- دراستي في كلية فيكتوريا بمصر علمتني النظام وأهمية التخطيط
- درست هندسة الطيران في بريطانيا ولم أواجه معوقات لأنني وضعت لنفسي هدفاً واضحاً
- تعلمت أسرار هندسة الطيران من خلال التحاقي بدورة تدريبية مكثفة مدتها أكثر من عام ونصف العام
- نجحت بشركة البترول الوطنية في أن أكون مقاولاً لأهم المشاريع وسرعان ما حظيت بثقة مجلس الإدارة
- تدرجت في شركة البترول حتى أصبحت رئيس مجلس الإدارة.. والمناصب تحمّلنا مزيداً من الإحساس بالمسؤولية
- نجاح «الصالحية العقارية» قام على الثقة وهو يعكس بوضوح محبة أهل الكويت بعضهم لبعض
- من يخشَ الفشل فلن ينجح ومن يُرِد الوصول إلى عالم النجاح فلابد أن يبذل الأسباب
- الكويت مؤهلة لأن تكون مركزاً مالياً وتجارياً ولدينا كفاءات وطنية ولكن لابد من تجاوز البيروقراطية
- نصيحتي للشباب تحديد الأهداف وعدم الاتكال على الآخرين وكذلك عدم اليأس من وجود المعوقات
كتب: ناصر الخالدي
صاحب هذه الرحلة من النجاح تمثل كلمتا «هندسة الطيران» مفتاحا أساسيا في نجاحه ومسيرته وشخصيته، فقد تخطى الأمر مجرد تخصص اختاره وبرع فيه رجل الأعمال البارز الذي برع في مجال التطوير العقاري غازي النفيسي، وكأنما كلمة «هندسة» ترمز لما تميز به من نظام ودقة في كل عمل، كما جاءت كلمة «طيران» لتكون دليلا على ما اتسم به من سرعة في الإنجاز وتحقيق النجاح.
درس في مصر وبريطانيا ليجمع العلم من الشرق والغرب، ثم سبر أغوار هندسة الطيران من خلال دورة تدريبية مكثفة، التحق بعد التخرج بشركة البترول الوطنية ونجح في أن يكون مقاولا لأهم المشاريع وسرعان ما حظي بثقة مجلس الإدارة.
عمل في القطاع العقاري لإيمانه بأن التخصص من أهم عوامل النجاح، حقق نجاحا كبيرا في «الصالحية العقارية»، يرى أن هذا النجاح قام على الثقة ويعكس بوضوح محبة أهل الكويت بعضهم لبعض.
في السطور التالية تفاصيل كفاح غازي النفيسي من أجل تحقيق النجاح بدءا من الصفر وتسلحه بالعزيمة والإصرار:
متى بدأت دراستك الجامعية؟ وما أبرز الاستفادات التي حققتها؟
٭ في عام 1961م بدأت رحلتي الدراسية في بريطانيا وتخصصت في هندسة الطيران، وكانت الرؤية واضحة بالنسبة لي، ولعل وضوح الرؤية ساعدني كثيرا لاسيما أن تجربتي الدراسية في كلية فيكتوريا بمصر أعطتني خبرة كبيرة في كيفية التعامل مع المجتمع البريطاني، حيث كانت دراستي الأولى في مصر والتي لا أنسى أيامي فيها، ومن هنا تعلمت النظام، وهذا أمر مهم في حياة كل انسان يريد الوصول إلى النجاح، فعندما تكون منظما تصبح حياتك سلسلة من الإنجازات وتكون في منأى عن الفوضى التي لا تخفى على أحد آثارها السلبية، ولذلك أستطيع القول إنني تعلمت من دراستي في بريطانيا النظام والوضوح.
هل واجهت معوقات أثناء دراستك في بريطانيا؟
٭ لا أعتقد أنني واجهت معوقات تذكر لأنني تعودت على الغربة قبل دراستي الجامعية، ولأنني كنت أعرف أهمية الدراسة الجامعية وأن الحياة تتطلب مزيدا من الصبر، وبالتالي لابد من المواجهة وتحديد الأهداف جعل الدراسة أولوية، وبالتالي لابد من تخصيص الوقت الكافي لها.
