جاءت الحلقة الأخيرة من برنامج المسابقات الشهير «شاعر المليون»، لتؤكد على الغايات النبيلة للبرنامج في استعادة قيمة الشعر النبطي وقامته العملاقة المعبرة عن تراث حضاري أصيل، وانجاز فكري وشعري عظيم، البرنامج الذي تنتجه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث وتنفذه شركة بيراميديا، شرفت حلقته الأخيرة بحضور الراعي الأول للبرنامج سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحه، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، والشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، والشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ورئيس هيئة أبوظبي للسياحة، كما شهدت الحلقة حضور الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ عبدالله بن محمد بن خالد آل نهيان.
وتميزت الحلقة بحضور لافت للجماهير الخليجية من محبي الشعر النبطي وحل الشاعر الاماراتي كريم معتوق ضيفا على الحلقة، كما تغنى الفنان الوسمي بصوته العذب.
شاعر الفخر
بداية الحلقة كانت مع المتسابق خليل الشبرمي التميمي (قطر) الذي تميز طوال حلقات البرنامج بالمحافظة على أسلوبه الشعري، وقدم قصيدة جميلة، قال عنها د.غسان الحسن: ان كل بيت فيها له معنى مستقل بذاته ويتجاور مع الذي يليه بدون اختلاط، واستهل المتسابق قصيدته بالتعريف بنفسه والافتخار بالقبيلة والوطن، وقال حمد السعيد: موضوع القصيدة مغلف بالجزالة الشعرية واتضحت فيه شخصية الشاعر ورجاحة عقله، وذهب سلطان العميمي الى الفخر وروح التحدي والتنافس الموجود في القصيدة وقال: عززت أساليب الشرط والنداء من المباشرة في النص، واعتمد المتسابق على الكثير من صور الحركة والحماس مع توظيف مفردات تتعلق بأجواء التنافس والتصادم، وأشار بدر صفوق الى أن النص به فعل وردة فعل ويقع بين بلاغة المعنى وتمكن المتسابق وبين المباشرة، كما استطاع توظيف ثمانية أمثال بالنص، وقال تركي المريخي: القصيدة تميزت بالشفافية والفخر والمدح.
الشاعر الثاني
وتفاعل الجمهور مع قصيدة المتسابق عامر بن عمرو (اليمن)، التي قال عنها حمد السعيد: ان أبياتها جميلة وجاء ختامها عاطفيا، وقال سلطان العميمي: القصيدة لم تختلف عن قصائد المتسابق السابقة، واعتمد فيها على بناء صور شعرية مستقلة، وكان لذلك دور في استخدام المتسابق لقافية تنتهي بحرف «الهاء»، كما استحضر الشاعر الزمن الماضي مع طغيان مفردات المكان على مفردات الزمان، وأضاف بدر صفوق، استرجع الشاعر الذاكرة من خلال مروره بالمراحل العمرية المختلفة وظهر بالنص تصوير سينمائي للأماكن التي وردت في النص مثل مدن أبوظبي ودبي، وقال تركي المريخي: النص به تعبير المتسابق عن وفائه لأرض الامارات والقصيدة في مجملها متميزة، وقال د.غسان الحسن: النص وقع على نفس خطى المتسابق في قصائده السابقة، والذي استخدم جزئيات بسيطة وجميلة من الناحية الشعرية وتخاطب القلب وارتقى النص من خلال تناسق الصور.
شاعر الوالدين
وتلاه المتسابق عيضة السفياني (السعودية) وقال سلطان العميمي عن قصيدته: انها في بر الوالدين، وكان للدين حضور من خلال الاشارة للأحاديث النبوية وكانت الشاعرية جيدة رغم امكانية المتسابق في الامتداد بالشاعرية بصورة أكبر، وأشار «العميمي» الى ذكاء المتسابق بمشواره في المسابقة من خلال النصوص التي قدمها، وقال بدر صفوق: النص انساني وفيه من الشاعرية الكثير رغم وجود المباشرة في بعض الأبيات، وأشار تركي المريخي الى استشهاد المتسابق بكثير من الأحاديث النبوية الشريفة، وقال د.غسان الحسن: استعرض المتسابق الثقافة الدينية واستطاع اثبات تملكه للكثير من هذه الثقافة مثل السير والوقائع وبر الوالدين، كما استطاع صياغتها شعرا بشكل حرفي.
