- في الكلية الأسترالية حرصنا على استقطاب الكفاءات والتعاون مع جامعات كبرى فتمكنّا من منح خريجينا شهادتين إحداهما محلية والأخرى عالمية تؤهل للعمل في الخارج
- نحتاج إلى الاهتمام بمستقبل الصناعة فليس معقولاً أن تبقى الكويت تعتمد على النفط كمصدر وحيد للدخل
-
في إنجاز الشبكة الرئيسية وأبراج المياه عملت في «الكهرباء» بطلب من الوزير الأسبق خالد المسعود وأفتخر بمساهمتي
اليوم نلتقي مع د.عبدالله الشرهان الذي يعد أحد الشخصيات التي كانت لها إسهامات واضحة في مجال التنمية والتطوير خاصة عندما تولى قيادة وزارة المواصلات، كما حقق إسهامات بارزة في مجال التربية والتعليم، من خلال إنشاء الكلية الأسترالية التي تعد رافدا مهما للتعليم الجامعي الخاص في الكويت. بدأ د.الشرهان حياته في مجتمع صغير محافظ على العادات والتقاليد ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية وهناك تخصص في دراسة البترول في رحلة كانت مليئة بالصعوبات يمكن اختصارها بدخوله المحكمة وسحب رخصة القيادة الخاصة به وكذلك سيارته ولا ذنب له إلا أنه سكن في منطقة مشتعلة بنيران العنصرية والتميز والرجل ليس أبيض ولا أسود ومع كل الصعوبات استطاع أن يواصل المشوار ويحصل على الشهادة الجامعية والتي معها استطاع أن يبدأ حياته الوظيفية. التجربة الأولى كانت في إحدى الشركات التي تعمل في منطقة الوفرة لينتقل بعد ذلك إلى وزارة الكهرباء والماء في رحلة وظيفية حافلة بالإنجازات أبرزها مشروع الشبكة الرئيسية لتوصيل الماء بما في ذلك الأبراج التي نراها اليوم مع محطات الضخ على أحدث الطرق وكذلك مشروع التنقيب في الصحراء عن الماء الصليبي في تجربة عاشها في الصحراء واستفاد منها الكثير لتعقبها تجارب عديدة في القطاع الخاص كانت مسيرة حافلة بالإنجازات لا يمكن اختصارها بمجرد كلمات. أما تجربة العمل الوزاري مع وزارة المواصلات فقد كانت محاولة جادة للعمل على تخصيص الوزارة، إذ انه طالما كان ولايزال يؤمن بأن هناك وزارات مثل الكهرباء والماء والمواصلات لابد من خصخصتها وبهذا النهج باشر عمله الوزاري في فترة سرعان ما انتهت ليظل واحدا من مؤيدي الخصخصة باعتبارها تدفع بالعمل الحكومي إلى التقدم والتطور وتنقله من الروتين القاتل، وإلى جانب ذلك فهو واحد من الذين يدعون إلى أن تكون الكويت بلدا يعتمد على الصناعة بدلا من الاعتماد على النفط كمصدر للدخل. رئيس مجلس أمناء الكلية الأسترالية عبدالله الشرهان يفضل التعليم التقني ويعتبره مجالا واسعا للعمل والإبداع كما أنه يعتبر العمل التربوي مسؤولية كبيرة، فإلى تفاصيل اللقاء:
في البداية حدثنا في لمحة سريعة من مسيرتك الدراسية؟
كانت طفولتي في مدرسة الأحمدية ثم انتقلت إلى المباركية ومنها إلى ثانوية الشويخ وفيها عشت تجربة رائعة من خلال الاشتراك في السكن الداخلي وكانت الرؤية بالنسبة لي واضحة منذ البداية وأعتقد أن هذا الأمر يساعد على النجاح والتميز وبعد التخرج من الثانوية العامة قررت السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية في بعثة للدراسة في مجال البترول.