ما الذي شجعك على التخصص في هندسة الطيران؟
٭ لقد علمت من خلال اتصال من شركة البترول الوطنية في الكويت أن الشركة بحاجة إلى شخص لديه شهادة في هندسة الطيران لوجود شواغر، ووجدت أن العرض المقدم من شركة البترول عرض مغر ويتناسب مع طموحاتي، لذلك قررت أن أكمل دراستي، وكان هدفي في تلك الفترة الحصول على هذه الوظيفة في شركة البترول.
هل التحقت بدورات تدريبية قبل العمل في شركة البترول الوطنية؟
٭ نعم، بكل تأكيد، فقد كان من شروط الحصول على الوظيفة الالتحاق بدورة تدريبية مدتها أكثر من سنة ونصف السنة وكانت الدورة مكثفة ومتعبة للغاية، ولا يمكن أن انسى ما عانيته في تلك الفترة فقد كنت أتنقل في مطارات أوروبا لأن الوظيفة التي كنت أسعى لها تتعلق بوقود الطائرات، وهذا الأمر جعلني أجوب شوارع أوروبا، فلا يوجد مطار في أوروبا لم أصل إليه، وقد تحملت كل هذه الصعوبات لأنني وضعت لنفسي هدفا محددا وكان من الطبيعي ان أشعر بالتعب والإرهاق، وكنت أقول «الجائزة قريبا» وأعني بالجائزة الوظيفة.
حدثني عن رحلتك الوظيفية في شركة البترول الوطنية؟
٭ بعد انتهاء الدورة التدريبية عام 1967م حصلت على شهادة في هندسة الطيران، فبدأت رحلتي الوظيفية من خلال العمل في شركة البترول الوطنية حيث عملت فيها لمدة 12 عاما استطعت خلالها أن أحصل على ثقة مجلس الإدارة وبفترة وجيزة بعد تعييني أصبحت مدير عام الشركة، وهذا الأمر جعلني أستشعر حجم المسؤولية لأن المناصب تكشف حقيقة الإنسان وتجعله أمام تحد ولا مكان للمجاملة، وأنا أحب أن أصل بعملي وإنجازاتي لأن هذا هو الوصول الحقيقي الذي يكون أساسه وجود الكفاءة والتميز.
ما السر الذي جعلك تصل لمنصب مدير عام شركة البترول الوطنية في فترة وجيزة؟
٭ أسست خط الأنبوب الممتد من المصافي إلى مطار الكويت في فترة وجيزة حيث استغرق العمل 6 اشهر وبتكلفة 600 ألف دينار ولم يكن هناك مقاول للمشروع، فقد كنت أنا المقاول لأنني حرصت على أن أوفر المبلغ الإجمالي لكلفة المشروع، وأذكر أنني طلبت من مجلس الإدارة أن أكون انا المقاول مع استعدادي لتحمل كل النتائج لأنني أؤمن بأن النجاح يتطلب جرأة ولابد من تحمل المسؤولية عندما تكون على ثقة بأن ما تعتقده هو الصواب، وكانت النتيجة أنني نجحت في هذه المهمة وتعلمت درسا مهما بان من عوامل تحقيق النجاح وجود أشخاص يثقون بما تقدمه مع وضوح الهدف وتنظيم العمل.
حدثني عن تجربتك كرئيس لمجلس إدارة شركة البترول؟
٭ بعد فترة من العمل في شركة البترول الوطنية وجدت نفسي أمام مسؤولية كبيرة، وهي اختياري رئيسا لمجلس إدارة الشركة، وهذه التجربة تطلبت مني بذل جهد أكبر لتحقيق مزيد من النجاحات، وكانت تجربة رائعة عملت خلالها مع نخبة من الكفاءات الوطنية وكان التنافس من أجل الارتقاء بالقطاع النفطي وتطويره هو السمة الأبرز في تاريخ تلك الفترة، وكنت أحرص على التعامل بمبدأ الثقة بمن لديه الكفاءة مع أهمية وجود المحاسبة وعدم التراخي في تطبيق القانون، وهكذا.. حتى أنهيت تجربتي في العمل بالقطاع النفطي.
