شعر المحاورة (القلطة) فيه من الألفاظ الغريبة التي لا تكاد تجد لها معنى، ولن تجد الشيء الكثير، فالمتتبع لهذا الفن الشعبي يجد الشاعر أحيانا يلجأ للفظة غير معروفة المعنى، أو لفظة مهجورة من زمن بعيد، ويحاول عسفها قهرا في بيت الشعر، وأرى ان لجوء الشاعر لمثل هذه الألفاظ لا يخرج عن الاسباب الآتية:
1 - قلة المخزون اللغوي لدى الشاعر.
2 - قد تكون العكس محاولة من الشاعر لإظهار ثقافته وقدرته على وفاء المعنى بما شاء من ألفاظ.
3 - قد يكون للقافية الأثر الأكبر، حيث تُلجئ الشاعر للفظة غريبة يتم من خلالها السير على القافية.
4 - قد يكون الموقف واستعجال الرد هما السبب، فيضطر الشاعر للاتيان بأي كلمة تخرجه من أزمته.
انني لا ادعو الشعراء لنبذ تراثهم والبعد عن مفرداتهم الاصيلة، ولكنني أدعوهم الى الدقة في اختيار الكلمة المناسبة التي تؤدي المعنى المراد، فمن غير الطبيعي ان يكون مع كل شخص في ساحة المحاورة قاموس يبحث فيه عن كل كلمة لا يعرف معناها، وما أتى الجمهور الا للمتعة والفائدة وليس لديه من الوقت ما يكفي لتتبع معاني الألفاظ وهذا ما يضعه الشاعر الواعي نصب عينه.
انك لتعجب ويزداد عجبك عندما تسمع (مستشعرا) يهرف بما لا يعرف، حتى وان كانت كلماته مفهومة المعنى لكنها غير سليمة التركيب، فأول البيت عند آخره وآخره عند أوله، استمع الى الشاعر الذي يقول - مع الاحتفاظ بالاسم -:
تقدم يا ... عندنا هرجة وكلمة راس
ليا جات الحمول بلا جمال اليوم أحملها
كان من الواجب ان يبتعد عن كلمة (هرجة) لدلالة ما بعدها عليها، ويضع بدلا منها (دلة) دون اختلال في الوزن، ولأن الكلام يحسن على (فنجان دلة)، ثم انظر الى الشطر الثاني واعجب كما عجبت، فكيف تأتي الحمول بلا جمال؟ أليس الشاعر يريد ان يقول: ليا جات الجمال بلا حمول؟ ثم انظر الى كلمة (اليوم) التي أتت في مكان غير مكانها، ويبدو ان شاعرنا اضطر اليها اضرارا.
صفحة الواحة في ملف ( pdf )