اختتمت الجمعة الماضية أنشطة الحلقة الثانية من برنامج المسابقات الشهير «أمير الشعراء» والذي يقام تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وتنتجه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث.
الحلقة شهدت تنوعا كبيرا بين موضوعات القصيدة عند المتسابقين، اضافة الى التنافس الحاد بينهم، والذين حاولوا ابراز الصور المبتكرة والأداء الجيد كما شهدت نقدا جريئا لقصائد الشعراء من جانب اعضاء لجنة التحكيم، وقد ضمت الحلقة الشعراء: مهدي منصور «لبنان»، نعيمة حسن النجار «فلسطين»، احمو الحسن الأحمد «المغرب»، رابح ظريف «الجزائر»، محمد ابراهيم يعقوب «السعودية»، عامر عبدالكريم مصطفى «العراق»، عبدالله ولد سيدي محمد بونا «موريتانيا».
كما شهدت الحلقة الاعلان عن تأهل المتسابق الأردني محمد العياف العموش، والمتسابق آدي ولد أدب الى المرحلة الثانية للبرنامج وذلك عقب حصولهما على أعلى نسبة تصويت من الجمهور أضيفت لنسب لجنة التحكيم التي حصلوا عليها، فكانت نتائجهما هي الأعلى مقارنة بالبقية.
كما تميزت الأمسية بحضور الشاعرة المصرية الشعبية ايمان بكري التي قدمت قصائد أمتعت الجمهور، والمطرب العراقي ماجد المهندس.
إليك في وطن الغياب
بداية الحلقة كانت مع المتسابق المغربي أحمو الحسن، والذي ألقى قصيدة بعنوان «اليك في وطن الغياب» كشف عن رؤيتها د.احمد خريس، والتي ترى في الماضي صورة نقية ولا تنظر للحاضر الا النظرة السيئة، وتناول نايف الرشدان «المرتكزات» المؤثرة في البنية الايقاعية ووصف لغته الشعرية بالراقية، وقال د.صلاح فضل، المتسابق وزع النص بين صوتين، هما صوت القيل والقال وهو عبارة عن ذات تخاطب نفسها وتتجه للوطن غير ان المتسابق اعتمد على بعض المقولات المستهلكة، واشار د.علي بن تميم الى ان النص مفكك رأسيا وأفقيا.
وقال: المتسابق يجمع بين المفردات بلا رؤية شعرية، بينما اشار د.عبدالمالك مرتاض، الى جماليات النص من خلال الجدية في عنوان النص واللغة المعجمية الراقية واستحضار المتسابق للثقافة الغائبة ووصف نصه بالأنيق والرشيق.
إلى وجه الذي لا يراني
وتلاه في الأمسية المتسابق رابح ظريف «الجزائر» وقصيدة بعنوان «الى وجه الذي لا يراني» وعلق عليها نايف الرشدان قائلا: انتقل المتسابق من التفكير الى التصوير ثم التأكيد، وهناك بعض التكرار بالنص، وعلق د.صلاح فضل على طرافة العنوان وقال: العنوان يدل على ثمل الشاعر بخمر الشعر، والنص مبني على تقنية المفارقة والتي تولد الكثير من الظرف الجميل، كما ان صياغته محكمة، وقال د.علي بن تميم، هناك مخاطب بالنص هو الذات والقصيدة ظلية وبها امتداد طويل هتك بالبنية، واشار د.عبدالملك مرتاض الى مضمون النص النبيل والذاتية الطافحة والتي تعبر عن حضور الذات بصرامة وأقام المتسابق حوارا داخليا جيدا وظف به الأحداث والألوان والأضواء، واشار د.احمد خريس الى الطرافة الموجودة بالقصيدة.
شاعر قدير
وجاء الشاعر الثالث بالأمسية، من العراق عامر عبدالكريم الرقيبة، والذي اشاد بطاقته الشعرية في القصيدة العمودية د.صلاح فضل وقال: المتسابق شاعر قدير ويصرخ ليعبر عن حاجته للفرح غير انه لم يوظف طاقته التصويرية في الشعر، وقال د.علي بن تميم: استدعى المتسابق صورا تستخدم في الغزل بالماضي، واستحضر الماضي في سياق جديد يذكرنا بقصيدة الشاعر صلاح عبدالصبور في مطاردة فريسته وهي الذات، ويتمسك المتسابق ايضا بالسلام في نهاية القصيدة غير انه اقحم لغة جديدة دون مسوغ، وقال د.عبدالملك مرتاض: عنوان القصيدة شعري، ومضمونها نبيل واللغة الشعرية بديعة الى حد كبير وهناك استحضار للثقافة التراثية ووصف النص بالجميل شكلا ومضمونا، واضاف د.احمد خريس، هناك تصاعد في القصيدة، والتي تلمح فيها المقدمة لموضوعها، غير ان التعبير عنها أخذ من التقليدية في المعاني الدارجة، وقال نايف الرشدان: اللغة متماسكة لكن هناك سيطرة لبنى القوافي على معاني النص، ويحمل النص فلسفة خاصة بالشاعر.