كيف كانت تجربة الدراسة في الولايات المتحدة وما أبرز الصعوبات التي واجهتها هناك؟
تجربة الدراسة في الولايات المتحدة الأميركية كانت في فترة مبكرة من العمر وفي ظل نقص الخبرة، وواجهت مشكلة كبيرة عندما انتقلت إلى دراسة في منطقة من المناطق الريفية والتي كانت تشهد صراعا عنصريا بين البيض والسود وأنا لا أبيض ولا أسود فواجهت مشاكل كثيرة لدرجة أنني دخلت إلى المحاكم وكدت أن أدخل السجن وأذكر أنني اضطررت للذهاب مشيا على الأقدام بعد أن تم سحب سيارتي ورخصة القيادة الخاصة بي وكنت أواجه مشاكل كثيرة حتى مع المدرسين لكن الطالب الناجح هو الذي يجاري الظروف ويتغلب عليها بالصبر.
أين عملت بعد التخرج من الولايات المتحدة؟
بعد التخرج عدت إلى الكويت وعملت في إحدى الشركات بالوفرة وكنت الموظف الكويتي الوحيد في الشركة وكنت أقضي أوقاتا طويلة في الشركة لأنني أحببت طبيعة العمل لكنني في النهاية قدمت استقالتي من الشركة وخرجت بعد أن رفضت الشركة إصلاح الطريق المؤدي إليها والذي كان يتخذه بعض الشباب مكانا للتفحيط والاستهتار فتوجهت للعمل في شركة الكي يو سي وكنت ضمن أوائل الكويتيين الذين عملوا في الشركة فكانت تجربة مميزة للعمل في المجال النفطي.
ما قصة انتقالك لوزارة الكهرباء والماء خصوصا أنك متخصص في المجال النفطي؟
قصة انتقالي لوزارة الكهرباء كانت بطلب من وزير الكهرباء آنذاك الأخ خالد المسعود، رحمه الله وبالفعل عملت في وزارة الكهرباء في مشروع الروضتين، وبعد عامين من العمل في وزارة الكهرباء تم تعييني مساعدا لرئيس المهندسين ثم رئيسا للمهندسين.
حدثني عن أبرز الإنجازات التي تفتخر بها بعد عملك في وزارة الكهرباء والماء؟
من الإنجازات التي أفتخر فيها أثناء عملي في وزارة الكهرباء والماء مشروع الشبكة الرئيسية بما فيها أبراج المياه مع محطات الضخ على أحدث طرق، ففي السابق كانت عملية توصيل الماء تعتمد على (التناكر) فرأيت أنه من الضروري الاهتمام بعملية توفير الماء بشكل سهل، اما المشروع الثاني فهو مشروع التنقيب في الصحراء عن الماء الصليبي، أذكر أنني بقيت في الصحراء فترة طويلة كنت أستمتع بالشاي وخبز الرقاق وكانت فرحتي كبيرة عندما عثرت على أول بئر للماء الصليبي.
رؤية خاصة
برأيك ومن خلال تجربتك، وزارة الكهرباء اليوم ماذا تحتاج هذه الوزارة لتفادي المشاكل المتكررة في الكهرباء؟
وزارة الكهرباء تحتاج إلى تخطيط طويل المدى دون تدخل من جهات أخرى ونحن لابد أن ننظر إلى الأشياء بمنظورها الأساسي، فاليوم الكل يعرف أن الكويت لا تستطيع العيش دون كهرباء وماء ومن هنا تأتي أهمية هذه الوزارة لذا فإنه يجب تعيين أفضل الكفاءات والاستعانة بأفضل الخبراء، وأعتقد أنه من الأفضل أن يتم تخصيص وزارة الكهرباء والماء لأنها لا علاقة لها بالسياسة وأعتقد أنها ستكون مشكلة كبيرة إذا لم يتم الالتزام بتطبيق الخطة التي أقرت لتتماشي مع احتياجات المجتمع.
كيف كانت أول تجربة لك في العمل بالقطاع الخاص، وما أبرز الإنجازات فيها؟
بعد تجربتي في وزارة الكهرباء خضت تجربة العمل في القطاع الخاص مع شركة سكب الكويتية وهي شركة خاصة لإنتاج مواد البناء عملت فيها لمدة خمس سنوات وكان معي الأخ الفاضل عبدالحميد الفارس صاحب الفكر المتميز ودائما وجود أشخاص قادرين على التفكير والتخطيط يساعد كثيرا على الارتقاء والتميز، لذا استطعنا أن نقوم بعملية تطوير للشركة من خلال تغيير المكائن واستحداث مكائن أخرى بطاقة عالية تخدم احتياج المقاولين وأعتقد أنه من الأساسيات لنجاح أي عمل لاسيما الأعمال الصناعية الاهتمام بتوفير الاحتياجات الأساسية والتفكير بعقلية تحترم الإبداع وترغب في التميز وبذلك يستطيع الإنسان أن يحقق نجاحا.