شاعر الإمارات
وشهدت الحلقة تميز المتسابق الاماراتي محمد بن حماد الكعبي من خلال قصيدته في مشاركته في المسابقة، ومدح قادة الدولة، وقال عنها بدر صفوق: انها تتكون من موضوعين، الأول تناول ظروف المسابقة وحملت خلالها الأبيات اصرار وجهد المتسابق لنيل اللقب والبيرق واختتمها بقبول النتيجة، وتناول الموضوع الثاني مدح رمز الدولة من خلال أسلوب شعري أخاذ، كما تميز النص بالفكرة والبناء والروح الشعرية والالتزام باللهجة، وأضاف تركي المريخي: هناك تميز في أسلوب كل بيت وكانت أمنيات المتسابق في وضع بصمة مهمة على شاطئ الراحة واضحة، وقال د.غسان الحسن: القصيدة تسلك طريق اللغة السهلة وجاءت المعاني بسيطة وقريبة التناول، وكانت البداية جميلة في المطلع ثم ذهبت الى المباشرة في كثير من الأبيات وتحدث المتسابق عن ذاته ونظرته للمسابقة مع رضائه بالحظ والنتيجة وعدم تخليه عن الطموح، وقال حمد السعيد: أسلوب المتسابق سهل ممتنع وجاءت الأبيات جميلة في مدح رمز الدولة، وقال سلطان العميمي: القصيدة تتحدث عن نهاية رحلة المسابقة واحتوت على توقعات مختلفة للمتسابق، كما ارتفعت الشاعرية في النصف الأول من القصيدة من خلال تراكيب شعرية بعضها مألوف جدا، أما النصف الثاني، فلجأ فيه المتسابق الى الاعتماد على الايقاع الموسيقي، ووجه من خلال الابيات الأخيرة رسالة شكر الى رئيس الدولة.
شاعر الذكاء
وكعادته تألق المتسابق ناصر الفراعنة (السعودية)، في قصيدة تفاعل معها الجمهور، وقال عنها تركي المريخي: ان صاحبها ربط بين المشاركة الأولى في البرنامج والخاتمة، ونجح في تقديم نص انسجمت فيه عناصر الرؤية والتعبير عما يريد، ووصف د.غسان الحسن المتسابق بالمتألق وقال: القصيدة بها ذكاء شاعر، فالمعاني يمكن قراءتها كونها موجهة لشخص محدد أو كونها تعبيرا عن الهم العام، واحتوت القصيدة على ثقافة الشاعر وكثافة المعاني مع قلة الحشو، وأشار حمد السعيد الى الرمزية الموجودة بالنص، في حين قال سلطان العميمي: ان القصيدة حملت لونا معروفا للمتسابق وفيها انعكاس لثقافته واتجهت الى الرمزية السياسية والتاريخية كما اعتمدت على التقابل في المفردات، وأضاف، القصيدة بها صور شعرية كثيرة وقام المتسابق بتطعيم النص بالتراكيب اللغوية والصور الشعرية، واختتم بدر صفوق تقييم اللجنة قائلا: النص به اشارات لموضوعات مختلفة ويشير الى براءة المتسابق من موقف معين، وقام صاحبه بالمرور الحذر على بعض الموضوعات السياسية واستخدم الاسقاط المكاني.
قصائد المجاراة
شهد الجزء الثاني من الحلقة القصائد المرتجلة للمتسابقين الخمسة على أشهر الأبيات الفصحى والتي تمثلت في بيتين للشاعر المتنبي، واتفق أعضاء اللجنة على اجادة المتسابقين ناصر الفراعنة ومحمد بن حماد الكعبي في كتابة قصيدة المجاراة من ناحية الوزن والمعنى، في حين أصاب بقية الشعراء من ناحية المعنى فقط.
وفي نهاية الحلقة أعلن د.غسان الحسن عن درجات لجنة التحكيم من مجموع 50 درجة حيث حصل خليل الشبرمي التميمي على 42، عامر بن عمرو 41، عيضة السفياني 43 محمد بن حماد الكعبي 44 وناصر الفراعنة 46، وبعد الاطلاع على نسبة التصويت أعلن عن تتويج الشاعر خليل الشبرمي التميمي (قطر) بلقب شاعر المليون وحصوله على مبلغ مليون درهم اماراتي وبلغت درجته النهائية 62%، بينما حصل على المركز الثاني الشاعر محمد بن حماد الكعبي (الامارات) بنسبة 54% وفاز بمبلغ نصف مليون درهم اماراتي، وحصل الشاعر عامر بن عمرو (اليمن) على المركز الثالث بنسبة 52% ومبلغ 350 ألف درهم.
صفحة الواحة في ملف ( pdf )