بـوكـي
وألقى المتسابق الرابع في الحلقة عبدالله ولد بونا (موريتانيا) قصيدة بعنوان «بوكي» وقال عنها د.علي بن تميم، ان نصها بدأ بأبيات عمودية ثم التفعيلة تكريسا لمقولة ان القصيدة العمودية واضحة وقصيدة التفعيلة غامضة، واستحضر المتسابق أربعة استدعاءات تاريخية قديمة وهي ابن عتيق، برج بابل، ارم، وأخيرا ميسون. وقال د.عبدالملك مرتاض، النص به وعي بالذات ولغته الشعرية جميلة الى حد كبير والتصوير الفني راق ورفيع، وأشار د.أحمد خريس الى جمال النص والمقطع الأخير فيه وعلق ايضا على العلاقة الفعلية بين النص والنيل، وتناول نايف الرشدان، مكر المتسابق في تخبئة المرء في خياله، رغم أمنية الانسان ان يخبأ في مكان آمن، وأضاف ان المتسابق لديه تداعيات لفظية، وعلق د.صلاح فضل على غموض عنوان القصيدة.
غيابة النعي
وألقى المتسابق الخامس بالحلقة محمد ابراهيم يعقوب (السعودية) قصيدة بعنوان «غيابة النعي»، وأشار د.عبدالملك مرتاض الى ان نصها بديع ولغتها الشعرية أنيقة وتصويرها راق وأتى المتسابق بالثقافة العربية.
وقال د.أحمد خريس، القصيدة بها صور جميلة، كما ان النص مدهش بأخيلته، وقال نايف الرشدان.
مفردات النص قوية تنساب انسيابا والشاعرية عالية الحس، كما ان المتسابق واحد من فرسان الشعر في المشهد العربي، وقال د.صلاح فضل هناك تمسك بحالة شعرية جميلة ولكنها تتسرب من المتسابق، وأضاف د.علي بن تميم القصيدة بها بوح جميل وتشير لفكرة الشاعر المنكسر.
الأخطل الصغير
وتفاعل الجمهور مع المتسابق السادس بالحلقة مهدي منصور (لبنان)، وأشار د.أحمد خريس الى ان القصيدة تذكرنا بقصيدة الأخطل الصغير «الهوى والشباب» وبها استحضار ذكي لأغنية المطربة فيروز.
وقال د.نايف الرشدان تنقسم الذات بالقصيدة الى ذاتين، الأولى وادعة تمارس الأمر، والثانية هادرة متحركة تتنقل وتلقي الأوامر وتهيمن على الذات العليا المانحة على الذات الدنيا، ويتسم النص بالجمال الطافح، وقال د.صلاح فضل يحمل المتسابق نبرة «جبرانية» أعادت قوة شعر لبنان، ويحمل الشاعر طاقة شعرية دافقة وصورا بديعة، وقال د.علي بـــن تميم أعجبني منظور غياب الأم وهـــي مصـــدر للشعرية، ومنح المتسابق الأب صفـــة الحنان كما يلجأ الى التقابلات فـــي بعض الأحيان.
وقـــال د.عبدالملك مرتاض النص فيه عبق من وادي التفــاح، ونسيم ارز الجبل ونفحة من أجنحة جبران المنكسرة.
لا تنحني
واختتمت المنافسة المتسابقة نعيمة حسن (فلسطين) التي ألقت قصيدة بعنوان «لا تنحني» وأشار نايف الرشدان الى ان الانحناء ليس ضعفا وفي أغلب الأحيان يشي بالقوة والقصيدة بها محاولة للخلاص من وهم النهاية، والنص به بعض الصور الجمالية.
وقال د.صلاح فضل المتسابقة ابتعدت عن سطوة الموضوع السياسي كفلسطينية، والطريف ان لغة الحرب لم تختف بالنص، ولم تقدم المتسابقة تبريرا للجبروت الأنثوي، والنص به صور بسيطة.
لكنها مؤثرة وجميلة. وقال د.علي بن تميم بالنص بعض الوقفات العرضية، ويعتمد على بنية حركية وإلماحات تتعارض مع ايقاع الصورة، كما ان التجربة الانسانية مصطنعة، وقال د.عبدالملك مرتاض عنوان القصيدة مباشر، والمضمون يتطلع لحكاية فلسطينية ولم تستحضر المتسابقة الثقافة ولكن توجد ملامح البيئة الفلسطينية، وأشار د.أحمد خريس الى تأثر النص بصوت شعري لنزار قباني.
وعقب نهاية الجزء الأول من الأمسية أعلن مقدم الحفل اياد نصار عن قرار لجنة التحكيم بتأهل المتسابق اللبناني مهدي منصور، وذلك عقب حصوله على أعلى درجات من لجنة التحكيم وهي 45 درجة، ويدخل بقية المتسابقين لمرحلة التصويت والتي سيعلن عن نتائجها الاسبوع القادم.
الجدير بالذكر ان برنامج «أمير الشعراء» تدعمه وتنتجه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وتنفذه شركة بيراميديا، بإشراف عام للإعلامية نشوة الرويني والمنتج الفني منى الرويني واخراج محمد عاطف، وتقديم اياد نصار ورجاء صالح، وإعداد اياد المريثي، ويتم بثه عبر قناة أبوظبي يوم الخميس الساعة العاشرة والنصف مساء.
اضافة الى بثه عبر قناة (أمير الشعراء) التي تبث فعاليات المهرجان والمسابقة على مدار 24 ساعة.
صفحة الواحة في ملف ( pdf )