أين اتجهت بعد تجربتك في القطاع النفطي؟
٭ بعد العمل في القطاع النفطي قررت أن أبدأ رحلتي مع العمل التجاري وكانت الخطوة الأولى من خلال تأسيس «الصالحية العقارية» وجاءت فكرة الصالحية العقارية من محبتي للبناء والمقاولات، وكانت عندي بناية صغيرة في الموقع الحالي لشركة الصالحية العقارية وقسيمة أخرى، فرأيت أنه من الضروري أن نجمع القسائم المتفرقة ونبني منها مجمعا تجاريا، وكان هذا في عام 1974م، وقد نجحنا في إنشاء الصالحية كأول مجمع تجاري على النمط الحديث.
كيف استطعت ان تنجح في جمع أصحاب القسائم؟
٭ الحمد لله لقد وفقت في التواصل مع أصحاب القسائم وهم من خيرة رجال ونساء الكويت، ولعل النجاح الحقيقي هو اقتناعهم بالفكرة وتزكيتي لرئاسة المشروع، وكانت ثقة غالية لا أنساها، وساعدني في عملية التواصل مع ملاك القسائم الأخ بدر العيسى بو أيمن، وكانت مهمتي تقديم الفكرة بشكل صحيح، وخلال أقل من أسبوع تسلمت جميع الوثائق وتم تأسيس الشركة في عام 1974م ونجحت لأننا أهل الكويت نحب العمل الجماعي ونؤمن به.
ألم تخش الفشل أثناء تجربتك في تأسيس الصالحية العقارية؟
٭ الفشل له مسبباته، وكذلك النجاح، فلا يمكن أن نترك العمل لأننا نخاف الفشل، ومن يخش الفشل فلن ينجح ومن يرغب في النجاح ويبذل الأسباب ينجح، ومن الأسباب التي تؤدي إلى النجاح التركيز في الأعمال التي يكون للإنسان خبرة فيها، والابتعاد عن الأمور التي يجهلها ولا يعرف عنها شيئا، لذلك ركزت على العمل في العقار لأنني أعرف في العقار، وابتعدت عما عدا ذلك، وأذكر أنه في يوم من الأيام جاءني رجل يعمل في المجوهرات وعنده شركة عالمية وطلب مني أن أدخل معه كشريك، ولكنني رفضت لأنني لا أعرف في عالم المجوهرات.
لماذا لم تتجه نحو السياسية مثلما فعل الكثير؟
٭ بكل صراحة أعتقد أن السياسية تحتاج الى مهارات لا أملكها، والحمد لله أن الله «فكني» من السياسة، وقد جاءتني عروض كثيرة، لكنني رفضتها لأن الأعمال التجارية تحتاج الى التفرغ، فالتخصص يولد الإبداع.
ما رأيك في الوضع التجاري بالكويت؟
٭ أعتقد أننا نستطيع أن نكون في وضع أفضل من الوضع الحالي، ولكن هذا الأمر يتطلب مزيدا من الخطوات ولعل من بينها أن تتخلى الحكومة عن بيروقراطيتها مع توظيف إمكانيات الدولة بالشكل الصحيح، وهذا يعطي نتائج أفضل من النتائج الحالية.
هل الكويت مؤهلة لأن تكون مركزا ماليا؟
٭ قبل الإجابة عن هذا السؤال علينا أن نعرف لماذا نريد أن نكون مركزا ماليا؟ وعندما تكون الإجابة واضحة أستطيع القول إننا مؤهلون لأن نجعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا لأننا نملك شبابا وطنيا، وعندنا كفاءات اقتصادية، لكن كل هذا يتوقف على وجود إجابة للسؤال الذي طرحناه، وهو لماذا نريد أن نكون مركزا ماليا؟
رأيتك تركز على أهمية بناء الإنسان بالشكل الصحيح، فماذا تقصد؟
٭ يجب أن نبني أنفسنا بالشكل الصحيح، بمعنى أنه لا يكفي التركيز على احتياطات البلد بل لابد من التركيز على تعليم الإنسان الكويتي والاهتمام بنوعية التعليم بما يتناسب مع متطلبات العصر لأن الشعوب تقاس بمدى تعلم أفرادها، وهذا ما ينبغي أن نهتم به.
