حسين الشمري
عندما كتب الشاعر «الكاريبي» ديريك ولكوت الشعر لم يكن يعتقد او يحلم بأنه في يوم من الايام سيفوز بجائزة «نوبل» للأدب ففي لقاءاته كان دائما يحلم بأن يموت ويحيى شاعر يتغنى بالجمال والحرية والإبداع وخيرا ما فعل ولكوت فقد كتب للشعر وربح قلوب المتذوقين والجائزة كذلك، سعود بن مهدي العجمي، شاعر لا يتعدى عمره الـ 24 ربيعا نحيل له حكايات كثيرة مع الإعلام في بداياته لم يتعب نفسه ولم يهلك وقته آنذاك، ابتعد عن الأضواء، جلس منزويا ـ كعادته حاليا ـ يكتب الشعر فقط، نشر في ـ المنتديات ـ الشعرية، انتشرت قصائده كالنار في الهشيم في الشبكة العنكبوتية وأعجب به الكثيرون وتغنوا بقصائده دون ان يعرفوا من كتبها وسعود راض بهذا الامر، بل ومستمتع بذلك كتب عن الخيانة حتى اعتقد الجميع أن سعود رجل جرب حبا من صميم قلبه، كتب عن الغزل، حتى اعتقدوا أن حبيبته من كوكب آخر تتمخطر أمامه لكي يكتب لها، كتب عن الودا حتى اعتقدوا أن سعود كتب هذه القصيدة وقد أغمي عليه بعدها، كتب للفقر، للطير، للحب، للفراق، للابتسامة، للمطر، التقط اللحظة باحتراف كبير أثار الزخم حوله في الساحة الشعبية والتفات الكثيرين له، ووضع 100 علامة عليه بأنه هو هذا الشاعر المحترف بامتياز، وكما قال الاديب جورج برناند شو ان الرجل العاقل يتكيف مع العالم، اما الرجل غير العاقل يحاول تكييف العالم معه.
فتقدم المجتمعات اذن «يعتمد على الرجل غير العاقل» وسعود بن مهدي شاعر ـ غير عاقل ـ تكيفت ذوائق المتابعين معه، هنا بعض مما كتب ومما التقطت ذاكرتنا لهذا النحيل المبدع من خلال متابعة استمرت لسنوات:
مكتئب شفق ضايق مشتحن! ناطر!
هـذي احـوالي اللي منت خـابـرهـا
حالتي في غيابك.. تكسر الخاطر
مثل حـال الكويت.. بدون جابرها
. . .
ياهل الهوى.. وين اللي قدره عن جميع الناس فاق
ويـنـه تركني مالتفت صــوبـي ولا كنه يــــرى؟
المشكلة مــاهـي جـفـا ولا وداع ولا فــراق
المشكلة لامن هويت انسان عنك مادرى؟
. . .
تدري؟ متى تخنقني العبرة وأحس اني وحيد
لا قلت: تامرني بشي؟ وقلت لي: سلامتك
. . .
قالت لي: يا سعود.. أأسمعني وأأعذرني؟
مــــاودي اردك بـحـاجــة؟ ولا اديــنـــك
ان جـيـت تطلبني شــي فـيـه تجبرني
احتار واسكت.. واحط ايدي على ايدينك
اخاف... لا قلت: (لا) تـبـعـد وتهجرنــي؟
واخاف... لا قلت: (ايه) اطيح من عينك؟
وهذه إحدى قصائده وهي شهيرة جدا ولهذه القصيدة قصة طريفة حدثت معي.. محمد اخي رجل لا يقرأ الشعر بتاتا ولا تجذبه الساحة الشعرية ورغم جلوسي الدائم معه لم أره يتحدث عن الشعر أبدا، وفي احد الأيام أتاني محمد حاملا هاتفه وهو يقول (هاك حسين اسمع هذه القصيدة والله أنه شاعر) وعند سماعي للقصيدة عرفت أنها لسعود، والذي قابلته بعدها لكي أخبره بما حصل لي.. ابتسم وقال لله الحمد فقلت له ممازحا (الحمد لله لأنك جذبت ذائقة محمد) وهذه بعض الأبيات من قصيدته الشهيرة «اضحك وأداري عباد الله وأجاملها»:
إن مت كلن نسى ذكراي وأهملها
وإن رحت محدن من العالم بـ فاقدني
عــزاه يــا ضـيـقـة بـالـصـدر شـايـلـهـا
وين اللي يبكي علي؟.. وإن طحت يسندني..
لا جـيـت أقــــرب لـخـلانــي وأواصـلـهـا
لقيت حـتـى طــريـق الـقـرب يـبـعـدنـي
يا اللي جــروحـك عـرفت شلون أعاملها
أنــا تـعـودت،، لا داعــــي تـعــودنــي
يــــا أول سنيـني وآخــرهــا وأجملها
الله مـعـاك ومعي.. وأبيك تـوعدني..
لا جــات ذكــراي فــي بـالـك تـأملها
شف وش كثر كنت بـ التعذيب تجهدني
وختـاما قـال «نــوفالس» لا يـمكن لأي إنســان ان يصــبح عــالما بمعــنى الكــلمة، مـن غيــر ان يصــير قبــل ذلك انسانا بمعنى الكلمة وأظن لا يمكن لأي انسان ان يصبح شاعرا بمعنى الكلمة حتى ان يصبح قبل ذلك إنسانا بمعنى الكلمة، وسعود بن مهدي أوغل بالانسانية فتوغل الشعر فيه، ولكي يكون مع الختام مسك، نترككم مع هذه الشامخة:
كفاية .. وماحصل بالأمس يكفينا
لاتحني ايديك، ، خل دموعك الحنا
الى متى ؟ نكذب .. ونوهم امانينا
مليت اجـامل .. واقول آنا واقول آنا
تعال عند المكان .. اللي ضوى فينا
عشان أوريك؟ وش صرنا ووش كنا
خلـنـا نـتـوادع (هنا) .. (هنا) تلاقينا
(منا) بدى الحب.. لازم ينتهي (منا)
مـالـلـزمــان أي سبه .. فــي تجافينا
وش له نلوم الزمن ؟ دام السبب حنا
صــارت صباحــاتنا، ، تشـبـه أمـاسينا
لابــانـت الشمس،، والعصفور ماغـنـا
لـو نـــدري بنفترق؟ مـاكــان حبـيـنـا
ولا تــركـنـا (قـلـوب الـحـب) تـتـمـنـا
وش هـو نسوي بعد.. وش هو ماسوينا
مقسوم.. والله كـتـب (حـكـم الـقـدر) عنا
في الحب (أحاسيس).. ما توصف بأغانينا
أسمى من الوصف،،، وأرقـى مـن تخيلنا
مـوضـوعـنـا منتهي.. مـاعــاد يـمـديـنـا
عـمـر خسرنـاه لايـمـكـن يـــرد الـنـا
واذا رجـعـنـا لـبـعـض ولا تـراضـيـنـا
لاتحسب انـا بنرجع مـثـل مــاكـنـا
سعود بن مهدي
صفحة الواحة في ملف ( pdf )