جاءت أنشطة الحلقة الثالثة من المرحلة الأولى لبرنامج المسابقات الشهير «أمير الشعراء»، لتؤكد على قيمة شعر الفصحى والغايات النبيلة التي يحملها البرنامج في استعادة قيمة اللغة العربية الفصحى، البرنامج الذي يقام تحت رعاية ودعم سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتُنفذه شركة بيراميديا، ويُذاع على فضائيتي شاعر المليون وأبوظبي، اضافة إلى إذاعة إمارات «اف إم».
الحلقة شهدت تنافسا حادا بين سبعة متسابقين وصفهم الدكتور نايف الرشدان، عضو لجنة التحكيم بالمجموعة الحديدية ومجموعة الموت وهم: عبدالرحمن حمزة (السودان)، مشعل المزيني الحربي (الكويت)، حاتم الزهراني (السعودية)، شفيقة وعيل (الجزائر)، أحمد بخيت (مصر)، سيدي محمد ولد بمبا (موريتانيا)، أحمد أبو سليم (الاردن).
كما شهدت الحلقة تأهل العراقي عامر الرقيبة والسعودي محمد إبراهيم يعقوب الى المرحلة الثانية بعد حصولهما على أعلى نسبة تصويت من الجمهور.
وتخللت الحلقة ايضا لقاءات شعرية مع ضيف الحلقة الشاعر الشعبي الأردني محمود عزام، وفقرة غنائية مع المطربة المغربية اسماء المنور.
شاعر فلسطين
بداية الحلقة كانت مع المتسابق احمد ابو سليم والذي ألقى قصيدة بعنوان «صباح الخير اسرائيل» واستهل التعليق عليها د.أحمد خريس، حيث اشار الى ان نص القصيدة وعنوانها يتناصان مع عنوان قصيدة «جندي يحلم بالزنابق البيضاء» للشاعر محمود درويش، غير ان رؤية المتسابق مناقضة لرؤية الشاعر «درويش» والنص يقدم مقولة احادية الاتجاه والمتسابق مباشر في البيان الشعري، وقال نايف الرشدان: عنوان القصيدة عريض والتعبير بالصباح يوحي بأن الليل سينقضي كما ان النص به ومضات شعرية ولكن دون روابط، وقال الدكتور صلاح فضل: الخير وهو الصباح لا يمكن ان نبدأ به على الكيان الاسرائيلي كما ان المتسابق لم يحدد في اي موقع يتحدث وتساءل، هل يتحدث الشاعر بلسان الجندي أم يتحدث بلسانه هو؟.. واشار د.علي بن تميم الى ان المتسابق يخلق معارضة ثقافية واتبع في قصيدته وزن تفعيلة مفاعيل، وقال د.عبدالملك مرتاض: النص يعالج محور مأساة الشعب الفلسطيني، والقصيدة تمثل عصرها والنص به الكثير من الصور البديعة.
شاعر الرافدين
وتميز المتسابق الثاني بالحلقة احمد بخيت (مصر) من خلال قصيدة تحمل عنوان «ثلاثون عاما» وتفاعل معها الجمهور وقال عنها نايف الرشدان: ان صوت المتسابق شعر، ولغته متقنة وعاطفته متزنة وايقاعاته متماسكة، وهناك شعرية وشاعرية وهي الشعر داخل الشعر والى جانب الروح يحيل المتسابق النص الى خطاب شعري، وقال د.صلاح فضل: المتسابق يُفجر في لغة الشعر طاقة الروي الى اقصى درجات الظماء، ويكسر توافق التركيب لتتزاوج كلمات لم تقترن من قبل، كما يبرهن ان الشعر لا يموت بتحولات الزمن وجسد المتسابق ايضا روح العراق من خلال ادارة حوار عريق بين شاعرين أحدهما عراقي بالهم والآخر عراقي الروح ووصف «فضل» القصيدة بأعذب القصائد، وقال الدكتور علي بن تميم: هناك نوع من التناص بين نص المتسابق ونص الشاعر نزار قباني في قصيدة «رائد فضاء» والأخير كان يقرأ قصيدة جبران خليل جبران والمتسابق نجح في استخدام مسكوكات «نزار قباني»، وأكد الدكتور عبدالملك مرتاض، على ان النص يحمل قضية كبيرة وتنساب لغته الكبيرة كماء النهر، واستخدام المتسابق السرد والحوار
والاستفهام وتميز في حضوره المسرحي، وقال د.أحمد خريس: القصيدة تدل على تمرس المتسابق في الشعر وقدرته على ضبط ايقاع المعنى.