ما الأمنية التي تتمنى أن تتحقق؟
٭ كل أمنياتي تصب في اتجاه واحد، وهو أن يحفظ الله الكويت وأهلها من كل سوء وبلاء.
هل أنت مع قيام التجار بالتبرع لإقامة المرافق الحيوية؟
٭ هذا شيء بسيط، وأقل من الواجب، وهو من باب الشراكة الاجتماعية، وهذه المرافق هي مسؤولية الدولة، لكن هذا لا يمنع من تعاون القطاع الخاص لسد الفراغ إن وجد وبالتالي يكون التعاون مثمرا.
ما نصيحتك للشباب الكويتي؟
٭ يجب ألا يكون الشاب الكويتي «اتكاليا» فلابد من التدرج ومواجهة الصعاب والتحديات هي التي تميز المجتهد من غيره، فعليهم أن يواصلوا العمل وأن يحددوا الأهداف لأن تحديد الأهداف مهم جدًا لتحقيق نتائج إيجابية.
ماذا عن تجربتك في رئاسة اتحاد الفنادق؟
٭ الهدف من إقامة الاتحاد هو جمع أصحاب الفنادق لتنظيم العمل وتوفير الجهد بما يخدم المجتمع وكذلك بما يخدم أصحاب الفنادق، والحمد لله حقننا الكثير من الإنجازات ونجد تعاونا ملحوظا من قبل الجهات الحكومية، وهذا أمر مطلوب لتحقيق مزيد من النجاحات.
هل تحب السفر؟
٭ نعم، أحب السفر ورؤية العالم والاطلاع على ثقافات مختلفة وبطابع عملي، فأنا كثير السفر لكن هناك دولا تربطني بها علاقات قديمة، فلبنان عرفته منذ طفولتي ومصر احتضنتني في سنوات دراستي الأولى وكذلك بريطانيا عشت فيها سنوات الدراسة الجامعية.
التبرعات واجبة على الجميع
لدى سؤاله عن الأعمال الخيرية، أفضليتها ومساراتها، قال المحسن غازي النفيسي: ان أعمال الخير واجبة على الجميع سواء رجال الأعمال أو الشركات، ومن الجيد اننا ننظر الى العمل الخيري ونضعه نصب أعيننا، ليس فقط في شهر رمضان، وانما في جميع أشهر العام، وعلينا زيادة الاعمال الخيرية في هذا الشهر المعظم نظرا للأجر المضاعف، ولأهل الكويت عهد طويل مع الأعمال الخيرية سواء داخل الكويت أو خارجها، وبعضها يمتد الى الدول العربية والإسلامية القريبة والبعيدة أيضاً.
وأضاف أن هناك العمل الخيري الخاص بالقضايا الدائمة التي تتطلب تنفيذ مشاريع خيرية كالمستشفيات والمستوصفات والمدارس والمساجد ودور رعاية الأيتام وغيرها من المشاريع التي تكون لها صفة الديمومة والتي تحقق حياة كريمة للفقراء والمحتاجين ولابد ان يوجه رجال الأعمال والمؤسسات المليئة جزءا من تلك المشاريع للدول الإسلامية والعربية التي تفتقر الى مثل هذه الخدمات، خصوصاً ان الكويت، ولله الحمد، أنعم الله عليها وحكومتها قادرة على توفير الخدمات للمواطنين، وذلك في الوقت الذي توجد فيه دول إسلامية تعاني نقصا شديدا في الخدمات.
وأكد أن التبرعات وأعمال الخير تتفرع الى مشاريع أخرى وقتية مثل الصدقات ومشاريع إفطار الصائم وتوزيع المواد الغذائية وغيرها، ونحن كشركة الصالحية العقارية نحرص سنوياً على تخصيص جزء من ميزانيتنا لأعمال الخير، حيث تتم الموافقة عليها في الجمعية العمومية للشركة كل عام، وهذا شيء نفتخر به جميعاً في الشركة، ونتمنى ان يعمم هذا الإجراء من أجل تحقيق التكافل الاجتماعي للمسلمين في مختلف دول العالم.