك إسهامات مجتمعية خصوصا في العمل التطوعي؟
٭ الحقيقة أعتز كثيرا بتجربتي التطوعية مع مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين للدراسات منذ عام 1992م وبمشاركة الأخوين الفاضلين فضيلة الشيخ الدكتور خالد المذكور ود.عبدالله المحارب، وقد أتاحت لي هذه التجربة فرصة الاطلاع على دول آسيا الوسطى عندما قمنا بزيارة مع الأستاذ عبدالعزيز البابطين وهناك كانت لنا العديد من المشاهدات التي تؤكد حاجة هذه البلاد لتعلم اللغة العربية فمن خلال اللغة العربية يمكنهم العودة لدينهم بعد الفجوة التي أحدثها الاتحاد السوفيتي.
ومن ضمن اعمالي التطوعية أيضاً أني كنت عضواً في مجلس الأمناء لمستشفى الرعاية الصحية في منطقة الصباح الطبية ورئيس لجنة جمع التبرعات وقد تم بحمد الله بناء هذا المستشفى الذي يستقبل المرضى حالياً.
برأيك ما عوامل النجاح في التجارة؟
٭ العمل التجاري الناجح يجب أن تكون له فكرة واضحة، وأن يكون لديك أناس تثق بهم وزبائن تعمل معهم بصدق وإخلاص، وأن تحرص على اقتناء افضل وأجود البضائع، وهذا ما حرصنا عليه عندما بدأنا العمل في تجارة الأقمشة، وقد بارك الله لنا وتطور العمل، وعلى الإنسان أن يراقب الله ويتحرى الصدق والأمانة.
ما نصيحتك للشباب الكويتي؟
٭ نصيحتي للشباب أن يعملوا من أجل المحافظة على الكويت، وأن يتسلحوا بالعلم والفكر وسعة الاطلاع دون اليأس من المعوقات، خصوصا أن لديهم جميع الإمكانيات.
ماذا عن أسفارك ورحلاتك وما أبرز الاستفادات من تلك الرحلات؟
٭ خلال عملي في وزارة العدل زرت العديد من الدول، وهذه الزيارات وإن كانت رسمية إلا أنني أعتبرها في الوقت ذاته لها طابع ثقافي، فقد تعرفت على العديد من الثقافات وقابلت العديد من الشخصيات وكل هذا يساهم في صقل الشخصية من جانب، ومن جانب آخر فهو يفتح المجال لعلاقات إنسانية واسعة.
القراءة والمطالعة
في سياق الحديث مع العم بوصافي أكد أنه مازال يهتم بقراءة الكتب ومطالعة الصحف، مؤكدا أنه يتمنى تأليف كتاب يتحدث فيه عن ذكرياته وتجاربه المختلفة إلا أنه يبحث عن وقت في ظل الانشغالات والارتباطات المستمرة لتأليف مثل هذه الكتب.
صداقات واسعة
لم ينس ضيفنا العم بوصافي أصدقاء العمر، فكثيرا ما كان يتحدث عن ذكرياته مع رفاقه وزملاؤه في العمل مستذكرا مواقفهم الطيبة، ومؤكدا على أن الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية أمر مهم بالنسبة له.