عبدالله المحيسن
سافو - لمن لا يعلم - هي اول شاعرة في تاريخ الادب النسوي تلك المرأة الفذة والعجيبة «لأني لا اعرف انه قد وجدت في جميع العصور التي وصل الينا علمها امرأة اوتيت معشار ما اوتيت من النبوغ في فن الشعر»، هذا ما نقله يول ديورانت في المجلد الثاني من كتابه «قصة الحضارة»، وكان صولون وهو واحد من المشرعين الاوائل وحاكم اثينا يقول عنها «اتمنى ان احفظ شعر سافو قبل ان اموت»، اي انه اعتبر شعرها قمة السعادة، وفيما كان سقراط اعظم الفلاسفة يسميها الجميلة، وكان افلاطون انبغ تلاميذ سقراط يهتم بأشعارها ايضا ويقدرها، حيث لم يعرف قبلها في التاريخ البشري اديبة وشاعرة سبقتها الا بعد وفاتها بمئات السنين، حيث عاشت في الفترة بين 610 و560 قبل الميلاد، واشتهرت بالتعبير الحار عن الحب في صورته السامية، فقامت بفتح اول مدرسة عرفها التاريخ لتعليم الفتيات فنونا مختلفة منها الشعر والسلوك المهذب والموسيقى والرقص، وكانت فيها المدرسة الوحيدة.
اسم سافو تصادفه في الدراسات النفسية عن تاريخ السلوك الشاذ عند النساء، لأنها من ابناء مدينة يونانية اسمها لسبوس، واسم المدينة هو مرادف كلمة الشذوذ عند المرأة، ومنسوب اليها، وتتهم به سافو، وقد ساعد في اطلاق هذه الصفة عليها علاقتها القوية المشحونة بالعواطف الجياشة مع تلميذات مدرستها، ما عزز اطلاق هذه الشائعة ضدها، ومما يدعم هذه الشائعات ما بقي من كتاباتها، خاصة قصيدتها لـ «افيس»، ومما تقوله فيها: لقد احببتك يا افيس منذ زمن بعيد، كذلك ما كتبته تحسد زوجها: انه سعيد ذلك الرجل الذي يجلس بالقرب منك ويستمع اليك، وانت تتحدثين حديثك الفضي وتضحكين، وكذلك: لأني اذا رأيتك لحظة قصيرة خشع صوتي من فوري، وانعقد لساني، وسرت في ضلوعي نار يحس بها من حولي، ولا تبصر عيناي منها شيئا وتطن في اذني امواج من الصوت عالية ويتصبب جسمي عرقا فيجري انهارا، وترتجف جميع اعضائي ويصبح لوني اكثر اصفرارا من لون العشب في الخريف، وتنتابني آلام الموت المترصد لي فأضطرب واضل في سكرات الحب، وفي نهاية القصيدة كتبت: لن ارى افيس بعد اليوم ولا فرق عندي بين هذا وبين الموت.
اما افيس فقد تركت المدرسة وهي تقول: واحسرتاه ما اتعس حظنا اقسم لك يا سافو ان فراقي اياك كان على الرغم مني، اما الباحثون المحايدون فينفون عنها هذه التهمة.
انتحارها
رغم ان الحضارة الانسانية عرفت شاعرات كثيرات، فان سافو ظلت المع اسم في تاريخ الادب النسائي - ولم تكن اسطورة - تناقلت الروايات ما يذكر موتها منتحرة بسبب ازمة عاطفية، وقيل انها احبت بحارا يدعى فايون وحالت الظروف دون اتمام الزواج، ويصدق البعض هذه الروايات ويرفض البعض الآخر ذلك، وبقيت شخصيتها تحمل بعض التفرد الذي ادى بالحاقدين عليها الى القيام بمحاولات لتشويه صورتها، لكن تاريخنا الانساني خلدها ايضا كشاعرة حساسة محبة ومقدرة للجمال.
من أشعارها
عندي طفلة جميلة..
شبيهة بالورود الذهبية..
كلايس.. هو اسمها..
وهي كل شيء بالنسبة لي..
كل شيء..
ولا أبدلها بثروة ليديا الفاتنة..
ولا لسبوس الرائعة الجمال..
فيما إذا خيرت بينها.. وبينهما..
إنها كل شيء بالنسبة لي..
وستبقى كل شيء على الدوام..
بعيدا كل البعد عن هذا العرض التاريخي الموجز الذي وجدت به لزاما عليّ ان اعرض للشاعرة سافو اجزم بأن 99% من شعراء الساحة لا يعرفونها و100% من شاعرات الساحة لم يسمعن بها من قبل، ولا عزاء لشاعرات الشعر الشعبي.
صفحة الواحة في ملف ( pdf )