هيثم السويط
مع عدد من أهم وابرز كتاب ونقاد وشعراء الساحة فتحت «الأنباء» تساؤلا حول مدى تأثير الانترنت على ساحة الشعر الشعبي، وتحدثوا برحابة صدر حول هذه القضية بشكل اردنا ان يكون خلاصة تجربة عن رأيهم فيما حمله الانترنت الى ساحة الشعر الشعبي، بعضهم جاءت اجاباته جازمة بقوة التأثير وآخرون كانوا متزنين واخرون جاءت اجاباتهم متطرفة ورأوا ان الانترنت احدث ثورة ما كانت لتحدث.
الإنترنت وسيلة الاتصال الاكثر تفاعلية من غيره والذي اقتحم ساحة الشعر الشعبي منذ عشر سنوات تقريبا وبشكل يجعلنا نتصور ان ساحة الشعر هي التي اقتحمته وليس العكس، خلال السنوات العشر ولدت عشرات المواقع الشعرية المتميزة لشعراء نجوم مغمورين وشعراء «نص كم» ووجدت ساحة الشعر الشعبي نفسها على موعد مع الساحة الشعبية بعد ولادة عدد من منتديات الشعر الشعبي المتميزة ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، موقع «شظايا» وموقع «وكالة انباء الشعر» وموقع «انهار» وموقع «أبيات» وموقع «موفن» وموقع «مرقاب» وموقع «جسد الثقافة» وموقع «مطلاع» وموقع «وقفات الادبي»، وموقع «سوالف ليل»، وجميعها مواقع برأينا انها سجلت ساحة شعبية افتراضية موازية للساحة الشعبية الواقعية، بل ان تلك المواقع اثرت ساحة الشعر الشعبي بكتابات نقدية مميزة وخدمات اخبارية اكثر تميزا وقدمت الشعراء والشعر دون تمييز.
من خلال هذا التحقيق الذي نستطلع به اراء نجوم ونقاد نحاول ان نلتمس اجابة واحدة لسؤال وحيد هو ما مدى تأثير الإنترنت على ساحة الشعر الشعبي؟
السبيعي: «المختلف» والإنترنت
رئيس تحرير المختلف الشاعر ناصر السبيعي اوضح ان «المختلف» كمجلة واكبت بدايات ظهور الانترنت وكانت من اولى المجلات على مستوى الوطن العربي التي تصدر بنسختين ورقية وانترنتية لايماننا بأن للانترنت دورا كبيرا في العجلة الادبية والشعرية، وقال السببيعي: وفقنا في انشاء اول موقع للمختلف ثم موقع آخر، بل اننا استحدثنا ايامها في العام 2000 صفحة متخصصة لمواقع الإنترنت وهذا ايمان منا بأهمية الإنترنت قبل حتى ان تحدث ثورته الكاملة التي نشهدها هذه الايام.
واضاف: ولاشك ان مواقع الانترنت الالكترونية قدمت اسماء الى ساحة الشعر الشعبي وقدمت كتابا بل حتى قدمت صحافيين منذ سنوات واعتقد ان نسبة التغيير التي احدثها الانترنت في ساحة الشعر الشعبي تفوق الـ 60% بعد ان حرك الركود.
صفوق: أثر كبير
أما الإعلامي المعروف وعضو لجنة «شاعر المليون» الشاعر بدر صفوق فقال إن الانترنت كان له دور فعال ولا شك في تنشيط ساحة الادب بشكل عام وليس الشعر الشعبي فقط فقد كان للانترنت أثر كبير ومنذ سنوات عشر في الساحة الشعبية وكان له دور كبير في وجود كل هذا الكم الهائل من الإنتاج الغزير للشعر عبر منتديات أدبية وشعرية عديدة سواء كانت متخصصة أو غير متخصصة، وإذا ما سألتني عن نسبة التغيير التي أحدثها دخول الانترنت فسأقول لك انها تفوق الـ 50%، فبعد أن كانت نوافذ النشر محتكرة من الصفحات والمجلات الشعرية اصبحت هناك نوافذ تطل على فضاء رحب اسمه الانترنت.
