جميعكم شعراء، حيث انني أخاطب قراء الصفحة الذين لا يخرج أحد قرائها عن ثلاثة إما شاعر وإما شويعر وإما محب للشعر يسعى لأن يكون شاعرا.
حسنا جميعكم شعراء، لنتفق على هذه الحقيقة مؤقتا ريثما، نبحث في حيثيات هذه القضية التي لن تخرج بحكم واحد لا تمييز بعده.
الشعر هو الكلام الموزون المقفى، وهو تعريف أشبه بوصفة مقادير لعمل «الممووش»، لايؤدي في النهاية إلا إلى مموش، رز مخلوط بشيء من العدس، سبق الرز العدس أو سبق العدس الرز ففي النهاية لن تحصل سوى على مموش، ولعل كثيرا من شعراء اليوم أو من يعتقدون أنفسهم شعراء ليسوا أكثر من أشخاص يجيدون طبخ المموش الشعري.
وإذا حاولنا أن نجد تعريفا ثابتا ومحددا للشعر فحتما سنفشل، لأن الشاعر نزار قباني عندما قرر تأليف كتابه «ماهو الشعر» استغرقه الأمر عشرات الصفحات وفي النهاية قرر أنه لا يوجد تعريف محدد للشعر، رحل بنا نزار إلى عوالم الكلمات وتلاعب بها وتلاعب بنا معها وفي النهاية وصل إلى لاشيء.
في كتابه «رسالة الغفران» حاول فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة أبو العلاء المعري أن يطرح التعريف الخاص بالشعر ولكنه أيضا كتب كوميديته الفلسفية ولم يصل إلى شيء، حتى شاعر الفلاسفة فشل عبر فلسفته أن يجد تعريفا محددا للشعر.
ورغم هذا الفشل نجد من بين التقليديين من يقول ان الشعر هو «الكلام الموزون المقفى» وأضافوا «ويؤدي إلى معنى».
حسنا لنفترض ان هذا صحيح، وهناك شاعر يقول: وكأننا والماء من حولنا قوم جلوس ومن حولهم ماء أليس هذا كلاما موزونا مقفى، الإجابة بلى، وهو يؤدي إلى تقرير لحالة عاشها هذا الشاعر، وبعده ظهر عليه المثل القائل: «كالذي فسر الماء بعد الجهد بالماء»، إذن لقد دخل هذا الشاعر تاريخنا من أكثر أبوابه إضحاكا، وهو الباب الذي كان ولم يزل كثير من الشعراء الشعبيين يدخلون إليه بتقريريتهم التي لا تخرج عن «الكلام الموزون المقفى».
وبين المعري والقباني ولد عشرات الفلاسفة والشعراء الذين حاولوا طرح مفهوم محدد للشعر وانتهت محاولاتهم كما تنتهي محاولات المنتخب الكويتي للوصول إلى نهائيات كأس العالم، «بايخة».
وما أكثر التقريريين بيننا وبينكم، الاسم شاعر ولكنه في الحقيقة ليس أكثر من ناقل لحالة دون أي شعر، شعرهم بلا روح، بلا إحساس، بدءا من «يا ونة ونيتها» مرورا بـ «ياصاحبي» وانتهاء بـ «يا وجودي وجد».
صفحة الواحة في ملف ( pdf )