- سهلة التصليح ومنخفضة التكاليف ومسلية وهي عوامل جعلت المكسيكيين يشترون منها 50 ألف نموذج في سنة واحدة
كانت سيارة فولكفساغن بيتل (الخنفساء) ذات شعبية كبيرة في مكسيكو، لكنها توشك ان تختفي من شوارعها بسبب سياسة مكافحة التلوث.
ويطلق المكسيكيون على هذه السيارات اسم «فوتشو»، وما زالت بضع سيارات منها تسير في شوارع العاصمة المزدحمة، لكن سنوات قليلة كانت كافية لتختفي هذه السيارات من الاستخدام كسيارات أجرة.
ويقول رودريغو دياز المستشار في الشؤون العمرانية «كان يمكن ان يحفظ بعض من هذه السيارات في المركز التاريخي للمدينة، ولكن للأسف لم يجر ذلك».
وتوشك هذه السيارة أن تختفي من المكسيك رغم انها عاشت في هذا البلد واحدة من اعظم قصص الحب التي يمكن ان تكتب بين شعب وسيارة.
فمنذ وصول هذه السيارات الى المكسيك في العام 1954، ومع انها صممت لتعمل في المانيا وليس تحت أشعة الشمس الساطعة والغبار في المكسيك، حققت نجاحا منقطع النظير بين المكسيكيين.
فهي سيارات سهلة التصليح ومنخفضة التكاليف ومسلية، وهي عوامل جعلت المكسيكيين يشترون منها خمسين الف نموذج في سنة واحدة.
ويذكر سائق التاكسي ريكاردو مزايا تلك السيارة في مهنته، ولاسيما لأن تصليح أعطالها كان أمرا مسليا.
ويقول «في حال أصيب بعطل، كان يمكننا ان نبدل حزام المروحة بجوارب نسائية».
ودفع هذا النجاح الكبير شركة فولكسفاغن الألمانية الى فتح فرع لمصنعها في مدينة بويبلا المكسيكية في العام 1964.
بعد ذلك بسنوات كانت سيارات فولكسفاغن تنتج بوتيرة لا مثيل لها في تاريخ السيارات وتجاوزت في تلك الفترة عتبة 15 مليون سيارة، متفوقة في الطلب على سيارات فورد الأكثر مبيعا في العالم.
وانتقلت حمى هذه السيارات الى دول أخرى في أميركا اللاتينية، من البرازيل حيث انشئ مصنع لانتاجها، الى اوروغواي التي مازال رئيسها السابق خوسيه موخيكا يحتفظ بإحداها ويرفض عروضا لبيعها بمبالغ طائلة.
ولم تصمد هوليوود أمام سحر هذه السيارات، فأنتجت أعمالا صورت هذه السيارة على انها ذات قلب كبير ومزودة بكل ما قد يحتاج اليه السائق، وانها قادرة على القبض على شبكات تهريب الآثار العائدة الى حضارة الآزتيك القديمة، أو أنها قادرة على مصارعة الثيران في الحلبة..
ولاقت الأفلام عن سيارات الفولكسفاغن الخنفساء نجاحا كبيرا في ديزني ايضا، مثّل فيلم «هربي غوز باناناز» الذي أنتج في العام 1980، وساهم في زيادة شعبية هذه السيارة في المكسيك.
لكن صورة هذه السيارة الأسطورية لم تعد على حالها، وخصوصا مع الالتفات المتزايد الى قضايا البيئة، فهي اليوم وفي زمن الحفاظ على البيئة باتت تسبب الكثير من التلوث، والكثير من الضجيج.
وفي مكسيكو التي يحاصرها التلوث ولا يكف حلم الحداثة عن مراودتها، يبدو أن سيارات الخنفساء الضاحكة تلك لم تعد تضحك أحدا هناك.
في العام 2003، توقف مصنع بويبلا عن إنتاج سيارات الخنفساء، وهو كان آخر مصنع في العالم ينتجها.
وتمنح السلطات مكافأة قدرها ألف دولار لسائقي التاكسي الذين يتخلصون من سياراتهم القديمة.
في العام 2012 كانت 3500 سيارة خنفساء تستخدم كسيارة أجرة، وظل عددها يتناقص بعد ذلك وتحول الى خردة.
واليوم، باتت سيارات الأجرة في العاصمة المكسيكية ذات 4 أبواب وصندوق خلفي، على غرار سيارات الاجرة في كل العالم، ولم يعد العثور على سيارات أجرة من طراز الخنفساء ممكنا سوى في بعض المناطق السياحية، مثل تاكسو أو اكابولكو حيث يمكن للسائح ان يحظى بجولة في واحدة من تلك السيارات المطلية بالأحمر أو بالأبيض والأزرق.
أما من يرغب في رؤية سيارات الأجرة التي كانت تجوب مكسيكو باللونين الأخضر والأبيض، فان متحف التكنولوجيا في برلين يحتفظ منذ العام 2008 بواحدة من تلك السيارات قدمتها له بلدية مكسيكو كشكر على هذه السيارة الألمانية، بعد خمسين عاما من الخدمة.