السعيد: 30% فقط
بدوره لم يقلل الشاعر وعضو لجنة تحكيم «شاعر المليون» الناقد المعروف حمد السعيد، من أهمية الانترنت ودوره الكبير في اثراء ساحة الشعر الشعبي رغم تحفظه على كثير مما ينشر، خاصة الذي يدعي اصحابه انهم شعراء بمشاركات تفتقر للوزن والقافية ولكنه قال: «هناك منتديات شعرية متخصصة لها ثقلها وقدمت شعراء وكتابا ونقادا لم نكن لنعرفهم لولا الانترنت، وهناك مواقع لها تميزها أدبيا وشعريا وهي لم تلغ المجلات او الصفحات الشعبية بل اصبحت رديفا لها، واصبحت نهرا جديدا يصب في الساحة الشعرية الشعبية».
وحول نسبة التغيير قال السعيد: «لا اعتقد انها تتجاوز الـ 30% لأن الشعر لابد أن يمر عبر قنواته الرسمية سواء المجلات المتخصصة او الصفحات او البرامج الشعرية.
الفراعنة: الجمهور يحكم
فرعون الشعر ناصر الفراعنة أدلى بدلوه معنا في هذا التساؤل المشروع الذي نطرحه حول مدى تأثير الانترنت في ساحة الشعر الشعبي وكعادته لم يخيب ظننا في طرح رؤية جديدة مختلفة كاختلاف شعره عن شعر آلاف الشعراء فقال: «الشعر هو الاصل، والاذاعة والتلفزيون والانترنت وغيرها من وسائل الاتصال هي لنقله فأي استحداث لوسيلة نقل هو أمر يصب في صالح الشعر، تماما كما لو اننا نتحدث عن السيارة والقطار والطائرة فكلها وسائل للنقل، وكذلك وسائط النقل الاعلامية تؤدي غرضا واحدا، وفيما يخص الشعر اعتقد انه حتى مع دخول الانترنت وغيره من وسائل الاتصال يبقى قبول الجمهور بما تحمله اليهم من شعر هو الحكم فيما إذا كنت شاعرا جيدا ام لا، سواء وصلت عن طريق الصحافة او التلفزيون او الانترنت، فانا أعتقد ان الجمهور قادر على تمييز الشعر الجيد والشاعر المميز من خلال شعره لا من خلال وسيلة الاتصال».
الرشيدي: فضاء آخر
«الانترنت.. فضاء آخر» بهذه الجملة بدأ مدير تحرير مجلة المختلف الاعلامي نايف الرشيدي حديثه لـ «الأنباء» حول تأثير الانترنت واضاف: «الانترنت يكمل العالم الورقي، وأقصد ان المنتديات الشعرية تكمل الصحافة الشعرية، ولا تلغيها أو تؤثر فيها فسابقا جاءت الاذاعة ولكنها كملت الصحافة الورقية ولم تلغها وكذلك جاء التلفزيون ولكنه لم يلغ الاذاعة ولا الصحافة، وجاء الڤيديو ثم عصر الفضائيات ثم الانترنت، ولكنها لم تلغ بعضها بل كملت بعضها لتصبح وسائل للنشر سواء للشعر أو للأدب أو للعلم أو للفن وجميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والفنية والانسانية، فالانترنت فضاء آخر يضاف الى فضاءات النشر الأخرى، لا أحد يلغي الآخر، ولكنها تكمل بعضها».
الخطيمي: قصائد مسموعة
الشاعر والإعلامي المعروف خلف الخطيمي جاءت اجاباته متوازنة كشخصيته تماما حول اثر الانترنت في الساحة الفنية بعد 10 سنوات من ظهوره فقال: «كل شيء جديد لابد ان يكون له تأثيره، والانترنت ولا شك اثر في ساحة الأدب والشعر الشعبي ولكن تأثيره انه منح مساحات أوسع للنشر سواء للشعراء أو النقاد أو الكتاب ومنحهم مساحات أكبر من الحرية، فأسس الشعراء مواقعهم الالكترونية الخاصة وأصبح بالإمكان تتبع نتاجهم الشعري للمتلقين بسهولة ويسر وسماع قصائدهم حيث توجد مواقع للقصائد المسموعة وكذلك مواقع مختصة لكل فنون الشعر، فهناك مواقع للشعر التقليدي واخرى للحديث، وغيرها للقلطة، وهناك لفنون الشعر الاخرى المرتبطة به كالسامري والعرضة والكسرة الجنوبية وهذا الأمر اعتقد انه خدم الشعر الشعبي بشكل عام وتأثيره لا شك ملموس».
