يبدأ درس الصحافة بالتساؤلات الخمسة (كيف وأين ولماذا ومتى ومن؟) ومعها نحاول الانطلاق في محاولة حل هذه الاستفسارات باستفهاماتها الخمسة لمحاولة تحديد وجه محدد للشعر النسائي في الشعر الشعبي منذ انطلاقة مجلات الشعر الشعبي الأولى قبل نحو 20 عاما.
من الصعب أن تحدد من هن الشاعرات اللاتي وضعن حدودا لخارطة الشعر الشعبي النسائي إلا أننا وببساطة يمكننا أن نحدد أسماء لمعت في فترة من الفترات لسنة أو سنتين وربما أكثر قليلا ثم عادت إلى الانطفاء فهناك، غيوض ووضوح وعابرة سبيل وصدى الحرمان.
أعقبهن بنت أبوها والراسية ومليحة الفودري وفي وقت متأخر بشاير الشيباني ونجاح المساعيد وبعدهما ظهرت ضحاوي العدواني ثم دارت الأسماء وظهرت أصوات نسائية مهمة من دول الخليج العربي التي كانت بعيدة عن الضوء، فمن الإمارات العربية المتحدة الشاعرة شجون الظبيانية، ومن سلطنة عمان الشاعرة سماح البلوشـــي.
والأسماء التي لم ترد لم تشكل ما يمكن ان يعول عليه كنقطة ضوء كما في الأسماء السابقة.
ألف تهمة تلقى في بركة مياه الشعر الشعبي النسائي ومنها أن أغلبهن يكتب لهن، ولكن كل ما يذكر من أحجار ترمى في البركة ليست بأكثر من كلام مرسل «كما يقول أهل القانون» بلا دليل ملموس أو حسي أو مادي، بل إن بعض الشعراء ممن يقول «هأذا» نجده يرمي التهم جزافا في محاولة يائسة للفت الأنظار إليه، وهو أمر لم يسلم منه شاعر كبير ونجم مشهور عندما أنكر وجود عابرة سبيل بعد وفاتها وقال إنها مجرد اسم لشعراء متخفين، وهو الأمر الذي تنكره سيرتها الشعرية التي تفوقت على هذا الشاعر النجم بمراحل، وكان ديوان عابرة سبيل - رحمها الله - الأكثر مبيعا في مكتبات الكويت على مدار أكثر من 21 أسبوعا وهو أمر يعرفه ويعلمه ناصر السبيعي جيدا.
متى بدأ الشعر النسائي؟ الكل يعلم أننا نتحدث عن تجربة الشعر النسائي في المجلات أي قبل 20 عاما، وقليلة هي الأسمــــاء التي فرضــــت نفسها نسائيـــا خلال فتـــرة الظهـــور الأولى للمجـــلات.
ولكن في المجمل لم يتشكل مجتمع مصغر للشعر النسائي مع أول ملف نسائي في المجلات والذي بدأته الرائدة «ديمة» ونجح في استقطاب عدد كبير من الشاعرات وفتح أمامهن بابا ومتنفسا بعيدا عن منافسة صفحات نوض التي يعدها الشاعر نايف الرشيدي والتي كانت حكرا على الشعراء دون الشاعرات.
كيف هو وضع الشعر النسائي؟ وهذا سؤال لا يمكن تحديده إذ أنه وبسبب العادات والتقاليد كان ظهور واختفاء أسماء الشاعرات خاصة تحت ظلال الأسماء المستعارة أمرا مستمرا ما جعل الشعر الشعبي النسائي متذبذبا بشكل أشبه بلعبة قطار الموت فبذات سرعة الصعود تكون سرعة النزول وربما أسرع.
الشعر الرجالي - إن صح التعبير - كان على الدوام له مرجعياته من الشعراء النجوم أو المخضرمين أو أصحاب الخبرة أما الشعر النسائي فظل منذ الظهور الذي نتحدث عنه منذ 20 عاما بلا مرجعية أو اسم يعتمد عليه سوى عابرة سبيل والتي كانت تختفي وظلت حتى بعد مماتها - رحمها الله - تتستر تحت غطاء اسمها المستعار الذي يعتبر أشهر الأسماء المستعارة على الإطلاق في تاريخ الشعر الشعبي.
الانتشار المحدود والضيق لبعض الشاعرات أيضا تسبب في تشتت مجتمع الشاعرات، فنجد أن الشاعرة عندما تظهر تجعل نفسها محتكرة في هذه الصفحة او تلك إما لثقتها في المعد والمطبوعة أو ربما لعدم ثقتها في المعدين الآخرين الذين اتهمتهم إحدى الشاعرات ذات مرة بأنهم «مجموعة من المغازلجية» أيضا عدم وجود معدة شعرية حقيقية كان سببا في بعد الشاعرات.
فحتى تجارب المعدات الشعبيات في الساحة الشعبية كانت تنتهي دائما إلى الفشل إما لعدم القدرة أصلا على الاستمرارية أو لأن المعدة أصلا ليست شاعرة حقيقية أو حتى مطلعة بشكل كاف على الشعر ما يجعلها غير مؤهلة للحكم على أوزان وعروض ومعاني الشعر.
ختاما لا يمكن إنكار وجود حركة شعرية نسائية إلا أنها لاتزال تحبو في ظل شعر رجالي متحرك على الدوام ومتجدد النجوم.
سيف محمد الرشيدي
صفحة الواحة في ملف ( pdf )