أمر مقلق
كيف ترى مستقبل الصناعة في الكويت في ظل الاعتماد على النفط كمصدر للدخل؟
لابد أن يكون للكويت مستقبل في الصناعة، فغير معقول ان نعتمد على النفط، اليوم 90% من قوة العمل تعمل في الحكومة ونوعان هما اللذان تجد لهما إنتاجية عالية، الأول مجموعة العاملين في النفط خصوصا أن الكويت اليوم تمتلك مجموعة من المصافي في أوروبا وشرق آسيا وبعض من دول العالم، والنوع الثاني مجموعة العاملين في وزارة الكهرباء والماء، لكن الذي يجب أن يكون هو التشجيع على الأعمال الصناعية ودعمها، فنحن نستورد الكثير من المواد وبالإمكان إعادة تصديرها فالاعتماد على النفط كمصدر دخل امر غير معقول في التطور السريع الذي يشهده العالم.
تجربة مميزة
كنت في فترة من الفترات رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمار التقني حدثني عن هذه التجربة وكيف كانت؟
بعد تجربة العمل في المجال الاستشاري عرض علي الأخ عبداللطيف يوسف الحمد عندما كان وزيرا للمالية رئاسة شركة الاستثمار التقني وبالفعل عملت فيها فترة من الزمن ووقتها كان معهد الأبحاث يجري ابحاثا على أسماك السبيطي والبلطي فاستحدثنا شركة بوبيان تأخذ الأسماك التي مازلت في طور البحث وتقوم بنقلها إلى النطاق التجاري وهي الشركة الأولى في هذا المجال وأيضا لا أنسى إنجازا مهما وهو الاستعانة بإحدى الشركات الكبيرة في الولايات المتحدة الأميركية لعمل دراسة على مخلفات المصافي وكانت النهاية خرجنا بـ 14 صناعة من مخلفات المصافي وكان الفحم المكلسن من بين هذه الصناعات.
عملت لمدة عام واحد مستشارا لوزير الكهرباء كيف وجدت العمل الاستشاري؟
نعم صحيح عملت بعد ذلك مستشارا لوزير الكهرباء الأسبق محمد عبدالمحسن الرفاعي لمدة عام واحد فقط قبل أن يتم اختياري وزيرا للمواصلات، لكن تجربة العمل كمستشار أفادتني كثيرا فقد رأيت العمل الوزاري وأصبحت على علم ودراية بالكثير من المشاكل التي تحدث في الوزارة لكنها في الوقت نفسه كانت مسؤولية كبيرة والمستشار الناجح هو الذي يتحلى بالصدق والأمانة ولا يخشى إلا الله.
بعد ذلك تم اختيارك ضمن التشكيلة الوزارية لتتولى وزارة المواصلات فما رأيك في العمل الوزاري؟
تجربة العمل الوزاري بالنسبة لي كانت محاولة جادة للعمل على تخصيص وزارة المواصلات فانا أؤمن بأن وزارة المواصلات وكذلك وزارة الكهرباء والماء يجب أن يتم خصخصتها حتى تحظى بالتطوير المناسب، والعمل الوزاري يتطلب مزيدا من الجهد والمتابعة، والنجاح فيه لا يكون إلا بإعطاء الوزير الفرصة الكافية للعمل وبالتالي تكون المحاسبة.
حدثني عن عملك الخاص في مؤسسة عبدالله الشرهان وما أول مشاريعك؟
بدأت عملي الخاص في مؤسسة عبدالله عبدالمحسن الشرهان بعد التحرير وكان أول مشاريعي في المؤسسة الاستعانة بخبراء من استراليا لتطوير مشروع المدرسة البحرية مع الجامعات الاسترالية واستمر المشروع لمدة 6 سنوات حيث تم تخريج نخبة من الضباط في المجال البحري وفي الوقت نفسه استقدمنا مجموعة من الخبراء من كندا للعمل في وزارة الصحة في العلاج الطبيعي في تجربة على الرغم من نجاحها إلا أنها لم تستمر طويلا بسبب تغيير الوزير.