شاعر الجنوب
وألقى المتسابق الثالث بالحلقة حاتم الزهراني (السعودية) قصيدة بعنوان رياح جنوبية من شمال القلب علّق عليها د.صلاح فضل قائلا: المتسابق يكتم الشعر رغم تدفقه، ويريد ان يبوح ولا يستطيع ويتحدث عن أغنيات بلا عينين وأمنيات بلا ساقين، كما تميز بنبرة الجنوب الأليفة.
وقال د.علي بن تميم: يشير النص لذات تواجه الغياب، وحضور الذات بالقصيدة مقاوم للزوال والفناء، كما يوجد استدعاء لقصيدة امرؤ القيس في أحد أبيات القصيدة.
وقال د.عبدالملك مرتاض: لغة المتسابق شعرية ونقية كماء المطر، والنسج الشعري دائري، ووصف المتسابق بالرسام الذي يرسم مشاهد ملونة للحياة.
وأشار د.أحمد خريس الى ان القصيدة بها احالة الى قصة الشاعر «امرؤ القيس» عندما حاول استعادة ملك ابيه والنص به تراجيديا واحاسيس، ويتقمص المتسابق شخصية الملك، ليصور على نحو بديع كيف تكون أحلام الشاعر وكيف يعيش غربته بلا سند وفكر، وقال نايف رشدان: النص يمثل صورة جميلة للمشهد الشعري الحديث، ويحمل العنوان جهتين متقابلتين وتميز المتسابق بتمكنه من ادواته الشعرية.
شاعر الثورات
تلاه المتسابق سيدي محمد ولد بمبا (موريتانيا) الذي ألقى قصيدة تفاعل معها الجمهور.
وقال عنها د.علي بن تميم: لم يعجبني استحضار المتسابق لثورة الحلاج والزنج، حيث استهلكا عند شعراء السبعينيات، وعلق على الشفافية الموجودة بلفظ الرؤية والماء في البيت القائل: «وطني سراب كلما ألبسته، لون الرؤى يختار لون الماء».
وقال د.عبدالملك مرتاض: المتسابق استعمل الفرق بين المذكر والمؤنث واللغة الشعرية تنتمي لعصرنا غير بعض الكلمات غير العربية.
وأشاد د.أحمد خريس بجمال النص والتفات المتسابق لثورات المهمشين، وأضاف ان المتسابق يحمل انكسار الأمة لأسباب تضرب في عمق تاريخنا، وانتقد وقوع المتسابق في المباشرة والتعميم بنهاية القصيدة، وقال نايف الرشدان: أجاد المتسابق بلاغة الصمت وأقام علاقات لغوية ذات دلالات شعرية وامتلأ نصه بالجمل الشعرية والرموز، مثل رمز الحياة والفناء والصوفي والتخلص من القيد، وقال د.صلاح فضل: القصيدة نمط غريب ومدهش من الشعر وافترض المتسابق ان القصيدة صماء وأجاد الصمت وتدعو لامتزاج المذكر والمؤنث وبها عبارات للشاعر صلاح عبدالصبور، كما ذكر المتسابق ثورة الزنوج.
