- بيئة الطريق الاعتيادية تستهلك 85% من قدرة السائق الذهنية
يعتقد معظم الناس أن بإمكانهم أداء عملين مختلفين في وقت واحد، إلا أن الأبحاث النفسية تثبت أن الدماغ ليس مؤهلا لأداء المهام المتعددة، خاصة عند قيادة السيارة، وعندما يجبر الدماغ على متابعة عدد من العمليات في وقت واحد، يؤدي ذلك في الواقع إلى إبطاء تنفيذ جميع المهمات.
وعلى سبيل المثال، يظن غالبية السائقين أن بإمكانهم التحدث على الهاتف بأمان، وإبقاء تركيزهم كاملا على الطريق في الوقت ذاته، إلا أن الأبحاث العلمية تؤكد خلاف ذلك.
وعندما يتشتت انتباه السائقين أو يزداد العبء الذهني عليهم، قد يؤدي ذلك لحدوث عواقب كارثية.
ووفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية، يلقى أكثر من 1.25 مليون شخص حتفهم سنويا نتيجة لحوادث السير على الطرقات، كما تشير الدراسات إلى أن أخطاء السائقين مسؤولة عن التسبب بنسبة 94% من تلك الحوادث.
وحدد الخبراء أربع فئات رئيسية للأمور التي تشتت انتباه السائق أثناء القيادة، وتصرف تركيزه الذهني عن الطريق، لتؤدي غالبا إلى حوادث خطيرة. وهي:
1- المشتتات البصرية: وهي التصرفات التي تجعل السائقين يبعدون أعينهم عن الطريق، مثل تفقد الهاتف المتحرك أو وضع الماكياج.
2 - المشتتات السمعية: هي الأصوات العالية جدا، مثل التحدث في الهاتف، أو سماع الموسيقى التي تصرف انتباه السائق عن سماع الأصوات الأخرى المحيطة، والناجمة عن حركة المرور.
3 - المشتتات اليدوية: وهي جميع الحركات التي تسبب إبعاد إحدى يدي السائق، أو كلتيهما، عن عجلة القيادة، كالأكل أو الشرب.
4 - المشتتات الإدراكية: وهي نقص التركيز الذهني الناجم عن حالات معينة مثل الإرهاق والتعب، أو تناول أنواع معينة من الأدوية أو غيرها من المشتتات اليومية.
وفي هذا السياق، يعتبر مات جيرلاش من ذوي الاطلاع الكبير في هذا المجال، فهو واحد من أكثر مدربي القيادة خبرة لدى فورد، حيث أمضى سنواته العشر الماضية في تدريب المهندسين لجعلهم خبراء في القيادة لدى مركز اختبار فورد في أستراليا.
ويقول جيرلاش: خلال سنوات عملي دربت المئات من السائقين على القيادة. وبناء على خبرتي، أستطيع التأكيد على أن بيئة الطريق الاعتيادية تستهلك حوالي 85% من قدرة السائق الذهنية أثناء القيادة.
ويضيف: كتابة رسالة نصية، أو التقاط صورة سيلفي، أو حتى إجراء حوار مع أحد الركاب في السيارة هي أمور تبدو بسيطة جدا، إلا أنها تزيد العبء الذهني أثناء القيادة وغالبا ما تتسبب بالحوادث.
وتشير سلطات المرور في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن استخدام السائقين لهواتفهم المتحركة في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي أو تصوير لقطات الفيديو أثناء القيادة يتسبب بحوالي 10% من حوادث التصادم.
ويعتبر هذا الأمر مثيرا للقلق، نظرا لأن السيارة التي تنطلق بسرعة 100 كم/ساعة تقطع مسافة 390 مترا خلال 14 ثانية، وهو معدل الوقت اللازم لالتقاط صورة سيلفي.
وفي إطار عمل جيرلاش كسائق فائق المهارة في تجارب قيادة السيارات، يقوم بدفع المركبات إلى أقصى حدود قدراتها، متجاوزا إلى حد كبير ما يواجهه السائق العادي أثناء القيادة.
ولتحقيق ذلك، ينبغي دفع السائقين المتدربين إلى القيام بذلك أيضا، والوصول إلى الحدود القصوى لقدراتهم على التركيز الذهني في كثير من الأحيان.
وأوضح جيرلاش قائلا: «عندما تستخدم 85% من قدرتك الذهنية خلال القيادة، فلن يتبقى كثير من القدرة لدى دماغك على أداء مزيد من المهام.
وبغض النظر عن مستوى مهارتك، سواء أكنت محترفا، أم أنك تقوم بالقيادة خلال فترات متباعدة، فعندما تبدأ بإدراك مقدار الجهد الذهني الذي تبذله لقيادة السيارة، سيساعدك ذلك على إبقاء تركيزك الذهني حاضرا، ويحافظ على سلامتك أثناء القيادة».