الصواغ: عباءة الإنترنت
كان لابد ان نتوجه بسؤالنا الى رئيس تحرير أول مجلة أدبية الكترونية في الوطن العربي الشاعر فيحان الصواغ لنطرح عليه تساؤلنا حول نسبة التغيير الذي أحدثه الانترنت في ساحة الشعر الشعبي ليجيب عن سؤالنا بإجابة لم نكن نتوقعها قائلا: «200% هذه هي نسبة التغيير التي احدثها الانترنت في ساحة الشعر الشعبي بعد ان غير قواعدها ونسف تماما قواعد الحرس القديم الذين كانوا يعشعشون بكراسيهم على سدة الساحة الشعبية، فكان لابد من أن يأتي التغيير، وبالفعل جاء على يد الإنترنت وتغيرت مفاهيم كثيرة في الساحة الشعبية وقدم الانترنت شعراء أصبح لهم حضورهم البين في الساحة، وأصبحت المجلات والصحف تبحث عنهم وتنشر لهم بعد ان خرجوا من تحت عباءة الانترنت التي خرج من تحتها 50% من شعراء اليوم الذين أصبحوا نجوما يشار اليهم بالبنان.
الشعلاني: أكثر من 70%
الشاعر والإعلامي المعروف سعد الشعلاني أحد أوائل من ربطوا ساحة الشعر الشعبي بالكمبيوتر عبر برنامجه «شاعر الكمبيوتر» قال بدوره: «الانتــرنت فاقت نسبــة تغيــيره الـ 70% وغيّر كثيرا من مفاهيم الشعر الشعبي، بل غير حتى مقاييس نظرة الآخرين للشعراء، وغير أيضا نظرة الجمهور والمتلقي، فسابقا كانت علاقة الشاعر بجمهوره عبر ما ينشر له في الصحف والمجلات، أما بعد الانترنت فأصبحت هناك تفاعلية بين الشاعر وجمهوره فيتلمس ردود أفعالهم فور انزاله قصيدته في المنتدى أو الموقع ويقرأ انطباعاتهم وتعليقاتهم حتى انه يغير من قصيدته مرة واثنتين وثلاثا حتى يصل الى الشكل الكامل ثم يقوم بنشرها، وأجزم بأن نسبة التغيير بلغت اكثر من 70% بكثير».
الخالدي: المختلفون
الشاعر العذب ماجد الخالدي صاحب موقع شعري خاص به لا يشبه سواه، تحدث عن تأثير الانترنت من واقع تجربته مع موقعه الشخصي قائلا: «من خلال تجربتي وجدت ان جمهور التلفزيون يختلف عن جمهور قراء الصحف والمجلات، كما ان هذين الجمهورين يختلفان اختلافا كبيرا عن جمهور الانترنت، فجمهور الانترنت مختلف سواء في تفاعله أو تعاطيه أو تعليقه على ما تنشره كشاعر واعتقد ان الانترنت خدم الشعر الشعبي من حيث الانتشار وتوسيع قاعدة الجمهور بل أعاد روح الشعر باستحداث جمهور جديد مختلف، فبرأيي ان جمهور الانترنت مختلف تماما عن جمهور قراء الصحف، فأعتقد انهم اكثر وعيا واكثر اتزانا وأسرع تفاعلا، ولا تجد لديهم حرجا في التعبير عن آرائهم للشاعر، على عكس الجماهير الاخرى التي قد لا تفعل ذلك، لأن الانترنت يمنح مساحة للمتلقي للتعبير بشكل مباشر مع شاعره خاصة اذا كان الشاعر يملك موقعه الخاص».
صفحة الواحة في ملف ( pdf )