شاعرة الفحولة
وألقت المتسابقة شفيقة وعيل (الجزائر) قصيدة تمثل فحولة استثنائية، كما علق عليها د.عبدالملك مرتاض وقال: اللغة الشعرية منسابة، والايقاع البسيط مستفز وتدل الألفاظ على القلق وتميل الصور الى اللغة الصوفية، وأشار د.أحمد خريس الى ان القصيدة تدل على روائع من منهل الشعر الأصيل وبها مزج لقصص الأنبياء الكرام، وقال نايف الرشدان: القصيدة من أروع مشاركات الأنثى بالمسابقة، كما دخلت في تناص قرآني، ووصف د.صلاح فضل المتسابقة بالشاعرة المقتدرة وقال: تشبعت المتسابقة بالعروبة وتتمثل في القصة القرآنية، وأضاف: تحكي المتسابقة بمشاعر مريم عند الصمت وتوظف التراث في دلالات معاصرة، وقال د.علي بن تميم: تتميز استحضارات المتسابقة بالترابط والانسجام وهناك تلميح الى مسألة «النبي موسى» في التابوت، ويقدم النص معاناة المرأة للظهور.
شاعر النيلين
سادسة المشاركات بالحلقة كانت مع المتسابق السوداني عبدالرحيم حمزة الذي ألقى قصيدة بعنوان «منفى حقيبتي» وانتقد د.أحمد خريس القصيدة من خلال الاستسهال الموجود بالنص، وأشاد نايف الرشدان بقدرات الشاعر، وانتقد بعض الفجوات الموجودة بالنص من السجعات المتلاحقة، وقال د.صلاح فضل: المتسابق تمسك بموضوع المنفى، وافتتح القصيدة بموضوع حضن الأم ولديه قدرة على التقاط العناصر السودانية الأصيلة، ولكنه لم يستثمر القوافي.
وقال د.علي بن تميم: عنوان القصيدة يعطي توقعات متعددة، وتقدم الذات التي تبحث عن كل شيء (الأم، الوطن، الحبيبة والبيت) وتخلى المتسابق عن القافية مع وجود نزوع سردي، وقال د.عبدالملك مرتاض: القصيدة تمتلئ بعنوانها وتمثل الوجود المفقود وحيز المنفى فيضيق من جهة ويتسع من جهة اخرى، والشعرية لا تبوح لقارئها من اول وهلة وهناك بعض المحسنات.
شاعر الحب
واختتم الجزء الاول من الحلقة المتسابق مشعل الحربي (الكويت) بقصيدة تحمل عنوان «عزف على وتر الحب» قال عنها نايف الرشدان: ان نصها جميل اضافة الى امتلاك المتسابق لقدرة شعرية فذة وحضور شعري، وقال د.صلاح فضل: حالتك الشعرية موسيقى عازفة ودعا المتسابق الى الكتابة باللهجة العامية، وقال د.علي بن تميم: استدعى الشاعر لفظ السيف، وألمح لأول قصيدة في التاريخ البشري والتي نسبت لآدم وهناك ضيق في الرؤية، وقال د.عبدالملك مرتاض: المتسابق اشعل الشعر نارا، واقام النص على ثلاثة ايقاعات وهناك صور مدهشة واستحضار للتراث والمعالم الدينية العظيمة، وقال د.احمد خريس: هناك قافية «شينية» وهي قافية صعبة اجادها المتسابق وتدل على شاعر قادم.
وفي نهاية الحلقة اعلن مذيع البرنامج اياد نصار عن قرار لجنة التحكيم بتأهل المتسابق المصري احمد بخيت للمرحلة الثانية للبرنامج بعد حصوله على 44 درجة، في حين يدخل بقية المتسابقين مرحلة التصويت.
الجدير بالذكر ان برنامج «امير الشعراء» تنفذه شركة بيراميديا بإشراف عام للإعلامية نشوة الرويني، والمنتج الفني منى الرويني واخراج محمد عاطف، وتقديم اياد نصار ورجاء صالح، واعداد اياد المريسي، ويتم بثه عبر قناة ابوظبي يوم الخميس الساعة العاشرة والنصف مساء، اضافة الى بثه عبر قناة (امير الشعراء) التي تبث انشطة المهرجان والمسابقة على مدار 24 ساعة على تردد 11804 ميغا هيرتز على القمر الاصطناعي عرب سات استقطاب افقي الترميز 27500 التصحيح4/3.
صفحة الواحة في ملف ( pdf )