ان النقد الادبي فن مستقل في ذاته فمن خلاله تدرس الاعمال الادبية دراسة شاملة وواعية، ويقوم هذا الفن على الشرح الدقيق والتفسير الواضح والتحليل المبين، لكي نتذوق هذه الاعمال تذوقا صحيحا، ونحكم عليها او لها بمعايير معينة وبموضوعية شاملة وانصاف عادل.
ففي السابق سار اختلاف المهتمين بالأدب في نظرتهم للأعمال الادبية والحكم عليها باختلاف الاساليب والمعايير التي يعتمدون عليها في نقدهم، والاسس التي يتبعونها في اصدار احكامهم على هذه الاعمال، لذلك نجد انواعا مختلفة من النقد الادبي، منها النقد الموضوعي والنقد التأثيري والموهبة النقدية..الخ وسنصنفها لكم اعزاءنا القراء وتصنيفا بسيطا دقيقا آملين من خلاله ايصالكم الى مواقع الاتمام والتقصير فيها، في البداية دعونا نبدأ واياكم بالنقد الموضوعي.
النقد الموضوعي
هو النقد الذي ينتج عن دراسة واعية وتدقيق ويلتزم الناقد فيه منجها معينا، ويعمل بقواعد اتفق عليها الكثير من النقاد، ويحكم عقله وثقافته الفنية والعامة في آن واحد، ولا يخضع لميوله الخاصة، ولا يتحيز ويدعم احكامه بالبراهين وبالحجج الثابتة.
وهذا النقد يكون مفصلا حيث يحلل الناقد العمل الادبي، ويركز في نواحيه جميعها، ويشرح مواقع الاتمام والتقصير فيها، ويبين اسباب حكمه عليها بالإتمام او التقصير، بعدها يبين من الاحكام الجزئية حكما عاما، يقوّم فيه العمل الادبي كله.
ويتطلب هذا النوع من النقد ان تكون لدى الناقد الخبرة الكافية ليتمكن من التحليل الدقيق والقدرة على المناقشة، وكذلك ذوق مدرب جيدا يساعده على تمييز مستويات الجمال والقبح المختلفة، وثقافة واسعة تمكنه من الموازنة وتطبيق القواعد النقدية.
ويكون حكم النقاد في النقد الموضوعي متقاربا متطابقا، فلو اعطينا عملا ادبيا لمجموعة من النقاد الموضوعيين فنقدوه، لرأينا نقدهم متشابها، والخلافات المحدودة التي تكون سببها الفروق الدقيقة في الاذواق، فأما الفروق الناتجة عن بعض النقاد فهي وجدانية تقبل وتسمح بوجود فروق بسيطة بين ناقد وآخر.
ولاريب ان النقد الموضوعي هو نتيجة من نتائج ارتقاء النقد ومؤشر على التقدم الادبي، لأنه يعتمد على الدراسة الملمة والتحليل الواضح، حيث انه يسلك الطريق الى المناقشة والاحتجاج لكي يقنعنا بأحكامه، وهو الذي يساند الادباء في تحسين ابداعاتهم الادبية ويساهم في تطوير الادب والارتقاء بأذواق القراء.
محسن الحجرف
صفحة الواحة في ملف ( pdf )