ترجّل عن صهوة الحياة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش بعد حياة حافلة بالعطاء والشعر والتجديد، وتوفي الشاعر السبت (أول من أمس) في المستشفى بالولايات المتحدة الأميركية حيث كان يخضع لعملية بالقلب.
ويعتبر درويش «شاعر المقاومة الفلسطينية»، بل انه يوصف بأنه أحد أهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبطت اسماؤهم بشعر الثورة والوطن.
كما يعتبر أحد أبرز من ساهم في تطوير الشعر العربي الحديث، وادخال الرمزية فيه، وفي قصائده امتزج حب الوطن بالحبيبة الأنثى.
وترجمت أعمال درويش، الذي قام بكتابة إعلان الاستقلال الفلسطيني الذي تم إعلانه في الجزائر في العام 1988، الى ما يقرب من 22 لغة وحصل على العديد من الجوائز العالمية.
والشاعر الكبير محمود درويش هو الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات، ولد في العام 1941 في قرية البروة الفلسطينية.
وفي العام 1948 لجأ الى لبنان وهو في السابعة من عمره، وبقي هناك عاما واحدا، عاد بعدها متسللا الى فلسطين وبقي في قرية دير الأسد لفترة قصيرة استقر بعدها في قرية الجديدة شمال غرب قريته الأم «البروة».
واكمل تعليمه الابتدائي بعد عودته من لبنان في مدرسة دير الأسد متخفيا، فقد كان يخشى ان يتعرض للنفي من جديد إذا كشف أمر تسلله وعاش تلك الفترة محروما من الجنسية، أما تعليمه الثانوي فتلقاه في قرية كفر ياسيف.
وانضم درويش الى الحزب الشيوعي، وبعد انهائه تعليمه الثانوي، كرّس حياته لكتابة الشعر والمقالات في الصحف مثل صحيفة «الاتحاد» والمجلات مثل مجلة «الجديد»، التي أصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها، وكلتاهما تابعتان للحزب الشيوعي، كما شارك في تحرير جريدة الفجر.
وتعرض الشاعر للاعتقال من السلطات الاسرائيلية أكثر من مرة منذ العام 1961 بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية، حتى في العام 1972 وبعدها نزح الى مصر وانتقل بعدها الى لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن ابرز المحطات السياسية في حياته انسحابه من منظمة التحرير الفلسطينية احتجاجا على توقيع ياسر عرفات لاتفاقية «اوسلو» عام 1993.
شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحافيين الفلسطينيين وحرر مجلة الكرمل، وأقام في باريس قبل عودته الى وطنه حيث انه دخل الى اسرائيل بتصريح لزيارة أمه، وفي فترة وجوده هناك قدّم بعض أعضاء الكنيست الاسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء في وطنه وقد سمح له بذلك.
وحصل محمود درويش على عدد من الجوائز منها جائزة لوتس في العام 1996 وجائزة البحر المتوسط في العام 1980، ودرع الثورة الفلسطينية في العام 1981، ولوحة أوروبا للشعر في العام 1981، وجائزة ابن سينا في الاتحاد السوفييتي في العام 1982 وجائزة لينين في الاتحاد السوفييتي في العام 1983.
عمل رئيسا لتحرير مجلة شؤون فلسطينية، وشغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحافيين الفلسطينيين.
أسس مجلة الكرمل في بيروت العام 1980 والتي انتقلت الى قبرص قبل ان تستقر أخيرا في رام الله، وظل يشغل رئاسة تحريرها حتى وفاته.
نال محمود درويش جوائز عالمية عدة تكريما لشعره.
أطلقت مدينة رام الله في الضفة الغربية اسمه على أحد ميادينها قبل ان يلقي مجموعة من قصائده ضمنها «لاعب النرد» في القصر الثقافي في رام الله.
أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية عن اصدار طابع بريدي يحمل صورة درويش ملقيا احدى قصائده، وذلك تقديرا لمكانته ودوره الكبير في إحياء القضية الفلسطينية في مختلف أنحاء العالم.
صفحة الواحة في ملف ( pdf )