كنت من ضمن الذين دخلوا مجال التدريب، برأيك ما الذي يميز هذا المجال؟
مجال العمل في التدريب والتطوير من المجالات التي يحتاج إليها المجتمع وهو يساعد كثيرا في تطويره وارتقاء أفراده وأعتقد أن التدريب من العوامل التي تساعد على النجاح فالإنسان الذي يحرص على تدريب نفسه وتطويرها يجد له أكثر من فرصة ولذا قررت العمل في مجال التدريب باستحداث الأكاديمية الاسترالية والتي تعنى بالكثير من المجالات، والنجاح في مجال التدريب يتوقف على الاستعانة بالمدربين المعتمدين الذين لديهم القدرة على التدريب الجيد وكذلك توفير المجالات التي يحتاج إليها المجتمع.
روشتة النجاح
كيف جاءت فكرة تأسيس الكلية الأسترالية؟
في عام 2000م عندما صدر قانون الجامعات الخاصة وجدت أنه من المناسب استحداث الكلية الاسترالية خصوصا أنني خضت بعض التجارب الأكاديمية، التي بلا شك كان لها دور كبير في إقدامي على مشروع استحداث كلية مع مجموعة من الاخوان.. والإحساس بالفشل يمكن القضاء عليه بالتخطيط الجيد والعمل المتواصل.
هل تجد عملية إدارة الكليات أمرا سهلا وعلام يتوقف النجاح في ذلك؟
في الحقيقة عملية إدارة الكليات الخاصة أو الجامعات عملية غير سهلة ولذلك كنت حريصا على اختيار نوعية الدراسة التي أقدمها فقررت الدخول في الدراسة التطبيقية وكنت أيضا حريصا على استقطاب الكفاءات المتميزة ووجدت أنه من الضروري القيام بدعوة جامعات من استراليا لمشاركتنا في الكلية وهذه الجامعات لديها المناهج الدراسية وأيضا تمنح الطالب شهادة دراسية وبذلك يحصل الطالب على شهادتين، شهادة محلية مقبولة من التعليم العالي وشهادة معترف فيها عالميا يستطيع الخريج العمل من خلالها في الخارج.
برأيك هل يمكن استحداث جامعات خاصة أخرى غير الموجودة حاليا؟
أعتقد ان مجلس الجامعات الخاصة نجح في فتح باب الابتعاث الداخلي فنحن لدينا أعداد كبيرة من الشباب الكويتي يدرسون بالخارج في جامعات تمنح نفس الشهادات التي تمنحها الجامعات الخاصة في الكويت ولذا فإن استحداث جامعات خاصة اخرى قد يكون امرا معقولا في ظل الأعداد الهائلة التي تذهب للدراسة في الخارج ولكن يجب أن تكون الجامعات على مستوى عال.
مسؤولية كبرى
كيف تجد العمل في مجال التعليم؟
أجد أن العمل في مجال التعليم مسؤولية كبرى، فلك أن تتخيل عندما يأتي أب ويستقطع القسط الشهري من راتبه ويسلمك مستقبل ابنه فكيف تكون المسؤولية لكن في الوقت نفسه تجد أن العمل التربوي عمل ممتع وفيه لذة كبيرة خصوصا وأنت تشاهد فرحة الطلبة أثناء التخرج.
ما النصيحة التي توجهها إلى الشباب؟
نصيحتي إلى الشباب أن يهتموا بالعمل على تطوير أنفسهم والدخول في القطاع الخاص فسوق العمل لم يعد مثل الأول وفرصة التوظيف في الحكومة بدأت تقل لذلك أنصح الشباب بالاهتمام بمستقبلهم من خلال التخطيط الجيد والتدريب المتواصل وألا يتوقفوا عند نقطة معينة بل عليهم مواصلة المشوار.
الأسرة سر للإبداع
أثناء اللقاء وجه بوصقر كلمات الشكر والتقدير لرفيقة الدرب أم صقر وكذلك للأبناء صقر وعادلة وعبير وسعد معتبرا أن الأسرة الناجحة تساعد الفرد على الإبداع والتميز.
تطوير مستمر
القراءة وسعة الاطلاع بالنسبة للأستاذ عبدالله الشرهان ضرورة قصوى، حيث يساهم الإنسان من خلالها في تثقيف نفسه وتطويرها لمحاكاة الآخرين معتبرا القراءة أحد روافد الثقافة.